البث المباشر الراديو 9090
إسراء جعابيص
بملامح ملأتها الحسرة.. أطلت بوجهها المشوه وأصابع يدها المبتورة لتجيب على السؤال الساذج عن مدى معاناتها فى سجون الاحتلال، قالت وهى تشير بنظرها إلى جنديين إسرائيليين يراقباها: "ما فى أكتر من هيك وجع".

لله نعم على خلقه لا يقدرها إلا من فقدها.. عشرة أصابع كانت تعمل طيلة الوقت، إما بالرسم أو الخياطة أو إعادة تصنيع المواد، لكن "الأسيرة الجريحة" لم تفقد ثمانية من أصابعها فحسب، بل هى أسيرة أكلت النار 60% من جسدها، وحرمها الاحتلال من أن تكمل دربها فى رسم الفرحة على وجوه الأطفال والكبار.

مرارة الألم ضعفين.. بحروق من الدرجة الأولى والثانية والثالثة فى 50% من جسدها، وفقدها 8 من أصابع يديها، وأصبتها تشوهات فى منطقة الوجه والظهر واليدين، تعيش إسراء جعابيص آلام الحرق والبتر داخل سجن "هشارون" الإسرائيلى ليكون الألم الظاهر جزء من جرح آخر نفسى أشد عليها من ذلك الذى تبديه جروحها.

قبل حادث سير تعرضت له الأسيرة المقدسية إسراء جعابيص غيّر حياتها بالكامل، كانت تدرس فى السنة الثانية بالكلية الأهلية فى بلدة بيت حنينا شمالى القدس فى تخصص التربية الخاصة، وبجانب الدراسة كانت تعمل مع المسنين، بالإضافة إلى مشاركتها فى الفعاليات الترفيهية فى المدارس والمؤسسات، وهى أم للطفل معتصم البالغ من العمر 8 سنوات.

بلا كلل أو ملل كانت تبحث إسراء عن منزل أفضل يأويها وأسرتها الصغيرة، وبعد أن وجدت ضالتها بالقرب من مكان عملها قررت الانتقال من مدينة أريحا إلى القدس، وفى يوم 11 أكتوبر 2015 كانت تنقل بعض أغراض بيتها إلى سكنها الجديد، وفى ذلك اليوم كانت تحمل معها أنبوبة غاز وجهاز تلفاز.

لم تكن تعلم أن ذلك اليوم سيحول حياتها إلى حجيم، ترى فيه النار تأكل جسدها أمام نظر جنود الاحتلال دون تدخل أو مساعدة، فى منطقة الزعيم قرب مستوطنة "معاليه أدوميم" انفجر بالون السيارة المخصص للتقليل من مضاعفات حوادث السير، واشتعلت النيران داخل السيارة.. ولم يكتف أفراد الشرطة بذلك بل استنفروا واستحضروا المزيد من رجال الشرطة والأمن.

رغم إعلان الشرطة الإسرائيلية فى البداية أنه حادث سير عادى، استندت النيابة إلى تقارير الإعلام العبرى الذى عدّ ما حصل أنه عملية لاستهداف الجنود الإسرائيليين، وزاد على ذلك ادعاء المخابرات الإسرائيلية أن إسراء كانت فى طريقها لتنفيذ عملية انتحارية.. فوجهت لها لائحة اتهام بمحاولة تنفيذ عملية وقتل يهود، مستندة ببعض العبارات المنشورة على صفحتها على "فيسبوك".

اعتقلت إسرائيل إسراء، وبعد مداولات ونقاشات داخل المحاكم الإسرائيلية حكم عليها بالسجن لمدة 11 عامًا، وغرامة مالية مقدارها 50 ألف شيكل، وكانت المداولات قبل الحكم قد استمرت لمدة عام، وصدر الحكم فى 7 أكتوبر 2016، كما سحب الاحتلال بطاقة التأمين الصحى منها ومنع عنها زيارة ذويها عدة مرات، وفى إحداها منع ابنها من زيارتها.

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز