
ترامب وكيم
يبدو أن الإعلان الكورى ما هو إلا رسالة لبث الرعب داخل إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، عقب دعوة الأخير إلى فرض المزيد من العقوبات على كيانات سياسية وعسكرية كورية.
تحركات الزعيم الكورى بوتيرة أسرع من قبل حفاظًا على الأمن القومى لبلاده، أثارت تحفظ الإدارة الأمريكية، ودفعت ترامب إلى التلويح بشن هجمات نووية حال استمرت بيونج يانج باستكمال برنامجها النووى، والذى يشكل تهديدًا على أمن الولايات المتحدة.
لكن اعتراف مايك بومبيو، مدير وكالة الاستخبارات المركزية "سى آى إيه"، بقدرة كوريا الشمالية على ضرب الولايات المتحدة فى أى لحظة، كان بمثابة الصاعقة على الشعب الأمريكى الرافض لسياسات ترامب الخارجية، خاصة فى تعامله مع أزمة الرئيس الكورى كيم جونج أون.
مخاوف إدارة ترامب، أصبحت واقعًا ملموسًا عقب إجراء بيونج يانج اختبارًا صاروخيًا قادرًا على حمل رؤوس نووية يمكنها أن تصل إلى عمق واشنطن، وهو ما دفعها إلى اتخاذ كافة الإجراءات لمنع تسريب البرنامج النووى والصاروخى إلى دول أخرى.
والسؤال هنا.. هل يمكن أن توجه الولايات المتحدة ضربة نووية إلى كوريا الشمالية؟
حاليا تشير الأوضاع إلى أن الرئيس الكورى سيواصل تعزيز ترسانته النووية، والعمل على تحقيق أهدافه فى إعادة توحيد كوريا تحت حكمه، وإضعاف قوة أمريكا وإظهار عجزها للعالم.
مساع توحيد الكوريتين يعتمد حاليًا على تحسن العلاقات قبيل دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية التى ستقام فى الشهر المقبل بـ"سول"، وهو ما سيكون بمثابة فرصة ذهبية لبيونج يانج.
يمكننا القول أيضًا إن دورة الألعاب الشتوية ستكون فرصة جيدة للإدارة الأمريكية، لمناقشة عدد من الملفات على رأسها البرنامج النووى، على أن تكون ذريعة أيضا لنشر عدد من القوات والعتاد العسكرية قرب سول من أجل توفير الحماية.
المثير فى الأمر، تعهد بيونج يانج من خلال قنواتها الإعلامية على تنظيم احتفال عسكرى ضخم، فى الذكرى السبعين لتأسيس جيشها، يضم 12 ألف جندى وفرقًا من المدفعية وأسلحة أخرى، وذلك عشية افتتاح دورة الألعاب فى سول.
خطوة كوريا بمثابة صفعة جديدة على وجه جارتها ثم واشنطن التى كانت تعتزم أن تدفع بعناصرها العسكرية قرب الحدود من أجل فرض المزيد من السيطرة على الشطر الحدودى بين الكوريتين.
صفعة "كيم جونج" لترامب، دفعت كوريا الشمالية إلى التفاخر بقوتها النووية، وقدرتها على إحباط ومواجهة أى تهديدات نووية من الولايات المتحدة، بعد أن أصبحت رادعًا قويًا.
فقوة الردع التى أصبحت فى قبضة بيونج يانج، أجبرت مدير "سى آى إيه" على التلويح مجددًا باتخاذ إجراءات حقيقية لنزع السلاح النووى من خلال حملة الضغط الأمريكية وتشديد العقوبات.
تراجع الولايات المتحدة عن خطابها الصدامى، جاء نتيجة التخوف من الخلل فى موازين القوى، والذى قد يدخل واشنطن فى صراعات مع قوى كبرى لها مصالح مع كوريا، ليبقى خيارًا واحدًا بالنسبة لإدارة ترامب، وهو الترقب وأخذ الحيطة لتفادى حربًا نووية يمكن أن تشعل العالم بأسره.
