البث المباشر الراديو 9090
حقل ظهر
عندما بدأ الغاز يتدفق من حقل "ظهر" كان ذلك خطوة مهمة فى مسيرة مصر نحو تحقيق الاكتفاء الذاتى من الطاقة، ليس ذلك فقط فمع الأرقام والتحليلات الجديدة للاكتشافات يرى الاقتصاديون أن مصر ستمد الدول الخليجية والأوروبية بالغاز الطبيعى.

فى موازة هذا فإن التقارير الاقتصادية تؤكد أن قطر قد تواجه تحديات حقيقية بداية من هذا العام بسبب إنتاج الغاز المصرى، لذلك فهى تتطلع إلى الوصول لأسواق وعقود جديدة فى أستراليا.

المبدأ العام الذى يقول أن الاقتصاد يحكم كل شئ يمكن من خلاله رؤية وتحليل تصرفات الدوحة والتى زاد وتيرة هجومها على مصر مع التأكيدات المتابعة على أن مصر ستصبح دولة مُصدرة للطاقة، بعد ارتفاع إنتاجها من الغاز، مع بدء إنتاج حقل ظُهر فى نهاية العام 2017.

لقطر أن تفقد أعصابها بالطبع ذلك أن الورقة الرابحة التى تعتمد عليها تبدو فى طريقها للزوال، أو على الأقل لأن يكون لها منافسا جديا، فمع ظهور الأزمة بين قطر من جانب والرباعى العربى من جانب آخر تتحدث الدوحة عن إمكانية قطع إمدادات الغاز عن الإمارات، لكن هذا التهديد بدأ يفقد قيمته فمع إطلاق إنتاج الغاز من حقل "ظهر" الضخم، فإن بعض التقارير تشير إلى أن مصر مرشحة لتأمين احتياجات دول الخليج من الغاز الطبيعى المسال.

وتعتمد الإمارات بشكل أساسى على قطر فى امدادها بالغاز، حيث يربط خط "دولفين" لأنابيب الغاز حقل الشمال القطرى الضخم بدولة الإمارات وسلطنة عمان، ويضخ نحو مليارى قدم مكعبة من الغاز يوميًا لدولة الإمارات.

ويؤمن خط الأنابيب هذا ثلث احتياجات دولة الإمارات العربية المتحدة من الغاز، ويشار إلى أن قطر أول مصدر للغاز الطبيعى المسال فى العالم، وتؤمن بحسب الوكالة الدولية للطاقة، قرابة ثلث الإمدادات العالمية إلى آسيا وأوروبا بشكل خاص.

وفى المقابل، يعد حقل ظهر للغاز الذى تم اكتشافه فى نهاية أغسطس 2015، هو الأكبر فى البحر المتوسط، وتتوقع شركة إينى الإيطالية، التى اكتشفته، أن يحتوى هذا الحقل الجديد على 30 تريليون قدم مكعب من الغاز، ما يمثل 5.5 مليار برميل من البترول المكافئ.

من جانبها، تقول صحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية، إن مصر ستكون مرشحة لتوفير احتياجات دول الخليج من الغاز الطبيعى المسال مع استمرار الأزمة السياسية مع قطر وبدء إنتاج حقل ظُهر للغاز.

وأكدت الصحيفة فى تقرير لها، أنه "مع استمرار الأزمة السياسية بين دول الخليج وقطر التى تعتبر أكبر مصدر ومورد رئيسى للغاز المسال يوميا عبر الأنابيب لكل من الإمارات وعُمان، أكبر مستهلكين للوقود فى المنطقة، فإنهم سيتجهون للبحث عن مصدر آخر لاحتياجاتهم من الغاز".

وأوضح التقرير أنه "مع التوقعات بأن يصل الإنتاج المبدئى لغاز ظُهر إلى 350 مليون قدم مكعب يوميا خلال العام الجارى، ودفء العلاقات مع السعودية والإمارات، ستكون مصر مرشحة لتوفير احتياجات جيرانها فى المنطقة من الغاز المسال الطبيعى والاستغناء عن قطر".

وتقدر وزارة البترول أن يصل إنتاج ظُهر المبدئى إلى 350 مليون قدم مكعب غاز يوميا، على أن يرتفع هذا الإنتاج فى يونيو المقبل إلى مليار قدم مكعب غاز يوميا، ومن الممكن أن تصبح مصر دولة مُصدرة للطاقة مرة أخرى بعد ارتفاع إنتاجها من الغاز.

وقال التقرير إن وارادت الشرق الأوسط من الغاز الطبيعى المسال ستنخفض مع اتجاه مصر للاكتفاء الذاتى، لكن منطقة الخليج العربى سترفع حاجاتها للوقود وسط نقص الغاز فى عدة مناطق، مشيرا إلى أن واردات الشرق الأوسط بلغت حوالى 16.2 مليار طن من الغاز المسال، خلال العام الماضى، بانخفاض تقريبا 2.1 مليون طن عن عام 2016.

وأرجعت الصحيفة هذا الانخفاض بشكل أساسى إلى ارتفاع الإنتاج المحلى فى مصر، ليكون بديلا عن الواردات، بحسب بيانات موقع Facts Global Energy، المعنى ببحوث الغاز والطاقة، الذى يؤكد أن ارتفاع الإنتاج من ظُهر وحقول غرب دلتا النيل سوف يلبى احتياجات مصر من الغاز الطبيعى المسال فى نهاية 2019".

ومن جانبها، رأت جريدة "فاينانشال تايمز" البريطانية، أن الدول الأوروبية التى تعتمد فى طاقتها على حقول بحر الشمال الغازية، ستتجه لمصر كمصدر لإمدادات الطاقة بعد انخفاض احتياطات تلك الحقول.

وأكدت الجريدة فى تقرير لها بثته من خلال موقعها على الإنترنت، أنه عندما بدأ الغاز يتدفق من حقل ظهر المصرى الشهر الماضى، كان ذلك خطوة مهمة فى مسيرة مصر لاستقلالها من الطاقة، وأثبت أن شرقى البحر الأبيض المتوسط ​ حجز، أخيرا، لنفسه مكانا كقوة فى إنتاج الغاز.

ونقلت عن الرئيس التنفيذى لشركة إينى، التى تقود المشروع تأكيده على أن مصر فى طريقها لتغيير المشهد بالكامل فى مجال الطاقة، ما يسمح لها بأن تصبح مكتفية ذاتيا وأن تتحول فضلا عن ذلك من مستورد للغاز إلى مصدر.

وأوضحت الجريدة أن حقل ظهر هو أكبر اكتشاف للهيدروكربونات فى البحر الأبيض المتوسط، وترى إسرائيل وقبرص إمكانية مماثلة لإنهاء الاعتماد على واردات الطاقة وتوليد فائض اقتصادى عن طريق تصدير الإمدادات الفائضة، كما يفتح لبنان مياهه للاستكشافات.

ولفتت إلى أن احتمال وجود مصر كمصدر جديد كبير للغاز على عتبة أوروبا يعطى انطباعا استراتيجيا جاذبا، ذلك أنه عندما تنخفض احتياطيات بحر الشمال، وتشعر المنطقة بالقلق إزاء اعتمادها على الإمدادات الروسية، ستتجه لمصر.

وتقول وزارة البترول إن بدء إنتاج ظُهر يمثل علامة فارقة بالفعل فى تاريخ مصر، نظرا لأنه أكبر حقل غاز فى البحر المتوسط، كما أن مصر تتوقع أن تكتفى ذاتيا من الغاز مع بدء إنتاج الحقل العملاق بكل طاقته، وقالت صحيفة "ذا ناشونال"، إنه "نتيجة لهذا ستهبط واردات الشرق الأوسط من الغاز الطبيعى المسال إلى 15.5 مليون طن فى 2018 و14 مليون طن فى 2019".

وتعتبر الكويت والإمارات هما الدولتين الخليجيتين اللتان تستوردان الغاز الطبيعى المسال، لكن الطلب من بقية الدول سوف يرتفع بسبب افتتاح محطات لاستقبال الغاز الطبيعى المسال فى البحرين والشارقة خلال 2019، وتقدر احتياطات قطر من الغاز 13% من احتياطات العالم، وفقا لبيانات شركة "بى بى" البريطانية للغاز، لكنها قد تواجه تحديات خلال هذا العام لذلك، فهى تتطلع إلى الوصول لأسواق وعقود جديدة فى أستراليا.

وتقول وزارة البترول إن بداية الإنتاج من حقل ظهر تفتح آفاقا جديدة للبحث والتنقيب عن البترول والغاز فى المناطق الاقتصادية المصرية بالبحر المتوسط، حيث إن هناك شركات تعمل فى مناطق مجاورة لمنطقة امتياز شروق.

وأكدت الوزارة أن هناك 7 مناطق امتياز أخرى بخلاف منطقة شروق التى تشمل حقل ظُهر، تعمل فيها كبرى الشركات العالمية، وتشير التقارير إلى أن هذه المناطق بها ما لا يقل عن 200 تريليون قدم مكعبة احتياطيا من الغاز، وهو ما يغير خريطة اللاعبين فى الطاقة بمنطقة الشرق الأوسط، بحسب الوزارة.

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز