سد النهضة
وخلال الفترة القليلة الماضية، وجهت الدولة المصرية أنظارها إلى الامتداد الإفريقى نظرا للأهمية القصوى التى فرضها ملف سد النهضة على الساحة فى أعقاب إعلان مصر فشل المفاوضات الفنية مع إثيوبيا، كما تزايد الاهتمام المصرى بالملف الإفريقى بعد رصد عدة تحركات من قوى إقليمية فى منطقة القرن الإفريقى والدول الواقعة جنوب مصر بما قد يؤثر على الأمن القومى المصرى، وجاء فى مقدمة هذه التحركات التى رصدتها مصر التحالف الذى تم تدشينه مؤخرا بين تركيا وقطر والسودان.
ومع هذه التحركات تتحرك الدولة المصرية على أكثر من صعيد مستغلة ما لديها من مؤسسات قوية وأذرع خارجية وعلاقات إقليمية ودولية، وبينما تتخذ السلطة التنفيذية عدة قرارات على صعيد العلاقات الدبلوماسية جاء التحرك البرلمانى من خلال الإعلان عن جولة مرتقبة يقوم بها أعضاء لجنة الشؤون الإفريقية بالبرلمان فى عدة دول إفريقية على رأسها دول بحوض النيل.
التحرك البرلمانى من شأنه تحريك المياه الراكدة وتعبير من الدولة على أن العلاقات المصرية الإفريقية ليست فقط ذات بعد رسمى فقط وإنما على الصعيد الشعبى أيضا من خلال النواب الممثلين للشعب.
من جانبه قال الدكتور سيد فليفل، رئيس لجنة الشؤون الإفريقية بمجلس النواب إن العلاقات المصرية الإفريقية مستهدفة باعتبارها البوابة الرئيسية لمصر والامتداد الطبيعى لها، مشيرا إلى أن هذا الاستهداف يأتى فى إطار الخطة الممنهجة التى تسعى إلى تقويض مصر خارجيا وتقليص دورها فى إفريقيا والشرق الأوسط.
وذكر فليفل فى تصريحات لـ"مبتدا" أن بث الوقيعة بين مصر وإثيوبيا يقف وراءه عدة قوى على رأسها قطر وتركيا وإسرائيل، مؤكدا أن مصر لن تتراجع عن المطالبة بحقوقها التاريخية والقانونية فى المياه باعتبارها مسألة حياة أو موت.
وأوضح أن مصر لا تزال تعانى من سياسة المعزول محمد مرسى تجاه القارة الإفريقية والتى تجلت فى واقعة الاجتماع السرى المعلن الذى عقده المعزول وأذيع على الهواء وتم خلاله المطالبة بعمل عسكرى ضد إثيوبيا لبنائها سد النهضة.
وأوضح أن السياسة المصرية فى الفترة الحالية تجاه القارة عادت إلى انضباطها وثوابتها وعاد الاهتمام مرة أخرى حيث شارك الرئيس عبدالفتاح السيسى فى جميع القمم الإفريقية وعقد العديد من المؤتمرات للتواصل مع أبناء القارة واستقبل عددا كبيرا من الرؤساء الأفارقة وزار الكثير من الدول.
وذكر أن دور مصر التاريخى فى القارة الإفريقية لا يمكن إغفاله أو تناسيه حيث كان لها اليد العليا فى دعم حركات التحرر الإفريقى من الاستعمار فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر.
من جانبه قال حاتم بشات، عضو اللجنة الإفريقية، إن الاهتمام بالقارة هو الطبيعى وتجاهلها أمر غير مقبول لن تكرره الدولة مرة أخرى، لافتا إلى أن ما يجرى من تباين فى المواقف مع بعض الدول الإفريقية يعود فى جزء كبير منه إلى تجاهل إفريقيا لسنوات خلال العهود السابقة.
وأوضح لـ"مبتدا" أن السياسة الإثيوبية تجاه ملف سد النهضة غير مقبولة ولا يمكن استمرارها، مشيرا إلى أن إثيوبيا يجب أن تدرك أنها لا يمكن أن تكون خصما وحكما فى ذات الوقت، حيث يجب أن يكون هناك طرفا محايدا للحكم وهو ما طرحته مصر باقتراح تدخل المكتب الاستشارى قبل عامين، ثم مؤخرا مقترح تدخل البنك الدولى، لافتا إلى أن القاهرة تنتظر رد أديس أبابا على هذا المقترح للبدء فى الإجراءات التنفيذية لمخاطبة البنك الدولى.
وقال مصطفى جندى، عضو لجنة الشؤون الإفريقية بمجلس النواب، إن المجلس سوف يتخذ إجراءات للتقارب مع دول القارة، موضحًا أن زيارة وفد من لجنة العلاقات الخارجية فى الوقت الحالى مهمة جدًا لتحسين العلاقات وزيادة النفوذ المصرى وتأمين المصالح المصرية ودعم التواصل مع الشعوب الذى من شأنه دعم الدبلوماسية الرسمية وعونها فى مهمتها وبذل ما يمكن بذله لتغيير المسار فى السياسة الإفريقية تجاه مصر باعتبارها مسألة أمن قومى مصرى وبالأخص فيما يتعلق بدول حوض النيل التى تعد عمقا استراتيجيا بالنسبة للدولة المصرى.