البث المباشر الراديو 9090
مؤمن المحمدى
هل الدين علم؟

شفت السؤال بسيط إزاى؟

هل + كلمتين مالهمش تالت "الدين والعلم".

والإجابة المطلوبة كلمة واحدة: أيوة أو لأ.

السؤال البسيط ده بـ يطرحوه دايما وكأن مستقبل الأمة متوقف عليه، بس السؤال البسيط ده، واقعيًا، مش بسيط، ومحتاج كلام كتير، فضلا عن إجابته مستحيل تكون كلمة واحدة.

تعال نفكر شوية كده.

لو أنا سألت حضرتك:

هل التفاح فاكهة؟

الإجابة: أيوه

ولو كان السؤال:

هل القطة نبات؟

الإجابة: لأ

هنا، كل سؤال من دول واضح، والإجابة قاطعة، لأننا بسيطة متفقين على مفاهيم محددة، مفيهاش أى لبس ولا خلاف على الكلمات الداخلة فى السؤال، كلنا "متفقين" على معنى التفاح والفاكهة والقطة والنبات. ولما بــ أقول كلنا، أقصد الآن وهنا، فى مجتمعنا ده، فى زماننا ده. علشان كده السؤال واضح والإجابة قاطعة.

طيب، بـ النسبة للسؤال: "هل الدين علم؟"، هل إحنا متفقين على معنى العلم، ومعنى الدين؟ هنا المشكلة، لأننا فعلا مش متفقين، وعدم اتفاقنا وصل لحد الاختلاف، وغالبا الخلاف.

نبدأ بـ العلم.

الكلام فى المنطقة دى كتير وكبير وغالبا نظرى، والحاجات بـ تتوه فى بعض، علشان كده هـ نحاول هنا نميز بين معنيين للعلم، هم اللى عليهم العركة.

المعنى الأول: العلم يعنى استخدام "التجربة" فى إثبات أو نفى "الفرضيات"، يعنى مثلا، لما أقول إن "المعادن تـتمدد بالحرارة وتنكمش بـ البرودة"، دى فرضية، نروح المعمل، نعمل تجربة، نسخن معدن، نلاقيه تمدد، نبرده، نلاقيه انكمش، تبقى الفرضية دى صحيحة.

ولما أقول مثلا مثلا إن "الماء يتجمد عند درجة حرارة 10"، دى فرضية، أروح المعمل، أحط المية فى درجة حرارة عشرة، ألاقيها ما اتجمدتش، تبقى الفرضية دى غلط.

طبعا الموضوع مش بـ البساطة دي، وفيه تعقيدات كتيرة، وشروط، وكل مجال بـ يبقى له طرقه المختلفة فى التجريب، إحنا بس بـ نحاول الصورة فى أبسط أشكالها.

ده المعنى الأول لـ "العلم"

المعنى التانى إن العلم هو مجموعة من القواعد اللى ماشية مع بعضها "منطقيا"، بـ غض النظر عن حكاية "التجربة" دى من عدمها.

يعنى مثلا "الأبراج"، تلاقى حضرتك إعلان بـ يقول لك: "علم الأبراج علم حقيقى"، هو الإعلان بـ يقول كده. الناس المؤمنة بـ إن الأبراج علم، بـ يستندوا لـ إيه؟

بـ يستندوا إلى إن المجال ده له قواعد "ماشية مع بعضها منطقيا"، يعنى تقسيم الناس لـ أنماط حسب تاريخ الميلاد، وده برج نارى، وده هوائى وده ترابى، وتعامد الكواكب على بعضها، وتأثير كل كوكب على الناس اللى اتولدوا فى اليوم ده وهكذا.

هل الكلام ده خضع لـ "التجربة"، وهل التجربة حددت لـ نفسها شروط؟

لا، التجربة هنا مجرد "مشاهدات" انطباعية، زى إنى أشوف إن الناس مواليد برج التور أو العقرب أو ... فيهم سمات متشابهة، فـ أعتبر ده تجربة.

هنا، مش بـ أحاول أقول إن الأبراج مش علم، لأن ده مش موضوعنا أصلا. لكن بـ أقول إنها علم "حَسَب معنى معين".

دلوقتى، المعنى الأول للعلم حديث، أو حداثى، والمعنى التانى معنى قديم تقليدى كلاسيكى، الحداثة هى الاتجاه ناحية التجربة أكتر، وكل ما مشينا فى الزمن، العلم بـ يخلى شروط التجربة أصعب، وأكثر تعقيدًا، وبـ يطور الأدوات اللى نقدر نقيس بيها الحاجات، ويقلل من الاعتماد على الانطباع البشرى ومشاهداته، بـ اختصار: إثبات أو نفى أى فرضية بـ يبقى محتاج مشوار طويل وصعب، مش بـ البساطة بتاعة "المعادن تتمدد بالحرارة وتنكمش بالبرودة".

علشان كده، النحو العربى مثلا، هل هو علم؟

هو علم مكتمل بـ المعنى الكلاسيكى، قواعد ماشية مع بعضها "بـ المنطق"، مع قدر من المشاهدات البشرية. لكن هل خضعت لـ التجربة بـ المعنى العلمى الحديث، هل جمع النصوص اللى اشتغلوا عليها كان كافى؟ هل راعى الاختلاف بين اللغات المختلفة للعرب؟ هل تحقق عن طريق مخطوطات وحفريات؟ هل هل هل هل؟

لا، ودى حاجة مش اكتشافى يعنى، أصلا أساتذتنا فى كلية الآداب قسم اللغة العربية، كانوا بـ يدرسّونا ازاى إن النحو مش "علم" بـ المعنى الحديث، وإن اللغات دلوقتى بـ يدرسوها فى العالم كله بـ طريقة مختلفة، إحنا بس اللى لسه بـ ندرس بـ طريقة: "الأمر يبنى على ما يجزم به مضارعه".

يعنى إيه؟

هل الدين علم؟

الموضوع لسه طويل

المقال الجى بقى

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز




آخر الأخبار