جماعة أنصار بيت المقدس
وهو الأمر الذى جعله يتحول من نقيض لنقيض, فيخرج مواجهاً الأفكار المتطرفة بالأفكار السمحة, ويقود مسيرة مكافحة الفكر بالفكر, فى بيئة لا يعلم صعوبة تضاريسها الجغرافية والبشرية إلا الله وحده, تلك البيئة الوعره التى خلقت إنساناً كافراً بالمجتمع من قبل أن يُكفره, فكان من اليسبر على مسؤولى التجنيد أن يزرعوا أفكار العداء للوطن والمواطنين, فى تلك العقول المتمردة والرافصة للواقع الذى تعيشه.
وهو ما يؤكده أحد هؤلاء المسؤولين السابقين "اسماعيل الحمادين", والذى مارس ومُورست عليه أساليب السيطرة تلك, والذى كشف فى حديثه مع "مبتدا"، أن الموساد الإسرائيلى استغل تلك السلبية فى اختراق الأمن القومى المصرى, من خلال زرع عملاء له فى مقدمة صفوف القادة الجهاديين والتكفيريين, سواء من خلال تجنيد أبناء المنطقة, أو بزرع عملاء أجانب منتسبين لتنظيمات إرهابية دولية تتستر خلف الفكر العقائدى, مشيراً إلى أن الكيان الصهيونى يمتلك مجموعات متخصصة, يطلق عليها "مجموعة 8200" والتى تتبع جهاز المخابرات العسكرية بجيش الاحتلال الإسرائيلى, وتلك المجموعة لها دور غاية فى الخطورة, ألا وهو اختراق الجماعات الدينية الراديكالية الأصولية, من خلال تدريب عناصر المجموعة على المناهج المتطرفة, وتتم تلك التدريبات من خلال العيش فى مجتمعات منغلقه, تتحدث وترتدى وتتعامل فيما بينها وكأنه فى دولة عربية, وتتعلم عادات وتقاليد ولهجات الدول المستهدفة, وكأنهم نشأوا وترعرعوا على أراضيها, ومن ثم يأتى التوقيت المناسب لإرسالهم للعيش فى الدول الحاضنة للإرهاب, وتوفير الغطاء المناسب لبدء حياة جديدة بشخصية وهمية, ليصبح فى سنوات قليلة من القيادات الإرهابية صاحبة النفوذ.
ويفجر الحمادين مفاجأة من العيار الثقيل عندما يؤكد أن التنظيمات الإرهابية المتواجدة فى سيناء وغزة, أغلبها تدار من تل أبيب وبتعليمات من الموساد الإسرائيلى, ومن يخرج عن السياق ويحاول تنفيذ أجندة�تخالف أجندته, يكون مصيره التصفية الجسدية, مثلما حدث مع العديد من العناصر, ومنهم إبراهيم عويضة الذى تم استهدافه, بلغم أرضى حديث, يعمل عن طريق زرع شريحة إلكترونية بالهدف المراد تفجيره, وعندما يقترب الهدف من مكان اللغم, يحدث توليف إلكترونى وينفجر اللغم فى الهدف مباشرة, ويشير الحمادين إلى أن تلك العملية كشفت عن 3 جواسيس إسرائيليين داخل القبيلة التى ينتمى لها عويضة وهى قبيلة "البريكات", وما يزيد من إثارة الأوضاع, أن تلك العناصر بينهم اثنان كانوا يعملون لصالح جماعة أكناف بيت المقدس, وهو التنظيم الأم لأنصار بيت المقدس.
ويشير مصدر قبلى مطلع, إلى أن سيناء أصبحت مرتعاً لأجهزة استخبارات أجنبية بخلاف التنظيمات الإرهابية, حيث أن سيناء كانت لفترة ليست بقليلة, على المعبر الوحيد لتسليح تنظيم حماس بقطاع غزة من خلال الأنفاق, وكانت يأتيها التسليح الإيرانى, بواسطة عناصر سيناوية وفلسطينية تعمل على تهريب الأسلحة إلى القطاع, وهو ما خلق أصابع إيرانية فى المنطقة, الأمر الذى وصل إلى تهريب خبراء إيرانيين من الحرس الثورى, إلى القطاع لتدريب عناصر حماس على الأسلحة والتخطيط العسكرى, والذين يقومون بدورهم فى نقل الخبرة إلى الجماعات المتواجدة بالقطاع وعدد قليل من الموجودين فى سيناء, وهى جماعات تعمل فى الأساس على جمع المعلومات عن مصر والأراضى المحتلة, ولكنها لا تنأى عن العمل المسلح فى بعض الأحيان.
وعن موقف الجماعات المسلحة بعد قيام القوات المسلحة, بشن عمليات عسكرية ضدها واستهداف معاقلها, يقول الناشط السيناوى سعيد اعتيق، إن تلك الجماعات حدث لها خلل فى ميزانها التسليحى, بعد نجاح أجهزة الأمن بقدر كبير فى تجفيف منابع التسليح والذخيرة الموجهة لها, سواء من الخارج أو الداخل, بعد أن طوقت شمال سيناء بجدار أمنى يصعب اختراقه, وما يؤكد تلك النجاحات هو ارتفاع أسعار الذخيرة إلى أضعاف سعرها أن وجدت فى الأساس, ويعتبر اعتيق أن لجوء الجماعات للتفخيخ والعمليات الانتحارية, هو المنفذ الوحيد أمامها بعد أن ندرت الذخيرة المستخدمة فى تلك العمليات, فلم تجد أمامها إلا المواد شديدة الانفجار والتى من الممكن تجهيزها فى معامل سرية, أو يكون متوفراً�منها مخزون استراتيجى, كما كشف اعتيق أنه مازالت هناك بعض الأنفاق بين غزة وسيناء, ومازالت حماس ترسل بعض عناصرها لمساندة الجماعات الإرهابية فى سيناء, وإمدادهم على قدر المتاح بأدوات مساعدة فى عملياتهم الإرهابية, مثل شرائح "اورانج" الإسرائيلية , التى تستخدمها الجماعات المتطرفة فى الاتصالات بين أعضائها, ويؤكد اعتيق على أن تعداد عناصر تلك الجماعات فى سيناء قليل, وليس كما يصور للرأى العام, حيث يرى اعتيق أن أقصى تقدير لهم لا يزيد عن ثلاثمائة فرد, ولكنهم يقومون فى أغلب الأحيان باستأجار عناصر جنائية, ليقوموا بضرب الأكمنة والمقار الأمنية واستهداف عناصر القوات المسلحة نظير مقابل مالى يبدأ من 3 آلاف جنيه ويصل إلى 15 ألف جنيه, فى حالة تصفية عناصر الأمن والقوات المسلحة.