البث المباشر الراديو 9090
مشهد إعدام الأمير مصطفى
استحقت الحلقة 123من المسلسل التركى الشهير "حريم السلطان" أن تكون الحلقة الأكثر إثارة وجدلا، حيث إنها اعتبرت حلقة نهاية القرن العظيم أو الحلقة العظيمة، والتى قتل فيها السلطان سليمان ابنه الأمير مصطفى شنقا.

والأمير مصطفى هو الابن الأكبر للسلطان سليمان القانونى، عاشر سلاطين الدولة العثمانية، والذى عُرف بعدالته لدرجة جعلته يُلقب بالقانونى لكثرة القوانين التى شُرعت فى عهده، ولكنه رغم ذلك عُرف فى التاريخ كونه السلطان الذى قتل ابنه.

وبالرغم من اختلاف آراء المؤرخين بين من يرى أن الأمير مصطفى قام بخيانة استحق عليها الإعدام، وبين من يدين تصرف السلطان سليمان تجاه ابنه ويراه مذنبًا، وبين من يُحمّل السلطانة هويام زوجة السلطان سليمان الثانية وحدها كامل الذنب، فيما آلت إليه الدولة العثمانية من كوارث، بدأت بإعدام الأمير مصطفى ولم تنته، حتى انتهى حكم العثمانيين واندثر من الوجود.

وعلى الرغم من أن حقائق التاريخ غير مؤكدة فى كثير من الأحيان، إلا أن الأمير مصطفى ترك لوالده رسالة مؤثرة كان قد كتبها قبل ذهابه لمقابلته وهو يعلم أنه سيعدم، وتلك الرسالة جاء نصها كما تضمنته أحداث مسلسل حريم السلطان كالآتي:

"مولاى، هذه الرسالة التى سأحملها فى قلبى، ومن المحتمل أنك لن تقرأها أبدًا، لأننى أكتب لمستقبل لا أريد له أن يتحقق، هذا ما أرجوه، وإذا لم تتحقق رغبتى وقرأتم هذه الرسالة فهذا يعنى أنكم فرطتم بى".

أضاف: "يا مولاى، يا سلطان العالم، يا أبى، بما أنكم تقرؤون هذه السطور، فهذا يعنى أنكم نزعتم قلبكم ورميتموه، أما أنا فقد رحلت من هذه الدنيا الكاذبة"

وتابع: "أعلم أنكم لطختم يدكم بالدم، وبأنكم قبضتم روحًا بريئة، مع أننا تعاهدنا وأقسمت لكم أنى لن أتمرد عليكم، وأنكم لم تفرطوا بى. أنا وفيت بوعدى يا أبى".

واستكمل الأمير مصطفى: "بحق ولدى الوحيد محمد، وبحق ابنتى نرجس شاه، لم أخنك يومًا إطلاقًا، لكن أنتم نكستم وعودكم وفعلتم ما قلتم أنكم لن تفعلوه يومًا".

واستطرد: "اليوم أترك لكم هذه الدنيا الظالمة التى فرط فيها أب بابنه، لأننى بدل أن أعيش فى هذه الدنيا الفانية كظالم قتل والده الذى يحب من أجل السلطة والجاه، أفضل الموت مظلومًا يا أبى".

واختتم الأمير مصطفى رسالته: "ربما لن يكتب اسمى فى صفحات التاريخ الذهبية مثل اسمكم، لن يتكلموا فى المستقبل عن انتصاراتى، لن يكون لى عرش أحكم به العالم، وعلى الأغلب سيكتبون أننى أمير متمرد وخائن، فليكن ذلك، ليكتبوا، وليخفوا ما يعلم الله عن عباده، بعد سنوات أو ربما بعد عصور سيأتى يوم تقص فيه حكايات المظلومين، أحدهم سيروى حكايتى، البعض سيسمعون وسيعرفون الحقيقة، وفى ذلك اليوم يكون حق المظلوم قد عاد إلى صاحبه".


