المتطرفون الأجانب فى داعش
الإجابة على السؤال السابق تستدعى الرجوع إلى الخلف، وتحديدًا العودة إلى عام كامل مضى.
فى أبريل 2017، جرت عملية إرهابية فى سانت كاترين بجنوب سيناء، حيث استهدف مسلحون كمينًا أمنيًا قريبًا من الدير الأثرى الشهير، ما أسقط شهيدًا من الشرطة، إضافة إلى إصابة 4 آخرين.
كانت عملية إعلامية بامتياز.. الغرض منها الإيحاء فيما يُعرف بقوة تنظيم الدولة الإسلامية فى مصر (أنصار بيت المقدس/ ولاية سيناء الداعشية)، وإيهام الجميع بأن عملية حق الشهيد الذى نفذتها القوات المسلحة، فى شمال سيناء، وتحديدًا فى مثلث رفح والشيخ زويد والعريش، وبمراحلها الثلاث، لم تنجح فى كتم أنفاس رجال أبو بكر البغدادى من المتشددين والمتطرفين التكفيريين فى أرض الفيروز.
الهدف كان مواصلة إحداث الدوى الإعلامى، فضلًا عن إحراج الدولة بالتحرش الدائم مباشرة أو بطريقة غير مباشرة بالمسيحيين.
ومع ذلك يستلفت الانتباه أيضًا أن العملية، وفى خطوة غير اعتيادية ساعتها، قد حركت العنف إلى جنوب سيناء، وذلك بعدما كان تواجد بعض الشيء خلال الشهور السابقة عليها (مع أواخر 2016 وبداية 2017) فى وسط أرض الفيروز، ما مثل مؤشرات خطرة حتمت التوقف عندها بغية ضربها قبل أن تتسع وتتصاعد وتصبح خارج السيطرة.
وكان متفهمًا أن يتوجه المسلحون إلى وسط سيناء، بعد الضربات العنيفة لمعاقلهم ومخازن ذخائرهم ووسائل تنقلاتهم فى الشمال، فى الشيخ زويد ورفح والعريش، ومن ثم لاذوا إلى المناطق الجبلية الوعرة للاحتماء والكمون التكتيكى، ناهيك بأن الحرب المفتوحة بين الدواعش وحماس، قد فرض على نفر من التنظيم الابتعاد بحثًا عن رحبة عمل جديدة بعيدًا عن الاستهدافات المتبادلة مع الفصيل الفلسطينى المرابط على الحدود الشرقية لمصر.
وعلى هذا النحو، فإن إعلان الجيش قنص زعيم التنظيم الداعشى الإرهابى بوسط سيناء، ناصر أبو زقول، إنما يأتى فى إطار خطط الدولة لاصطياد مراكز القوة والقيادة للكيانات المتطرفة فى مختلف بقاع سيناء.
وكان المتحدث العسكرى، العقيد أركان حرب تامر الرفاعى، قال فى بيان له، الأربعاء: إنه تم القضاء على أبو زقول بوسط سيناء بعد تبادل كثيف لإطلاق النار جرى خلال مداهمة عدة مناطق جبلية، وتابع بأنه عُثر بحوزة الإرهابى المذكور على بندقية آلية، وقنبلتين يدويتين وكمية كبيرة من الذخائر وست خزينات بندقية آلية وجهاز اتصال لاسلكى.
والإرهابى المقتول فى الخمسين من عمره، وكان فى سنوات شبابه الأولى راعيًا للأغنام، حسب مصادر سيناوية، قبل أن تجتذبه إغراءات تنظيم التوحيد والجهاد الذى نشط بشبه الجزيرة بداية الألفية الجديدة، ويشار إليه باعتباره من المتورطين فى تفجيرات طابا وشرم الشيخ الشهيرة فى 2005.
ونشط تحت لواء القاعدة بعد يناير 2011، وتحديدًا بمبايعته لتنظيم أنصار بيت المقدس.
وحينما تحول التنظيم السيناوى الأشهر فى نوفمبر 2014 إلى مبايعة داعش، واصل النشاط تحت إمرته.
ومع انطلاق الحملة الأمنية الموسعة "سيناء 2018"، لم يكن أمامه مفرًا كغالبية أفراد التنظيم إلا الانزواء والكمون خوفًا من الاعتقال أو القتل، ومن ثم تحرك إلى منطقة وسط سيناء للتحصن فى المناطق الجبلية، وبخاصة أنه يحفظها جيدًا وسبق أن أدار فيها عمليات صغيرة نسبيًا ضد الدولة.
تقول مصادر سيناوية، إنه سقط بمنطقة صحراوية غير مأهولة متاخمة لبلدة نخل بوسط سيناء، وأن معلومات وصلت إلى الجيش أفادت بتواجده هناك، حيث تم الاستعانة بمقتفى الأثر، حتى تم إسقاطه بعد مواجهة واشتباكات مع قوات إنفاذ القانون.
ولا شك أن الإرهابى القتيل، ليس من الكوادر العليا فى دواعش سيناء، لكن يمكن تصنيفه على أنه من الكوادر التنفيذية المؤثرة.