البث المباشر الراديو 9090
لمبات الليد المغشوشة
سعت م. م، ربة منزل لتوفير نفقات استهلاك الكهرباء بمنزلها، وسمعت كثيرًا عن "لمبات الليد" التى توفر 80% من استهلاك الكهرباء، لذا فكرت فى استبدال اللمبات "العادية" بمنزلها بأخرى "ليد".

وبالفعل، ذهبت لشراء عدد من اللمبات من أحد محال المستلزمات الكهربائية المجاورة لمنزلها بحى "شبرا"، وبادرها البائع بأسئلة عن عدد الساعات: "فيه لمبة 10 آلاف ساعة، ولمبة 20 ألف ساعة، وآخرى 35 ألف ساعة"، فردت: "عاوزة 3 لمبات يعيشوا ويوفروا".

فقال البائع: "خدى دى لمبة تجميع مصرى بس هى خامات صينى و9 وات، هتعيش معاكى 10 سنوات، وسعرها 15 جنيهًا".. ذهبت م. م، واستبدلت اللمبات القديمة بلمبات ليد "موفرة"، ومكتوب عليها "منتج مصرى فائق الجودة بخامات أوربية" على آمل أن تخفض قيمة "فاتورة الكهرباء".. وبعد التركيب وجدت اللمبات ذات إضاءة ضعيفة عكس اللمبات العادية، وشعرت بانبعاث رائحة كريهة، واحترقت إحدى اللمبات نتجية ارتفاع درجة حرارتها بعد التركيب، وظلت بقية اللمبات تعمل على مدار شهر، حتى احترقت، ورفض صاحب المحل استرجاع اللمبات التالفة، معللًا "العيب فى دوائر الكهربا عندك".

تجربة م. م، مع لمبات الليد "المغشوشة" انتهت بزيادة فى تكلفة فاتورة الكهرباء الشهرية، ولم تحصل على تحفيض فى معدل استهلاك الكهرباء، ويتعرض آلاف المستهلكين لتلك التجارب، ويقعون فريسة لآلاف الأسماء التجارية للمبات "ليد" التى تغرق السوق المصريى، ولم تخضع لرقابة أو فحص فنى ولا تطابق المواصفات القياسية الأوربية والمعتمدة داخل مصر.

وطبقًا لتصريحات صحفية لمحمد السويدى، رئيس اتحاد الصناعات، فإن أغلب المعروض من اللمبات الموفرة للطاقة الموجودة فى السوق "مضروب"، ولا يوفر عدد الساعات المطلوبة، أو حجم الإنارة المحدد بالوات المكتوب على العبوة، كما أن حجم الاستهلاك من اللمبات سنويًا يصل إلى 70 مليون لمبة موفرة للطاقة، ومن المفترض أن تحقق اللمبة وفرًا بنسبة 80% فى استهلاك الكهرباء إذا ما تمت مقارنتها بالأنواع المختلفة من اللمبات الأخرى.. والمدى الزمنى للمبة يتعدى 10 آلاف ساعة وفقًا للمعايير الدولية، ولكن أغلب اللمبات فى مصر أقل كثيرًا من ذلك.

تضارب أرقام المصانع المسجلة

قال المهندس عاطف عبد المنعم، رئيس مجلس إدارة شعبة المعدات الكهربائية والكابلات باتحاد الصناعات المصرية، إن هناك قرابة 70 مصنعًا مسجلًا لدى شعبة الأجهزة الكهربائية باتحاد الصناعات، وآلاف الورش العاملة فى تجميع لمبات الليد ولا تخضع لأية رقابة سواء من الرقابة الصناعية، أو لاختبار كفاءة الطاقة، وهل بالفعل توفر استهلاك الكهرباء وتم تصنيعها من خامات مطابقة للمواصفات ومراقبة مراحل التصنيع طبقًا لاشتراطات الجودة؟

أضاف، فى تصريحاتٍ له: "تحتكر تلك الورش قرابة 85% من إجمالى سوق لمبات الليد وتنتشر بالمحافظات، ولها منافذ توزيع تتولى توصيل منتجاتها لأنحاء الجمهورية، وتحقق أرباحًا بالملايين، ولا تُسدد أية رسوم جمركية أو مستحقات للدولة أسوة بالمصانع المرخَّصة".

وعلى الرغم من ذلك، نجد أن المهندس إبراهيم المانسترلى، رئيس هيئة الرقابة الصناعية، يؤكد أن عدد المصانع المرخصة يبلغ حوالى 11 مصنعًا، 5 منها فقط حاصلة على شهادة كفاءة الطاقة "شهادة تفيد أنها موفرة للطاقة ومطابقة للمواصفات" من قبل معمل اختبار كفاءة الطاقة، وحاصل على شهادة "استكر" يتم وضعها على المنتج الموفر للطافة.

ولفت إلى أنه خلال الـ 6 أشهر السابقة تم المرور على 62 مصنعًا فقط، من خلال رجال الرقابة الصناعية، وتم التوصل إلى أن هناك 11 مصنعًا حاصلة على سجل صناعى وتعتبر قانونية، و49 مصنعًا غير حاصلة على رخصة أو منتهية الترخيص، وتمت المتابعة لحث المصانع بإجراء اختبار كفاءة الطاقة، وإنذار المصانع المخالفة تحسبًا للإجراءات القانونية.

اتجاه دولة

اتجهت الدولة لاستخدام لمبات الليد لتوفير الطاقة بعدما طالب الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال شهر يوليو عام 2015، خلال اجتماعه بالمهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، والدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء، بحث المواطنين على ترشيد استهلاك الكهرباء، أملاً فى خفض تكلفة الاستهلاك بقدر يحقق ضمانة عدم انقطاع التيار الكهربى، باستخدام "لمبات الليد" لمواجهة أزمة الكهرباء فى مصر، باعتبارها ستوفر ما يقرب من 80% من الطاقة بالمقارنة باللمبات الأخرى.

وبدأت وزارة الكهرباء بتوزيع لمبات الليد عبر شركات توزيع الكهرباء الـ 9 على مستوى الجمهورية، بسعر 25 جنيهًا للمبة الواحدة نقدًا أو بالتقسيط على 20 شهرًا دون فوائد، وكمرحلة أولى 10 ملايين لمبة، وأصبح، حينها، بمقدور أى مواطن التوجه إلى شركة الكهرباء التابع لها ومعه صورة بطاقة الرقم القومى وآخر فاتورة استهلاك، ويقوم باستيفاء استمارة مجانية ويكتب فيها عدد اللمبات التى يحتاجها على أن يكون الحد الأقصى 4 لمبات بالسعات التى يحتاجها.

كان هذا الاتجاه مثارًا لأصحاب ورش تجميع أجزاء اللمبات الليد لتصنيعها من الخامات المغشوشة وبيعها للمواطنين لتحقيق أرباح هائلة دون وجه حق.

حجم السوق المصرية

السوق المصرية بحاجة لقرابة 400 مليون لمبة ليد، حسب حديث المهندس محمد شعيب، خبير الطاقة، وتسعى الحكومة لتحقيق وفرة فى استهلاك الطاقة الكهربائية، فحجم الاستهلاك الكلى للكهرباء حوالى 171 مليار كيلو وات/ ساعة فى السنة، منها 81 مليار كيلو وات فى الساعة استهلاك منزلى، أى نحو 47% من الاستهلاك الإجمالى، ولكن قلة المعروض من قبل شركات الكهرباء والذى يمثل 10 ملايين لمبة، ترك السوق المصرية فريسة للمبات المغشوشة ومجهولة المصدر التى استغلت رغبة الدولة والمواطن فى ترشيد الاستهلاك.

«المغشوش» على أرصفة العتبة

انتشار اللمبات الليد المغشوشة وغير المطابقة للمواصفة رصده "مبتدا" بداية من تجار "العتبة" و"الموسكى"، وموزعين وسائل التواصل الاجتماعى، ووصولا لأصحاب تلك الورش.

