البث المباشر الراديو 9090
بابا الفاتيكان فرانسيس فى ساحة القديس بطرس
قبل زيارته إلى القاهرة بأقل من 20 يومًا فقط، بدا بابا الفاتيكان، البابا فرانسيس، مدفوعًا على عجل لتقديم التعازى للبابا تواضروس الثانى، بطريرك الأقباط الأرثوذكس، ولعموم المصريين، تضامنًا من جانبه مع الضحايا الذين سقطوا فى تفجيرى الإسكندرية وطنطا.

ونقلت وكالات الأنباء عن

بيد أن البابا لم يتطرق من قريب أو بعيد لمصير زيارته إلى مصر المقررة فى 28 و29 أبريل الجارى.

الإلغاء وارد.. نعم.. والإبقاء على الزيارة وإتمامها بجدول أعمالها كاملًا وارد أيضًا.. لكن من دون شك، ستلقى التفجيرات الدموية بظلالها المخيفة على الأمر.

السؤال: هل يعى المنفذون أن ضربتهم اليوم للكنائس يوم أحد الشعانين، قد تؤثر على زيارة مهمة كالتى يُنتظر أن يقوم بها البابا فرانسيس إلى مصر؟.. ربما..

بل الخبرة الاعتيادية تقول إن التنظيمات تستهدف دومًا الإرباك وضرب استقرار الدول، وتعكير صفو مناسباتهم الكبيرة..

بالقطع، تراجع البابا فرانسيس عن زيارة القاهرة، لو حدث، سيمنح شعورًا دوليًا سلبيًا للغرب بعدم الأمان فى الأراضى المصرية.

والجماعات المسلحة المحلية والخارجية تستهدف دومًا القيام بعمليات ذات تأثيرات نفسية وسياسية واجتماعية لهز ثقة الدول والأنظمة فى نفسها، ومن ثم ضرب استقرارها وإشاعة الفوضى وبث أجواء من التوتر والغموض وغياب الأمان، بما يساعدها على فرض كلمتها.

وتنتهج الجماعات الإرهابية فى طبعات ما بعد الربيع العربى، وبعد وقوع عدد من البلدان المؤثرة، كسوريا وليبيا واليمن، تحت وطأة نفوذ المليشيات المسلحة، سواء قاعدية الهوى، أو تلك المنتمية إلى تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابى، وخلافته المزعومة بقيادة أبو بكر البغدادى، سياسة الضرب غير الممنهج، سواء فى وسيلته: حزام ناسف، قنبلة، هجوم مسلح، مطاردات بفؤوس وسكاكين، دهس بالسيارات، إلخ، أو فى أهدافه: ضرب حكومات، استعراض قوة، انتقام لمقتل قيادى أو كادر متطرف مهم، أو حتى فى توقيت تنفيذ عمليات النحر والقتل والحرق بدم بارد.

فى النقطة الأخيرة تحديدًا، تجمع غالبية الجماعات المحلية والإقليمية، فضلًا عن خلاياها النائمة وذئابها المنفردة المستترة المنتشرة فى بقاع شتى من الأرض ولو فقط بدافع التعاطف لا الانتماء التنظيمى، على أن التوقيات الخاصة بالعمليات لا بد أن تكون مؤثرة فى البيئة والمجتمع اللذين يشهداناها، بحيث يتم ضرب ثقة الناس فى حكوماتهم، ويقع أكبر قدر ممكن من الضحايا، ناهيك بالإيحاء بأن للفصائل المتطرفة اليد الطولى فى فرض كلمتها على من تشاء وقتما تشاء عبر الرصاص والبارود.

على هذا النحو، وتحديدًا بالنسبة للدواعش، وأفرعهم الرسمية المنتشرة حول العالم، أو من خلال خلاياهم الصامتة، تبقى استراتيجية التوقيات المفاجئة، واحدة من أنجع وسائل نفوذهم.

لكن تلك الوسيلة الأنجع، لا تعد الأهم فى العرف التخطيطى والاستراتيجى للدواعش والقاعديين، وغيرهم من جماعات التطرف.. إذ تظل المناسبات الوطنية والقومية والدينية المهمة بالنسبة للبلدان المختلفة، وبخاصة تلك التى تعيش على أراضيها جيوب الإرهاب العلنى أو المستتر، هى الهدف الأكبر للضربات الإرهابية فى طبعاتها الحديثة.

الدواعش ومن صار على دربهم، يرون أن أكبر تحد لأى حكومة أو سلطة، ومن خلفهما أى مجتمع، هو ضربه فى مناسبات الشرف والاحتفال والأعياد الرسمية والدينية المهمة، بما يهز ثقة الناس فيه، ويمنحهم شعورًا جمعيًا بعجز السلطة عن حمايتهم.

جرت العادة، أنه فى المناسبات الوطنية والدينية وخلال استقبال الأحداث العالمية أو الضيوف الأجانب الكبار، تكون درجات الاستنفار الأمنى فى الدولة فى أعلى معدلاتها، وبالتالى حين تقوم أى جماعة إرهابية بعمل دموى يسقط ضحايا، فذلك إنما يمنحها القوة والدعاية الإعلامية من جهة، ومن جهة، يوصم الدولة المجنى عليها بالعجز والتوتر ويحكم على حكومتها وأجهزتها الأمنية بالفشل.

هكذا صار الهوس بالتوقيات الحيوية والمناسبات القومية والوطنية والدينية، هو الشغل الشاغل لجماعات التطرف، وفى القلب منها تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابى.

بالنسبة لمصر، صار الموضوع تحديًا، وكأن قوى الإرهاب تستعرض، مع تكرار استهداف الأقباط فى المناسبات الدينية، سواء الإسلامية أو المسيحية.

اليوم تفجيرات فى كنيستين بطنطا والإسكندرية يوم أحد الشعانين، وفى الماضى القريب جدًا، استهداف للكنيسة البطرسية يوم الاحتفال بالمولد النبوى الشريف.

وكانت عمليات موجعة أخرى تمت فى مصر، ارتبطت بمناسبات وتوقيتات مؤثرة، منها اغتيال النائب العام السابق، المستشار هشام بركات، حيث جرى ذلك نهاية يونيه 2015، فضلًا عن محاولة الدواعش الفاشلة للسيطرة على الشيخ زويد وإعلان إمارة إسلامية فيها، فى الأول من يوليو من العام ذاته، إذ أن الحادثتين تمتا فى الذكرى الأولى لتأسيس الدولة الإسلامية الداعشية المزعومة.

علاوة على الدلالة التوقيتية فى محالة اغتيال المفتى السابق، على جمعة، فى أغسطس 2016، ومفادها تماس العملية الفاشلة مع الذكرى الثالثة لفض اعتصامى الإخوان برابعة العدوية ونهضة مصر بالقوة.

وقبلها، وفى الساعات الأولى من صباح يوم 8 مايو 2016، كانت مذبحة حلوان، التى راح ضحيتها ضابط و7 من أمناء الشرطة، وقد أعلن تحالف المقاومة الشعبية الإخوانى، مسؤوليته عن الحادث، للتذكير بمرور اليوم الألف على فض رابعة.

وهكذا، فالتحدى كبير أمام الأمن والدولة المصرية، للمرور بسلام من مختلف المناسبات والمواعيد المؤثرة، وحتى لا تصبح للإرهاب الكلمة العليا فى هدر كل فرحة وتحويلها إلى مأتم.

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز


اقرأ ايضاً



آخر الأخبار