مصر وسوريا
وأضافت الخارجية، أن "موقف مصر من الأزمة السورية ثابت وواضح منذ البداية، ويتسم بالبحث عن مصلحة الشعب السورى ودعم الحل السياسى وعدم التصعيد العسكرى، الذى لم يؤتِ بنتائج على مدار السنوات السابقة، بل كانت آثاره سلبية من حيث انتشار الإرهاب والخراب والدمار الذى لحق بالبنية التحتية وارتفاع عدد الشهداء من المدنيين"، مشددًا على ضرورة السير بعيدًا عن التصعيد العسكرى وتفعيل المسار السياسى المتفق عليه من قبل الأمم المتحدة.
ويعكس موقف مصر المتضامن مع الشعب السورى، أنه وطن واحد تحميه العروبة ويقاتل من أجله الفدائيون، ولا تفرقه حدود ولا يضعف قوته أى قوى خارجية، ويذكر التاريخ: "غدر بهما العدو فقاتلوه بوحدتهم وترابطهم، بنوا جسورًا من الشجاعة أنهت على عدو ظن إنه بطلًا فى حرب تاريخية لا يستطيع أن ينكر نتائجها الإ جاهل، إنها علاقة الأشقاء الأصدقاء مصر وسوريا".
فيما لم تبدأ العلاقة بين القاهرة دمشق، فى القرن الماضى بل تمتد جذورها حسب الروايات التاريخية إلى العصر الفرعونى، ولكن فى يوم الجمعة 2 أكتوبر سنة 1956 وفى أثناء العدوان الثلاثى على مصر، والحرب على أشدها بين الطرفين، وبعدما طالت قاذفات العدو مبنى الإذاعة والتلفزيون خرج صوت من الإذاعة السورية يقول "هنا القاهرة".
بينما كان قبلها صدر عن القوات المصرية البلاغ رقم 14 وجاء فيه: "إنه قد حدثت غارة جوية على قرية مصرية فى أبى زعبل، وكذلك على أجهزة إرسال محطة الإذاعة المصرية ما سبّب عطلا فيها وبعض الخسائر الأخرى التى لم تحدد بعد وقامت الطائرات الفرنسية والبريطانية بتوجيه ضربات جوية على الأهداف المصرية طوال يومى 2 و3 أكتوبر عام 1956".
ونجحت إحدى الغارات فى تدمير هوائيات الإرسال الرئيسية للإذاعة المصرية فى منطقة صحراء أبى زعبل شمال القاهرة قبل أن يلقى الرئيس المصرى الراحل جمال عبدالناصر، خطبته من فوق منبر الجامع، فتوقفت الإذاعة المصرية عن الإرسال، وهنا كانت المفاجأة الكبرى التى صعقت من أراد إسكات "صوت القاهرة"، فقد انطلقت إذاعة "دمشق" على الفور بالنداء "هنا القاهرة من دمشق هنا مصر من سورية لبيك لبيك يا مصر".
ولم تقتصر العلاقات فى الحروب على مجرد الحديث فى الإذاعة، بل وبمجرد وفاة الرئيس حافظ الأسد كان هناك استمرار وتقارب فى العلاقات المصرية السورية مع التأكيد على استرداد الحقوق المشروعة لسوريا وانسحاب إسرائيل إلى خط 4 يونيو1967، فى ضوء الخيار الإستراتيجى لسوريا الخاص بالسلام ويظهر هذا من خلال الأزمات فمصر لم تتخلَ عن شقيقتها سوريا بل أنه من الغريب أنه فى وقت الأزمات يحدث تقارب من بعد جفاء.
وعلى سبيل المثال، لم تتخلَ مصر عن سوريا حينما أعلن الرئيس بوش عما يسمى قانون محاسبة سوريا فكان موقف مصر هو الرفض العلنى لهذا القانون وإثارة تساؤل بسيط نشر فى جريدة الشرق الأوسط اللندنية، ألا وهو من يحاسب الولايات المتحدة الأمريكية حتى وإن كان أخلاقيا.
كما خاضت بعدها مصر وسوريا الحرب ضد دولة إسرائيل المحتلة فى أكتوبر 1973، وبعد سنوات من العمل المشترك والتنسيق وتبادل الخبرات وتعزيز القدرات العسكرية، وقام الطيران السورى فى تمام الساعة 13:58 من يوم 6 أكتوبر بقصف مواقع الجيش الإسرائيلى فى الجولان شارك فى الهجوم قرابة الـ100 طائرة مقاتلة سورية.
كما فتحت ألف فوهة نيران مدافعها لمدة ساعة ونصف لتنطلق وحدات وقطاعات الجيش السورى عبر الجولان مخترقة خط آلون الدفاعى وصولا إلى مشارف بحيرة طبرية مكبدة القوات الإسرائيلية خسائر فادحة.
وأيضا مصر كان لها دور كبير فى تهدئة سوريا على طول خط الاستفزازات الإسرائيلية والأمريكية المستمرة، إذ وضح بشدة عندما قامت إسرائيل بضرب سوريا فى قرية عين الصاحب، فى 5 أكتوبر عام 2003، والذى كان مستفزا إلى أبعد الحدود، ولكن مصر طالبت من سوريا عدم الانسياق وراء تلك الاستفزازات، والتى كانت مخططة للإيقاع بالشقيقة سوريا فى الشرك، ولكن نظرًا للدور لمصرى البارز لم تنسق سوريا، والتزمت ضبط النفس من خلال التعامل بدبلوماسية شديدة مع الأمور من خلال تقديم شكوى إلى مجلس الأمن، ما دل على اتباع سوريا لسياسة طرق الأبوب الدبلوماسية، وليس اللجوء إلى التصعيد العسكرى ضد الاستفزازات الإسرائيلية.