البث المباشر الراديو 9090
معتزة مهابة
في ثبات وقوة، وفي تحدٍ واضح لكل من خذلوها، أخذت مصر تكيل صفعات متتالية لوجوه أعدائها في الداخل والخارج، في رسالة واضحة لا تقبل التأويل أو التشكيك، وتبلورت بقوّة في شهر فبراير (والذي أعتبره شهر الحسم لأمور كثيرة داخليًا وخارجيا)، مضمونها أن مصر "لن تنسى مَن وقف معها، ومَن وقف ضدها"، بل إنها آخذة بثأرها، ليس فقط ممن حاولوا تدميرها وتركيعها في الثلاث سنوات الماضية، بل عن سنوات طويلة مضت، حاولوا فيها تشويهها، والنيل منها، ومن أمن وأمان وترابط أبنائها، وكما نقول بالعامية "الحساب يجمع".

ففور ترقيته لرتبة مشير، طار السيسي إلى موسكو، في زيارة أقضّت مضجع واشنطن، وأربكتها، ووقّع اتفاقية بملياري دولار أمريكي، لشراء أسلحة متطوّرة، ومنها أنظمة مضادة للصواريخ، ومروحيات عسكرية، ومقاتلات طراز "ميج ــ 29"، وأنظمة مضادة للدبابات، وهي أنواع من الأسلحة، رفضت واشنطن بيعها لمصر، كما تردّد، ثم في أسبوع واحد، شهدنا زيارتين لوفد عسكري روسي للقاهرة، منهم وفد يضم أعلى القيادات العسكرية في الجيش الروسي، بالإضافة لرئيس جهاز المخابرات، ويرأسه قائد القوات الجوية.
وكانت هذه الصفعة ردًا على اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، وتدخّلهم في الشئون الداخلية المصرية، وكأنهم أوصياء على الشعب، كما تأتي أيضًا بعد عقد اجتماع أمريكي حول قضية الإرهاب في سيناء، وتخلّي الإدارة الأمريكية عن مصر في تلك المحنة، ورسالة تطمين للشعب المصري والدول العربية الشقيقة، أن الجيش المصري لا يزال هو الدرع والسيف لهما.
أما الصفعات الأخرى، فكانت مدّعّمة عربيًا، وخاصة من المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت، فبخلاف الدعم الاقتصادي من استثمارات ومشاريع ودعم للسياحة، هدّدت المملكة السعودية بغلق مجالها الجوي أمام الطيران القطري، ووقف رخصة خطوطه، بعد إصرار قطر على دعم الإخوان والحوثيين، في تطوّر إستراتيجي غير مسبوق، واستكمالا للتحرك المصري الذي أجبر السفير القطري على ترك القاهرة، بعد أن استنفدت كل الوسائل الدبلوماسية مع بلاده.
ونأتي لسد إثيوبيا وتخطّيه كل الحدود مع مصر التي لم تجزع ولم تهتز، بل نزلت بصفعة جديدة، بكل هدوء وقوة، متمثلة في الاتفاق مع الكونغو على البدء فعليا في تنفيذ الوصلة بين القاهرة وكنشاسا، لربط نهر الكونغو بالنيل، لتعويض النقص المائي الذي نعانيه، والذي سيوفّر 95 مليار متر مكعبًا من المياه سنويا لمصر، تمكنّها من زراعة 80 مليون فدان في عشر سنوات، ويحقق لها زراعة نصف مساحة الصحراء الغربية، ويوفر لمصر والسودان والكونغو طاقة كهربائية تكفي احتياجات ثلثي قارة إفريقيا، بمقدار نحو 18 ألف ميجاوات، أي عشرة أضعاف ما يولّده السد العالي، علاوة على الاستفادة المتبادلة للدول الثلاث من توليد الكهرباء، والتنمية الزراعية والصناعية، دون أي تأثير سلبي على أي دولة، وهذا لا يعني تنازلها عن حصّتها في المياه الآتية من إثيوبيا، بل ستنتزعه رغم أنف كارهيها، وبالقانون، وليس بالحرب كما يحاولون توريطها.
ثم تأتي الصفعة الأكثر إيلاما لأمريكا وحلفائها، وهو إعلان القوات المسلحة المصرية عن جهاز علاج فيروس "سي"، وفيروس نقص المناعة المكتسبة "الإيدز"، وهو من اختراع فريق عمل من ضباط الهيئة الهندسية، مؤكدة أن الجهاز نجح في علاج الفيروس بالفعل، وليس فقط اكتشافه، وفي وقت قياسي، يتراوح بين 14 إلى 16 ساعة، ولا توجد له آثار سلبية، وبنسبة نجاح في العلاج تصل لـ 95%، بعد عمل أبحاث جادة في صمت وتكتم طوال 22 عامًا.
وبعد كل هذه الصفعات، التي أخلّت بتوازن أمريكا وحلفائها، كان لا بدّ من ردّ فعل، فرأينا وسمعنا تصريحات عجيبة من المشتاق للرئاسة حمدين صباحي، تحاول النيل من هيبة وصورة المشير السيسي، فهل هي تصريحات عفوية أم تابعة لأجندة ما؟
ثم تخرج السفارة الأمريكية ببيان، تحذّر فيه رعاياها والدول المجاورة من المجيء لمصر، وهي المرة الأولى التي تحذر فيها أمريكا الدول المجاورة في بيان خارج عن كل سياق عقلاني، في محاولة منها لضرب السياحة مرة أخرى، بعد أن بدأت تستعيد شيئا من عافيتها (مع التذكير بأن مصر كانت قد حققت أعلى معدل في الإقبال السياحي في 2009 و2010 وصل إلى 20 مليون سائح في العام، في رقم غير مسبوق عالميًا).
لقد حاولوا، على مدى السنوات الثلاث الماضية، تشويه القوات المسلحة وإحداث فرقة بينها وبين الشعب، ومحاولة إشاعة أن الجيش قد أنشأ كيانا اقتصاديا قويًا، من أجل مزيد من التسليح، وترسيخ مفهوم الدولة التي تسعى لمزيد من القمع خارجيًا وداخليًا، ولكن في حقيقة الأمر، فإن هذا الكيان الاقتصادي هو من دعم وساند الدولة، أولا باعتماده على نفسه في تلبية احتياجات أفراده، وثانيا بتلبية احتياجات الشعب في بناء أكشاك الخبز وتطوير العشوائيات وبناء مساكن للشباب والمساهمة في حل أزمة المرور عن طريق المنشآت الهندسية من طرق وكباري وأنفاق وتطوير الطرق السريعة، مما أدّى لخفض أعداد حوادث الطرق، وأخيرًا افتتاح كلية طب عسكرية، ستدعم التقدّم الطبّي والصحّي في مصر، بشكل كبير، مستقبلا.
إن عقيدة الجيش المصري، عصيّة على الفهم، إلا على أبنائها ومواطني مصر الشرفاء، الذين يعلمون أن الدم المصري له حُرمة، وأن الفرد في الجيش هو الذي يتحكّم في السلاح، وليس العكس، وأن الجيش المصري هو درع وسيف الوطن، وليس مصنع مكرونة يا منى!
ونعود لنذكّر أن الدولة، مهما بلغت قوتها، دون قوة عسكرية تحميها، تصبح لا قيمة لها، أما الدولة التي تملك من مفاتيح القوة، المتمثلة في جيشها، فإن جيشها قادر على أن يعيد بناءها، مهما تم تدمير أركانها، وفي النهاية، لا يسعنا إلا أن نعدكم بمزيد من المفاجآت، ومزيد من الصفعات، فانتظرونا.

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز




آخر الأخبار