سعد الدين إبراهيم
جامعة "تل أبيب"
تحدث إبراهيم، الثلاثاء، فى ورشة نظمها مركز "موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا" بجامعة "تل أبيب" الإسرائيلية، عن مصر والثورات التى شهدتها منذ ثورة 1919 وحتى الآن، وجاءت كلمته بعنوان "دروس من قرن الاضطرابات فى مصر"، ناقش فيها التغيرات السياسية التى تشهدها مصر، واعتبرها حالة فريدة من نوعها، ولا يمكن مقارنتها بأى دولة أخرى.
استطاع إبراهيم أن يلقى ترحيبًا بالغًا من جميع المشاركين الإسرائيليين، لا سيما ممن سبقوه فى إلقاء كلماتهم على منصة قاعة "ياجلوم"، إذ حرصوا على الترحيب بوجوده فى إسرائيل، وتوجيه الشكر إلى القائمين على تنظيم الورشة لأنهم أتاحوا لهم فرصة الاجتماع بسعدالدين إبراهيم المعروف بآرائه الداعية إلى التعاون مع إسرائيل، على حد قولهم.
كان البروفيسور شيمون شامير، سفير إسرائيل الأسبق لدى مصر، قد ألقى كلمة عن معنى الثورة من خلال التأمل فى 1919 و1952 و2011، أما البروفيسور شلومو أفينيرى، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية، وكان مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية فى أثناء ولاية حكومة إسحق رابين، فألقى محاضرة بعنوان "التحديث والمجتمع المدنى والتراث الفرعونى"، وتبعهما بعد ذلك سعدالدين إبراهيم.
رد فعل
لاحقت إبراهيم ردود فعل صاخبة، فور العلم بفعلته، إذ رفع سياسيون ونواب برلمان، دعاوى قضائية ضده، وكان الدكتور سمير صبرى المحامى، أول من دعا لمحاكمة رئيس مركز ابن خلدون، من خلال بلاغ تقدم به للمستشار نبيل صادق النائب العام، اتهم فيه سعد الدين إبراهيم بالخيانة والتطبيع مع إسرائيل، مطالبا بإحالته للمحاكمة الجنائية.
الطلب ذاته، قدمه الكاتب الصحفى مصطفى بكرى عضو مجلس النواب، عبر تدوينة له على مواقع التواصل الاجتماعى، كتب فيها: "مطلوب محاكمة هذا الخائن الذى تحدى كل مشاعر الشعب العربى"، إضافة لأشرف رشاد عثمان نائب رئيس ائتلاف "دعم مصر"، فى مجلس النواب، إذ طالب هو الآخر بمحاكمة إبراهيم.
كما أثارت زيارة إبراهيم غضب الكثير من المثقفين، الذين وصفوها بالتطبيع مع إسرائيل، واعتبروها خرق للحق الفلسطينى الذى ينادى به العرب، ووصل النقد لوصفه بـ"عراب الإخوان وحليف الأمريكان وأدائه غير وطنى".
صفقات مشبوهة
يُطلق إبراهيم على نفسه، أنه مؤسس الحركة المصرية الحديثة للمجتمع المدنى ومن أهم الدعاة إلى الديمقراطية فى مصر والعالم العربى، منذ دراسته كطالب فى جامعة القاهرة، ويرى فى نفسه حالة مصرية متفردة من الفكر الحديث التى غالبًا تدعو إلى الرفض والهجوم عليه، وإن كان هناك الكثير من المختلفين معه وعليه، إلا أنه لا يستطيع أحد أن يتجاهله أو ينكر قيمته وقيمة فكره فى مجال حقوق الإنسان والحريات.
لم يخف سعد الدين إبراهيم أستاذ علم الاجتماع السياسى فى الجامعة الأمريكية، ومدير مركز "ابن خلدون للدراسات الإنمائية"، حجم وعمق علاقاته مع الإدارة الأمريكية ومراكز صناع القرار هناك، ولم ينكر أو يخفى الدور الكبير الذى قام به لتقديم "جماعة الإخوان" الإرهابية، وقيادتها، إلى الساسة والمسؤولين الأمريكان خلال الأعوام الماضية، لا سيما قبل أحداث 25 يناير 2011، كما لم ينف الوساطة التى قام بها لتوطيد علاقاتهم بعد الثورة.
كما أعلن إبراهيم عن تواصل السلفيين معه للتعاون مع الأمريكان بعد "الثورة" من أجل الحصول على جزء من المكافأة التى وعد بها الأمريكان الجماعات الإرهابية من الإخوان وأتباعهم للسيطرة وتدمير مصر.
أيضا لم يخف علاقاته وموقفه من التطبيع مع إسرائيل وإقامة علاقات كاملة معهم منذ إقناعه للرئيس الراحل محمد أنور السادات، بتنظيم مؤتمر لمئات المثقفين المصريين للحوار والتوافق على اتفاقية "كامب ديفيد"، وذلك فى أغسطس 1981، ولكن اغتيال الرئيس السادات حال دون حدوثه.
كما لم يخف حجم علاقاته مع قطر وخاصة "الشيخة موزة" التى قام بالتدريس لها فى أثناء تعليمها بالجامعة الأمريكية لدى مصر، ولقد حاضرت ندوة لها بدعوة منه والجامعة الأمريكية تحدث فيها عن عمق وحميمية العلاقة معها ومع قطر، وتجسدت هذه العلاقة فى تأسيس مؤسسة كبيرة رصدت لها 10 ملايين دولار، وتم إطلاقها فى 2007، وتولت "الشيخة موزة" منصب رئيس مجلس الأمناء، وهو الأمين العام.
كما لم ينف إبراهيم تواصله ومقابلاته مع قيادات وأعضاء الجماعة الإرهابية الهاربين إلى تركيا، فى أثناء زيارته الحالية مثل محمود حسين، الأمين العام للجماعة، وأيمن نور، وغيرهم، وتصريحاته بأن محمود حسين شكره على مبادرة المصالحة التى طالب بها بين الدولة والجماعة الإرهابية، وأبلغة بأنهم مرحبون بكل الأفكار التى تؤدى إلى الأمان وسلامة، وأبلغه أيضا بأن النظام لم يكن مستعدًا للمصالحة عندما دعا إليها، ودعاه إلى إطلاق مبادرة للمصالحة مرة أخرى من أجل التنظيم الإرهابى والوطن.
اعترف إبراهيم، بندمه على كل ما فعله من أجل هؤلاء الإرهابيين طوال السنوات الماضية، إذ كان مدافعًا شرسًا عنهم ومؤمنًا بوجودهم كشريك سياسى أساسى، وتقديمهم ودعمهم أمام الأمريكان والإدارة الأمريكية والأوروبيين من أجل وصولهم للحكم، على الرغم من نقده شخصيًا عبر حوارات صحفية وتليفزيونية، سياستهم الانتهازية والإرهابية تجاه المصريين والوطن.
لكن سرعان ما دعا إلى عمل مبادرة للمصالحة مع "الإخوان"، مرة أخرى، وتجاهل الشعب قبل القيادة السياسية، الذى أقر بعزلهم وطالب بمحاكمتهم وبتطبيق القانون على إجرائمهم وجرائمهم ضد المصريين وعزلهم لأنهم أعداء للوطن، يريدوا تدميره والقضاء عليه.