داخل ميدان العتبة، يتواجد عشرات الباعة على الأرصفة والأحمال الخشبية، بعضهم يعرض لمبات "ليد" 5 وات و9 وات و11 وات، والأسعار تبدأ من 7 جنيهات، ولا تتعدى 12 جنيهًا.

يقول م. أ، صاحب فرشة لمبات ليد: "اللمبات دى مستوردة ليد لايت، وبتقعد 25 ألف ساعة، وممكن تفضل شغالة معاك 5، و10 سنوات، وموفرة للطاقة وإضاءة عالية، وتوفر لك فى فاتورة الكهرباء".

يقف أمام م. أ عشرات المواطنين، كل منهم يشترى لمبة أو أكثر، دون أن ينطر هل تلك اللمبة تحمل العلامة التجارية، أو رقم التسجيل، أو بلد المنشأ، وكل ما يهمه رخص سعر اللمبة التى يقوم البائع بتجربتها له قبل البيع.

سألنا باستغراب عن سبب انخفاض سعرها رغم كونها مستوردة، على حد قوله، فرد البائع: "اللمبات دى بتيجى لنا من ورش تجميع، وأصحابها بيستوردوا اللمبات على شكل قطع غيار عشان يقللوا رسوم الجمارك، أو تيجى قطع متهربة داخل شحن لعب أو أجهزة، ويبدأوا يجمعوا اللمبة يدوى، ويغلفوا عبوات مطبوعة أنها لمبات ليد وموفرة، ومستوردة، وإحنا بنشترى منهم كميات جملة، ونبيعها وهى زيها زى اللمبة المستوردة، بس إحنا بنراعى الغلابة اللى مش هيقدر يشترى لمبة بـ 100 جنيه".

لمبات «مضروبة» تقتحم المحال التجارية

لا يختلف الوضع داخل محلات الأجهزة الكهربائية عن أصحاب "الفرش"، فعند التواصل بحجة شراء لمبة ليد، عرض علينا البائع أنواعًا لأسماء تجارية عديدة، وأغلبها بلا أية بيانات رسمية، أو بلد المنشأ لمستلزمات الإنتاج ولا يوجد معها شهادة ضمان، ويتم البيع بلا أى فواتير رسمية، بحيث لا يحق لك كمستهلك الاستبدال، والأسعار تبدأ من 8 جنيهات، وحتى 20 جنيهًا حسب طاقة اللمبة.

يقول أحد أصحاب المحال: "اللمبات الشعبى سعرها رخيص، بس فى المستورد من فيليبس وترنيدو ودولوا سعرها من 50 وأنت طالع وليهم شهادة ضمان، وممكن ترجعها لو مش شغالة أو فيها عيب، لكن الليد الشعبى المجمَّع لا يتم إرجاعه".

مواقع «التواصل» نوافذ البيع

ولكن من أين يحصل تجار المحال على تلك اللمبات المغشوشة؟!.. "مبتدا" سعى للتواصل مع أصحاب تلك الورش والموزعين لها، وكانت البداية عبر إعلانات مواقع التواصل الاجتماعى، إذ يتخذ المنتجون ملاذًا للإعلان بعيدًا عن رقابة الجهات الرسمية وللتواصل مع المستهلكين دون أى مسائلة قانونية.

فيعلن صاحب مصنع "ف" عن منتجاته قائلًا: "متميزين فى صناعة لمبات الليد بأعلى كفاءة ممكنة وبأجود الإمكانيات المتوفرة.. ونعطيك منتجًا جيدًا غير قابل للتلف السريع مع الاستهلاك الكبير.. وتغير حياتك وتوفر فلوس كتير.. وطاقاتها 20 ضعف اللمبة العادية.. ولا تحتوى مواد سامة ولا تسبب ارتفاع درجة حرارة الغرف".

تفاوت أسعار الأصلى والمغشوش

رغم أن الأسعار الأصلية للمبات الليد المتداولة عبر شركات توزيع الكهرباء، أو المصانع المرخصة، طبقًا لما رصده "مبتدا" ما بين 30 و45 جنيهًا لـ 6 و9 وات، وتصل لحوالى 120 جنيهًا لـ 11 وات، و12 وات، و250 جنيهًا للمبة الـ 30 وات، وبعض المصانع الخاصة تعرض لمبات 6 وات بـ60 جنيهًا ولمبة 9 وات بسعر 75 جنيهًا، إلا أن السعر الذى عرضه علينا صاحب ذلك الإعلان كان 10 جنيهات للمبة 9 وات، و15 جنيهًا للمبة 12 وات، مع وجود تخفيضات 20% للكميات والتواصل عبر "الواتس آب" والتوصيل لمنافد البيع والمنازل.

مواقع التواصل الاجتماعى تحوى عشرات الإعلانات لمنتجات لمبات ليد، لورش تجميع، فهناك أيضًا، منتج اللمبة الليد "نور" ويعلن صاحبها "عايز توفر.. عايز إضاءة بجد.. عايز لمبات عمرها طويل القرار فى إيدك.. غير للمبات الليد.. ووفر 90% من فاتورة الكهرباء المخصصة للإضاءة.. ويصل عمر التشغيل إلى 50 ألف ساعة، استبدل لمبتك بلمبات صديقة للبيئة وآمنة على الأرواح ووفر فلوسك والكرتونة 50 لمبة، 30 ألف ساعة عمر افتراضى، وضمان لمدة عام، ومنتجاتنا ثقة، تميز، جودة عالية، سعر مناسب، والشحن للمحافظات ومتوفر خدمة التوصيل بمترو الإنفاق الجيزة - شبرا".

سعى "مبتدا " لشراء عينات من تلك اللمبات، ومحاولة اختراق المصانع، رغم أن أغلب تلك الورش تعرض خدمة التوصيل المجانى، ولكن طلبنا رؤية عينات للمبات الليد، بحجة شرائنا لكميات كبيرة لأحد متاجر المستلزمات الكهربائية، وبالفعل وافق صاحب الورشة على مقابلتنا بأحد منافذ توزيع منتجات ورشته لتجميع اللمبات، والتى يتم بيعها تحت اسمين تجاريين "نور"، و"ليد لايت". وبداخل منفد البيع يتواجد آلاف من لمبات الليد بالانواع والقدرات.

منافذ بيع للورش

جميع العبوات المتواجدة لديهم مدون بها الاسم التجارى فقط، والعمر الافتراضى 50 ألف ساعة، وعبارة "صُنع فى مصر"، دون الإشارة لبلد المنشأ لأجزاء اللمبة، ودون تواجد لبيانات السجل الصناعى أو شهادة مطابقة المواصفات المصرية واختبارات معامل كفاءة الطاقة بأن اللمبة مطابقة للمواصفات وخضعت لمعايير الاختبار والرقابة.

مراحل تصنيع «المغشوش»

حاولنا الادعاء بأننا بحاجة إلى رؤية مراحل التصنيع للتأكد من جودة اللمبة، ولكن رفض مسؤولو المصنع قائلين: "المصنع مجرد مكان لتجميع أجزاء اللمبات المستوردة من الصين، بنستورد جزأين من الصين، وماكينة لضغط "الكلبسات" التى تجمع جزأى الدائرة الكهربية والزجاج الحلزونى الخاصة باللمبة، وبعدين نحط اللمبات فى عبوات خاصة باسم المنتج، والمستلزمات كلها مستوردة من الصين، حتى الزجاج الخارجى مستورد، ونبيع اللمبات الليد بسعر اللمبة الشعبى، 5 وات شعبى قطاعى بسعر 9.5 جنيه، وجملة 7.5 جنيه، واللمبة الليد 7 وات الشعبى قطاعى بـ12 جنيهًا، و جملة 9.5 جنيه، والضمان 20 شهرًا".

«الرسمى» ينتقد

المهندس رفيق ناجى، صاحب مصنع معتمد لتصنيع لمبات الليد يقول: "للأسف ورش التجميع كلها تعمل بخامات مغشوشة وغير مطابقة للمواصفات، وأغلبها مهربة من الخارج دون أن تخضع للفحص الفنى من قبل معامل الجودة التابع للرقابة على الصادرات والواردات، والمصانع لا يوجد بها مختبرات للمبة وطاقتها وجودتها، والتجميع إما يدوى بدائى أو عن طريقة ماكينة مستوردة من الصين، متواجدة فى شقة دون أى التزام بشروط تراخيص المصانع لدى الأحياء أو الرقابة الصناعية والأمن الصناعى والبيئة وغيرها من الجهات، فصاحب المصنع المعتمد يتعامل مع 25 جهة حكومية.

وكشف المهندس رفيق أن "أغلب الأسماء التجارية المعروفة فى سوق لمبات الليد، يتم غشها بمنتجات تلك الورش التى تعمل دون مراعاة للمواصفات القياسية وبشكل بدائى وتقدم منتجًا رديئًا وغير موفر للطاقة وضار للمستهلك".

وأضاف: "غياب الرقابة عبر المنافذ الجمركية، ودخول أجزاء لمبات الليد "بوردات وليدات إلكترونية وأغلفة بلاستيكة أو زجاجية للمبة" ضمن شحن لعب الأطفال، دون رقابة أو فحص فنى، وبرسوم جمركية منخفضة مقارنة برسوم اللمبة المستوردة الكاملة، وأيضًا غياب الرقابة بالمحليات، تسبب فى استغلال أصحاب تلك الورش للمبانى وإقامة مشروعات للتجميع والتغليف والتوزيع دون أى رادع".

تعثر المصانع الرسمية

ويتحدث الحسينى بحيرى، صاحب مصنع لمبات ليد، "متعثر"، لـ"مبتدا" "انتشر استيراد أجزاء لمبات الليد أو اللمبة نفسها بسبب الدعم المقدم من دولة الصين، ويقدر بخصم 13% على كل دولار، هذا بالإضافة لعدم وجود معامل للكشف على مدى جودة أجزاء الليد المستوردة، ولهذا لا تخضع للكشف، وبعض المستوردين يجلبون نفايات وفضلات المصانع، وفى المقابل المصنع المصرى المرخص يعانى من غياب وجود عمالة مدربة وجادة، وأيضًا، غياب دعم الدولة للمصانع المرخصة، فيكفى أن الجهات الحكومية كافة تتعامل مع شركات استيراد اللمبات الليد، ولا تعتمد على اللمبة المصنعة داخل مصر.

أضاف: "المناقصات تكون لصالح اللمبات المستوردة، لأنها رخيصة السعر لدعمها من دولة المنشأ، عكس المصنع المصرى الذى يقوم بتصنيع أجزاء من لمبات الليد ولا يعتمد على شراء الأجزاء كاملة، ولهذا اضطرت تلك المصانع لوقف الإنتاج لان هامش الربح أصبح لا يتعدى 5%".

ويتابع: "المستهلك المصرى يبحث عن السعر، ويشترى المُقلَّد والمغشوش وهو عارف، ولكنه لا يهتم بجودة المنتج.. المهم اللمبة تنور وخلاص، وأيضًا، أصحاب المحال يبحثون عن الربح الوفير ولا يتلزمون بشراء اللمبات الأصلية، ويتعاقدون مع الورش لبيع المنتجات المقلَّدة والمغشوشة مقابل أرباح تتعدى 50 %".

جمعية ترشيد الطاقة

يتحدث المهندس محمد حلمى هلال، رئيس جمعية ترشيد الطاقة، عن مخاطر اللمبات الليد المغشوشة، قائلًا: "هناك آلاف الورش لتجميع لمبات الليد داخل مصر تتربح الملايين وثمنها من دم الناس، ولا يعلم الكثير أن الإضاءة جزء يمس حياة وصحة وإنتاجية الإنسان، واللمبة الليد لها معايير وإلا أصبحت مصدر خطر على صحة المواطن".

أضاف: "غياب وجود الفلاتر باللمبة يتسيب فى انبعاث الموجات الكهرومغناطسية، والتسبب فى انفصال شبكى وصداع وتوتر فى أعصاب العين، وحساسية مفرطة للجهاز العصبى، وأيضًا الإصابة بالأرق والتوتر وعدم النوم والانهيار العصبى وضعف فى الذاكرة، والضعف الجنسى والعقم، وتصل لحد الصرع للأطفال وكبار السن، إلى جانب المخاطر الاقتصادية لأنها غير موفرة وتهدر مال المواطن وتسبب بمرور الاستعمال تدمير أجزاء من الشبكة الكهربائية، لما تصدره من "توافقيات" بنسب عالية تعدت النسبة التى حددها الكود المصرى.

وتابع هلال: "المواصفات القيادسية المصرية تتنبى المواصفات الأوربية الدولية IEC دون أى تغيير، وهناك انتقادات أنها لم تراعِ ارتفاع درجة الحرارة بمصر، وأغلب اللمبات المغشوشة تُصنع من مواد غير مقاومة لارتفاع درجة الحرارة، وتسبب الحرائق، وحتى الآن هناك نقص فى الكوادر الفنية والمعامل والمعدات اللازمة لاختبار جودة وكفاءة اللمبات الليد".

واستطرد: "من غير المنطقى أن يسمح بدخول أجزاء الليد لمصانع غير مسجلة، وقد حاولنا مكافحة ذلك، بأن تعامل الأجزاء المستوردة معاملة اللمبة الليد جمركيًا، وأن يتم توفير معامل للكشف الفنى عليها، وأيضًا، لابد من اقتصار استيرادها طبقًا للطاقة الاستيعابية للمصنع المستورد، خصوصًا وأن بعض المصانع تقوم بشراء شحن أجزاء لمبات ليد لصالح أصحاب الورش، مقابل عمولات مجزية بالباطن، وهو ما يضر بالاقتصاد الرسمى ويزيد من فرص غير الرسمى".



مراكز الأبحاث

ويوافق هلال الرأى، الدكتور محمد سليم، مدير مركز أبحاث الجهد الفائق التابع لوزارة الكهرباء، قائلًا: "إن هناك خطورة على شبكة الكهرباء من استعمال تلك اللمبات، لما تصدره من "توافقيات" بنسب عالية تعدت النسبة المتفق عليها، ولهذا هناك معامل لكفاءة الطاقة تقوم على اختبار اللمبات التى يتم قبولها بمناقصات وزارة الكهرباء، لتوزع ضمن حملة الكهرباء التى بدأت منذ عام 2015 ووزعت ما يقرب من 11 مليون لمبة، ونحن فى حاجة إلى حوالى 60 مليون لمبة ليد كمرحلة أولى، فتوزيع 20 مليون لمبة ليد ذات قدرة 10 وات توفر قدرات تصل إلى نحو ألف ميجاوات سنويًا بتكلفة تصل إلى 1.3 مليار جنيه سنويًا".

أضاف: "اللمبات المغشوشة يُكتب عليها توفير 80% من الكهرباء، ولكنها لا توفر شيئًا، بالعكس تهدر الطاقة، وتحتوى على مادة زئبقية سامة، ولو حدث كسر، أو حرق، يتسبب بخار الزئبق السام المنبعث بحدوث صداع وزغللة، والإصابة بأزمات تنفسية وخطورة شديدة لشبكية العين للأطفال، ويعرضهم للتهيج العصبى، كما أن انبعاث نسبة عالية من الموجات الكهرومعناطسية يسبب سرطان الجلد".

دراسة حول المخاطر

وحول مخاطر اللمبات الموفرة المغشوشة قام فريق من خريجى كلية الهندسة جامعة أسوان، قسم دراسات وقياسات إلكترونية، بإجراء بحث على اللمبات الليد الموجودة بالأسواق المصرية من أجل معرفة مدى كفاءتها وجودتها، لكنهم وجدوا أن حوالى 98% من اللمبات الموفرة غير مُطابقة للمواصفات الفنية وعمرها الافتراضى قصير، وأكدوا أن هذه اللمبات تُباع ذات الكفاءة 7 وات على أنها ذات كفاءة 9 وات وبنفس السعر.

وأعلنوا أن المواطن العادى لا يستطيع التفرقة بين اللمبة الموفرة الأصلية والمُزيفة، لأن هذا يتم معرفته فى المعمل فقط، وهذا النوع من اللمبات قد يؤدى إلى الإصابة بالسرطان، إذ إنها تُطلق غازات كيميائية تؤدى إلى الإصابة بالسرطان، وأن إبقاءها منيرة لفترة طويلة فوق رأس الإنسان يتسبب فى إطلاق مواد سامة.

دراسات دولية

حذرت دراسات أجنبية من اللمبات الموفرة المغشوشة معللة ذلك بأنها تحتوى على غازات "الفينول، والنفثالين، والستايرين السام"، مؤكدة أن الضباب الدخانى المنتشر حول اللمبات يحتوى على غازات عالية السُّمِّية، وتنبعث منها مستويات مثيرة للقلق من الأشعة فوق البنفسجية، ما يزيد من احتمالات تعرض الأفراد للإصابة بسرطان الجلد، ويضعف بشدة نظر العين، ويسبب ضمورًا واعتامًا لعدسة العين، وهو ما يسبب العمى.

ويدعو الخبراء إلى تصنيع مرشح ليتم تركيب اللمبات فى المصابيح، حيث قال العلماء، إنها تشع اللون الأزرق وهو من أخطر الأضواء على صحة الإنسان، ويسبب التهاب شبكية العين والجلد والسرطانات، وما تحتويه من كمية من الزئبق، قد يسبب إغماءً ودوارًا شديدًا وخصوصًا للأطفال، وكبار السن.



مطالب «الأجهزة الكهربائية»

كمحاولة لتقليل مخاطر انتشار تلك الورش، أكد المهندس عاطف عبدالمنعم، رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية، أن أعضاء الشعبة يتضررون من انتشار الورش، لأنها تعرض منتجات بأقل من السعر الأصلى بكثير، لكون تلك الورش غير ملتزمة بالاختبارات وشهادات الجودة، أو مستلزمات التصنيع المطابقة للمواصفات، كما أنها لا تسدد رسومًا أو ضرائب للدولة.

ويطالب رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية، قائلًا: "لابد من ضبط السوق التجارية، ومنافذ التوزيع ومحال الأجهزة الكهربائية، وتفعيل عقوبات الغش التجارى تجاه من يتورط ببيع منتجات مغشوشة مجهولة المصدر ولا تحمل علامة تجارية سواء مستوردة أو محلية الصنع، وعلى المواطن ألا يشترى إلا بفواتير وفى حال تعرضه للغش عليه أن يتقدم ببلاغ تجاه صاحب منفد التوزيع أو المحل التجارى، وبالمثل لابد من إغلاق منافذ تهريب قطع لمبات الليد داخل شحنات لعب الأطفال، وإلزام تعرضها للفحص الفنى والتهرب".

فى السياق ذاته، أكد عماد قناوى، رئيس شعبة المستوردين، أن انتشار وجود تلك الورش يتورط فيه عديد من الفاسدين "وبعض الشحنات تأتى باسم مستورد غير الأصلى، وأغلبهم بيأجر بطاقات ناس عادية مقابل مبلغ من المال، وللأسف لو ضبطت الشحنة، بيكون الفاعل الأصلى غير متورط ويتحبس صاحب البطاقة 7 أعوام بتهمة التهريب".

وأشار قناوى إلى أن هناك رسائل مهربة وفساد وتواطؤ من بعض الموظفين فى بعض الموانئ، وربما تجد رسالة جمركية مكتوب عليه منتجات طبية، وهى شحنة لأجهزة ومعدات كهربائية، للتهرب من الرسوم الجمركية، وربما تكون الشحنة لخامات نفايات، ولكن ما يرسل لمعامل التحاليل، غير الخامات الرديئة الموجودة فعليًا داخل الرسالة الجمركية، ولهذا الحل فى تطبيق الرقابة بالموانئ، لأنها المنفذ لكل تلك السلع الرديئة، ونفايات الدولة المصدرة، وأن يعمل المنتج الكامل معاملة الأجزاء لمنع التهرب.

