البث المباشر الراديو 9090
بوتين وأردوغان
يُعتقد للوهلة الأولى أن العلاقات الروسية التركية فى أفضل أحوالها بعد مرور عام على اغتيال السفير الروسى كارلوف فى 19 ديسمبر 2016، لكن يبدو أن الخلافات شابت حلفاء الأمس، عقب هجوم المعارضة السورية المدعومة من أنقرة على قواعد عسكرية تابعة لموسكو.

تلك كانت بداية إشعال فتيل الأزمة بين الجانبين، حتى وصلت إلى حد الاتهامات والتصعيد العسكرى المباشر، وظل الخلاف قائمًا إلى أن بلغ ذروته، ووصل إلى إعلان "الداخلية الروسية" إخراج تركيا من قائمة الوجهات السياحية الخارجية المتاحة أمام الوفود لقضاء عطلة الموسم الشتوى.

القرار الروسى بإخراج تركيا من الوجهات السياحية، سيكون بمثابة انتكاسة إلى البلد العثمانى الذى يعتمد على السياحة كأحد أعمدة الاقتصاد القومى، خاصة أن عدد السياح الروس الوافدين إلى تركيا ارتفع بأكثر من 11 مرة عن العام الماضى ليبلغ نحو 2.5 مليون روسى حتى يوليو 2017.

ويبدو أن خطوة موسكو فى مجال السياحة لن تتوقف عند هذا الحد بل ستؤثر بالسلب على اقتصاد أنقرة فى اتجاهات أخرى، أولها حجم الغاز المسال المستورد من شركة "غاز بروم الروسية" البالغ نحو 27 مليون متر مكعب، وتستخدمه بشكل كبير فى التدفئة وتوليد الكهرباء، إضافة إلى فرض حظر على المحاصيل الزراعية التركية.

الضربات المتتالية التى يوجهها الجانب الروسى تجاه تركيا، ليست وليدة اللحظة نظرًا لتضارب سياسة الرئيس رجب طيب أردوغان منذ إسقاطه المقاتلة الروسية "سوخوى"، أعقبها اغتيال السفير الروسى أندرى فى أسطنبول، ما دفع موسكو إلى تعليق السياحة ووقف استيراد المحاصيل الزراعية.

المثير فى الأمر أن أردوغان لم يراع الشراكة الاستراتيجية مع بوتين، وتجاهل أن موسكو تعمل على أول منشأة نووية لإنتاج الطاقة فى تركيا، إضافة إلى أعمال إنشاء أنبوب الغاز تحت البحر.

تعجل تركيا فى مواقفها المعادية لروسيا، يدفعنا إلى التساؤل.. هل مواقف أردوغان فى سوريا ستدفع روسيا إلى المقاطعة؟

بالعودة إلى الوراء قليلًا، نرى أن فلاديمير بوتين اتخذ قرارات أكثر حدة فى تعامله مع غطرسة تركيا، بدءًا من إسقاط المقاتلة الروسية مرورًا باغتيال السفير الروسى وأخيرًا التدخل فى سوريا وتقديم الدعم لفصائل المعارضة، حيث قام فى كل مرحلة باتخاذ عدة تدابير تؤثر بالسلب على الاقتصاد القومى لأنقرة، أولها تعليق الرحلات السياحية ثم وقف استيراد المحاصيل الزراعية وأخيرا تقليل حجم تصدير الغاز المسال وأخيرا وليس آخرًا عدم إدراج تركيا ضمن الوجهات السياحية.

وهو ما ظهر من خلال بيان اتحاد منظمى الرحلات السياحية الروسية "أتورك"، حيث أضافت 15 دولة إلى قائمة الوجهات السياحية لموسم شتاء 2018 ممثلة فى "أذربيجان، وأرمينيا، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجيكستان، روسيا البيضاء، وتركمانستان، وأوزباكستان، أوسيتيا الجنوبية، وأبخازيا، وكوبا، وفيتنام، وفلسطين، والصين، ومصر"، واستبعدت تركيا التى تم إدراجها عام 2016.

أما على الجانب العسكرى، فقد تناست تركيا أيضًا استعدادها لشراء نظامين للدفاعات الجوية من طراز "إس-400" من موسكو بقيمة 2.5 مليار دولار، حيث كان من المفترض أن يتم توقيع الاتفاقية بين الرئيسين خلال محادثات أنقرة الماضية، لكن تم تأجيلها بعد مطالبة تركيا بإقامة مصنع إنتاج للمنظومة الروسية على أراضيها، وازدياد الخلافات حول دور المقاتلين الأكراد السوريين الذين يسيطرون على مساحات كبيرة من شمال سوريا.

وفى هذا الصدد يجب التأكيد على أن سياسات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الخارجية تمثل انتكاسة كبيرة للبلد العثمانى الذى ظل مزدهرا ومنفتحا على دول العالم، وقد يدفعها إلى حافة الهاوية.

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز