
الكنيسة
لماذا تم تطبيق كورسات المشورة قبل الزواج؟
فى الحقيقة فإن تلك الجملة ليست من اختراع الكنيسة ولكنها مستمدة من آيات الكتاب المقدس، ففى إنجيل "متى" قال السيد المسيح "وأما أنا فأقول لكم أن مَنْ طَلَّق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزنى".. وأيضًا "وأقول لكم أن مَنْ طلق امرأته إلا بسبب الزنى وتزوَّج بأخرى يزنى".
لذا فإن الكنيسة الأرثوذكسية "صارمة" فى هذا الموضوع، فمنذ القرار الباباوى، للبابا شنودة الثالث الرحل، رقم 7 بتاريخ 18 نوفمبر 1971، والذى نص على أنه لا يجوز التطليق إلا لعلة الزنا وصولًا لتعديلات عام 2008 على لائحة 1938 التى كانت تبيح الطلاق والزواج الثانى للأقباط، فى شروط محددة، وقيّدها البابا فى شرط واحد وهو الزنا، تشهد الكنيسة أزمات عدة على مدار الأعوام الماضية.
ومنذ 2012.. يهتم البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بتلك القضية، انطلاقًا من قناعته التى صرح بها أكثر من مرة بأنه لا يتحمل ظلم أى مسيحى.
وعقد البابا تواضروس عددًا من المؤتمرات واللقاءات للأسرة القبطية خلال الأعوام الماضية للوصول إلى حل لتلك الأزمة، حضرها أعضاء المجمع المقدس للكنيسة، وتم الاستماع لأصوات المتضررين من الأقباط.
وكانت أولى الحلول إقرار المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فى جلسته السنوية فى يونيه الماضى، برئاسة البابا تواضروس الثانى، بإلزام الأقباط، اعتبارًا من يوليو 2017، بالكشف الطبى للمقبلين على الزواج، واجتياز دورة المخطوبين ما قبل الزواج مع الحصول على الشهادة التى تثبت حضور الدورة كاملة، وهى الدورات التى بدأ تطبيقها تجريبيًا فى بعض الكنائس والإيبارشيات خلال الشهور الماضية لإثبات مدى فاعليتها قبل أن يتقرر تطبيقها رسميًا وإجباريًا، لتأتى تماشيًا مع قانون الأحوال الشخصية الجديد، وكحل وقائى لأزمة الطلاق والزواج الثانى.
إذن فكورس المشورة لإعداد المقبلين على الزواج.. حل الكنيسة الأخير لمنع الطلاق نهائيًا إلا لعلة الزنا..
تفاصيل كورس المشورة
أصبح "كورس المشورة" متوفرًا فى أغلب الكنائس، الآن، ويدرسه متخصصون فى علم المشورة وإخصائيون فى الاستشارات الأسرية، تكون فترة الكورس حوالى 3 شهور، ويتم تدريس من 12 إلى 24 موضوعًا حسب مدة المحاضرة، وتكون بسعر رمزى حوالى 60 جنيهًا.
تتلخص أهداف الدورة فى توضيح معايير اختيار شريك الحياة وترسيخ مفاهيم الزواج المسيحى، ومعرفة الاحتياجات النفسية للجنسين وتدريس مهارات التحاور وحل المشاكل.
ومن أهم محاضرات الكورس: "مفهوم البيت المسيحى، سيكولوجية الرجل والمرأة، ضرورة الفحص الطبى قبل الزواج، النضج النفسى اللازم للأرتباط، دور الزوج والزوجة، التواصل والمشاجرة الناجحة".
والحد الأدنى لحضور المحاضرات 75% على الأقل، وإلا لن يُسمح بدخول الامتحان لمن لم يحقق هذه النسبة، وبعد انتهاء تلك الكورسات يتم عقد امتحانات للمقبلين على الزواج فى المحاضرات التى تم تدريسها لهم، وعليها درجات، ولا تعطى شهادة إتمام الكورس إلا لمن يجتاز تلك الكورسات بالحصول على 70 درجة على الأقل فى الامتحان، وهى الشهادة التى بدونها لا يُمنح المقبلون على الزواج شهادة "خلوّ الموانع"، والتى تُعتبر أحد الشروط الأساسية لكتابة عقد الزواج وإتمام طقس الزواج الكنسى "الإكليل"، حيث ينص قانون الأحوال الشخصية الجديد فى مادته 26 فقرة "9"، على أنه يثبت الزواج فى عقد يحرره رجل الدين المسيحى المرخص له من رئاسته الدينية بإجرائه، ويشتمل عقد الزواج بالأخص على البيانات الآتية: إثبات حصول الزوجين على شهادة خلوِّهما من الموانع الزوجية من الكنيسة التى ينتمى إليها كل من الزوجين.
أهمية الكورس
قال القس ميخائيل جرجس، راعى كنيسة الملاك ميخائيل بحلوان، إن كورس المشورة يزيد معرفة الشخص بنفسه، ليصحح عيوبه ومخاوفه وما يعوق نمو شخصيته وتقدمها.
وأضاف: "كورسات المشورة تعلمنا كيف نكتشف مواهبنا ومهاراتنا ونزيدها نضوجًا بالعلم والمعرفة الصحيحة فتنمو وتنجح خدمتنا ونؤثر فى حياة الآخرين".
وقال ماجد ثروت، خادم بمعهد المشورة كوتسيكا المعادى، إن كورسات المشورة تجعلك تفهم نفسك أكثر، فتستطيع أن تتصالح مع نفسك ومع الآخرين، وخصوصًا شريك حياتك.
أما الدكتورة مارجو موريس، خادمة بمعهد المشورة كوتسيكا المعادى، أكدت أهمية الكورس، قائلة: "الدراسة فى معهد المشورة تجعلك تفهم نفسك فتطور من شخصيتك".
كيف استفاد الشباب المسيحى من الكورس؟
ولمعرفة مدى تأثير وفائدة "الكورس".. سأل "مبتدا" بعض الأشخاص الذين استفادوا منه خلال الفترة الماضية.
تقول جاكلين مدحت، 29 عامًا، وتعمل فى شركة أدوية، والتى أخذت "الكورس" بعد شهر واحد فقط من خطبتها ببشوى إميل، فى فبراير 2016، إنها استفادت بشكل كبير من محاضرات الكورس، مؤكدة أنها كانت ستأخذه حتى لو لم يكن إجباريًا.
وأضافت: "لو مكنش الزامى كنت هاخده برضو.. فى حاجات كتيرة مكنتش عارفاها وعرفتها فى الكورس، المحاضرات مفيدة جدًا، واتعلمت أن الواحد لازم يشتغل على نفسه كتير عشان شريك حياته".
جاكيلن مدحت وبيشوى إميل
أما بيتر صموئيل، الذى يبلغ من العمر 27 عامًا، أوضح أن الكورس كان عبارة عن 12 محاضرة تتضمن "أنواع وأنماط الشخصيات والاختلاف بين الرجل والمرأة وأكثر المشاكل شيوعًا وكيفية إدارة مشاجرة ناجحة وتدبير أمور البيت من النواحى الروحية والمادية الفلوس، وأخيرًا محاضرة عن العلاقة الجنسية بين الراجل والمرأة بعنوان "الجنس المقدس" ومحاضرة للكشف الطبى وأهميته.
وأكد بيتر أنه استفاد من كل المحاضرات، وأثرت فيه بشكل إيجابى، وأدرك أن لخطيبته متطلبات ومشاكل تختلف عن الرجل.
وقالت نورا نبيل، 26 عامًا، صحفية، والتى تزوجت منذ حوالى 8 أشهر، وأخذت الكورس منذ عام، أنها أخذت الكورس لأنه إجبارى، مؤكدة أنه مهم ومفيد جدًا.
وأضافت أن أغلب المحاضرات كانت مهمة وساعدتها فى التعامل مع شريك حياتها، موضحةً أن الكورس أثر بشكل إيجابى على حياتها بعد الزواج وعلى طريقة تعاملها مع زوجها.
نورا نبيل
هل الكورس مخالف للدستور؟
من جهة أخرى.. أعلنت رابطة "منكوبى الأحوال الشخصية" للأقباط الأرثوذكس، المطالبة بالطلاق والزواج الثانى للأقباط، استنكارها ورفضها التام لشروط "كورس المشورة" والكشف الطبى على المقبلين على الزواج وخصوصًا كشف العذرية على البنات.
وقال هانى عزت، المتحدث باسم الرابطة، إن تلك الكورسات مخالفة للدستور، مضيفًا أن الغرض من الشروط المجحفة هو إيقاف الزيجات.
ووصف قرار الكنيسة بالتحدى السافر لجميع مواثيق حقوق الإنسان والأعراف الدولية، وقد تدفع البعض للظن أن القرار لجنى الأموال أو لإيقاف الزيجات، وناشدت الرابطة البابا تواضروس بسرعة إيقاف هذه الكورسات، التى وصفتها بـ"المهزلة"، حفاظًا على الأسرة المسيحية ورحمة بالنفوس وأولاد الكنيسة.
وكان القس بولس حليم، المتحدث الرسمى باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، قال فى تصريحات صحفية إن تلك الكورسات لا تحتوى، كما أُشيع، على أى كشف طبى خادش للحياء، فى إشارة إلى ما تردد عن إجراء كشوف للعذرية للفتيات القبطيات المقبلات على الزواج.
وأرسل المحامى جورج حبيب إنذارًا على يد مُحضر إلى البابا تواضروس للتراجع عن قرار المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بإلزام كل الأقباط الأرثوذكس بحتمية اجتياز "كورس المشورة" للحصول على تصاريح الزواج الكنسى.
وأكد جورج حبيب أن المباح لا يقيد، والزواج حق دستورى غير مشروط، ملتمسًا بأن تكون تلك الكورسات اختيارية وفقًا لصحيح الدستور والقانون.
اقرأ أيضًا..
«ملف صادم»| مراكز «كورسات الزواج».. تجارة تحت تأثير «فوبيا الطلاق»
