داعش
الخلافة تنطلق من ولاية "الخرسان" التابعة لتنظيم الدولة والقائمة هناك بالفعل، والتى بدأت تسحب النفوذ من طالبان والقاعدة.
ويعتمد الدواعش على وجود قاعدة لهم فى أفغانستان، تتمثل فى نحو 4 آلاف مقاتل محلى.
كما أن التناحر بين روسيا والولايات المتحدة فى البلد الإسلامى الأسيوى تزيد من فرص تمترس الدواعش على الأرض، فالروس وبمعاونة مع الباكستانيين يدعمون القاعدة لضرب مصالح واشنطن، والأخيرة ترد بدعم الدواعش، وهكذا.
كما أن تقديم الدواعش لمرتبات مجزية وثابتة لمقاتلينهم يدفع العشرات وربما المئات من أتباع التنظيمات المحلية إلى اللحاق بركبه فى أفغانستان.
الثابت إذن أن الدواعش يكونون دولتهم الجديدة فى أفغانستان، وهم مخترقين مخابراتيًا، أو محصنين برشاوى مالية تجذب المقاتلين.
وعمومًا، يعيش داعش على وقع صراع مرير وانشقاقات فى الداخل والخارج، على إثر سقوط مشروعه الأم فى أرض الخلافة الوهمية، بيد أن انسلاخ العديد من عناصره والهرولة من جديد، أو حتى لأول مرة إلى حضن القاعدة، إنما يستفذ التنظيم بشدة، وعليه فإن عناصره القلقة تلجأ للعنف المفزع الرهيب لإثبات قوة مصطنعة من قلب ترنح علنى لا ريب فيه.
اختراق التنظيم هنا يبدو منطقيًا، أجهزة الاستخبارات الدولية فى كثير من الأحيان تحارب التنظيمات لتقليم الأظافر، لكن لا تقضى عليها نهائيًا، تحسبًا لتجنيد بعض عناصرها لصالحها، ومن ثم توجيه الكيان ككل بما يخدم أهدافها، فتحارب بها أعداءها، أو تساوم بها حتى أصدقائها، ولا مانع من استخدامها كفزاعة محلية، إذا ما كانت ترمى لتحقيق أهداف داخلية.
الطرفة الأكبر فى تاريخ داعش، أنه أقرب للشركة المساهمة منه إلى التنظيم الإرهابى.
الرواية الأكثر تداولًا تقول أنه كان صنيعة النظام السوري، وعلى يد الإسلاميين الذين أفرج عنهم بشار بداية العام 2011، لصنع تيار جهادى متطرف على الأرض، يكون مبرره الجاهز لضرب المعارضة السلمية والثورة الحالمة..
كما استخدم من جانبه للضغط على المجتمع الدولى بتفجير الوضع فى العراق وإعلان الخلافة المزعومة من أراضيه، قبل أن تتجاذب التنظيم وبالأخص بعدما صار عابرًا للحدود، قوى خليجية وأخرى غربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
كون أن جذوره فى العراق تعود لجماعة القاعدى أبو مصعب الزرقاوى، فذلك مدعاة للتأكد من فرضية اختراقه، على أساس أن قوى عدة كطهران ودمشق وموسكو والبعثيين وجنرالات صدام حسين وأنقرة، كانت تريد زلزلة الأرض من تحت أقدم الأمريكان والعهد الجديد فى بلد دجلة والفرات وكل حسب أهدافه.
الأمريكان يدعمون داعش، صراحة، فى ولاية خرسان بأفغانستان، ليقود التنظيم حربًا بالوكالة عن واشنطن ضد طالبان.
بل إن الروس استخدموه كمنصة جذب لكشف متطرفى الشيشان والبلقان وجمهوريات الاتحاد السوفيتى السابقة.
وكانت معلومات للاستخبارات العسكرية الألمانية، كشفت سر التمويلات السخية التى تحظى بها الجماعات الدينية المسلحة فى عدد من المدن الأفغانية الرئيسية وعلى رأسها العاصمة كابول وقندوز "شمال"، والتى كانت سببا فى تفجير الوضع الأمنى فى البلاد خلال الفترة الأخيرة.
وسقط خلال الفترة الماضية مئات الأشخاص فى سلسلة من الهجمات الإرهابية الشرسة استهدفت فندقًا وأكاديمية عسكرية ومقر منظمة دولية معنية بحقوق الأطفال فى كل من العاصمة كابول وجلال آباد، شرق، فيما تقاسم كل من حركة طالبان وتنظيم "داعش" الإرهابى المسؤولية عنها.
وأكدت مصادر قبيلة ومحلية الاتهامات الأمريكية لموسكو بتمويل حركة طالبان ردًا على الدعم الكبير الذى تقدمه واشنطن للدواعش فى مناطق وسط آسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة لتطويق روسيا بحزام جهادى امتلك معظم عناصره خبرة القتال والدماء والتفخيخ فى سوريا والعراق على مدار السنوات الثلاثة الماضية.
ولاحظت فرق جمع المعلومات الملحقة بالوحدات العسكرية الألمانية العاملة ضمن مهمة حلف شمال الأطلسى "الناتو" لتدريب وإرشاد القوات المسلحة الأفغانية تناميًا غير مبرر فى نوعيات السيارات الحديثة المستخدمة فى عمليات إرهابية، ناهيك عن غزو أسلحة أمريكية وبلجيكية الصنع باهظة الثمن لمناطق عدة فى قندوز.
ووفق معلومات الاستخبارات العسكرية الألمانية، يبدو التنافس على أشده بين موسكو وواشنطن فى ملف دعم الجماعات المسلحة فى أفغانستان، ما يعيد أجواء الحرب الباردة التى اشتعلت بين القوتين العظمتين فى الثمانينيات من القرن الماضى مجددًا.
وتعتقد واشنطن أن روسيا أنفقت على مدار عام كامل أموالًا طائلة لتقوية طالبان، ومن ثم ضرب كافة المصالح والترتيبات الخاصة بإدارة الرئيس دونالد ترامب فى أفغانستان.
موسكو بدورها لم تنقل سلاحًا لطالبان، ولكنها مكنتهم من اقتنائه بصورة غير مباشرة، وذلك عبر منحهم الأموال اللازمة لشرائه.
ومنحت تلك الأموال طالبان ميزة مكنتها من تجنيد قبائل وشراء صمتها وأحيانًا رجالها ليقاتلوا إلى جانب التنظيم المسلح.