البث المباشر الراديو 9090
السيسى خلال المؤتمر الصحفى
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى أن نموذج التعاون فى حوض نهر النيل لا يجب أن يكون بأى شكل من الأشكال "معادلة صفرية"، وإنما يجب أن يكون قاطرة لتحقيق التنمية والرخاء للشعوب، ولا سيما حينما تتعلق تلك الشواغل بشريان الحياة لـ 100 مليون مصرى.

وأعرب الرئيس السيسى عن قلق مصر البالغ من استمرار حالة الجمود التى تعترى المسار الفنى الثلاثى لسد النهضة المعنى بإتمام الدراسات المتفق عليها لتحديد الآثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية المحتملة للسد على دولتى المصب وكيفية تجنبها، مؤكدًا ضرورة أن تعمل الأطراف الثلاثة فى أسرع وقت ممكن على تجاوز حالة الجمود الحالية لضمان استكمال الدراسات المطلوبة، باعتبارها الشرط الذى حدده اتفاق إعلان المبادئ الموقَّع بين مصر وإثيوبيا والسودان عام 2015، للبدء فى ملء الخزان وتحديد أسلوب تشغيله سنويًا.

وأشار السيسى إلى أن مصر تقدر ما تؤكده إثيوبيا دائمًا من حرصها على عدم الإضرار بمصالح مصر المائية، إلا أنه من الضرورى أن ندرك أن السبيل الأمثل والوحيد لترجمة ذلك هو استكمال الدراسات المطلوبة والالتزام بنتائجها، بما يضمن تجنب أية آثار سلبية للسد على دولتى المصب.

جاء ذلك، خلال المؤتمر الصحفى المشترك بين الرئيس السيسى، ورئيس وزراء إثيوبيا هيلا ميريام ديسالين، عقب جلسة المباحثات التى عُقدت بينهما بمقر قصر الاتحادية بمصر الجديدة، وحضور اجتماعات اللجنة المشتركة الأولى على المستوى الرئاسى.

وقال السيسى، إن الطرفيين سعيا عبر الفترة الماضية لعقد هذا الحدث المهم بغرض ترفيع مستوى التشاور حول سبل دفع التعاون الثنائى، وذلك انطلاقًا من رغبتنا الصادقة فى تعزيز أواصر الصداقة والأخوة التى تربط بين بلدينا.

وأضاف الرئيس: مصر وإثيوبيا أمتان وحضارتان إفريقيتان عريقتان، تربطهما علاقات تاريخية ممتدة عبر آلاف السنين، ويجمعهما نهر النيل العظيم الذى كان وما يزال رابطًا للتكامل والتعاون ومصدرًا رئيسًا للحياة لشعبى البلدين، مضيفاً أنه أولى اهتمامًا خاصًا منذ توليه مهام منصبه بالتواصل مع الأشقاء فى إثيوبيا.

واوضح السيسى أنه التقى للمرة الأولى مع رئيس الوزراء الإثيوبى على هامش القمة الإفريقية فى مالابو فى يونيو 2014، حيث صدر عقب اللقاء "بيان مالابو المشترك"، مشيرًا الى أن هذا البيان أكد أهم العناصر الحاكمة للتعاون بين مصر وإثيوبيا، وأعرب السيسى عن سعادته بالقيام بزيارته الثنائية الأولى إلى إثيوبيا فى مارس 2015، والتى كانت فرصة مهمة للتأكيد مجددًا على رؤية مصر بأهمية توجيه قصارى جهدها لتحديد مواطن المصالح المشتركة بين بلدينا والبناء عليها، وتعزيزها وترسيخها بما من شأنه تحقيق التنمية والرخاء والازدهار لشعبينا الشقيقين.

وأكد السيسى أن أهمية هذه الزيارة وانعقاد اللجنة المشتركة للمرة الأولى على مستوى قيادتى البلدين لا تنبع فقط مما تتيحه من فرص لتعزيز التعاون الاقتصادى والسياسى بين مصر وإثيوبيا، وإنما أيضًا، باعتبار ذلك إشارة واضحة لشعوبنا وللعالم أجمع على ما لدينا من إرادة سياسية وعزم على تجاوز أية عقبات قد تكتنف تطوير العلاقات بين البلدين.

وقال الرئيس السيسى، إنه يتشارك مع رئيس الوزراء فى الارتياح لما شهدته اجتماعات اللجنة المشتركة على مدار الأيام الماضية من رغبة صادقة لدى الجانبين فى تعزيز التعاون الثنائى أدت للتوصل إلى توافق على عدد من الأطر التعاهدية فى مجالات التعاون الصناعى، فضلًا عن مذكرة تفاهم فى مجال التشاور السياسى والدبلوماسى نعول على أن تكون أداة مهمة لتفعيل ومتابعة تنفيذ مختلف أوجه التعاون بين البلدين.

وتابع السيسى: لقد تباحثنا كذلك حول فرص زيادة التعاون الاقتصادى بين البلدين، وخصوصًا فى ضوء ما نلحظه من اهتمام من قبل القطاع الخاص المصرى لزيادة استثماراته فى السوق الإثيوبية، لافتًا إلى اتفاق مصر وإثيوبيا على أهمية تقديم التسهيلات الممكنة بغرض دعم تلك الاستثمارات، بما فى ذلك التعاون لإقامة منطقة صناعية مصرية فى إثيوبيا، والتعاون فى مجالات الاستثمار الزراعى، والثروة الحيوانية، والمزارع السمكية، والصحة، فضلًا عن تكثيف الجهود لزيادة حجم التبادل التجارى، بما يؤدى إلى تعزيز التكامل الاقتصادى بين مصر وإثيوبيا، وتقديم نموذج ناجح للتكامل المطلوب إفريقيًا.

وقال السيسى، إنه بحث أيضًا، مع رئيس وزراء إثيوبيا موضوع التعاون المشترك فى إطار دول حوض النيل، وفى هذا الإطار فقد "أكدت على إيمان مصر الذى لا يتزعزع بحق إثيوبيا وكل الدول الشقيقة وشعوب العالم فى التنمية".

وأوضح أن حوض نهر النيل يتمتع بموارد وإمكانات هائلة تجعله مصدرًا للترابط والبناء والتنمية، لا مصدرًا للصراع، ولاسيما مع ما يتوفر من آفاق للتعاون فى مجالات الربط الكهربائى، والزراعة والتصنيع، والاستثمار، والتبادل التجارى، من خلال إعمال مبدأ "المنفعة المشتركة".

وأكد الرئيس أن لدى البلدين تجارب أحواض الأنهار الدولية الأخرى نماذج ناجحة عديدة، استطاعت الدول المتشاطئة لها تقاسم المنافع وتجنب الإضرار بأى طرف. ولا شك أن نجاح تلك التجارب قد تأسس على تجنب قيام أى طرف بتصرفات أحادية، والاحترام الكامل لقواعد القانون الدولى المنظمة لاستخدامات المياه فى تلك الأنهار.

وقال الرئيس السيسى، إنه "انطلاقًا من إدراكنا لأهمية استئناف المسار الفنى لسد النهضة، فقد طرحت مصر بشكل عاجل على الأشقاء فى إثيوبيا والسودان اقتراح مشاركة البنك الدولى فى اجتماعات اللجنة الوطنية الثلاثية المعنية بسد النهضة كطرف فنى محايد للبت فى الخلافات الفنية بين الدول الثلاث.. واختتم السيسى كلمته بالتأكيد مجددًا على توجه مصر الاستراتيجى لترسيخ المصلحة المشتركة مع إثيوبيا فى المجالات كافة، وأنها لن تألو جهدًا فى سبيل تحقيق ذلك".

من جانبه، أعرب رئيس الوزراء الإثيوبى هيلا مريام ديسالين، عن سعادته بحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة فى مصر، مشيرًا إلى أنه زار مصر فى عدة مناسبات أخرى إلا أن هذه الزيارة تعد الرسمية الأولى له كرئيس للوزراء، وأكد ديسالين اتفاقه مع الرئيس حول نتائج اللجنة العليا المشتركة، مشيرًا إلى أنها تعد خطوة تاريخية فى حد ذاتها، مضيفًا أنه تم عقد مباحثات ثنائية تم خلالها بحث عديد من الموضوعات ذات الاهتمام الثنائى والإقليمى.

وأوضح رئيس الوزراء الإثيوبى أنه تمت مناقشة سبل تعزيز الروابط الثنائية بين البلدين، كما تم الإقرار بالدور المحورى التى تلعبه البلدان فى إفريقيا، مضيفًا أنه تمت مناقشة مخاطر الإرهاب والتطرف الدينى، حيث أعرب ديسالين عن تعازيه فى ضحايا الأعمال الإرهابية التى ارتُكبت ضد الشعب المصرى.

وأشار ديسالين إلى أنه تمت مناقشة ملف نهر النيل الذى يشكل مصدرًا أساسيًا لحياة الشعبين المصرى والإثيوبى ويوفر الفرصة للتعاون بين البلدين، قائلًا: "نهر النيل لا يمكن أن يكون هدفا للتنافس أو الصراع بين البلدين، فإثيوبيا بلد يرغب فى النمو بشكل سلمى"، لافتًا إلى أن بلده تشكل أملًا، وليس تهديدًا لأحد، مؤكدًا أن سد النهضة يجب أن يمثل هذا الأمل.

وأضاف أن إثيوبيا تتفهم أن نهر النيل يمثل شريان الحياة بالنسبة لمصر، موضحًا أن مصر تتفهم احتياجات إثيوبيا للتنمية والجفاف الذى تعانى منه وما يرتبط به من مجاعة وهو ما تسعى إثيوبيا إلى تجاوزه من خلال تعزيز التعاون بين الجانبين، مؤكدًا أن إثيوبيا ملتزمة باتفاقاتها مع مصر، وأن السد لن يشكل أى ضرر على مصر أو أى جهة أخرى، مشيرًا إلى أن أحد طموحات إثيوبيا هو التغلب على الفقر مما يتطلب مقدارًا كبيرًا من الطاقة والموارد البشرية وهو ما قادهم إلى بناء السد.

وأوضح ديسالين أنه يمكن الوصول إلى مستوى أعلى من التفاهم من خلال القيم والمبادئ المشتركة التى تربط بين الشعبين، مشيرًا إلى أهمية أن يكون نهر النيل مصدر للثقة للأجيال القادمة، كما يجب العمل على تعميق الثقة فيما بين البلدين، وهو ما سينتج عنه الوصول إلى نتائج تحقق مصالح كلا الطرفين، معربًا عن استعداد إثيوبيا لحل أية قضايا عالقة يمكن أن تعوق التقدم فى ملف سد النهضة وعمل اللجنة الفنية المشتركة.

واختتم قوله بالتأكيد على أن شعب إثيوبيا لم ولن يفكر بأى حال من الأحوال فى تعرض المصريين للخطر، قائلًا: "لن نضر بلدكم بأى حال من الأحوال وسنعمل عن كثب فيما بيننا وسنكفل الحياة لشعوب نهر النيل وإخراجهم من دائرة الفقر ولا يمكن أن ننفصل فإن مقدراتنا مشتركة وهى رؤيتنا التى نتبعها وسنلتزم بالاتفاقيات فيما بيننا".

وردًا على سؤال خلال المؤتمر الصحفى حول الموقف الإثيوبى والسودانى من الاقتراح المصرى بمشاركة البنك الدولى كطرف فنى محايد فى اللجنة الفنية الثلاثية المشتركة حول سد النهضة، قال الرئيس السيسى، إن طرح الاقتراح كان الهدف منه تجاوز التأخير فى المفاوضات وكسر الجمود وتحقيق تقدم فى الأمر بما يحقق الارتياح للدول الثلاث بأن يكون هناك جهة أخرى تشارك فى الرأى وتم طرح الأمر على الأشقاء فى إثيوبيا والسودان، مشيرًا إلى أن هدف الاقتراح الدفع بالمفاوضات الفنية بشكل حاسم لأن بناء السد سيترتب عليه إجراءات ولا نرغب فى تصرف أحادى ببدء ملء السد لأن هناك اتفاقًا مسبقًا.

وأشار الرئيس إلى أن الاقتراح لا يزال قائمًا وفى انتظار رد الأشقاء فى السودان وإثيوبيا بعد دراسته.
وقال السيسى: "طرح رئيس وزراء إثيوبيا دخول طرف ثالث بديلًا عن البنك الدولى"، مشيرًا إلى أن الأمر سيستغرق مزيدًا من الوقت، ولكن البنك الدولى لن يكون هناك نقاش عليه باعتباره طرفًا محايدًا".

ومن جانبه، قال رئيس الوزراء الإثيوبى، إن الدول إذا تعاونت بنية طيبة سيتم حل الأمور، مشيرًا إلى أن مصر تقدمت بالاقتراح وهذه الفكرة يجب أن يتم مناقشتها من خلال اللجنة المشتركة وسيتم عقد اجتماع ثلاثى مع السودان لمناقشة الأمر بين الدول الثلاث، "وعلينا أن نعمق العلاقات والدراسات الخاصة بهذا الشأن والعمل بتلك الروح الجميلة ونثق فى حل تلك المشكلات قريبًا وألا يكون هناك أى أمور تتم فى الخفاء بل يجب تبادل المعلومات والعمل عن كثب فى المناقشات الثلاثية وفقا لإعلان المبادئ الذى تم توقيعه".

وفى إطار الرد على سؤال حول الاتفاقيات التى تم التوصل إليها فيما يخص الاستثمار السياحى والتجارى بين البلدين والتقدم الذى تم إحرازه بين الأطراف الثلاثة فيما يخص سد النهضة، قال الرئيس السيسى إنه تم بحث إقامة منطقة صناعية مصرية فى إثيوبيا، ودعم استثمارات القطاع الخاص المصرى فى إثيوبى، مشيرًا إلى أن إجمالى حجم استثمارات مصر فى إثيوبيا 750 مليون دولار، مؤكدًا أن مصر تتحرك لدعم هذا القطاع وزيادة التبادل التجارى بين البلدين.

وأضاف الرئيس أنه تم التطرق منذ عامين إلى طرح وعاء استثمارى مشترك بين مصر، وإثيوبيا، والسودان، معربًا عن أمله فى إعادة إحياء هذه الخطوة.

ومن جانبه، قال ديسالين، إنه سيكون هناك منطقة صناعية مصرية فى إثيوبيا ستجذب مزيدًا من المستثمرين المصريين فى مجالات التنمية المختلفة، وستساعد على إطلاق القدرات الكامنة فى الاقتصاد الإثيوبى، مشيرًا إلى أنه تم قطع شوط كبير فى مجالات التعاون، موضحًا أنه تقابل مع الرئيس السيسى ما يقرب من 10 مرات لبحث الشراكة وموضع ملف سد النهضة مما يعكس عمق التعاون بين الجانبين.

وردا على سؤال حول وجود مشكلة لدى مصر حول تحقيق التنمية والرخاء لدولة إثيوبيا وتبادل الزيارات على المستوى الوزارى ورجال الأعمال بين البلدين من لزيادة التعاون التجارى والاستثمارى الفترة المقبلة، أكد الرئيس السيسى أن مصر لها سياسات ثابتة تركز على التنمية والسلام والرخاء والتوازن وهى ثوابت للسياسة المصرية مع كل دول العالم، مشيرًا إلى أن تجربة مصر فى السلام والتنمية والإعمار أفضل من أى مسار آخر.

وأكد الرئيس وجود رسالة سياسية واضحة للمصريين من جانب إثيوبيا بأن الهدف هو التنمية وليس الإضرار وأن الهدف هو المشاركة وليس الاستفادة الأحادية.

ومن جانبه، قال ديسالين إن ما يهم البلدين هو روح التفاهم التى تسود فيما بين البلدين الآن، مشيرًا إلى أن ما يهم هو الحكمة فى التغلب على الخلافات، وبالحكمة المصرية والإثيوبية والإفريقية سنتغلب على المشكلات.

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز


اقرأ ايضاً