دور «الكهرباء»

وحول دور وزارة الكهرباء لمكافحة تلك الظاهرة، قال المتحدث الإعلامى باسم الوزارة الدكتور أيمن حمزة، إن شركات توزيع الكهرباء تقدم تسهيلات للمواطنين بشراء لمبات الليد الموفرة للطاقة بتقسيط لمدة 36 شهرًا، ويتم البيع بالتقسيط بحد أقصى 4 لمبات لكل مواطن، وتم حتى الآن توزيع 11 مليون لمبة منذ بدء الحملة، وتم تنظيم حملات توعية تحمل شعار "أنت الحل" لترشيد اﻻستهلاك، عبر الوسائل اﻹعلامية المختلفة بدعم مالى من البنك المركزى المصرى بمبلغ 50 مليون جنيه، لمدة 3 أعوامز

أضاف، فى تصريحاتٍ له: "نجحت الحملات فى الوصول لهدفها بنسبة 80%، حيث أكد مرصد الكهرباء أن أعلى حمل على الشبكة القومية للكهرباء، خلال العام الماضى، انخفض بنسبة 0.7% عن أقصى حمل، فى مقابل أن المعدل الطبيعى لزيادة الأحمال سنويًا يبلغ من 5% إلى 7%، بواقع تحقيق فائض فى الإنتاج يصل إلى 3700 ميجاوات يوميًا، وتستهدف الحملة خفض استهلاك الكهرباء بالقطاع المنزلى بنسبة 20%.

وتابع: "التوعية ضد اللمبات المغشوشة مسؤولية وزارة الصناعة، ودورنا التوعية لترشيد الاستهلاك، وتم تغيير لمبات 1.2 مليون عمود إنارة إلى لمبات ليد، ونسعى لتطبيق اللمبات الليد بالمبانى الحكومية كافة".

حماية المستهلك.. لم نتلق شكاوى

وحسب تصريحات اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، فإن الجهاز لم يتلق شكاوى المستهلكين فيما يتعلق بوجود لمبات مغشوشة، لافتًا إلى أن "حماية المستهلك" مشارك حاليًا، فى مشروع تحسين الطاقة للإضاءة والأجهزة المنزلية التابع للأمم المتحدة، والهادف إلى توعية المستهلكين بفوائد ترشيد الطاقة على المستويين الشخصى والقومى، ويتم التعاون مع مباحث التموين لضبط اللمبات المغشوش، وتطبيق قانون حماية المستهلك 67 لسنة 2006 الذى تصل فيه العقوبة للحبس سنة والغرامة ومصادرة البضاعة وغلق المنشأة والحبس المؤبد عند التأكد من غش وتقليد الأدوات الكهربائية وإثبات أن المنتج غير مطابق.

أضاف: "على المواطن أن يتعامل مع الجهات المعتمدة لبيع اللمبات الاصلية، والجهاز يستقبل البلاغات على الخط الساخن 1958".

ضبطيات «التموين»

كشف المقدم محمد عبد المولى، بمباحث التموين، أنه خلال 6 أشهر الماضية تم ضبط 108 قضايا لمبات مجهولة المصدر، تشمل 351649 قطعة، و3993 عبوة لمبات، و16.700 ألف طن مستلزمات، وضبط 607 قضية مقلدة ومغشوشة تشمل 2239622 قطعة، و6 آلاف طن خامات تم تبديد 89180 لمبة موفرة، و21.464 ألف طن خامات ومستلزمات تصنيع من أجسام لمبات وبودرة ومسامير وأسلاك وأغلفة.

وأشار إلى أن "المضبوطات أغلبها قطع غيار مجهولة المصدر كمستلزمات إنتاج مدون عليها لمبات فائقة الجودة مصرية الصنع، وغير مدون عليها بلد المنشأ".

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز