الصناعات الصغيرة والمتوسطة
أدرك الرئيس عبدالفتاح السيسى هذا الأمر منذ اليوم الأول لتوليه المسؤولية، وعلم أن أمامه تحديات كثيرة، لذلك كان صريحًا مع المصريين فأطلعهم على كل التحديات التى تواجهها القاهرة، وعاهدهم بأن يخوض معركة التنمية فى كل المجالات التى من شأنها إعادة مصر لدورها الرائد اقتصاديًا وسياسيًّا.
وعلى مدار 4 سنوات خاض المصريون بقيادة الرئيس السيسى ملحمة بناء من خلال زراعة آلاف الأفدنة، وتدشين مجتمعات عمرانية جديدة فى كل أنحاء مصر، وإنشاء شبكة طرق ومواصلات تربط كل هذه المجتمعات الجديدة، بالإضافة للاستثمارات الضخمة فى القطاع الصناعى بمختلف أنواعه.
ونظرًا لمكانة مصر اقتصاديًّا وإقليميًّا ودوليًّا، تحرص المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية على متابعة مسيرة الاقتصاد المصرى بكل قطاعاته.
مؤسسة "أوكسفورد بيزنيس جروب" للأبحاث الاقتصادية العالمية أصدرت تقريرها السنوى حول أداء الاقتصاد المصرى خلال 2017، قالت فيه إن تحسن أداء القطاعات الرئيسية فى البلاد، إلى جانب تشديد الإدارة المالية، وزيادة تدفقات رأس المال كلها عوامل ساعدت على انتعاش الاقتصاد العام الماضى، مع توقعات بتسارع وتيرة النمو خلال 2018.
وأوضحت "أوكسفورد" فى تقريرها أن قطاع الاتصالات جاء فى مقدمة القطاعات التى حققت أعلى معدل نمو خلال العام المالى 2017/2016، مسجلًا نموًا بنسبة 12.5%، فيما جاء قطاع التشييد فى المرتبة الثانية بنسبة 9.5%، وتلاه قطاع النقل بنسبة 5.3% ثم الزراعة بنسبة 3.2% والصناعة بنسبة 2.1%.
وتوقعت "أوكسفورد" أن يشهد الاقتصاد المصرى تسارعًا فى النمو خلال عام 2018 بعد تحسن أداء القطاعات الرئيسية له، وتشديد الحكومة على إجراءات الإنفاق المالى وزيادة تدفقات رؤوس الأموال، ما أدى فى العموم إلى حدوث انتعاش اقتصادى خلال العام الماضى 2017.
وأكدت "أوكسفورد" أن الاقتصاد المصرى واصل مساره التصاعدى فى السنة المالية "2016/2017"، مسجلاً نموًا بنسبة 4.2%، مقارنة مع توقعات النمو بنسبة 3.5%، وفقًا لصندوق النقد الدولى.
وأكد التقرير أن الاقتصاد المصرى سارع النمو فى النصف الثانى من العام نفسه، على وجه التحديد، متوسعًا بمعدل متوسط قدره 4.6% بأسعار السوق، وهى أسرع وتيرة منذ العام المالى 2009 - 2010.
ورغم تراجع السياحة بنسبة 3.9%، فإنها كانت من العوامل الرئيسية التى أسهمت فى انتعاش الاقتصاد، حيث تشهد انتعاشًا حاليًا بعد تجاوز المخاوف بشأن الاستقرار السياسى والأمنى.
ووفقًا للبيانات الأولوية الصادرة عن البنك المركزى المصرى، والتى نقلها التقرير، استرد القطاع السياحى عافيته بعد أن عانى انكماشًا بنسبة 25.5% فى السنة المالية 2015 / 2016 ليبلغ نموه 3.9% فى السنة المالية 2017/16.
وقد تم دعم النمو من قبل عدد أكبر من القادمين من الأسواق التقليدية، مثل أوروبا الغربية، وأيضًا من الأسواق الجديدة، بما فى ذلك الصين والخليج.
أما القطاع الأفضل أداءً فى السنة المالية 2017/2016، فقد كان الاتصالات والتى سجلت نموًا بنسبة 12.5%، تلتها الإنشاءات والنقل التى توسعت بنسبة 9.5% و5.3% على التوالى.
وسجّل قطاع الزراعة والصناعة التحويلية، وهما الدعامتان الأساسيتان للاقتصاد المصرى، مكاسب بنسبة 3.2% و2.1%، فى حين انخفضت الصناعات الاستخراجية بنسبة 1.8%.
كما ساعدت الزيادة فى تدفقات الاستثمار على بناء الزخم، بلغ صافى الاستثمار الأجنبى المباشر 3.4% من الناتج المحلى الإجمالى خلال الفترة، وفقًا لوزارة المالية.
وساهمت الزيادات فى صادرات الطاقة بنسبة 15.4% مقارنة بالعام المالى 2017/16، إلى جانب ارتفاع الصادرات غير النفطية بنسبة 16.2%، فى أداء الاقتصاد، وكانت انعكاسًا للآثار الإيجابية المرتبطة بتحرير سعر الصرف فى مصر لعام 2016، وفقًا للبنك المركزى المصرى.
وأشار تقرير "أوكسفورد" إلى توقع عمرو الجارحى، وزير المالية، بحدوث بارتفاع النمو بنسبة من 5 إلى 5.25% للسنة المالية 2017/2018، مقارنة مع تقديرات سابقة تتراوح بين 4.6% و4.8%.
ولفت التقرير أيضًا إلى أنه كان لدعم الاقتصاد أثر إيجابى على مالية الدولة، إذ انخفض العجز المالى إلى 2% من الناتج المحلى الإجمالى بنهاية سبتمبر، بانخفاض من 2.2% فى نفس الوقت من العام الماضى، وفقًا لوزارة المالية.
كما شهد عجز الميزان التجارى انخفاضًا بنسبة 21.5% فى السنة المالية 2017/16 و65.7% على أساس سنوى فى يوليو وسبتمبر، فى حين تعززت التدفقات الرأسمالية الداخلة، من مصادر خارجية خلال الفترات المعنية، وأدى ذلك إلى تحسن ميزان المدفوعات؛ إذ سجلت مصر فائضًا قدره 13.7 مليار دولار فى السنة المالية 2017/16، مقابل عجز قدره 2.8 مليار دولار فى الأشهر الـ12 الماضية، وفقًا لما أظهرته بيانات البنك المركزى المصرى.
وأشار التقرير إلى انخفاض التضخم طوال 2017 ليصل إلى 26.7% فى نوفمبر، وهو أدنى مستوى منذ ديسمبر 2016.
وقال التقرير إنه على الرغم من تراجع التضخم، حافظ البنك المركزى على إقفاله على المعدلات، مع إبقاء المعايير الرئيسية دون تغيير خلال مراجعة ديسمبر.
وترك البنك سعر الفائدة على الودائع بنسبة 18.75% وسعر الإقراض لليلة واحدة عند 19.75%، وظل واثقا من الوصول إلى معدل التضخم المتوقع بنسبة 13% بحلول أغسطس 2018.
وأضاف التقرير أن نسبة البطالة تراجعت ولا تزال مستمرة فى الانحفاض وسط تحسن فى الاقتصاد، موضحًا أن معدلها انخفض من 12.5% فى بداية العام الماضى إلى 11.9% بنهاية سبتمبر، وهو أدنى مستوى لها منذ عام 2011.
وتوقع التقرير أن يستمر الأداء الاقتصادى الإيجابى فى مصر خلال 2018، خصوصًا بعد أن وافق صندوق النقد الدولى على إطلاق شريحة قدرها 2 مليار دولار كجزء من برنامج القرض الذى تبلغ قيمته 12 مليار دولار.
وهذا القرار يعنى أن مصر تلقت الآن 6 مليارات دولار من برنامج السنوات الثلاث الذى تم توقيعه فى نوفمبر 2016، والذى شهد إدخال الحكومة سلسلة من الإصلاحات الضريبية وتخفيضات الإنفاق للمساعدة على تحفيز النمو فى الاقتصاد.
وجاء الدعم الدولى الإضافى لعملية الإصلاح من البنك الدولى الذى وافق فى ديسمبر الماضى على تقديم قروض بقيمة 1.15 مليار دولار لتعزيز المالية العامة.
ويرتبط منح القرض الدولى لمصر بالجهود الرامية إلى تقليص الإعانات ورفع الإيرادات، إلى جانب الإستراتيجيات الرامية إلى خلق فرص العمل، وتعزيز أمن الطاقة، وتعزيز القدرة التنافسية للأعمال التجارية، ولا سيما فى قطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة الحجم، وبذلك يصل إجمالى قروض البنك إلى 3.15 مليار دولار أمريكى، ومن المرجح أن يدعم التمويل نموا أقوى واستمرارا لعملية الإصلاح فى عام 2018.
وأظهر استطلاع أجرته وكالة "رويترز" أنه من المتوقع أن ينمو الاقتصاد المصرى 4 % فى السنة المالية الجديدة التى بدأت فى الأول من يوليو2017، بما يتمشى مع تقديرات الحكومة، قبل أن يتسارع النمو إلى 4.3 % فى"2018 – 2019".
وتوقع 15 خبيرًا اقتصاديًّا استطلعت "رويترز" آراءهم أيضا أن يصل معدل النمو إلى 3.5 % فى السنة المالية المنتهية فى 30 يونيو، وهو ما يقل عن توقعات الحكومة لنمو بين 3.8 % و4 %، غير أن هذه الوتيرة تزيد قليلا عن 3.3 % كانت متوقعة فى الاستطلاع السابق الذى أجرى فى أبريل.
وقبل عام 2011 كان معدل نمو الاقتصاد يقارب 7 % سنويا، وتأمل مصر بأن يعود الاقتصاد إلى مساره بدعم من برنامج قرض صندوق النقد الدولى البالغة قيمته 12 مليار دولار الذى بدأ العام الماضى ويشمل خفض الدعم وزيادات ضريبية.
وبلغ متوسط توقعات خبراء الاقتصاد فى الاستطلاع لمعدل التضخم الأساسى 17.2 % فى السنة المالية الحالية ارتفاعًا من توقعات سابقة لمعدل تضخم 13 %، ومن المتوقع انخفاض التضخم إلى 12.2% فى السنة المالية 2018-2019.
وزاد التضخم منذ قرار البنك المركزى المصرى تحرير سعر صرف الجنيه فى نوفمبر فى إطار الاتفاق مع صندوق النقد الدولى ليصل إلى 31.95 % فى يونيو.
وقالت نادين جونسون، خبيرة الاقتصاد، إنه من المتوقع أن تشهد الشهور المقبلة مزيدا الضغوط التضخمية بسبب زيادة أسعار الوقود، وارتفاع أسعار الكهرباء.
ورفعت مصر أسعار الوقود بنسب تصل إلى 50 %، كما رفعت أسعار الكهرباء بما يصل إلى 42 % فى مسعى لسد عجز الموازنة، ومنذ تحرير سعر صرف الجنيه رفعت مصر أيضا أسعار الفائدة الأساسية بمقدار 700 نقطة أساس سعيا لكبح التضخم.
ورغم كل ذلك فإن توقع خبراء الاقتصاد يصل سعر الفائدة إلى 13.50% بحلول نهاية السنة المالية الجديدة فى 2018.