البث المباشر الراديو 9090
فيلم بوخارست دون توقف
تيمة المكان الواحد، إحدى التيمات السينمائية صعبة التنفيذ. فهى تحتاج إلى كتابة واعية ومبدعة، وكاميرا ناضجة تبتعد بالمشاهد عن فخ الملل والرتابة.

نجح ذلك فى مصر سابقا مع صلاح أبو سيف فى "بين السما والأرض"، وحاليا محمد دياب فى "اشتباك"، بينما وقع خيري بشارة قليلا فى الفخ المذكور بـ"إشارة مرور".

أما عالميا، فلعل معظم أفلام الفضاء تتناول حدثا فى مكان واحد. إلا أن فيلم "بوخارست بدون توقف" الرومانى، والذى يعرض فى مهرجان القاهرة السينمائى فى قسم "مهرجان المهرجانات"، أضاف تيمة أخرى للفن السينمائى بأن يكون متجر صغير أو "كشك" باللهجة العامية المصرية، هو محور الأحداث التى تدور من حوله، ويتدخل "أكيم" صاحبه في كل ما يدور من حوله، مرة بأن يكون فاعلا فى الحدث وأخرى بأن يكون ناصحا فقط.

"أكيم" هو حامى أخلاق كل ما يدور من حوله، هو من قام بتعنيف سائق التاكسى الذى سلّم عاهرة إلى قوادها بعد أن أبلغه بأنها تنوى الهرب، بينما كانت تنوى زيارة ابنتها، فى مدينة تبعد عن بوخارست بسبع ساعات كاملة.

هو أيضا من ساعد الغجرى الذى كان يبحث بشتى الطرق عن دخول البناية المواجهة لمتجر "أكيم"، والتى تسكن فيها حبيبته التى قررت الانفصال عنه بعد أن هجرها لمدة شهر كامل، واكتشفت خيانته.

هو أيضا من ساعد الكولونيل المريض كبير السن فى أن يجد له شمعة يشعلها بعد أن ماتت زوجته العجوز وهي تتحدث إليه، هو أيضا من اكتشف تزوير العملة التى سرقها أحد سكان البناية عن طريق صدم سيارة فارهة كان يقودها شخص ثمل.

حافظ المخرج والسيناريست "دان تشيزو" على إيقاع الفيلم بشكل كبير، كما حافظ على توازن الخطوط الأربعة "سائق التاكسى والعاهرة" و"الكولونيل وزوجته" و"الغجرى ومحبوبته" و"السارقان"، لكن إنسانية العلاقة بين الكولونيل المتقاعد المريض وزوجته التى تسير بالكاد كانت آسرة بشكل كبير، كانت مشاهدهما بمثابة المتنفس الإنسانى لباقى العلاقات الثنائية التى شملها الفيلم، لاسيما مع حديث ذكرياتهما الصدامى فى الأساس، حيث كان الكولونيل شكوكا بطبعه ما دفعه إلى إجهاضها المستمر، فكانت النتيجة أنهما عاشا وحيدين، واستمرا هكذا إلى هذا العمر المتقدم.

التوتر الذي قدمه المخرج في قصة الغجرى ومحبوبته، والتى كانت حائرة مع آراء صديقتيها بين قبول الصلح ورفضه، لاسيما مع تدخل "أكيم" بفاعلية كراهيته للغجر بشكل عام، واقتناعه بأنه عاشق بالفعل، أضفى بعدا دراميا مؤثرا، خصوصا وأنه فى النهاية لم نشاهدهما معا، بل سمعنا أصواتهما فقط.

أما خط "سائق التاكسى والعاهرة" فهو من أشد الخطوط كلاسيكية، وهو مبنى بالأساس على سوء فهم السائق لطبيعة "جينى" العاهرة، فهو كان يعتقد أنها ستهرب، بينما كانت هى تنوى زيارة طفلها. هو أبلغ قوادها عنها، فعاد من جديد، وكأنه تطهر من فعلته تلك.

ربما فشل المخرج فى الخط الأخير، وعلى الرغم من ذلك فإن مشهد النهاية جمع أحد السارقين "ساكن البناية" مع "أكيم"، الذى أطفأ أنوار متجره، برغم أنه كان يقدم نفسه على أنه صاحب متجر "24 ساعة بلا توقف".

الفيلم إجمالا أحد الأعمال المهمة التي نجحت إدارة مهرجان القاهرة فى عرضها هذا العام، لاسيما أنه من مدرسة سينما أوربا الشرقية التى لا يعرف الجمهور المصرى عنها الكثير.

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز


اقرأ ايضاً



آخر الأخبار