القاعدة
ذلك هو السؤال الحرج الذى تعيشه أوروبا حاليًا، مع تواصل تدفق لاجئين ومهاجرين ينخرطون فورًا فى خلايا إرهابية مجنونة.
دول كفرنسا وألمانيا، إنما باتت تعانى الأمرَين، جراء هذا الكم العائد من أبنائها، ممن انخرطوا تحت لواء "داعش" و"القاعدة" و"النصرة" وغيرها من أبرز جماعات العنف الدينى بالشرق الأوسط.
هؤلاء يعودون بخبرة قتالية ودموية وشراسة لمواصلة سلسال الدم، هذا إلى جانب المهاجرين أنفسهم الذين صاروا رأس حربة الإرهاب فى الغرب.
تقول دراسة دولية معتمدة من جانب الأمم المتحدة اطلع "مبتدا" على نسختها العربية: "يمكن أن تصبح أراضى الشتات التى يلجأ إليها الناس من البلدان التى تشهد عمليات قمع وحربًا أهلية وإرهابًا مكانًا لحياكة المؤامرات، وتدبير العمليات الإرهابية.
فى تسعينيات القرن الماضى أصبحت لندن مركزًا أساسيًا للجهاديين، مما دعا أحد المسؤولين الأمنيين الفرنسيين إلى تسميتها (لندنستان) فى إشارة منه إلى التآمر الإرهابى الذى يجرى على أراضيها.
فى الآونة الأخيرة أصبحت مولينبيك فى بلجيكا تقوم بمثل هذا الدور.. بعض أبناء المهاجرين إلى الدول الغربية لا يندمجون فى المجتمعات المضيفة بشكل كامل، ويعلقون بين ثقافتين يجدون فى الجهاديين قدوة لهم أثناء بحثهم عن هويتهم، حتى أن الآلاف منهم هاجروا إلى سوريا ليكونوا من المقاتلين الأجانب.
ألمانيا على سبيل المثال "هناك نماذج عدة على هذا النحو، الأمر الذى ضاعف من مخاوف المجتمع من أن يصبح كل مهاجر أو لاجئ قنبلة موقوتة".
على هذا النحو، سادت حالة من الغضب الممزوج بالقلق داخل الأوساط السياسية والأمنية فى ألمانيا، مع تصاعد التوقعات بقرب إفراج محكمة محلية عن زعيم داعش فى بلد أنجيلا ميركل.
وكان دفاع المتهم العراقى الأصل، والملقب بـ"أبو ولاء" قد طالب من المحكمة الإقليمية العليا بمدينة تسيله الواقعة بولاية "ساكسن أنهالت" مطلع مارس الماضى، بإطلاق صراحه استنادًا لعدم وجود أدلة ملحة تفيد بقيادته شبكة لتجنيد المواطنين المحليين وإرسالهم للالتحاق بداعش سوريا والعراق.
لكن طلبه رُفض قبل أيام، ومن ثم أُسدل الستار على خطره ولو مؤقتًا.
وحسب معلومات لمجلة "دير شبيجل" الألمانية، ترجمها حصرًا كاتب هذه السطور، عبر خدمة البريد الإخبارى الخاص، فقد خضع المتهم لعمليات استجواب إضافة إلى 4 آخرين من شركائه أغلبهم مجنسون وبينهم تركى وكاميرونى، وذلك على مدار أكثر من خمسة أشهر فائتة.
ونقلت المجلة عن هيئة الادعاء فى القضية، أن أبو ولاء، 33 عامًا، واسمه الحقيقى أحمد عبدالعزيز، أُرسل وشبكته 8 ألمان إلى مناطق الصراع فى الشرق الأوسط، كان بينهم توأم ألمانى نفّذا هجومًا انتحاريًّا بالعراق قبل 4 سنوات.
كما خطط - فى مسجد اعتاد على الاجتماع فيه مع شركائه على التخطيط - لاعتداءات إرهابية فى الداخل الألمانى.
وتتهمه السلطات والاستخبارات الألمانية بمسؤوليته وشبكته عن تحفيز أحد المراهقين المعتدين على معبد للسيخ فى ألمانيا عام 2016، فضلًا عن التواصل مع التونسى أنيس العمرى منفذ هجوم سوق "عيد الميلاد" الذى أسقط 12 قتيلًا نهاية العام ذاته.
ويستند الدفاع فى محاولاته استصدار قرارًا من المحكمة بالإفراج عنه، إلا أن الفيديوهات التى تمثل دليل إدانته بالتحريض لا تُظهر وجهه، وبالتالى لا دليل ماديًّا قويًّا على تورطه فى الأمر.
كانت موجة من الغضب قد اجتاحت البلاد، فى أعقاب إلقاء القبض على أبو ولاء، حيث تكشف ساعتها أنه كان يخضع لمراقبة من جانب الاستخبارات الألمانية فى أعقاب وصوله البلاد كلاجئ فى عام 2011، ومع ذلك تم رفع عمليات التتبع والملاحقة ضده ليتحرك بحرية مكونًا شبكته الإرهابية.
ويخشى ساسة وخبراء أمنيون فى ألمانيا، أن يستغلّ المتهم القوانين الألمانية للفرار من العدالة، ومن ثم خروجه من السجن والعودة إلى أنشطة الإرهابية فى الداخل والخارج.