البث المباشر الراديو 9090
أردوغان
رضخ رجب طيب أردوغان، الرئيس التركى، لأوامر المعارضة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بعد أن قالت الأحزاب: «لا يمكننا الانتظار حتى 3 نوفمبر 2019» رافضين استمراره فى سدة الحكم، اعتراضًا على ممارساته، سواء "دكتاتوريته" الداخلية أو "بلطجته" الخارجية.

وافق أردوغان على تقديم موعد الانتخابات إلى 24 يوليو المقبل، أى بعد شهرين، بعد أن دعت الأحزاب التركية إلى تقديم موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية إلى 26 أغسطس المقبل، بدل الموعد المقرر مسبقًا فى نوفمبر 2019، مستندين فى دعوتهم إلى تزايد انتقاد شركاء تركيا الدوليين لرئيسها، أردوغان، وتذكير المعارضة السياسية المحلية الدائم والمتصاعد بالأخطاء المتراكمة لحزب العدالة والتنمية الحاكم.. لتكون انتخابات المبكرة المخرج الوحيد للسلطان العثمانى الجديد بعد أن قسم شعبه واحتل أرض الجيران وقطع علاقاته مع حلفاء.

أولاً: تحركات سياسية ضد أردوغان

سبق إعلان الرئيس التركى بقبول إجراء انتخابات مبكرة تحركات سياسية، حيث طالب رئيس حزب الحركة القومية التركى٬ دولت بهجة لى، بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة٬ قائلاً: "لا يمكننا الانتظار حتى 3 نوفمبر 2019، سوف نستخدم حقنا فى تقريب موعد الانتخابات الرئاسية"٬ مضيفًا: "اقتراحنا هو توجه الأمة التركية إلى صناديق الاقتراع بروح انتصار جديدة فى يوم 26 أغسطس 2018، وبذلك يقوم كلا من رئيس الجمهورية والنواب الأتراك بإعطاء درس قاسى لأعداء تركيا".

جاء ذلك رغم إعلان سابق لزعيم حزب الحركة القومية التركى المعارض، أنهم اتخذوا قرارًا بدعم، رجب طيب أردوغان، فى الانتخابات الرئاسية عام 2019.. وهو ما يؤكد تخلى الحلفاء السياسيين لحزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا عنه، وأن خسارة الانتخابات – حتى وإن لم يتم تقديم موعدها – تلاحق أردوغان.

لم تقتصر الدعوة على حزب الحركة القومية، بل أبدى نائب رئيس حزب الشعب الجمهورى والمتحدث الرسمى باسمه، بولنت تيزجان، رغبته فى تقديم موعد الانتخابات٬ قائلاً: "نحن وحزبنا جاهزون لهذا التحدى٬ نحن مستعدون لانتخابات مبكرة٬ فتركيا الآن تعانى العديد من المشاكل الخطيرة فى الاقتصاد والسياسة٬ وهذه الحكومة لا تستطيع ادارة تركيا بعد الآن".

كما أثارت زعيمة حزب الخير، وهو حزب معارض جديد فى تركيا أسسته الزعيمة السابقة فى حزب الحركة القومية، ميرال أكشينار، نقاشًا وجدلاً عن إمكانية إجراء انتخابات مبكرة فى تركيا تزامنًا مع الذكرى الثانية لمحاولة الانقلاب الفاشلة فى 15 من يوليو 2018.

ثانيًا: لماذا وافق أردوغان على طلب المعارضة؟

ظهرت بعض المؤشرات أدت إلى قبول حزب العدالة والتنمية الحاكم، تحت قيادة أردوغان، بخوض انتخابات مبكرة، أهمها يكمن فى الفترة من أغسطس 2017 وصولاً إلى العام الجديد 2018:

مؤشرات داخلية..

1 المعدل السريع للتغييرات التى يقوم بها حزب العدالة فى المدن، وهو ما شكل إيحاءً بأن هذه السرعة تعنى أن الحزب قد يبكر الانتخابات من خلال اعتماده على جاهزيته وعدم جاهزية الأحزاب الأخرى.

2 الزيارات التى قام بها أردوغان ورئيس الوزراء بن على يلدرم، من أهم المؤشرات أيضًا التى كانت أشبه بالحملات الانتخابية السابقة، حيث كانت عبارة عن مهرجانات جماهيرية خطابية.. وعلى سبيل المثال زار الرئيس التركى 51 مدينة.

