الرقابة الإدارية
وكانت توجيهات الرئيس السيسى مباشرة إلى هيئة الرقابة الإدارية بالضرب بيد من حديد على كل فاسدٍ ومرتشٍ ومستغل لموقعه الوظيفى من أجل إعادة حقوق الشعب المصرى المنهوبة، حيث طبقت الهيئة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، التى تم إطلاقها نهاية عام 2014 فى "اليوم العالمى للمكافحة الفساد" للوقاية من الفساد ومكافحته في الوزارات والهيئات الحكومية المختلفة، عبر شن حملات رقابية وتفتيشية لمحاربة استغلال التجار للأزمة الاقتصادية وتعويم الجنيه وارتفاع سعر الدولار فى رفع الأسعار على المواطنين.
وأعد الوزير محمد عرفان، رئيس هيئة الرقابة الإدارية خطة شاملة، لتقسيم مؤسسات الدولة إلى قطاعات، والبدء الفورى والمتزامن فى كل تلك القطاعات فى آن واحد، للكشف عن أوجه الفساد بها، والعمل على إعادة مئات الملايين المهدرة من أموال الدولة إلى خزائنها مرة أخرى، واستغلالها فى تقديم المزيد من الخدمات للمواطن البسيط.
وشملت الحملات المرور والتفتيش على الأسواق والمستشفيات والجمعيات الزراعية وصوامع وشون القمح ومحطات الوقود ومياه الشرب والصرف الصحى والمدارس والوحدات المحلية، إلى جانب توجيه ضربات قاسمة لمكافحة جرائم الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ فى كل المواقع الوظيفية، حيث نجح رجال الهيئة فى ضبط 111 قضية طيلة هذا العام، وأسفرت ضرباتها وحملاتها عن الحفاظ واستعادة ممتلكات وأصول وأموال الدولة المنهوبة بإجمالى مبلغ أكثر من 2 مليار جنيه و500 مليون جنيه، فضلا عن ضبط قضايا رشاوى قدرت بالملايين.
ومن أبرز الجرائم التى تمكنت الرقابة من ضبطها خلال هذا العام، القبض على 6 من المتورطين فى محاولة تهريب 30 طن أدوية مدعمة عبر ميناء العين السخنة بالسويس، داخل حاوية خاصة بتصدير أدوات منزلية، منهم مسئولون بشركات أدوية، كما تم ضبط مدير المشتريات بوزارة التخطيط عقب تقاضيه مليون و300 ألف جنيه كرشوة من إحدى الشركات الموردة لأجهزة حاسبات آلية ومعدات الكترونية وكابلات لوزارة التخطيط، مقابل تسريب معلومات عن عروض الشركات المنافسة، وتسهيل صرف المستخلصات المالية، والتى تزيد قيمتها على 100 مليون جنيه.
وتمكنت الرقابة من ضبط مواطن أدعى انتماءه لأسرة رئيس الجمهورية واستولى على مبلغ 56 مليون جنيه، من رجل أعمال بدعوى تسليمها كتبرعات لصالح المشروعات القومية.
كما تم ضبط مهندس استشارى هندسى للاتحاد التعاونى لجمعيات الإسكان، عقب تقاضيه مبلغ مليون و800 ألف جنيه رشوة، مقابل اعتماد تنفيذ مشروعات جمعيات إسكان العاملين بالملاحة الجوية، والعاملين بالقرى السياحية بالغردقة، والتطبيقيين، كجزء من مبلغ رشوة متفق عليه وقدره 35 مليون جنيه بنسبة 5 % من قيمة أعمال المشروعات وقدرها 750 مليون جنيه.
كما تم ضبط رئيس قسم النساء والتوليد بمستشفى النساء والأطفال بجامعة المنيا وأمين المخازن بذات المستشفى، لتسهيلهما استيلاء إحدى شركات الأدوية والمستحضرات الطبية والكيماوية على المال العام بما قيمته 940 ألف جنيه، والتى تمثل قيمة شراء أجهزة ومستلزمات طبية بأسعار مغالى فيها عن السوق، بالإضافة إلى إثبات استلامها دفتريا دون توريدها فعليا إلى المستشفى.
وضبطت الرقابة الإدارية، مدير عام المشروعات الصغيرة بأحد البنوك، تقاضى وآخرون 2 مليون جنيه على سبيل الرشوة، مقابل منح وتخصيص قروض بموجب مستندات مصطنعة.
كما تمكنت الرقابة من ضبط مفتش آثار فى إمبابة لتقاضيه مليون و150 ألف جنيه رشوة من واضعة يد على قطعة أرض مساحتها 61 فدانا تبلغ قيمتها 280 مليون جنيه ومملوكه للهيئة العامة للإصلاح الزراعى، مقابل استبعادها من إشراف وزارة الآثار وإعداد تقرير بخلوها من الشواهد الأثرية، واستردت هيئة الرقابة الإدارية 800 ألف جنيه تمثل قيمة رسوم وضرائب جمركية مستحقة لصالح خزانة الدولة من أحد نوادى السيارات الدولية، نظير الإفراج عن 7 سيارات دخلوا البلاد عن طريق جمرك سفاجا بنظام الإفراج المؤقت ولم يتم إعادة تصديرهم مرة أخرى.
ومن أبرز ضربات هيئة الرقابة الإدارية بعد إقرار قانونها بمجلس النواب، وجهت ضربتين إلى لصوص المال العام حاولوا الاستيلاء على 120 مليون جنيه من أموال الدولة، وضبطت الهيئة مديرى عموم كل من إدارة السماح المؤقت، وإدارة المعاينة والفحص بجمرك العبور، ومأمور جمرك، اتفقوا مع أحد المستوردين على تزوير مستندات رسمية تثبت إعادته تصدير رسائل ملابس وأقمشة وردت للبلاد من جمرك سفاجا بنظام السماح المؤقت، وذلك على خلاف الحقيقة، ما أدى إلى استرداد المستورد مبلغ 8 ملايين و500 ألف جنيه تمثل قيمة التأمين والضمان عن الرسالة دون وجه حق، وبما أضاع على الدولة مبلغ 25 مليون جنيه تمثل قيمة الغرامات الواجب سدادها للخزانة العامة.
وفى ضوء أزمة البنسلين التى شهدتها الأسواق خلال الفترة الماضية ولما لها من تأثير مباشر على الصحة العامة للمواطنين ، تمكنت هيئة الرقابة الإدارية من ضبط أحد أصحاب شركات الأدوية المحتكرة استيراد البنسلين، حيث أسفرت التحريات عن تورطه عدم تدبير احتياجات البلاد خلال الفترة الأخيرة مما تسبب فى نقص ملحوظ فى الأسواق.
جدير بالذكر أن الجرائم التى يتــم ضبطها بمعرفـة الهيئة تنقسم إلى قسمين رئيسيين، القسم الأول يشمل الجرائم التى تعد اختصاصًا أصيلاً لهيئة الرقابة الإدارية، وتقع جميعها من العاملين بأجهزة الدولة ووحداتها الاقتصادية أو ممن يتعاملون مع هذه الجهات وتشمل جرائم العدوان على المال العام "الاختلاس، والاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام، والتربح، والإضرار بالمال العام سواء كان عمدًا أو عن إهمال، والغش فى عقود التوريد" فيما تشمل جرائم الإتجار بالوظيفة العامة "الرشوة، واستغلال النفوذ، وجرائم التزوير فى المحررات الرسمية، وجرائم الكسب غير المشروع".
أما القسم الثانى فيشمل الجرائم التي يتم ضبطها بالتنسيق مع بعض الجهات والتى تتولى بدورها وفقًا لاختصاصاتها أعمال الضبط وتتمثل فى التهرب الضريبى، والتهرب الجمركى، وجرائم غسل الأموال، والغش التجارى، و الجرائم المتعلقة بالصحة العامة.
يذكر أن المادة 218 من الدستور تنص على التزام الدولة بمكافحة الفساد وتلتزم الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها فى مكافحة الفساد، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ضمانًا لحسن أداء الوظيفة العامة ووضع ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية.