يوسف القرضاوى
المعروف عن الإخوان أنهم خير من يصطاد فى الماء العكر، لذا فهم يستهدفون الشباب كونهم العنصر المهم فى معادلة السياسة والتنمية الاقتصادية فى أى دولة، فمن ينجح فى مخاطبة الشباب والتحدث بلغتهم المعاصرة، يصبح لدية قدرة على التأثير فى الرأى العام.
ومع تصاعد دور الجماعات الإرهابية بالمنطقة العربية والتى خرجت من رحم جماعة الإخوان بمسميات متعددة، عمدت قيادات الجماعة الإرهابية على استقطاب الشباب لضمهم لصفوف هذه الجماعات خصوصا فى بؤر التوتر.
ورغم مرور سنوات على خروج الشباب التونسى للالتحاق بصفوف تنظيم "داعش" الإرهابى، والجماعات المتطرفة فى بؤر التوتر فى سوريا وليبيا إبان حكم حركة النهضة، إلا أن الحقائق الكاملة لتجنيد الشباب لم تتكشف حتى الآن، وكلما مر الوقت تكتشف السلطات التونسية المؤامرة التى قادها الإخوان فى تونس الخضراء، بمعاونة دول إقليمية فى مقدمتها قطر وتركيا لتجنيد الشباب التونسى ودفعه إلى معارك لا تخصه.
ومؤخرًا كشفت وزارة الداخلية التونسية عن شبكة مختصة فى تسفير الشبّان للالتحاق بالجماعات الإرهابية فى بؤر التوتر، بمنطقة تاجروين من ولاية الكاف "160 كيلومترا شمال غرب العاصمة التونسية"، وقالت إن أجهزة الأمن المختصة فى مكافحة الإرهاب ألقت القبض على عنصرين تكفيريين، ووجّهت لهما تهمة الاشتباه فى الانضمام إلى تنظيم إرهابى فى ليبيا وسوريا.
وأقر العنصران الموقوفان فى التحقيقات معهما بـ"التنسيق مع عنصر تكفيرى ببلد مجاور" وبأنهما "على صلة بعنصرين إرهابيين تونسيين بحالة فرار"، على ما جاء فى المعلومات الرسمية.
وشكلت تونس منذ بداية السنة الحالية لجنة تحقيق برلمانية حول تسفير الشباب إلى بؤر التوتر، ووعدت بالكشف عن الأطراف التى تقف وراء تسهيل التحاق آلاف التونسيين بتنظيمات إرهابية.
وفى هذا الشأن، قالت ليلى الشتاوى، المقررة المساعدة فى لجنة التحقيق البرلمانية، إن اللجنة ستستمع قريبا إلى شهادات عدد من الوزراء الذين عملوا فى الحكومات التى تولت السلطة، خصوصا خلال الفترة الممتدة بين 2012 و2014، وهى الفترة التى سُجّل فيها أوج نشاط شبكات تسفير التونسيين إلى بؤر التوتر فى ليبيا وسوريا والعراق.
وأكدت الشتاوى أن جمع المعطيات حول تلك الشبكات لن يقتصر على المصادر الرسمية، بل سيشمل كذلك منظمات المجتمع المدنى وكل من يملك حقائق وحججًا لا تقبل الشك، حول ملف تسفير التونسيين إلى بؤر التوتر.
وفى السياق ذاته، ذكرت وزارة الداخلية التونسية أنها ألقت القبض أمس على عنصر تكفيرى قاطن وسط مدينة المكنين "ولاية المنستير وسط شرق تونس" وذلك إثر توفر معلومات استخباراتية حول مكان وجوده وصدور أحكام غيابية بالسجن فى حقه، وأكدت فرقة مكافحة الإرهاب بالمنستير، أن العنصر المذكور كان محل بحث بطلب من المحكمة الابتدائية بتونس، بتهمة الانضمام إلى تنظيم إرهابى، مشيرة إلى صدور حكم بسجنه ثلاث سنوات على خلفية المشاركة فى أعمال إرهابية.
وأكدت تقارير أمنية تونسية أن الآلاف من التونسيين التحقوا بتنظيمات إرهابية فى سوريا، وأنهم سلكوا الطريق إلى هذا البلد من خلال ليبيا، إذ تلقى كثير منهم تدريبات على استعمال الأسلحة وصناعة المتفجرات، كما عاد بعضهم إلى تونس لارتكاب أعمال إرهابية على غرار الهجوم الإرهابى الذى نفذه كل من جابر الخشناوى وياسين العبيدى، واستهدف يوم 18 مارس 2015 المتحف الوطنى بباردو "غرب العاصمة التونسية" والهجوم الذى نفذه سيف الدين الرزقى يوم 26 يونيو 2015، واستهدف منتجعًا سياحيًا فى مدينة سوسة "وسط شرق تونس".
وأكدت المصادر أن "ملف تسفير الشبان والفتيات إلى سوريا والعراق بات يتصدر اهتمامات السلطات الأمنية فى ظل تفكيك عدد من الخلايا الناشطة فى هذا المجال"، مضيفة أن الخلايا التى تنشط فى مجال التسفير نجحت فى التلاعب بجوازات السفر وتسهيل عملية التسفير.
وكان لطفى براهم، وزير الداخلية أعلن أمام البرلمان أن الأجهزة الأمنية فككت خلال العام 2017 أكثر من 40 شبكة متخصصة فى التسفير و6 شبكات مسلحة وأكثر من 120 خلية استقطاب وأكثر من 180 خلية إرهابية.
وعلى الرغم من أن السلطات الأمنية فرضت إجراءات مشددة على سفر الشباب عبر الخطوط الجوية ومنعت عام 2017 نحو 29 ألف شاب وفتاة يشتبه فى اعتزامهم السفر إلى بؤر التوتر إلا أن شبكات التسفير اخترقت المنظومة الأمنية.
وقالت المصادر إن الأجهزة الأمنية فككت خلال هذه الفترة شبكات تسفير خطيرة نجحت فى اختراق المنظومة لتتلاعب بجوازات السفر وتسفير الشباب إلى تركيا ومن ثمة إلى مناطق النزاع"، مشيرة إلى أن من بين المتورطين فى شبكات التسفير عدد من الأمنيين تم اعتقالهم وهم الآن يخضعون إلى التحقيق قبل مقاضاتهم.
وخلال السنوات السبع الماضية ما انفكت الأجهزة الأمنية تقود جهودًا مضنية لملاحقة شبكات التسفير المتحالفة مع شبكات التهريب وتوصلت إلى تفكيك المئات منها.
ووفق تقديرات المصادر الأمنية "فاق عدد الخلايا التى تم تفكيكها 280 خلية من بين أكثر من 1300 خلية إرهابية كانت تنشط فى استقطاب الشبان والفتيات"، ويسافر غالبية "المقاتلون والمقاتلات" الجدد بجوازات سفر تونسية مزورة إلى تركيا ليلتحقوا بإرهابيى تنظيم الدولة فى سوريا والعراق.
وكشف الكاتب العام لنقابة الأمن الجمهورى بدولة تونس، محمد على الزرقى، عن تورط 72 داعية دخلوا الأراضى السورية بينهم يوسف القرضاوى فى تسفير الشباب التونسى للقتال إلى جانب "داعش" فى العراق وسوريا.
وأضاف الزرقى، خلال جلسة استماع بلجنة التحقيق، فى شبكات التسفير إلى بؤر التوتر بالبرلمان التونسى، أن من بين الدعاة الـ72، 9 أشخاص ممنوعين من دخول تونس، منذ عهد الحبيب بورقيبة، واستخدموا حتى منابر الجامعات، لحشد وتعبئة الشباب للقتال فى بؤر التوتر، مضيفا أن بعض العناصر الأمنية، تورطت فى تسهيل عمليات تسفير الشباب التونسى.
وتابع الزرقى، أن عناصر الحرس الوطنى، كشفوا عن نفق يتجاوز طوله 70 كيلومترا، يمر من تونس إلى ليبيا، لتسهيل حركة العناصر الإرهابية بين البلدين.