3 الخدمات والوظائف التى قدمها حزب العدالة والتنمية لأعداد كبيرة فى الحكومة والجيش، والتى يرى الخبراء سيكون لها تأثير إيجابى على مليون مواطن تركى تقريبًا، وهو ما يعد رشوة انتخابية يقدمها أردوغان وحزبه للأتراك.

مؤشرات خارجية..

1 التوترات المتصاعدة مع الولايات المتحدة، فهناك خشية من ترتيب بعض الملفات خاصة مع تسليم فتح الله كولن، المعارض التركى المقيم فى أمريكا، للكثير من الوثائق والملفات إلى الإدارة الأمريكية التى قد تستخدم ضد تركيا قضائيًا وسياسيًا وإعلاميًا، وأحد الأمثلة على هذا محاكمة رجل الأعمال التركى الإيرانى رضا صراف ورئيس بنك خلق التركى.

2 أثبت جولن تورط وزراء ومسؤولين أتراك فى دعم وتمويل جماعات مشبوهة، ولهذا قد ينظر إلى تبكير الانتخابات على أنها محاولة وقائية لتخفيف أو منع آثار أى حملة لم يتم الانتهاء من رسم معالمها، ويضاف إلى ذلك السرعة فى التعاون التجارى والاقتصادى مع العديد من البلدان خاصة أن الأثر الاقتصادى يعد من أهم الآثار المتوقعة فى مثل هذه الحالات، وترى الدوائر الحاكمة فى تركيا أن هذا الاحتمال يشكل عامل ضغط على أردوغان.

ثالثًا: تكالب أردوغان على الرئاسة

الرئيس التركى أردوغان سيصل إلى كرسى الرئاسة فى الانتخابات القادمة ولو بأية طريقة كانت ورغم كل شيء وقد بدأت الاستعدادات منذ الآن لتزوير الانتخابات، وهو ما دفع حزب العدالة والتنمية إلى تمرير ثلاثة قوانين انتخابية تفسح المجال للعب بنتائج الانتخابات، أى التزوير ضمن الإطار القانونى.. يمكن استعراضهم كما يلى:

1 تبديل القانون الانتخابى الذى كان ينص على عدم تطبيق القوانين الانتخابية التى تتم تعديلها على أول انتخابات قادمة، وإنما تصبح سارية المفعول فى الانتخابات التى تلى القادمة، ولكن حسب القانون الجديد الذى أصدره البرلمان تصبح القوانين التى تتم تعديلها سارية المفعول مباشرة فى اليوم التالى.

2 بطاقات الاقتراع غير المختومة تكون قانونية تمامًا، وغير ملغاة، أى لا فرق بينها وبين بقية البطاقات الرسمية، والتى تحمل الخاتم الرسمى للهيئات الانتخابية، يعنى يمكن حشو الصناديق بتلك البطاقات غير القانونية أى التزوير علنًا، ولكن ضمن حدود القانون.

3 يحق لأى شخص ما استدعاء البوليس أو قوات الأمن إلى مركز الاقتراع، حسب القانون السابق كان رئيس المركز هو الشخص الوحيد حصرًا الذى كان يحق له استدعاء البوليس أو قوات الأمن إلى مراكز الاقتراع عند اللزوم، ما هو المقصود من هذا القانون العجيب غير معروف اللهم جلب قوات الأمن لخلق البلبلة وليس لمنعها واستغلال الظرف الطارئ للقيام بالتزوير بأساليب شتى لا نعرفها حاليًا.

رابعًا: "رجل وامرأة" يهددون عرش أردوغان:

دعا حزب الخير التركى أحزاب المعارضة إلى تشكيل تحالف فى الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2019، لتقليص فرص فوز الرئيس رجب طيب أردوغان، وبرز ضمن هذه الدعوة عدد من المرشحين.

"جول" يقلب الطاولة على أردوغان..

كيف يمكن أن ينافس الرئيس التركى السابق عبدالله جول، أحد حلفاء أردوغان وشريكه فى حزب العدالة والتنمية، الرئيس التركى الحالى؟ تحاول أحزاب معارضة استغلال حالة اختلاف الرؤى بينهما من خلال عدة ملفات.. يمكن إجمالها فيما يلى:

انتقد الرئيس التركى السابق عبدالله جول موقف أردوغان من مصر ومن الملف السورى أيضًا، مؤكدًا أن سياسات بلاده الخارجية تحتاج لإعادة نظر.. كما أن شريحة كبيرة فى تركيا من خارج حزب العدالة والتنمية غير سعيدة بحالة العلاقات التى عليها مصر وتركيا الآن بعد حالة التوتر الشديد فى العلاقات، بسبب مساندة أردوغان للإخوان بعد ثورة 30 يونيو، وقال جول: "القطيعة بين أنقرة والقاهرة ليس فى صالح البلدين وشعوب المنطقة كلكل".

