تميم بن حمد
التمويلات الساخنة
أسست الدوحة، ما يسمى بـ"وحدة الأموال الساخنة والاتصالات"، داخل جهاز أمن الدولة القطرى، برئاسة اللواء أبوزياد الإمام، وبحسب مراقبين فإن هذه الوحدة، تلعب دورًا فى تمويل الجماعات الإرهابية والحركات المسلحة، داخل الدول التى شهدت فيها الصراعات، وعلى رأسها مصر وسوريا والعراق وليبيا.
تعريف الأموال الساخنة
تُعرف الأموال الساخنة بالتدفقات المالية من خارج الدولة، بغرض الاستثمار والاستفادة من وضع اقتصادى معين مثل تدنى سعر العملة المحلية مقابل الدولار أو ارتفاع الفائدة، وتدخل فى صورة استثمارات، فى أذون الخزانة أو السندات، وهى أدوات تقوم الحكومة بالاقتراض من خلالها، أو فى أسهم الشركات المدرجة بالبورصة، للاستفادة من تدنى سعر العملة المحلية مقابل الدولار أو ارتفاع الفائدة.
ومن المصطلح العلمى، استطاعت قطر أن تلعب دورين من خلال وحدتها بأمن الدولة، الأول فى ضرب الاقتصاد والثانى تمويل الحركات المسلحة بشكل مباشر بالمال والأسلحة اللازمة لتأجيج الصراعات الداخلية.
جهاز أمن الدولة القطرى
تم تأسيس جهاز أمن الدولة القطرى من قبل رئيس المخابرات التركية، هاكان فيدان، وهو واحد من أهم رجال رجب طيب أردوغان، والذى لقبه بحافظ أسراره، إذ أسس هذا الجهاز فى قطر بشكل محترف، وجعل له علاقات واسعة النطاق فى جميع الدول.
خلق الجهاز الأمنى القطرى، عناصر تكفيرية مسلحة تابعة له، تعمل فى كل البلدان، ولقد أثبتت التقارير المخابراتية الدولية أن كل من وُضع اسمه على قوائم الترقب من قبل دول مكافحة الإرهاب مثل مصر والإمارات والبحرين والسعودية، كان على صلة مباشرة بالجهاز القطرى.
التقارير المخابراتية أثبتت أن الجهاز القطرى يمول بعض الولايات التابعة لـ"داعش"، وعلى رأسها ولاية سيناء لتدبير العمليات الإرهابية فى مصر، كما أنها ساعدت على تكويل ما يسمى بجبهة النصرة فى سوريا، عبر تمويل القاضى الشرعى لها عبدالله المحسينى، وهو أشد التكفيريين وأحد المطلوبين على قوائم الترقب من دول مكافحة الإرهاب.
تمويل الإرهاب فى مصر
كما مولت وحدة الأموال الساخنة بالجهاز القطرى، كل من الحركات المسلحة، "حسم" و"لواء الثورة" و"أجناد مصر"، فى مصر، عبر الهارب علاء على على السماحى، وصهر خيرت الشاطر وعناصر من الإخوان الهاربين فى قطر وتركيا، كما تتحرك الوحدة بالنهج نفسه فى عدد من دول إفريقيا، من خلال تمويل الحركات الإرهابية من جانب، ومن جانب آخر الضغط على مصر بملف سد النهضة عبر تأجيج الصراع المصرى الإفريقى.
لم ينته دور هذه الوحدة الإرهابية القطرية ودورها فى نشر الإرهاب فى المنطقة، ففى أغسطس 2013، منذ 4 أعوام، صدر تقرير بموقع أخبار الاستخبارات الأمريكية "سى أى إيه نيوز"، ذكر فيه الدور الذى تلعبه وحدة الأموال الساخنة التى يديرها زياد الإمام.
وقال التقرير إن كل عمليات الإخوان التى تحدث فى مصر تتم إدارتها من قطر، وتبين من اعترافات الأجانب أنهم يتعاملون ويتلقون الأموار من شخص يعرف باسم دكتور راشد، وتبين للأمن المصرى أن راشد ليس فى الواقع إلا زياد الإمام، وأنه لديه شبكة هواتف واتصالات من عناصر الإخوان الإرهابية فى مصر، ولديه الخطط والخرائط وهو الذى يدير العمليات ويصدر التوجيهات.
تمويل مواز
فى سياق متصل، تقارير أمنية مخابراتية اعتبرت الإرهابى القطرى عبدالرحمن بن عمير النعيمى "أكبر ممول" للتنظيمات الإرهابية والجماعة المتطرفة فى منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذى جعل المراقبين والمحللين يصفونه بـ"مهندس الإرهاب والتخريب"، المدعوم من النظام الحاكم القطرى، بجانب وحدة التمويل، والتى يعمل بالتوازى معها.
وكان عبدالرحمن النعيمى قد بدأ حياته الأكاديمية أستاذًا للتاريخ فى جامعة قطر، وشغل الكثير من المناصب الإدارية داخل الجامعة القطرية، فضلًا عن ترأسه لاتحاد الكرة القطرى، واختياره عضوًا فى مجلس إدارة بنك قطر الإسلامى، وقد دأب على نشر فكر جماعة الإخوان الإرهابية فى قطر.
وفى عام 1995، عارض النعيمى الانقلاب الناعم الذى قاده أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثانى ضد والده من أجل إزاحته عن الحكم، وظل النعيمى لفترة معارضاً لسياسات الأمير السابق حمد بن خليفة، لدرجة أنه فى عام 1998 كتب رسالة ترفض بشدة قرارات الأمير الخاصة بتعزيز حقوق المرأة القطرية، والسماح ببيع الكحوليات، وغيرها من السياسات التى اعتبرها النعيمى مخالفة للعادات والتقاليد الإسلامية.
وإزاء ذلك تم اعتقاله، وسُجن لمدة 3 أعوام، وبسبب نفوذ قبيلته خرج من السجن، وكانت المفاجأة أن شخصيته وأفكاره وتوجهاته السياسية تغيرت تماماً بعد خروجه من السجن، وأصبح أحد أبرز المؤيدين لنظام الأمير السابق حمد بن خليفة.
وحاول النظام القطرى أن يوظف النعيمى لخدمة أجندته المشبوهة، إذ تم تعيينه مستشارًا للحكومة القطرية فى مجال التبرعات الخيرية، وتم تكليفه بمهمة جمع التبرعات من داخل قطر وخارجها تحت ستار العمل الإغاثى والإنسانى، وكانت هذه التبرعات تُستخدم فى تمويل الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم القاعدة الإرهابى وجماعة الإخوان الإرهابية.
وكانت حملات جمع التبرعات تتم عبر مؤسسة "قطر الخيرية"، وجمعية "عيد بن محمد آل ثانى" الخيرية، واللتين تم إدراجهما ضمن قوائم المنظمات القطرية الداعمة للإرهاب، والتى أعلنتها الدول العربية الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب "الإمارات ومصر والسعودية والبحرين".