وشهدت مقبرة السلطان مراد الثانى فى بورصة، والتى دفن فيها الأمير مصطفى، توافد الزوار، وكأنه قتل بالأمس، وكانوا يبكونه بحرقة وهم يرددون ليتك لم تدخل الخيمة.

 

وقالت وسائل إعلام تركية إن الشىء المدهش هو قيام أحد المواطنين برفع دعوى قضائية ضد السلطان سليمان وزوجته هويام ورستم باشا واتهامهم بقتل الأمير مصطفى مطالبا برد الاعتبار للأمير، وسحب اللقب من السلطان سليمان، ومنحه لولده باعتباره الوريث الشرعى للعرش والمرشح من قبل الجيش والشعب.

قبر الأمير مصطفى


السلطان سليمان فى سطور
والده هو سليم الأول الذى أخضع بلادنا لحكم العثمانيين منذ سنة 1516، وكان سليمان فى 22 من عمره، فهو من مواليد 1494 فى طرابزون الواقعة على سواحل البحر الأسود، والدته عايشه حفصة سلطان أو حفصة خاتون، يقال إنها كانت جميلة بقدر ما كانت ذكية، وكان سنّها عند ولادته 17 سنة، وهى آخر زوجة سلطان انحدرت من عائلة ملكية. توفّيت سنة 1534.
بقى سليمان فى السنوات الأولى من حياته تحت رعاية أمه والنساء اللواتى يخدمنها، وحين بلغ السابعة من عمره تولى والده شخصياً أمر تربيته. درس التكتيكات العسكرية فى مدارس الباب العالى بالقسطنطينية، ودربوه كذلك على التمارين الجسمية والرماية، تعلم اللغة العربية وفن الصياغة.

استصحب فى طفولته إبراهيم وهو كان عبدا عيّنه لاحقاً صدراً أعظم، وكان منصب الصدارة العظمى لا يناط إلا بأهله الذين تنقلوا فى مراتب الأعمال تدريجاً من الألوية إلى الولايات الأناضولية، ثم الروملية، ومن ذلك إلى رتبة الوزارة، فخالف السلطان سليمان هذا النظام، فجعل إبراهيم آغا صدراً أعظم، وهو ممن تربى فى القصر السلطانى لا فى مناصب الدولة، فظل خلفاء السلطان سليمان يلقون مقاليد الوزارة لمن أحبوا من الشبان الأغرار الجهلاء فاقدى التربية، ولاغترار هؤلاء بإقبال السلاطين عليهم كانوا يعرضون عن الاستشارة ويستنكفون أن يستفيدوا من العارفين وما كانوا يراعون القوانين، بل يسيرون بحسب أهوائهم.
تولى سليمان الشاب وعمره سبعة عشر عاماً منصب وال على إسطنبول ثم صاروخان، مانيسا، على ساحل بحر إيجه، وحكم أدرنة فترة قصيرة.

وداهم الموت فجأة السلطان سليم الأول سنة 1520، وهو فى طريقه من إسطنبول إلى أدرنة، واتفقت قلة ممن حضروا موته أو أخبروا به أن يكتموا الخبر حتى وصول سليمان. فلو سُرِّب نبأ الوفاة، لكان فى وسع الانكشارية، فرقة من الجيش، إحداث شغب يصعب على السلطان الجديد إخماده، ويكون ثمنه باهظاً.
وأعلم سليمان بالخبر وتباطأ حتى يكون على بينة من النبأ، ولم يقصد طريق العاصمة التى سبقه إليها الصدر الأعظم، وحين علم الانكشارية بالحدث رموا قلنسواتهم علامة على الحداد بدون هرج أو مرج، وعند ذلك سارت الجنازة إلى القسطنطينية.

 





تعليقات القراء

تقع المسؤولية الأدبية والقانونية للتعليقات والمساهمات المنشورة على الموقع، على صاحبها، ولا تعبر بأى شكل من الأشكال عن رأى إدارة الموقع