كما انتقاد جول مرسومًا رئاسيًا أصدره أردوغان، حديث توتر بين القياديين فى الحزب الحاكم، وقد أعرب الرئيس التركى عن أسفه لهذا الانتقاد واعتبره أمرًا محزنًا، وقد فسر هذا الأمر بأنه يتعلق بشكل أكبر بالانتخابات القادمة أكثر من المرسوم الرئاسى.

وتزايدت التصريحات الاستقطابية بين المعارضة والحكومة خاصة بعد المرسوم الرئاسى الأخير والخلاف مع عبد الله جول، وعدم النفى القاطع من أنصار ومقربين من الحزب لإمكانية تقديم موعد الانتخابات قبل نوفمبر 2019.. ووردت تصريحات فى الصحافة التركية تفيد بأن هناك من أحزاب تركية من يدرس أن يكون عبدالله جول مرشحًا توافقيًا للمعارضة، لماضيه فى حزب العدالة والتنمية، وكونه أبدى قدرًا كبيرًا من الحيادية عندما كان رئيسًا للجمهورية، فهو قد يستطيع وفق هذه النظرة أن يجذب أعدادًا من الأصوات من داخل كتلة حزب العدالة والتنمية كما سيحظى بأصوات المعارضة، ووفقًا لهذه النظرة فإن هناك حزبين على الأقل يمكن أن يدعما هذا المسار وهما حزب الشعب الجمهورى وحزب الخير الجديد.

"المرأة الذئب" تهدد عرش أردوغان..

بخلاف عبدالله جول، الذى يحظى بشعبية كبيرة فى تركيا.. نجحت زعيمة حزب الخير، ميرال أكشنار فى فرض اسمها على الساحة السياسية التركية مؤخرًا:

رجحت استطلاعات الرأى فوز زعيمة حزب الخير، ميرال أكشنار، بالانتخابات التركية المقبلة، حسب ما نقلت صحيفة حرييت التركية عن تصريحات المسؤول بالحزب، نورى أكوتان، فى مؤتمر باسطنبول.

ولدت أكشنار عام 1956 فى مدينة إزميت التركية، وتدرجت تعليميًا حتى حصلت على الدكتوراه فى التاريخ وأصبحت رئيسة قسم، ثم تركت الجامعة لتدخل المجال السياسى فى انتخابات عام 1995 كنائبة عن حزب يمينى صغير.

انخرطت مبكرًا فى العالم السياسى، واعتلت وزارة وزارة الداخلية عام 1996 حتى 1997، خلال فترة خدمتها تولت ملف من أهم الملفات المؤرقة لتركيا، حيث واجهت الانفصاليين الأكراد، وخلال مشوارها السياسى شاركت فى تأسيس حزب العدالة والتنمية الحاكم، لكنها سرعان ما تركت الحزب بسبب عدم اتفاقها مع سياساته، حيث رأت إنه مجرد امتداد لحزب الرفاه الإسلامى بزعامة نجم الدين أربكان، ثم انضمت عقب ذلك إلى حزب الحركة القومية، وبسبب معارضتها وخلافاتها مع رئيس الحزب الذى يؤيد أردوغان تم طردها من الحزب عام 2016.

ونظرًا لصلابتها تلقب أكشنار بـ"المرأة الحديدية" بين الأوساط السياسية التركية، فهى لم تعترف بالهزيمة، حيث قامت بتدشين حزب جديد معارض فى أكتوبر 2017 يدعى حزب "الخير" أو "الجيد" نظرًا لانتماءاتها اليمنية المتشددة، فهى على الرغم من مشاركتها فى تأسيس حزب العدالة والتنمية لا تحسب على تيار الإسلام السياسى بتركيا، ويطلق عليها البعض أيضا لقب "المرأة الذئب" فى إشارة إلى منظمة الذئاب الرمادية اليمينية المتطرفة التى عرفت بأعمال العنف فى السبعينيات والثمانينيات.

الخلاصة:

أشارت استطلاعات الرأى إلى أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان لن يفوز فى الانتخابات المقبلة، ولكنه سيتكالب على كرسى الرئاسة، والقوانين الانتخابية الذى أقرها دليل واضح على إصراره بالفوز بما فيه اللجوء إلى تزوير الانتخابات.. والحرب على عفرين وسفك دماء الأبرياء والدمار القصد منه هو الفوز بأصوات القوميين، من خلال تأجيج النوازع العرقية.

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز