البث المباشر الراديو 9090
ميركل وروحانى
لا ترضى برلين على نظام الملالى وآيات الله، فيما ترى الفرصة مواتية الآن، وأكثر من أى وقتٍ مضى، لإسقاطه وإراحة المنطقة والعالم من تطلعاته التوسعية، بيد أن بلد أنجيلا ميركل تصر على مساعدة طهران "الرسمية"، فما السر يا تُرى؟

"البرنامج النووى" الإيرانى هو حجر العثرة أمام أى دعم ألمانى متوقع لموجة الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة فى إيران لأسباب اقتصادية واجتماعية تغلفها الغضب الشعبى، بسبب السياسة الخارجية لطهران والمتسمة بالطائفية والمعارك التوسعية القذرة.

برلين ترى أن التوصل إلى تحجيم التطلع النووى الإيرانى، ولو مؤقتًا "10 سنوات بحسب الاتفاق"، سبب كافٍ لغض الطرف عن لحظة تهاوٍ تاريخية يعيشها رجال الجمهورية الإسلامية ومرشدها الأعلى، على خامنئى.

غير أن الغرب طالما ترى انتهاز الفرص، وإذا كان الوقت لم يحن بعد لدعم احتجاجات إسقاط نظام الفقيه بالبلد الفارسى، فلا مانع من محاولة تقليم أظافره، والأهم لفت نظره إلى أن الصبر عليه لن يطول.

على هذا النحو، تتصاعد التحركات الاستخباراتية والأمنية فى برلين لأجل تجفيف أوكار التجسس الإيرانية فى الأراضى الألمانية.

عشرات المداهمات لمنازل ومساكن وكلاء وعملاء بالحرس الثورى الإيرانى، وقوات فيلق القدس بزعامة الجنرال قاسم سليمانى، تتم منذ عدة أيام بطول ألمانيا وعرضها.

العشرات تم احتجازهم رهن التحقيق فى اتهامات تتعلق بأنشطة تجسسية وزعزعة الاستقرار، وممارسة أنشطة محظورة فى بلد فيدرالى.

بالتوازى مع ذلك، قررت برلين التشدد تجاه الجالية الإيرانية المتواجدة على أراضيها، ومن ثم عدم تجاهل التعاطى بحسم مع جرائم اجتماعية لبعض أبنائها.

كان لافتًا مثلًا أنه بالتوازى مع إلقاء القبض على عناصر الحرس الثورى فى عدد من المدن والولايات الاتحادية الألمانية، كان نفخ السلطات فى برلين فى واقعة جنائية غريبة بطلها لاجئ من بلاد النيروز.

الواقعة ببساطة تشير إلى قيام لاجئ إيرانى، انتقامًا من زوجته التى انفصلت عنه قبل 4 أشهر، باحتجاز طفليه والتهديد بقتلهم بعد أن قام بالتعدى عليهم بالضرب، الأمر الذى أدى لأن تقتحم الشرطة مقر إقامته لتحرير الضحيتين الصغيرتين.

وكان اللاجئ الإيرانى الموتور قد حاول قبل تلك الحادثة بساعات تهديد زوجته السابقة بالسكين، ثم محاولة خنقها، قبل أن يخلف إصابات عدة فى مختلف أنحاء جسدها استدعت دخولها المستشفى.

السلطات الأمنية الألمانية، وكذا "الميديا" فى بلد أنجيلا ميركل، نفخا فى قصة اللاجئ الإيرانى، بذات القدر الذى تم التركيز به على قضية الجواسيس التابعين للحرس الثورى الإيرانى، بما جزم برغبة برلين فى إيصال رسالة شديدة اللهجة لدولة الملالى، بأن الصبر سيظل مؤقتًا.

الرسالة الألمانية للملالى من جانب حكومة ميركل، استهدفت كذلك الداخل، على إثر الجدل وحالة الغضب التى اجتاحت الرأى العام والأوساط السياسية والحقوقية فى البلد الأوروبى، جراء واقعة هروب رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيرانى، آية الله محمود هاشمى شاهرودى، من المستشفى الذى كان يعالج فيه فى هانوفر جراء إصابته بورم بالمخ، نهاية الأسبوع الماضى، والتى كانت أثارت الكثير من اللغط والجدل.

وفى هذا السياق، تقدم نائب عن حزب الخضر فى البرلمان الألمانى "البوندستاج" بطلب رسمى مكتوب إلى الحكومة للكشف عن الصفقة التى بموجبها قبلت برلين استقبال شهرودى المعروف بـ"قاضى الإعدامات" على أراضيها 20 يومًا.

وصعد نواب فى "البوندستاج"، من بينهم أيضًا السياسى بحزب "الخضر"، فولكر بيك "يسار"، من آليات الضغط على الحكومة بقيادة ميركل، لإجبارهما على ملاحقة المسؤول الإيرانى جنائيًا بتهمة ارتكابه جرائم ضد الإنسانية، إبان توليه مسؤولية القضاء الأعلى ببلاده، حيث ساهم وأشرف على مئات الإعدامات فى حق معارضين، وأقليات غير شيعية وقصر.

وزاد من الغضب الألمانى الداخلى جراء عملية تهريب شهرودى، أن برلين لم تمنع دخول فرقة حراس إيرانيين للإشراف على حماية وسفر المسؤول البارز فى نظام الملالى، ما اعتُبر نوعًا من خرق سيادة برلين وتخليًا من جانبها عن موجات الثورة والاحتجاجات المتصاعدة ضد حكم ولاية الفقيه فى إيران.

وفق تلك المعطيات، تعيش برلين حالة حرج داخلى وخارجى بسبب تصرفات طهران غير المسؤولة، ومن ثم كانت "قرصة" الأذن الخاصة بعملاء الحرس الثورى، بيد أن السؤال لا يزال مطروحًا، ومفاده، هل سيجبر التبجح الإيرانى ألمانيا فى القريب العاجل على التخلى عن فكرة التمسك بالاتفاق النووى الخاص بدولة الملالى، ومن ثم السعى لإسقاطها؟.. سنرى.

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز