الاحتجاجات فى إيران
وفى أحد أكبر تحدى للقيادة الدينية للبلاد منذ الاضطرابات المطالبة بالإصلاح التى جرت فى 2009، أعلن روحانى عن أول رد فعل له داعيا الجميع إلى الهدوء وقال إن الإيرانيين لهم حق الاحتجاج وانتقاد السلطات، لكنه حذر فى وسائل الإعلام الرسمية قائلاً "الحكومة لن تتسامح مع من يقومون بإتلاف الممتلكات العامة ويخرقون النظام العام ويثيرون القلاقل فى المجتمع".
وصب المتظاهرون جم غضبهم فى بداية المظاهرات، يوم الخميس الماضى، على المصاعب الاقتصادية ومزاعم الفساد حيث ارتفاع الأسعار والفساد وسوء الإدارة وبلوغ نسبة البطالة بين الشباب 28.8% فى 2017، وقابلت الشرطة الإيرانية هذه الطلبات بتفريق المتظاهرين بخراطيم المياه، لكن الاحتجاجات أخذت منحى سياسياً نادراً.. مطالبة الزعيم الأعلى آية الله على خامنئى بالتنحى وعزل روحانى، ليقابل ذلك القوة المفرطة والضرب بالعصى والرصاص الحى وقطع الإنترنت تماما والاتصالات فى بعض المناطق.
وفى أكبر احتجاجات تشهدها إيران منذ اضطرابات عام 2009 عقب إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدى نجاد آنذاك، أعلن التليفزيون الرسمى الإيرانى، مقتل 12 شخصا واعتقال أكثر من 370، فيما تقول المعارضة الإيرانى إن عدد الضحايا والمعتقلين أكثر بكثير مما تعلنه المصادر الرسمية.
وألقت السلطات الإيرانية باللائمة فى مقتل متظاهرين اثنين على عملاء أجانب ومحرضين بين المتظاهرين ونفت أن تكون قوات الأمن قد اطلقت النار.
قال أحد المتظاهرين إن الشرطة وقوات الأمن منتشرة بشكل مكثف فى وسط طهران، وتابع: "رأيت بضعة شبان يُعتقلون ويُزج بهم فى سيارة فان للشرطة، إنهم لا يسمحون لأحد بالتجمع".
وأظهر تسجيل مصور اعتقال الشرطة محتجاً فى مدينة خوى بشمال غرب إيران فى الوقت الذى كان فيه حشد يهتف "فلتذهب الشرطة لاعتقال اللصوص"، كما أظهرت مشاهد مصورة على وسائل التواصل الاجتماعى أسراً متجمعة أمام سجن إيفين فى طهران مطالبة بمعلومات عن أبنائها الذين اعتقلوا فى الأيام الأخيرة.
الأمر الذى يجعل هذه المظاهرات مختلفة عن تلك التي وقعت فى عام 2009 هو أننا نرى دعوات للإطاحة بالمرشد الأعلى الإيرانى على خامنئى، وهذا أمر ستنظر إليه الحكومة بنظرة قاتمة، فالتعبير العلنى عن الرغبة بالإطاحة بالقائد الأعلى ليس أمرا يقوم به الإيرانيون عادة، ولن يكون أمرا تتغاضى عنه الحكومة.
والمظاهرات مثيرة للقلق بشكل خاص لحكومة روحانى لأنه انتخب بعد تعهده بضمان حرية التعبير والتجمع. ولم يحقق بعد الاتفاق النووى الذى وقعته إيران مع القوى العالمية فى 2015 فوائد اقتصادية للقاعدة العريضة من الإيرانيين مثلما وعدت الحكومة، ويهدف الاتفاق إلى كبح البرنامج النووى الإيرانى مقابل رفع أغلب العقوبات الدولية المفروضة على الجمهورية الإسلامية، ويعتبر روحانى هذا الاتفاق أبرز إنجازاته.
وتثير هذه المظاهرات الجديدة قلقاً أكبر للسلطات لأنها تبدو بلا قائد واضح، ولم يحث أى حزب سياسى الإيرانيين على النزول للشوارع كما أن زعماء المعارضة الذين ألهبوا مشاعر الإيرانيين فى 2009 ما زالوا رهن الإقامة الجبرية.
ونظام الحكم فى إيران جمهورى إسلامى، ويحكم الزعيم الأعلى مدى الحياة وهو أيضاً القائد الأعلى للقوات المسلحة كما تكون له السلطة العليا على الرئيس المنتخب فى قضايا السياسة الخارجية والاقتصادية.
فى استجابة للاحتجاجات فيما يبدو تراجعت الحكومة عن خطط لزيادة أسعار الوقود ووعدت بزيادة مدفوعات نقدية للفقراء وتوفير المزيد من الوظائف فى السنوات المقبلة.
وقال محمد باقر نوبخت المتحدث باسم الحكومة للتلفزيون الإيرانى ليل السبت "نتوقع توفير 830 ألف وظيفة على الأقل فى العام الجديد" دون أن يقدم تفاصيل.
وعبر الإيرانيون أيضاً عن غضبهم لتدخل بلادهم فى سوريا والعراق حيث تدور حرب بالوكالة بين إيران والسعودية لبسط النفوذ.
وأظهرت مشاهد مصورة على وسائل التواصل الاجتماعى محتجين فى مدينة شيراز وهم يمزقون صورة لقاسم سليمانى قائد فيلق القدس وهو أحد أفرع الحرس الثورى الإيرانى ويتولى العمليات خارج البلاد فى العراق وسوريا وغيرهما.