البث المباشر الراديو 9090
مؤمن المحمدى
بس القرآن اتكلم صراحة عن "العلم"، وفيه مواضع كتيرة منها مثلا: "بل هو آيات بينات فى صدور الذين أوتوا العلم"، سورة العنكبوت، وفى سورة محمد: "فاعلم أنه لا إله إلا الله"، يبقى الدين "علم".

طيب، انتبه! علشان كده انت بـ"تقع فى الفخ".

فخ ايه؟

فخ تفسير القرآن بـ"أثر رجعى".

ازاى؟

أقول لـ"حضرتك ازاى".

الكلام اللى بنقوله، كل الكلام اللى بنقوله، وبنسمعه، وبنقراه، مالوش معنى فى نفسه كده، معنى ثابت مهما اختلف الزمان والمكان، احنا بنفهم المعنى من السياق.

هات أى كلام من خمسين سنة، هتلاقى إن فيه كتير من الكلام اتغير عن معناه اللى كان متداول بيه، زى مثلا كلمة "يخسر"، كانوا بيستخدموها بمعنى "يبوظ" مش عكس يكسب، فيقول لك مثلا: "الأوتومبيل خسر"، يعنى العربية "عطلت" أو "باظت"، النهاردة محدش بيستخدم الفعل ده بالمعنى ده، وممكن أقعد أقول لحضرتك عشرات المفردات اللى اتغير معناها تماما فى خمسين ستين سنة، ما بالك بمية ميتين ألف وربعمية وهكذا.

كمان تلاقى الكلمة بتتغير من مكان لمكان، زى "مهضوم" اللبنانية، اللى معناه "حلو" مش معناها انه متّاكل، وكتير مننا لما بيسافر بلاد عربية بيصطدم بالحكاية دى.

والكلام ده ينطبق على القرآن؟

طبعا، بلا ذرة شك، طبعًا، ما ينفعش خالص تاخد معنى كلمة مذكورة فى القرآن بالمعنى المتداول حاليا، ما تعملش زى اللى بيقولوا إن "الذرة" مذكورة فى القرآن، فتسأله: "ازاى؟"، فيقول لك: "ومن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره".

والكلام ده مفيهوش أى سخرية من أى نوع، فيه ناس عملت كده فعلا، فى بدايات هوجة الإعجاز العلمى فى القرآن.

الناس دول خدوا كلمة ليها معنى ما هى "الذرة"، ولقوها باللفظ فى القرآن، يبقى القرآن ذكرها، وده اللى باسميه "التفسير بأثر رجعى".

كلمة "ذرة" موجودة فى اللغة العربية، اللى كانت قريش بتستخدمها فترة النبوة، وليها معنى واضح، الغبارة الصغيرة جدا، و"الذرة" جاية من الفعل "ذر" يعنى "رش"، ومنها تعبير "ذر الرماد فى العيون"، يعنى زى ما ترش شوية رماد فى عين حد، أو زى ما بنقول فى مصر تقريبا: "تخزى العين".

فلما حضرتك تجيب شوية تراب وترشهم "تذرهم"، حباية التراب الصغيرة دى اسمها "ذرة"، ومثقال ذرة، يعنى وزن حبة التراب دى، ودى أصغر حاجة عرفها العرب وقتها.

الغرب الكافر اكتشف حاجة مالهاش اسم فى اللغة العربية، الحاجة دى هى "أصغر جزء من العنصر الكيميائى، الذى يحتفظ بالخصائص الكيميائية لذلك العنصر"، فالغرب سماها بالإنجليزى Atom، واشتقها من كلمة يونانية معناها "غير قابل للانقسام".

لما وصل لنا الاكتشاف ده، حبوا يترجموا الكلمة الإنجليزى لكلمة عربى، فاختاروا كلمة تعبر عن أصغر جزء "يعرفوه" فكانت الذرة، هل ده معناه إن كلمة "ذرة" المذكورة فى سورة الزلزلة معناه الذرة اللى نعرفها دلوقتى؟

أكيد لا، ولا العلم كمان، ولا أى كلمة ينفع نعتمد فى فهمها على المعنى المتداول حاليا، مش بالضرورة المعنى اختلف، لكن لازم أشوف كويس ايه معنى الكلمة المتداول وقتها، خصوصا فيما يتعلق بالمصطلحات.

فى تقديرى، وحسب ما أنا فاهم، إن كلمة "العلم" مذكورة فى القرآن بمعانى "الإيمان" و"اليقين المطلق" و"المعرفة على نحو عام" مش بمعنى "القواعد" إطلاقا، لا القواعد بالمعنى الكلاسيكى التقليدى، ولا بالمعنى الحداثى القائم على التجريب.

مفيش أى موضع فى القرآن بيتكلم عن مجموعة قواعد منتظمة لمجال ما، لا بالتصريح ولا بالتأويل.

اللى يعرف حاجة غير كده يا ريت يقول لى.

فيرجع مرجوعنا لموضوعنا:

العلم، كمصطلح مش ككلمة، ليه معانى كتيرة، المعانى دى بتنحصر فى اتجاهين:

العلم: يعنى مجموعة قواعد متسقة مع بعضها، منطقية، منضبطة.

العلم: يعنى التحقق من إثبات أو نفى فرضية ما بـ"التجريب"، والخضوع لشروط التجربة المعملية.

هل الدين علم؟

ولو علم يبقى بأى معنى؟

بس الأول لازم نتفق:

يعنى ايه دين؟

مش كده ولا ايه؟

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز




آخر الأخبار