
جريمة قتل - أرشيفية
يرجع سبب الجريمة إلى أن المجنى عليه شهد ضد القاتل فى قضية ميراث مع شقيقته، فأراد الانتقام والثأر، فقتله بهذه الطريقة البشعة.
انتقلنا إلى مكان الجريمة والتقينا شهود عيان، وسألناهم عن سبب الحادث، وشرحوا لنا تفاصيل الجريمة المثيرة...
الجو هادئ، الحياة تسير بصورة طبيعية فى شارع زين العابدين، القريب من ميدان الخلفاوى، الشباب يقفون أمام مقهى الإنترنت الشهير يضحكون ويهرجون مع بعضهم، المؤذن ينادى الناس لصلاة العصر.
الحاج محمد، رجل طيب، كل أهل المنطقة يحبونه، سنه يقترب من الـ76 عاما، هادئ الطباع، ارتدى جلبابه الأبيض كعادته ونزل من شقته الكائنة بالطابق الثانى من المنزل المكون من 4 أدوار، خطواته بطيئة نظرا لسنه الكبير، لكن قبل جذبه الباب خلفه، عاد إلى زوجته، ناهد، 72 عاما، وأبلغها أن تستعد وترتدى ملابسها، لحين الانتهاء من صلاته، لزيارة بعض أقاربه فى مصر الجديدة.
الزوجان المسنان لم يرزقهما الله نعمة الإنجاب، لكنهما يعيشان عيشة هادئة، جلست ناهد تنتظر زوجها وحبيبها ووالدها وشقيقها، فهو بمثابة كل شىء لها فى الدنيا، عيناها تعلقت بصورة تجمعهما داخل الشقة، نظرت وعلى وجهها ابتسامة خفيفة، وسرحت بذهنها إلى الماضى البعيد وأحلى أيام العمر، ثم رفعت يدها للسماء وقامت بالدعاء لزوجها.
انتهى الزوج من الصلاة، وجهز سيارته حمراء اللون، ثم صعد لشقته، لم يكن يعلم أن طائر الموت يحوم حوله، وأن الأجل قد اقترب.
كان جاره الذى يقطن بالطابق الرابع يترقبه ويتحسس خطواته، بعد أن لمحه متجها إلى المنزل، وأسرع إلى حجرته، استل "بلطة وسكين" كان قد اشتراهما منذ يومين، وخبئهما أسفل سريره، وحينما لمحته زوجته وهو يضعهما، سألته عن سبب شراء السكين والبلطة، لم يجيبها! واكتفى فقط بالنظر لها، وابتسم ثم خرج.
أمسك متولى، صاحب الـ69 عاما، السكين والبلطة دون أن تراه زوجته هذه المرة، فقط ابنته لمحته وهو يخرج مسرعا لكنها لم تر الأسلحة البيضاء التى فى يده، ثم لم تعط للأمر اهتماما، نزل متولى مسرعا على السلم، وأثناء فتح الحاج محمد باب شقته، قام بالنداء عليه، ظنه يناديه للحديث حول مشكلة ما، لكن باغته متولى، بضربه بالبلطة فى عنقه من الناحية اليمنى، ثم ضربه مرة أخرى فى بطنه، وطعنه بعدها عدة طعنات فى صدره وظهره ورقبته، وأماكن متفرقة من الجسم، سقط على إثرها على الأرض. أثناء ذلك كان يستغيث بزوجته ناهد، التى أسرعت على صوت زوجها وهو يتألم، أسرعت وقلبها ينبض، لتلمح زوجها غارق فى بركة من الدماء.
صرخت بصوت عالى، وظلت تنادى على زوجها باسمه، ويديها على وجهها، ثم جلست تمسك بزوجها وهى تبكى بدموع حزينة وألم، وتردد "محمد.. حبيبى"، لكن القاتل لم يرحم ضعفها، وآلامها، على زوجها، وضرب زوجته على رأسها سقطت بعدها على الأرض، ثم طعنها فى أنحاء متفرقة من الجسد، لكن لا تزال عروقها تنبض، هنا أسرع جارهم الذى يقيم فى الطابق الثالث، على صوت السيدة، ولكنه جاء فى الوقت الضائع بعد أن ارتكب المتهم جريمته، وجلس بجوار جثتيهما، ويسند رأسه على راحة يده، ويبكى، ويردد كلمات غير مفهومة، وأسرع جارهما إلى الشارع ليستغيث بالأهالى.
وصعد فى هذا الوقت صاحب "السايبر" المجاور للعقار الذى وقعت فيه الجريمة، وبعض الأهالى، ولمح القاتل جالسا على السلم، ينظر إلى الزوجين القتيلين الغارقين فى دمائهما، وكانت ابنته قد نزلت ولمحت والدها والدماء تملئ المكان، فظلت تردد وتقول "ليه عملت كدا يا بابا"، وظلت تبكى، ثم جلست إلى خلف والدها، تبكى وهى مندهشة وكأنها تشعر أنها فى كابوس ولم تستيقظ منه بعد.
أبلغ الأهالى، المقدم علاء خلف الله، رئيس مباحث قسم شرطة الساحل، والإسعاف، وانتقل إلى مكان الواقعة، فى وقت قصير، وكذلك أيضا الإسعاف، وفى هذا الوقت كان الأهالى قد أغلقوا باب العقار، خوفا من هروب المتهم، وحضر رئيس المباحث، وعاين وتفحص مكان الجريمة والجثتين، وأخطر العميد حسام عبدالعزيز، رئيس مباحث قطاع الشمال، الذى انتقل إلى مكان الجريمة.
وطلب اللواء محمد منصور، مدير مباحث القاهرة، بالتحرى حول الواقعة، وتحرى العقيد، محمد السيد، مفتش مباحث فرقة الشمال، وتحرر المحضر بالواقعة، وأمر اللواء ، مساعد الوزير، بإحالته إلى النيابة التى تولت التحقيق، وأمرت بنقلهما إلى مستشفى معهد ناصر، وكانت الزوجة لا تزال على قيد الحياة، لكنها فارقتها بعد دخولها المستشفى بساعات قليلة ولحقت بزوجها.
سأل المقدم علاء خلف الله، رئيس مباحث قسم شرطة الساحل، شاهدى الواقعة، وهما، ميشيل. ش، 47 سنة، وفيليب. ش، 46 سنة، ربة منزل، شقيقة الشاهد الأول، وقررا بأنهما حال تواجدهما بمحل سكنهما تنامى إلى سمعهما صوت استغاثة المجنى عليهما وشاهدا متولى أثناء تعديه على المجنى عليهما بأسلحة بيضاء كانتا بحوزته وأحدث ما بهما من طعنات وإصابات أودت بحياتهما.
اعترف المتهم بالواقعة أمام اللواء محمود أبو عمرة، نائب مدير مباحث القاهرة، واللواء نبيل سليم، مدير المباحث الجنائية للعاصمة، وقرر أنه قتلهما انتقاما من المجنى عليه للشهادة ضده فى قضية خلاف على ميراث بينه وبين شقيقته، وفى سبيل ذلك توجه إلى محل إقامته واختبأ لحين صعود المجنى عليه، وبحوزته الأسلحة وتعدى عليهما وقتلهما، وأمر اللواء خالد عبدالعال، بإحالة المحضر للنيابة التى باشرت التحقيق.
التقينا بسامح. م، 24 عاما، أحد شهود الواقعة، وقال: "فى هذا اليوم شاهدت الحاج محمد، صاحب السمعة الطيبة، متجها للمسجد، لأننى معتاد الصلاة معه فى المسجد أمام المنزل، وهو رجل صاحب سمعة طيبة فى المكان، وبعد الصلاة شاهدته يفتح سيارته الحمراء، "لتسخين الموتور"، يبدو عليه كان ذاهبا إلى أقاربه، كعادته، وما هى إلى دقائق قليلة، وسمعت صوت صراخ وعويل فى العقار الذى يقطنه، وجارهما يهرع إلى الخارج ويقول "متولى ذبح عم محمد ومراته"، أسرعت إلى الداخل ولمحت مشهد غاية البشاعة، الدماء تملئ المكان، الجلباب الأبيض الذى كان يرتديه عم محمد أصبح لونه أحمر، وكان القاتل وابنته تجلس خلفه، وفور إبلاغ الشرطة حضرت".
وأضاف أن هناك من يقول إن القتيل شهد على القاتل فى قضية ميراث مع شقيقته، والبعض الآخر يقول إن بينهما خلافات والقاتل كان يريد أن يترك المجنى عليه شقته لأنه مالك العقار ومستأجرها إيجار قديم ويدفع له عن طريق المحكمة، وكان يريد تملك البيت بأكلمه وإخراج المجنى عليه منه.
