البث المباشر الراديو 9090
الذوق العام
يتحدث الكثيرون عن "الذوق العام" فى مصر. قرارات تتخذ بخصوص حمايته. قضايا لوقف أفلام، وأخرى يُسجن فيها مطربون. تختلف المسميات، هناك خدش الحياء العام، والدعوة إلى الرذيلة، ومخالفة العادات والتقاليد. كل ذلك اجتهادات على نصوص لا تتحدث صراحة عن الذوق العام

تعريف التعبير شائك وملتبس ومتغير. عن أى ذوق وعن أى عام؟

تعرّف كلمة "الذوق" على أنها مجموعة الصفات المهمة التى يتمتع بها كل إنسان وتنظم أفعاله، وتضيف لها الجمال والوقار، وصفة الذوق هى واحدة من تلك الخصائص المحبب توفرها لدى الإنسان عند تعامله مع نفسه ومع الآخرين، كأن يكون الشخص ذوّاقا فى اختيار ملابسه وطريقة ارتدائها، حيث يُقال أن فلانا لديه ذوق عال فى التعامل مع الناس.

وتعنى كلمة الذوق أيضا، احترام الإنسان لمفهوم معين أو مبدأ ما، وأن يتصرف ببالغ الاحترام والأدب تجاه نفسه وتجاه الناس، ويقصد به أيضا مراعاة أدق التفاصيل فى سلوك الشخص، وفعله، وقوله، وعندما نتحدث عن الذوق فى اختيار المظهر مثلاً فلا بد من معرفة أساليب الموضة.

أما كلمة عام، فتشير إلى المجموع أو إلى ما يطبق على مجتمع بعينه.

ومن الممكن أن نستبدل التعبير بكلمة أخرى وهى مجموعة العادات والتقاليد الحاكمة لمجتمع فى وقت ما بعينه.

لكن الشائك والملتبس هو تغير الذوق العام كل فترة. فما كان يصير فى أوائل القرن العشرين، صار يختلف فى وسطه وصار يختلف أيضا فى أواخره.

من ارتدى الطربوش تماشيا مع الذوق العام فى سنين ما قبل ثورة يوليو 1952، من الصعب، بل من المستحيل أن يرتديه بعدها.

لذا قد نتفهم مسألة صعوبة إصدار قانون لحماية الذوق العام فى مصر. والسبب نتيجة التغيرات المستمرة التى تجتاح المجتمع كل فترة.

أما فى السعودية، فربما يحكم المجتمع هناك "ذوق عام" لا يتغير كل فترة، أو يحتاج إلى الكثير من الوقت لتغييره، بناءً على متغيرات جذرية قد تضرب المجتمع السعودى كل فترة.

لذا كان من المتوقع، وأن الرياض تشهد حاليا حالة من التغييرات نحو مجتمع أكثر تماشيا مع المجتمعات العالمية المتقدمة تكنولوجيا ومدنيا، أن يبقى الذوق العام نسبيا، إلا أن ما حدث كان عكس ذلك تمامًا. فقد أحالت الهيئة العامة لمجلس الشورى السعودى مشروع نظام حماية الذوق العام للمناقشة.

وبحسب المشروع، الذى تقدَّم به عضو المجلس، الدكتور فايز الشھرى، فإنَّ المقصود بالذوق العام هو احترام النفس وتوقیر الآخرين وحسن التعامل معھم ومراعاة الآداب العامة وضبط السلوك فى الأماكن العامة ضمن إطار أخلاقى وشرعى وإنسانى، بما يضمن عدم التعرُّض لحريات الآخرين واحترام خصوصیاتھم ومنع كل ما يؤدى إلى إثارة الذعر أو المضايقة أو الاستفزاز.

وينقسم المشروع السعودى إلى 4 أقسام، الأول للمخالفات فى الطرق والمرافق العامة، وهناك عقوبات للجلوس وإشغال مقاعد ومرافق كبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة، وتشويه المرافق العامة بالكتابة والآلات الحادة وما فى حكمها، ورمى المخلفات أو القاذورات وما فى حكمھا فى الطريق أو فى أى مرفق عام، وتوزيع المطبوعات على المنازل والمنشآت، أو وضع الملصقات الإعلانية والدعائية والإرشادية على الجدران واللوحات والأبواب والمرافق وما أُعد للخدمات دون ترخيص، وأيضا ممارسة أى صورة من صور المضايقات والتحرش بالمارة ومستخدمى الطرق والمرافق العامة.

والثانى للمخالفات بحق بیوت الله "المساجد والمصلیات"، والثالث لمخالفات السلوك العام، وفيه تتم المعاقبة لتعريض الأطفال والنساء فى الطرق والمرافق العامة لمواقف وأنشطة تسبّب الخطر أو الفزع والأذى النفسى والمعنوى سواء بالفعل أو القول أو الإشارة أو الإھمال، والسخرية من ذوى الاحتیاجات الخاصة وكبار السن والأطفال والنساء أو ممارسة أى سلوك عنصرى أو تھكمى يمكن أن يحمل إھانة أو انتقاصا لفئة أو جماعة أو جنس، واستخدام أى وسیلة أو أداة يمكن أن تسبب أى نوع من الضجیج وتعكیر الھدوء العام مثل رفع صوت الأجھزة والآلات ونحو ذلك.

والرابع لمخالفات الفضاء الإعلامى والوسائط الإلكترونية، وفيه عقاب لتصوير الأطفال "أطفاله أو أطفال غیره" ممن ھم دون سن 18 وعرض صورھم ومقاطعھم واستغلالھم إعلانیًا وتجاريًا دون ترخیص رسمى، وترويج وتبادل الصور والمقاطع والنصوص المُسیئة والمنتقصة أو التى تشھر بأى صورة بفئة أو فرد عبر أى وسیلة بما فى ذلك الوسائط الإلكترونية، وتصوير كبار السن وذوى الاحتیاجات الخاصة والمستخدمین من العمال ومن فى حكمھم وعرض صورھم دون إذنھم، وكذلك تصوير حوادث الحرائق والسیارات وما فى حكمھا دون إذن نظامى.

قانون بهذا الشكل ربما يكون غير ملائم للمجتمع المصرى، لكن ربما نحتاج إلى مجموعة قوانين تستلهم روح مشروع القانون السعودى.

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز