
هشام عبد الباسط
وخلال السنوات الأربع الماضية ضبطت الهيئة العديد من قضايا الفساد فى شتى المجالات، أحدثها تقاضى محافظ المنوفية هشام عبدالباسط 2 مليون جنيه رشوة من رجلى أعمال خصص لهما أراضى بالمخالفة للقانون، بعدما تم رصد المتهمين وتسجيل المكالمات الهاتفية بينهم وجمع الأدلة التى تُدينهم.
وتمكنت النيابة الإدارية من الكشف عن العديد من وقائع الفساد المتورط فيها محافظ المنوفية، وتتم مواجهته بها خلال التحقيقات التى تجريها معه النيابة حاليًا.
المستشار السابق لمحافظ المنوفية، محمد السرسى، قال إنه عمل لمدة عامين مع أحمد شيرين، الذى كان يتولى المحافظة قبل هشام عبدالباسط، المحافظ المتهم، موضحًا أن الأخير لم يكن حاصلا على شهادة دكتوراه كما يدعى.
ولفت السرسى، فى تصريحات له بإحدى القنوات الفضائية، إلى أنه تقدم بما يثبت مخالفات هشام عبد الباسط إلى مجلس الوزراء والرقابة الإدارية، وهى التى ساهمت فى الإيقاع بالمحافظ الفاسد.
فى قرية "المظاهرة" بالمنيا نشأ هشام عبدالباسط، وتعلم من أين تُؤكل الكتف رغم صغر سنه، إذ استغل والده الذى كان يعمل مديرًا لشؤون العاملين بمديرية الصحة، فى الحصول على وظيفة أمين معمل بالشهادة الإعدادية، ثم نُقل إلى مبنى ديوان المحافظة، كما استغل موقعه كمدير لإدارة الرقابة والمتابعة حينذاك، أسوأ استغلال.
كشف عبدالباسط للمحافظ الأسبق حسن حميدة عن واقعة فساد ليتقرّب منه ويتودّد إليه، وعندما نُقل حميدة محافظًا للمنوفية، استعان به فى موقع سكرتير عام ثانٍ، وظل يتدرّج فى المناصب التنفيذية حتى تم تصعيده محافظًا، إلى أن وقع فى قبضة الأمن بتهمة الرشوة، بعد مرور 3 أعوام على تقلّده المنصب.
مصادر مقرّبة من عبدالباسط حينما كان يعمل مديرًا للرقابة والمتابعة فى محافظة المنيا، كشفت رحلته مع الفساد التى بدأها بتعيينه فى مديرية الصحة فى وظيفة أمين معمل بالشهادة الإعدادية، ضمن نسبة الـ5% للمعاقين، مجاملة لوالده الذى كان يشغل منصب مدير عام شؤون العاملين فى الصحة.
وفى رحلة فساده، حصل على الليسانس وأجرى تسوية وظيفية بالمؤهل، نُقل على إثرها إلى مبنى ديوان عام المحافظة، ليتم إلحاقه بإدارة شديدة الأهمية، وهى الرقابة والمتابعة، وذلك فى عام 2002، حيث كان يعمل مديرًا لأحد الأقسام، تحت رئاسة المهندس إبراهيم الشربينى، .
وعقب ذلك تدخل أحد أقارب عبدالباسط، وكان لواء شرطة بالمعاش، لتوطيد علاقته باللواء حسن حميدة، المحافظ الأسبق للمنيا، فمنحه الأخير المزيد من الصلاحيات التى استغلها فى تحجيم سلطات رئيسه المباشر الشربينى.
ظل عبدالباسط الرجل القوى فى "الرقابة والمتابعة" حتى صدور قرار بتولى حميدة منصب محافظ المنوفية، ليخلفه اللواء فؤاد سعد الدين محافظًا، وعقب تولى الأخير منصبه تلقى عدة شكاوى وتقارير ضد عبدالباسط، تتّهمه بالتورّط فى قضايا فساد واستغلال موقعه، للاستفادة من موارد مشروع المحاجر، الذى يُعد من أكبر الموارد الذاتية لصندوق خدمات المحافظة.
أوضحت الشكاوى أنه صرف لنفسه مكافآت كبيرة دون باقى الموظفين من مرؤوسيه، ثم تدخّل لمنع إرسال لجان رقابية وتفتيشية من المتابعة إلى مديرية الصحة، لأن والده كان يعمل مديرًا لشؤون العاملين، كما حرّض مرؤوسيه من أعضاء الرقابة والمتابعة على شن حملات على المستشفيات والمراكز الطبية للانتقام لوالده، الذى تم إقصاؤه بعد تورّطه فى قضية فساد بعد اختلاسه مبلغا ماليا خلال عمله.
وبعد أن بدأت رائحة الفساد تفوح من عبدالباسط نُقل إلى وظيفة إدارية بمجلس مدينة ملوى الذى يبعد عن مدينة المنيا نحو 55 كيلومترًا جنوبا.
وفجأة نُقل عبدالباسط إلى محافظة المنوفية رئيسًا لأحد الأحياء، ثم تدرّج فى الوظائف التنفيذية ليصل إلى منصب سكرتير عام ثانٍ، وحينها أرسل بعض زملائه الذين كانوا يعملون تحت قيادته فى الرقابة والمتابعة بالمنيا.
وعلم بوجود شكاوى مقدمة إلى عدة جهات بمحافظة المنوفية تُحذّر من فساده، فغيّر عبدالباسط محل إقامته واصطحب جميع أفراد أسرته ووالديه والأشقاء إلى الإسكندرية ليُضلل الأجهزة الرقابية، متى أرادت إجراء تحريات عنه وأسرته.
ولأن عبدالباسط كان يتطلع لمنصب قيادى أعلى، فتقدّم لمسابقات الوظائف القيادية، وفوجئ الجميع بتصعيده محافظًا فى 12 فبراير عام 2015.
وعند ذلك أرسل محامٍ من أبناء المنيا، رسالة إلى المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء السابق، يحذر فيها من فساد عبدالباسط، الذى وقع عليه الاختيار ليتولى إحدى المحافظات التى تحظى بثقل سياسى يعرفه الجميع.
ولم ينصت أحد لشكوى المحامى وقتها، فاضطر لأن يُبرئ ساحته بنشرها على موقع "فيس بوك" بعنوان "من هو محافظ المنوفية الجديد" مخاطبًا رئيس وزراء مصر وقتها المهندس إبراهيم محلب، قائلًا: "اسمى حسن سيد حسن، محامٍ من المنيا، إليكم نبذة بسيطة عن هشام عبدالباسط محافظ المنوفية الجديد، فهو من أبناء المنيا ووالده كان يعمل بمديرية الصحة بنفس المحافظة، ثم تولى مسئولية نقابة العاملين بالمديرية، وتورط فى تهمة اختلاس مبلغ 160 ألف جنيه، بعد تزوير طلبات بأسماء العاملين بالمديرية، وتم حبسه 45 يوماً حتى سدّد المبلغ، وتم حفظ القضية".
وأوضح المحامى في شكواه مسيرة عبدالباسط، إلا أن تعيينه محافظاً للمنوفية مثّل فاجعة له ولكل من يعرف المحافظ المتهم الذى أكد أن المنيا بأكملها وقياداتها تعى تاريخه وتاريخ والده".
وفى شهر سبتمبر من عام 2015، أى بعد مرور 9 أشهر على تولى عبدالباسط مهام عمله محافظًا للمنوفية، شن الكاتب الصحفى بجريدة الأهرام، حجاج الحسينى، هجوما عنيفا عليه، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامى جابر القرموطى فى برنامج "مانشيت"، وقال وقتها إنه مُصِر على اتهام محافظ المنوفية هشام عبدالباسط بأنه لا يحمل شهادة ليسانس الحقوق من جامعة بنى سويف، وأن والده كان متهمًا فى قضية فساد، حينما اختلس مبلغا ماليا خلال عمله فى مديرية الصحة التى يعمل بها، وتم حفظ القضية.
نهاية مسيرة محافظ المنوفية هشام عبدالباسط بهذه الطريقة المشينة، أكدت أن من يسلك أى طريق للفساد ستكون نهايته خلف القضبان، وأكدت أيضا أن هيئة الرقابة الإدارية أخذت على عاتقها محاربة الفاسدين.
