البث المباشر الراديو 9090
د. محمد حبيب
والنبى معلش كده قبل ما نبدأ، استحملونى الموضوع يستاهل، ومحتاج شوية عقل، على شوية إنصاف، على حبتين صراحة، وميمنعش شوية قلق، لزوم الشىء. ولو ما عجبكش الكلام، اعتبره هرتلة صائم من مدخن شرس، عافانا الله وإياكم، وتاب عليَنا من متاعب المهنة والسجائر معا.

أما قبل....

ثقتى مطلقة فى الرئيس السيسى والقوات المسلحة المصرية، من قبل ومن بعد، ده إيمانى ويقينى الذى لم يتزعزع لحظة، فالرجل الذى رفض بيع مصر للإخوان ومن ورائهم، والمؤسسة العسكرية الوطنية بكل أجهزتها التى أجهضت مخططات الشرق والغرب، وحمت مصر من كل الشرور، لم ولن تفرط فى شبر واحد من أراضيها.

نقطة ومن أول السطر

هو مين مع مين؟!!.. سؤال الـ"تريند" بلغة أهل السوشيال ميديا، من كل الناس أينما وليت وجهك فى الشارع أو على السوشيال ميديا، رغم اختلاف انتماءاتهم وطبقاتهم وتعليمهم وثقافتهم، السؤال التانى هو إنت معانا ولا مع التانيين؟ وطبعا لو كملنا النكتة اللى بقت واقع فى الشارع دلوقتى هيقولك أنا معاكم، والصدمة لما يكتشف إنه مع التانيين؟ قال يعنى كنا ناقصين.. والله ما كنا ناقصين، وبستر ربنا كنا ماشيين، ومتفائلين، وبثقتنا فى مؤسساتنا كنا وما زلنا فخورين، وإن شاء الله فى طريقنا مكملين. بس ده ميمنعش نعترف بإننا بنحصد مرارة الفشل من بعض مؤسسات الدولة فى القيام بدورها، فيما يتعلق باتفاقية تعيين الحدود البحرية مع السعودية.

سوق النخاسة

"أحمد شفيق، حمدين صباحى، هشام جنينة، عبدالمنعم أبو الفتوح، خالد على، حازم عبدالعظيم، عبدالرحيم على، خالد يوسف، هيثم أبو العز الحريرى، الجماعة الإرهابية وأنصارها، النشطاء والثورجية... إلخ.. القوس مفتوح أضف من تشاء.

هو مين مع مين فى أزمة تيران وصنافير؟ قطاع كبير من الشعب الغلبان بقى من الحائرين، اللى محتاجين كتالوج ودليل للتعامل مع ما أطلق عليه إعلاميا أزمة تيران وصنافير، لأن معظم اللى فاهمين خايفين من إرهاب الصوت العالى والتخوين والتصنيف والقوائم السودا، أيوا حضرتك القوائم السودة رجعت تانى، بس المرة دى انعكست الآية للأسف، بعد أن تحولت المعارضة لإقرار البرلمان لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، لـ"سوق نخاسة سياسى"، كل واحد دخل يعرض نفسه، تصفية حسابات من مرشحين سابقين للرئاسة شغال، مغازلة للشارع من مرشحين محتملين لانتخابات الرئاسة اللى على الأبواب ميضرش، نواب وصحفيين ومفكرين اطلعوا وأقروا بالاتفاقية، وفجأة تبدلت مواقفهم حصل وبيحصل، عاطلين من النشطاء والثورجية وشمامين الكلة لقوها فرصة ذهبية لعودة نشاطهم وتطبيق المثل الشعبى "إلهى... تلهيك، واللى فيها تجيبه فيك" مع الاعتذار طبعا على قبح المثل، لكن ما يفعله هؤلاء أكثر قذارة، ده غير طبعا اللى بيضغط على النظام من أجل منصب أو دور أو مصلحة وده كتير، وطبعا فى سوق النخاسة اللجان الإلكترونية شغالة على ودنه، بكل ما أوتيت من ماكينة شائعات وترويج لأكاذيب، لدرجة تزوير شهادات لقادة عسكريين سابقين، ضد الاتفاقية اللى حصروها عن عمد فى التنازل عن تيران وصنافير.

الخطير هو استغلال كل الأجهزة المخابراتية للدول المعادية للأزمة والبلبلة فى الشارع، ودخولهم على خط الأزمة زى ما بيقولوا، بالدعم والتوجيه المباشر وغير المباشر، وباستغلال الجماعة الإرهابية وأعوانها، لتهييج وتشكيك الشعب فى مؤسساته وقادته، وهو ما حسبته وهما الجماعة الإرهابية طوق نجاة من الغرق، بعد إعلان وفاتها بمقاطعة وعزل وحصار قطر عربيا ودوليا.

ملحوظة.. إعلام الجماعة الإرهابية أول من افترش سوق النخاسة، واحتضن كل المراهقين سياسيا، والعاطلين من العملاء والخونة، وتاجر بالمتاجرين بمواقفهم من المحسوبين على نظام 30 يونيو، فى محاولة بائسة لدغدغة مشاعر البسطاء، وإثبات مظلوميتهم التاريخية والوهمية، ورغم أن الإخوان سبق ضبطهم العام الماضى بالترويج لسعودية الجزيرتين، وتسخين السعوديين ضد مصر، إلا أنه لا عجب من تغير موقف الإخوان، وده الطبيعى حسب بوصلة المصلحة حتى لو كانت مع إسرائيل، وليه لأ وهما اللى رفعوا وما زالوا شعار "ما الوطن إلا حفنة تراب عفن" كما قال مفكرهم المتطرف سيد قطب، ولا يعترفون بحدود، ولعل مقولة مرشدهم السابق "طظ فى مصر" تعبر بما لا يدعو مجالا للشك، عن حقيقة موقفهم من الوطن، الذين يزعمون بالباطل الآن أنهم يدافعون عنه.

ورغم أن مصير الجزيرتين محسوم، ولا يوجد نزاع بين الدولتين عليهما، بإقرار الرئيس الأسبق حسنى مبارك عام 1990 بملكية السعودية، وفق الوثائق التاريخية والجغرافية والجيولوجية التى تم إيداعها بالأمم المتحدة، إلا أن المقصود من الأكاذيب التى يتم ترويجها فى سوق النخاسة السياسى، وحملة التهييج والتشكيك هو الرئيس السيسى نفسه، وده الفخ اللى فهمه الشعب، وكانت رسالته عدم النزول للشارع فى "جمعة الأرض"، وفق ما سمته الجماعة الإرهابية، فما كان من إعلامها الممول قطريا، والآخر المحتضن من تركيا، إلا أن هاجم الشعب الذى خذلهم للمرة الألف، لكن هو ده الشعب المصرى، ملوش كتالوج، وأكيد مايقدرش ينسى دم الشهداء من رجال القوات المسلحة والشرطة، اللى ما زال مستمر حتى اللحظة، بسبب تمويل ودعم قطر للجماعات الإرهابية، ليس فقط ضد مصر، ولكن ضد دول الخليج وهو ما يكشف عنه تباعا، والوثائق بتؤكد أن حجم مؤامرة أمير قطر ومن ورائه ضد العرب يفوق الخيال. وبالتأكيد لن تترك قطر أزمة تيران وصنافير، دون استغلالها لصالحها للتشكيك فى مؤسسات مصر الوطنية، ومحاولة الانتقام بالوقيعة بينها وبين السعودية شعبا وحكومة بكل الطرق.

أزمة فى إدارة الأزمة

نرجع تانى لاتفاقية تيران وصنافير، طبعا هناك قطاع من الرافضين لا يمكن التشكيك فى وطنيتهم، وحرصهم على تراب مصر الغالى، ولهم كل الاحترام والتقدير لهم ولمواقفهم، ولهؤلاء ولغيرهم أقول: من وجهة نظرى للأسف لدينا أزمة فى إدارة أخطر أزمة تمر بها مصر منذ يناير 2011، وحالة الحيرة والبلبلة، سببها أننا نحصد مرارة فشل بعض مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية والإعلامية، فى القيام بمهامها، والدور المطلوب منها فى أزمة بهذا الحجم، وأنا هنا أتحدث قبل وأثناء توقيع الاتفاقية "أبريل 2016"، وقبل وبعد الموافقة عليها فى البرلمان بأغلبية الأعضاء "يونيو 2017"، ونحن هنا نتحدث عن أكثر من عام. وهذا الفشل يمكن إيجازه فى عدة نقاط .

لن أتحدث عن فشل الحكومة طوال هذه الفترة فى تسويق الاتفاقية للرأى العام، وحتى أمام القضاء الذى اعتبره البعض تدخل فيما لا يجب التدخل فيه بحكم الاختصاص، وللأسف تركت الساحة خالية أمام من يشككون فى وطنية المؤسسات، وتصدير صورة مغلوطة للاتفاقية عن عمد بأنها اتفاقية بيع الجزيرتين مقابل مساعدات سعودية، وللأسف ما زال دور الحكومة غائب حتى الآن، اللهم باستثناء بعض ردود الفعل الدفاعية وهو ما لا يوازى حجم الهجوم والتشكيك من الجانب الآخر. وفى نفس الوقت لا يتماشى مع أهمية وضرورة الاتفاقية لمصر وللشعب، فيما يتعلق بحق التنقيب والاستثمار فى البحر الأحمر، بخلاف الحفاظ على الأمن القومى المصرى .

لن أتحدث عن فشل البرلمان فى إقناع الرأى العام بأهمية الاتفاقية وجدواها لمصر، وإحباط كل المزاعم اللى بتحصر الاتفاقية فى التنازل عن تيران وصنافير، وللأسف سوء إدارة الجلسات والمناقشة، والإخراج السيئ لموافقة البرلمان عليها، أوهم للبعض بأن هناك رغبة ملحة فى خطف موافقة البرلمان، وكأنهم عاملين عمله، وبرضك خوفا من إرهاب الصوت العالى وسلاح التخوين والقوائم السوداء اللى رفعها بعض النواب.

لن أتحدث عن حالة التراشق والاتهامات المتبادلة بين مؤسسات الدولة التشريعية والقضائية، ممثلة فى تصريحات بعض قادة البرلمان، وبعض القضاة حول دستورية مناقشة الاتفاقية فى البرلمان بعد حكم المحكمة الإدارية العليا، وقبل أن تقول المحكمة الدستورية كلمتها.

لن أتحدث عن فشل مؤسسة الإعلام سواء خاص أو قومى، فرغم أن كل المعلومات والمستندات والوثائق تم كشفها لقطاع عريض من الإعلاميين، حتى فيما يتعلق بالأمن القومى، لكن للأسف "جبن" البعض عن الدفاع عن الاتفاقية خوفا أو طمعا أو ابتزازا للدولة، وفشل البعض الآخر فى خوض المعركة لمواجهة تزييف الوعى ودغدغة مشاعر الشعب، من قبل المتاجرون بالأزمة، بخلاف تحول البعض منهم للنقيض رغم كل ما سمعه أو شاهده أو أعلن اقتناعه به من قبل لأسباب ومصالح خاصة. طبعا هذا لا ينفى وجود بعض المدافعين عن الاتفاقية سواء فى مؤسسات الدولة أو قادة الرأى أو الخبراء والمتخصصين فى هذا المجال.

يبقى لدينا عدة أسئلة.. أولا: لمصلحة من استمرار عملية التخوين والتشكيك فى مؤسسات الدولة وقادتها فى هذه اللحظة التاريخية..؟ ليس من المصلحة الوطنية استمرار حالة البلبلة فى الشارع المصرى حول هذه الأزمة.

ثانيا.. هل تنتفض مؤسسات الدولة المعنية ضد من يتاجرون كذبا بمواقفهم لدغدغة مشاعر البسطاء وتزييف وعيهم، خاصة وأن انتخابات الرئاسة على الأبواب، وليس ببعيد الحرص على استمرار إشعالها لاستخدامها كمخلب قط ضد الرئيس السيسى وتشويه إنجازاته لصالح مرشحين آخرين؟

السؤال الأهم.. ماذا بعد، وسط استمرار التحديات الإقليمية والتهديدات التى تواجه الأمن القومى المصرى داخليا وخارجيا؟

أخيرا أعتذر لمن يتحفظ على شعورى بالحزن لما وصلنا إليه، وقلقى من خطورة عودة التشكيك فى مؤسسات الدولة، ومحاولة هدم ما تم إنجازه فى مرحلة تثبيت الدولة، وعودة مؤسساتها، عذرى أنى لمصر أكبر متحيز، وإحنا محتاجين فى التوقيت ده القفز للأمام، لمرحلة حصد الإنجازات، ولن يحدث ذلك سوى بوعى وتكاتف ووحدة صف وصمود الشعب المصرى.

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز


اقرأ ايضاً



آخر الأخبار