
تنظيم داعش
واتخذ التناحر بين التنظيمين الإرهابيين مسارًا دراماتيكيًا فى المرحلة الأخيرة، عبر استخدام المنشقين كأداة للضرب المتبادل.
الدواعش يبثون مقاطع فيديو لضرب وقتل المنشقين عنهم، والتنظيمات المنافسة تحاول استقطاع هؤلاء الفارين من جحيم خلافة أبو بكر البغدادى المزعومة.
وكان تنظيم "جند الإسلام"، صاحب الولاء والبيعة للقاعدة، والعداء لداعش وشريعته وخليفته المزعوم، قد عاد مؤخرًا ودون سابق إنذار ليعلن عن مجابهته لرجال "تنظيم الولاية"، بفيديو جديد يتضمن اعترافات لمنشق عنهم.
وحظى الفيديو بتداول على نطاق واسع، على أساس أن جماعة صغيرة صارت لديها القدرة على مناطحة دواعش سيناء رغم فارق الإمكانيات بين الجانبين.
وتناول الفيديو المصور، وهو الثانى لـ"جند الإسلام" خلال شهور قليلة وجيزة، أقوال كادر داعشى سابق خرج عن قسم الولاء للتنظيم، قبل أن يفضح أسرارًا كثيرة كان شاهدًا عليها عندما كان عضوًا منتظمًا.
ومن هذه الإسرار أن الدواعش مسؤولين عن عملية مسجد الروضة التى جرت نهاية نوفمبر الماضى، إذ سقط أكثر من 300 ضحية بريئة، إلى جانب الهجوم على سيارات شركة الإسمنت بوسط سيناء وقتل 9 سائقين وحرقها، فضلًا عن تأكد العداء التام فى الوقت الحالى بين رجال البغدادى وحركة حماس الفلسطينية.
وتضمن الفيديو، شهادة تفيد بوجود مقاتلين أجانب فى صفوف داعش سيناء إلى جانب، انضواء أعضاء التنظيم تحت لواء شباب مغرر به، وكثير منهم يتسم بالانفلات الأخلاقى.
المنشق وصف كذلك أهوال التعذيب التى تصل إلى حد الحبس والاعتداء البدنى والقتل لكل من يحاول الهرب من جحيم الدواعش وبيعتهم السوداء.
وتزامن فيديو "جند الإسلام" مع فيديو آخر بثته حركة حماس يتضمن اعترافات عنصرين من داعش، كشفا عن عمليات السطو التى يقوم بها جنود "الولاية" على المعدات والتجهيزات العسكرية والقتالية القادمة لغزة من سيناء.
ما الذى يجرى إذن؟..
الأقرب للواقع ولما يجرى على الأرض، أن الدواعش فقدوا الملعب فى سيناء، تارة عبر ضربات الأمن الناجحة، وتارة أخرى لتمرد الكثيرين من عناصر التنظيم وانشقاقه عنه هربًا من السفينة التى توشك على الغرق، وكذا بسبب تغير فى المزاج الأيديولوجى الخاص بالعناصر الجهادية المتطرفة فى شبه الجزيرة، حيث بات يميل أكثر إلى فكر القاعدة، منه إلى فكر أبو البغدادى الوحشى والمستورد فى الغالب الأعم مع عناصر أجنبية وافدة.
ما يجرى واقعيًا أن التنظيم الداعشى ينهار بشكل ممنهج كذلك على خلفية إصراره على تعديد واجهات العداوة ضده، من قبائل كالترابين، وتنظيمات منافسة تدين بالولاء للقاعدة، أو عبر استعداء المنشقين عنه كما أُشير سلفًا.
الأيام القليلة الماضية، أثبتت هشاشة دواعش سيناء على نحو لافت.. التسرب العضوى لرجال التنظيم يتزايد.. فى هذا الشأن تبدو الفيديوهات المتداولة صوتيًا لعناصر تدعو للتحلل من تبعيته، إشارة لا يمكن إغفالها لضعف التنظيم وتشرذمه.
ومع ذلك، لن ينتهى أنصار بيت المقدس نهائيًا ولو انهار تنظيميًا تمامًا.. فكرته ستظل متداولة، وربما ببعض الإلهام.. وعلى الأرجح سينتهى به الحال لمجرد واجهة مستقرة لدى عدد قليل من السيناويين والمحليين، يضربون من بعيد لبعيد ومن وقت للآخر، فيما أن عمليات قتل أو ترهيب وتهديد المنشقين عنه، والتى وصلت إلى سيناء مطلع يناير الماضى ستبقى عصاته الناجعة للسيطرة على صفوف العناصر المرتزقة النشطة تحت لوائه.
