
توقعات بتحسن الاقتصاد فى 2018
ومنذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مسؤولية البلاد، أخذ على عاتقه أن هو ومن خلفه كل المصريين خوض سباق مع الزمن لإعادة الاقتصاد المصرى لعافيته لكى تنهض مصر من عثرتها وتستعيد مكانتها على المستويين الإقليمى والعالمى.
وضع الرئيس مع حكومته برنامجا زمنيا تم إعداده وفق أحدث النظريات العالمية الاقتصادية بهدف تحسين الاقتصاد المصرى فى أقل وقت وبأحسن نتائج ممكنة.
وعلى مدار 4 سنوات خاض المصريون ملحمة بناء من خلال زراعة آلاف الأفدنة، وتدشين مجتمعات عمرانية جديدة فى كل أنحاء مصر، وإنشاء شبكة طرق ومواصلات تربط كل هذه المجتمعات الجديدة، بالإضافة للاستثمارات الضخمة فى القطاع الصناعى بمختلف أنواعه.
ونظرًا لمكانة مصر اقتصاديًّا وإقليميًّا ودوليًّا، حرصت المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية على متابعة مسيرة الاقتصاد المصرى بكل قطاعاته.
وكالة "بلومبرج" الدولية ذكرت فى تقرير لها مؤخرا أن البنك المركزى المصرى اطلعها فى وقت سابق على بيانات غير منشورة تفيد تسوية طلبات عالقة قيمتها 1.5 مليار دولار لشركات متعددة الجنسيات لتحويل الأموال إلى شركاتها الأم أو سداد أموال لمورديها، مشيرة إلى أن "المركزى" يُعد هذه الأرقام دليلًا متزايدًا على تحسن المالية الخارجية لمصر منذ أن تخلت عن معظم وسائل التحكم فى العملة فى نوفمبر 2016 كجزء من برنامج اقتصادى شامل ساعد فى الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولى.
وتضاعف تقريبًا الاحتياطى فى البنك المركزى ليتجاوز مستوى 37 مليار دولار الشهر الماضى، وتدفقت مليارات الدولارات لشراء أدوات الدين المحلية المصرية من مستثمرين أجانب.
وكانت الشركات الأجنبية والمستوردين يبذلون جهودا مضنية للحصول على الدولار منذ ثورة يناير عام 2011.
وأصبحت أزمة العملة حادة لدرجة أن الشركات وجدت صعوبة فى الحصول على خطابات اعتماد، مما ترك نحو 800 مليون دولار شحنات عالقة فى موانئ البلاد، وتمت تسوية تلك الأمور العالقة أيضًا، كما لبى البنك طلبات بقيمة 2.1 مليار دولار للمستوردين وللشركات لتسوية عمليات سحب على المكشوف قاموا بها قبل تعويم الجنيه.
وقالت ريهام الدسوقى، كبيرة محللى الاقتصاد فى بنك استثمار "أرقام كابيتال": "إن الزيادة فى الحدود الطبيعية، ولا تشير إلى تطور كبير فى مصادر العملة الصعبة للبلاد، وزيادة الشفافية من البنك المركزى إلى جانب التزاماته أمام صندوق النقد الدولى كانت خطوة مرحبا بها وتساعد على إعادة الطمأنينة للمستثمرين".
وصرح مسؤول بالبنك المركزى أيضًا بأن زيادة المتاح فى العملة الأجنبية فى النظام المصرفى قد عزز من التجارة فى نظام "الإنتربنك"، والذى بدأ بداية بطيئة بعد تحرير سعر الصرف نظرًا للنقص الشديد فى السيولة، لأن بعض البنوك كانت تبيع فائض الدولار من خلاله.
وقال طارق عامر، محافظ البنك المركزى "وفقًا لبلومبرج" بأن نظام الإنتربنك كان نشيطًا ويعمل بشكل جيد، مضيفًا أنه قد تم تداول 9 مليارات دولار منذ تحرير سعر صرف الجنيه.
الدكتور عمرو الجارحى، وزير المالية، قال إن النصف الأول من العام المالى الحالى شهد أيضًا تحسنًا ملحوظًا فى السيطرة على معدلات العجز الكلى للموازنة، حيث انخفضت إلى 4.4% من الناتج المحلى مقارنة بنحو 5% عن نفس الفترة من العام المالى السابق، ومقابل متوسط بلغ 5.4% على مدار الثلاث سنوات الماضية، لافتًا إلى استمرار الإيرادات العامة فى الارتفاع لتُحقق معدل نمو سنوى بلغ 38% خلال النصف الأول، لتفوق بذلك معدل النمو السنوى للمصروفات العامة البالغ 25%.
وأوضح وزير المالية أن النتائج تشير إلى انخفاض العجز الأولى ليحقق 0.3% من الناتج المحلى مقارنة بنحو 1.1% خلال النصف الأول من العام السابق، مؤكدًا أن نسبة العجز الأولى المُحققة تعد الأقل خلال العشر سنوات الماضية.
وأضاف الجارحى أن الاستثمارات الحكومية شهدت ارتفاعا ملحوظا أيضًا خلال النصف الأول بنسبة 24% لتصل إلى 33.9 مليار جنيه، نتيجة زيادة الإنفاق على الخدمات المُقدمة للمواطنين وتلبية احتياجاتهم الأساسية وتطوير البنية التحتية بمختلف المحافظات.
وأشار وزير المالية إلى التحسن الكبير فى أداء الحصيلة الضريبية التى نمت بنحو 61% مقارنة بـ 12% خلال العام السابق، فى ضوء الزيادات الملحوظة فى حصيلة الضرائب على النشاط التجارى والصناعى، والضرائب على المرتبات، وضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات، موضحًا أنه مع ذلك ما زال معدل إيرادات الضرائب فى مصر ما يعد منخفضًا، متوقعًا استمرار انحسار معدل التضخم ليتراوح بين 10و12% فى 2018.
وأكد الجارحى أن تحول وتيرة تضخم أسعار المستهلكين فى المدن إلى - 0.2 % على أساس شهرى بعد الاستقرار عند 1% لأربعة أشهر متتالية "هو مؤشر أكثر من جيد ويضعنا على مسار جيد لشكل التضخم خلال عام"، متوقعا تراجع معدل التضخم السنوى فى المدن إلى "أقل من 20% خلال فبراير المقبل".
وأعلن البنك المركزى انخفاض الرقم الأساسى لأسعار المستهلكين على أساس سنوى إلى 19.86% بنهاية ديسمبر الماضى مقابل 25.54% فى نوفمبر 2017 فى حين أعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء انخفاض معدل التضخم خلال ديسمبر الماضى إلى 0.2% ليسجل على أساس سنوى نحو 22.3% محققًا أقل مستوياته منذ نوفمبر 2015.
وأرجع الاحصاء أسباب هذا التحسن فى معدلات التضخم الى انخفاض أسعار اللحوم والدواجن بنسبة "1.6%"، والأسماك والمأكولات البحرية بنسبة "1.1%"، رغم ارتفاع الفواكه بنسبة "2.8%"، والزيوت والدهـون "0.3%" والألبان بنسبة "47.3%"، والجبن "44.4%"، والبيض "29.8%" والأرز "7.9%"، والمكرونة "4%"، والشاى "33%"، والبن "23.8%"، والمياه الغازية "35.1%"، والعصائر الطبيعية "16.5%" والسجائر "30.1%" والملابس الجاهزة "26.2%"، والأحذية "28.5%" والكهرباء والغاز ومواد الوقود الأخرى "27.8%" وأسعار المياه والخدمات المتعلقة بالمسكن بنسبة "39.6%" والأثاث "11.8%"، والمفروشات المنزلية بنسبة "16%".
وفى قطاع الرعاية الصحية رصد الإحصاء ارتفاع أسعار المنتجات والأجهزة والمعدات الطبية بنسبة "7.3%"، وخدمات العيادات الخارجية بنسبة "22.4%"، والمستشفيات "7.8%" كما ارتفعت خدمات الاتصالات 11% وشراء المركبات بنسبة "3.7%"، والنقل بنسبة "14.7%".
كل هذه المؤشرات على تعافى الاقتصاد المصرى جعلت الشركات العالمية تتجه باستثماراتها إلى مصر بشكل كبير، فقد بحث المهندس طارق الملا، وزير البترول مؤخرا مع ماريا موريس هنسن، الرئيس التنفيذى الجديد لشركة "ديا" الألمانية، مشروعات الشركة التى يتم تنفيذها حاليًا لتنمية وإنتاج البترول والغاز، والخطط الاستثمارية لمشروع تنمية حقول غازات غرب الدلتا بمنطقتى شمال الإسكندرية وغرب المتوسط العميقة بعد نجاحها بالتعاون مع شركة "بى بى" البريطانية وقطاع البترول فى الانتهاء من أولى مراحل المشروع وإنتاج الغاز من حقلى "تورس وليبرا"، بالإضافة إلى منطقة دسوق وبعض المناطق الاستكشافية والإنتاجية فى خليج السويس وخليج الزيت ورأس بدران.
وتحاول وزارة البترول والثروة المعدنية، البحث عن المزيد من الاستثمارات الأجنبية فى قطاع البترول من خلال طرح مناقصات عالمية أمام شركات النفط والغاز العالمية للعمل داخل مصر.
وهناك شركات عالمية تعمل بمصر فى مجال الغاز والبترول تهدف إلى زيادة استثماراتها بعدما شهدت مؤشرات تعافى الاقتصاد المصرى، ومن أبرز هذه الشركات:
إينى الإيطالية
يبلغ حجم الاستثمارات التى رصدتها خلال عام 2017 حوالى 3.5 مليار دولار، وهو الرقم الذى يجعل من مصر أكبر دولة تستثمر بها الشركة ضمن 53 دولة تعمل بها إينى.
وتعمل إينى فى حقل "ظهر" بامتياز شروق بالمياه العميقة بالبحر المتوسط، بالإضافة إلى توقعيها لاتفاقى امتياز جديدين مع وزارة البترول الشهر الماضى للتنقيب فى منطقتى شمال الحماد وشمال رأس العش بالبحر المتوسط قبالة السواحل المصرية، وتحرص الشركة على الاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة التى يتمتع به قطاع الطاقة فى مصر التى تعمل بها "إينى" منذ عام 1954.
"bp" الإنجليزية
تبلغ استثمارات الشركة فى مصر نحو 30 مليار دولار، بحسب تصريحات هشام مكاوى الرئيس الإقليمى لشركة "بى بى" شمال إفريقيا، بما يمثل نحو 20 % من استثماراتها فى العالم.
وتتطلع الشركة التى تعمل فى مصر منذ أكثر من نصف قرن إلى مستقبل أطول وأكثر إنتاجية والتركيز فى المقام الأول على الشراكة الناجحة، حيث تنتج الشركة حالياً ما يقرب من 10٪ من إنتاج الزيت الخام والمتكثفات، بالإضافة إلى 30٪ من إجمالى إنتاج مصر من الغاز، من خلال الشركات المشتركة مع قطاع البترول المصرى.
"أباتشى" الأمريكية
رصدت الشركة نحو مليار دولار استثمارات للعام المالى 2016/2017، وتعمل الشركة فى أنشطة البترول والغاز منذ أكثر من 20 عامًا، حققت فيها العديد من النجاحات خاصة فى منطقة الصحراء الغربية، من خلال فرع الشركة بمصر وشركتيها المشتركة مع هيئة البترول "خالدة وقارون للبترول.
ويبلغ إجمالى استثمارات شركة "أباتشى" خلال فترة عملها بمصر أكثر من 12 مليار دولار فى 23 منطقة امتياز منها 20 منطقة منتجة، وإجمالى إنتاج الشركة بلغ نحو 5. 212 ألف برميل يوميًا زيت خام ومتكثفات و883 مليون قدم مكعب يوميًا من الغاز الطبيعى.
بتروناس الماليزية
تقدر استثمارات الشركة فى مصر بحوالى 950 مليون دولار بمعدل إنتاج 387 مليون قدم مكعب غاز يوميًا.
وتبحث الشركة زيادة هذه الاستثمارات من خلال الإعداد لتنفيذ أعمال تنمية المرحلة التاسعة "ب" فى منطقة امتياز شل وبتروناس بالبحر المتوسط والتى تتضمن حفر 8 آبار لتسهيلات منطقة غرب الدلتا فى المياه العميقة.
وبدأ نشاط بتروناس فى مصر عام 2001 بالتنقيب عن الغاز والنفط فى منطقة شمال شرق المتوسط للمياه العميقة ثم حصلت الشركة على 50% من حصة أعمال التنقيب وإنتاج الغاز فى منطقة امتياز غرب الدلتا للمياه العميقة.
كويت إنرجى
الشركة لديها محفظة استثمارات متنوعة فى مصر والعراق واليمن وعُمان بحسب تصريحات مسؤولى الشركة، ويعتبر فرع مصر هو الركيزة الأساسية للشركة فى الوقت الحالى حيث تساهم بأكثر من 83 % من إجمالى إنتاج الشركة ككل، وتبلغ استثمارات الشركة فى مصر نحو 800 مليون دولار، ويجرى الاتفاق على ضخ استثمارات جديدة خاصة بقطاعى البحث والتنقيب والمشروعات الخدمية.
شركة شل
هى واحدة من الشركات الكبرى التى لها باع طويل فى مجالات البحث والاستكشاف عن البترول والغاز، زادت من استثماراتها خلال العام المالى 2015 - 2016 بنسبة 15% على المخطط لتصل إلى حوالى 450 مليون دولار فى مناطق امتيازها بمنطقة الصحراء الغربية.
وقامت الشركة بالاستحواذ مؤخرًا على أصول شركة "بى جى الإنجليزية" بمنطقة البحر المتوسط، ما يؤكد التزام الشركة ورغبتها القوية فى زيادة استثماراتها فى مصر، فضلاً عن نشاطها المتميز فى مجال البحث والاستكشاف وإنتاج الغاز الصخرى لأول مرة فى مصر بمنطقة الصحراء الغربية.
ووقع المهندس طارق الملا، وزير البترول، مؤخرًا اتفاقية بترولية جديدة للشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" مع شركة إديسون الإيطالية للبحث عن الغاز الطبيعى والبترول وإنتاجهما فى منطقة شمال شرق حابى البحرية بالبحر المتوسط باستثمارات يبلغ حدها الأدنى أكثر من 86 مليون دولار ومنحة توقيع 1.5 مليون دولار وحفر بئرين جديدين.
