
سد النهضة
واليوم ظهر موقف أديس أبابا مخالفا لما هو متوقع وذلك بعد إعلان الجانب الإثيوبى عن زيارة رئيس الوزراء هايلى ماريام ديسالين إلى القاهرة غدًا من أجل إعادة مصر إلى المفاوضات مجددًا.
ثقل مصر فى القارة السمراء والعالم أجمع، دفع الجانب الإثيوبى إلى إعادة النظر فى "نظرية المماطلة" التى ظل ينتهجها مرارًا وتكرارًا فى مسعى لكسب المزيد من الوقت لإنهاء الإنشاءات فى السد وتخزين المياه.
سياسة الأمر الواقع التى ظل الجانب الإثيوبى يتبعها لتحقيق أهدافه، لم تؤثر على مصر فى اتخاذ قرارها بالانسحاب من طاولة المفاوضات فى 12 نوفمبر الماضى، وإدخال البنك الدولى وسيطًا لإمكانية حسم الخلاف والتقريب بين وجهات النظر.
الخطوة المصرية كانت كفيلة بإحداث ثغرات داخل العمق الإثيوبى، ودفعت حكومة أديس أبابا إلى إعادة التفكير جليًا فى الحفاظ على المصالح المشتركة مع القاهرة، والعمل على تحسين الأوضاع المتوترة والتوصل إلى صيغة توافقية حول القضايا المختلف عليها.
السؤال الأهم.. لماذا تسعى إثيوبيا إلى إعادة مصر للمفاوضات مجددًا؟
بالعودة إلى الوراء قليلًا، نجد أن الدبلوماسية التى انتهجها الرئيس عبد الفتاح السيسى بشأن الأزمة، لم تعتمد على لغة التهديد نظرا للعلاقات المشتركة بين البلدين.
ورغم علم القيادة المصرية بوجود أطراف خارجية تساند إثيوبيا فى بناء السد من أجل الإضرار بمصالح وحقوق مصر المائية، إلا أن ذلك لم يضعف من موقف الخارجية المصرية فى تحقيق أهدافها عبر استخدام الدبلوماسية المعتدلة، والتأكيد أيضًا على عدم السماح بالمساس بحق الشعب المصرى فى الحياة، خاصة أن حقوق مصر من مياه النيل راسخة طبقًا للاتفاقيات المبرمة بين دول حوض النيل.
التحذير المصرى بشأن الأمن المائى، كان سببًا أيضًا فى إقناع الجانب الإثيوبى بأن الخروج عن المفاوضات الثلاثية دون إتمام المسار الفنى الخاص بدراسات سد النهضة قد يخلق أزمة كبيرة وتفجر الأوضاع بالقارة الإفريقية.
تقرير الشركة الفرنسية لتقيم الآثار البيئية والاقتصادية للسد لم يكن على قدر من الشفافية فى حماية أمن مصر المائى، ما دفع الأخيرة إلى انسحابها من المفاوضات التى حضرها مندوبون من مصر والسودان وإثيوبيا فى القاهرة.
ليخرج بعد ذلك وزير الرى السودانى معتز موسى ويقول إن "مصر غير مستعدة لقبول تعديلات على تقرير الخرطوم وأديس أبابا"، وهو ما يؤكد أن السودان يسعى جليًا لضرب استقرار مصر والإخلال بالاتفاقيات المبرمة بين الجانبين.
وفى هذا الصدد، يمكن القول إن التوترات القائمة بين مصر والسودان أيضًا أثرت على موقف أديس أبابا، ودفعتها إلى إرسال رئيس الوزراء الإثيوبى فى زيارة للقاهرة والنأى بنفسها عن الدخول فى أى صراعات ستعجز عن حلها مستقبلًا.
