دونالد ترامب
فى اجتماع فيينا، نوفمبر 2015، لمناقشة الأزمة السورية وسبل إيجاد حل سياسى لها، وجه وزير الخارجية الأمريكى، حينها، جون كيرى، الاتهامات للرئيس السورى بشار الأسد بأنه المسؤول عن تدهور الأوضاع فى بلاده والمسؤول أيضا عن انتشار "داعش" وتمدده، قائلًا: "ثمة أدلة على أن الأسد نسق مع عناصر "داعش"، واستعملهم كأدوات لإضعاف المعارضة، لم يسيطر أبدًا على مواقعهم وممتلكاتهم التى كانت واضحة ومعروفة، لذا نحن لا نثق بما إذا كان الأسد قادرًا أو لديه النية فى السيطرة على داعش".
التمهيد للأسلحة الكيميائية
قبل حوالى عام، كانت الولايات المتحدة قد أطلقت 59 صواريخًا من طراز "كروز توماهوك" على مطار الشعيرات العسكرى، ردًا على الهجوم الكيميائى على "خان شيخون"، والذى حمّلت فيه إدارة ترامب الحكومة السورية المسؤولية عنه إلا أن الحكومة السورية رفضت الاعتراف به واعتبرت الهجوم اعتداءً صراخًا على دولة ذات سيادة، فيما حذرت الحكومة الأمريكية من استخدام الأسلحة الكيميائية فى سوريا، لا سيما بعد الهجوم الصاروخى فى أبريل 2017.
وفى فبراير 2018، زعم مستشار الأمن القومى الأمريكى، هربيرت مكماستر، أن عدة تقارير تشير إلى أن الرئيس السورى بشار الأسد لا يزال يستخدم الأسلحة الكيميائية فى سوريا مطالبًا المجتمع الدولى بمحاسبته، قائلًا: "التقارير العامة والصور المتوفرة تظهر بوضوح أن الأسد لا يزال يستخدم الأسلحة الكيميائية" داعيًا المجتمع الدولى إلى "محاسبة المسؤولين عن استخدام الكيميائى فى سوريا، وقد حان الوقت للدول لمحاسبة النظام السورى والمسؤولين فيه عن أعمالهم، وأدعو لدعم جهود منظمة حظر الأسلحة الكيميائية".
وبدوره قال وزير الدفاع جيمس ماتيس، فى فبراير 2018 أيضًا، بأنه يعتقد أن الحكومة السورية لم تمتثل للاتفاق الذى توسطت فيه روسيا والذى يقضى بتدمير ترسانة الأسلحة الكيميائية، ثم حذر من أن حكومة الأسد ستغامر وستكون غير حكيمة فى حالة ما عادت وانتهكت اتفاق حظر استخدام الأسلحة الكيميائية.
ومع مطلع أبريل 2018، أفادت مجموعة من التقارير "على رأسها تقرير الدفاع المدنى السورى"، بأن هجومًا كيميائيًا مشتبها به استهدف مدينة دوما السورية، وأودى بحياة ما لا يقل عن 70 شخصًا، على إثره ذكر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، أنه والقادة العسكريون يدرسون ردًا أمريكيا على الهجوم الكيماوى فى سوريا، وتعهد بصدور قرار قوى.
دوما الأكذوبة الجديدة
وتحققت تهديدات ترامب، بالعدوان الثلاثى على سوريا، إذ جاء العدوان الثلاثى الأمريكى ـ البريطانى ـ الفرنسى، فجر السبت الماضى، ليؤكد للعالم بما لا يدع مجالا للشك أن الولايات المتحدة تعلم جيدا أن هناك تقدمًا كبيرًا للجيش العربى السورى فى محاربته للارهاب، والتنظيمات التى تم دعمها من الغرب لقتال الجيش العربى السورى على مدار السنوات السبع الماضية أصبحت محاصرة ولا تقوى على مجابهة الجيش أكثر من ذلك.
ويرى مراقبون أنه على الفور تم اختلاق أكذوبة السلاح الكيماوى الذى استخدمته سوريا ضد المدنيين، مع أن سوريا نفت أكثر من مرة تنفيذ مثل تلك الضربات، إلا أن المخطط لم يمهل لجنة التفتيش الدولية من تنفيذ عملها وقامت الولايات المتحدة وحلفاؤها بتنفيذ الضربة الجوية.
العراق من قبل
وتعيد الادعاءات الأمريكية تجاه بشار الأسد، إلى الذاكرة أكاذيب ما قبل غزو العراق، عندما روج الولايات المتحدة رواية امتلاك صدام حسين لأسلحة دمار شامل، وهو ما لم يجدوه بعد ذلك، إذ قال بوش الإبن فى 11 مارس 2002: "يجب ألا يسمح لرجال لا يحترمون الحياة بالسيطرة على أدوات الموت الأشد تأثيرا"، وقال نائبه، تشينى، فى اليوم ذاته: "لن تسمح الولايات المتحدة لقوى الإرهاب بحيازة أدوات الإبادة الجماعية".
وفى 13 مايو 2002، وصف بوش، صدام حسين لمجلة "تايم" قائلًا: "إنه رجل خطر يملك أخطر سلاح فى العالم، ومن واجب الدول المحبة للحرية تحميله المسؤولية، وهو بالضبط ما ستفعله الولايات المتحدة"، وفى 2003، دخلت القوات الأمريكية بغداد واحتلت العراق لعدة سنوات دون العثور على أسلحة دمار شامل كما ادعت، وهو ما أكدته العديد من التقارير والتحليلات لكتاب وسياسيين غربيين.
كشف الحقائق
لكن فى واقعة دوما، يبدو أن الأكاذيب بدأت فى الظهور وبسرعة، وبعد أيام فقط من العدوان الثلاثى على سوريا، لا سيما بعد رواية صبى سورى ووالده، والتى تكشف كذب دول العدوان الثلاثى "أمريكا – فرنسا – بريطانيا" بشأن استخدام الجيش السورى لغاز السراين السام ضد المدنيين فى دوما، عقب خروج المسلحين.
فيما ظهرت أدلة على فبركة منظمة "الخوذ البيضاء" لفيديو الكيميائى لتوريط الحكومة السورية، والبداية كانت من خلال الصبى السورى حسن دياب، والذى كان أحد المشاركين فى الفيديو المفبرك لـ"الخوذ البيضاء" كضحية لـ"الهجوم الكيميائى" فى دوما.
وقال دياب: "لقد كنا فى القبو عندما قالت لى أمى اليوم ليس لدينا ما نأكله، سنأكل غدًا، آنذاك سمعنا صراخ فى الشارع، اذهبوا إلى المستشفى، فركضنا إلى المستشفى وما إن دخلنا أمسك بى أحدهم وبدأ يصب الماء على، ثم وضعنى على السرير بجانب أشخاص آخرين"، بحسب ما نقلته قناة "روسيا 24".
ووفقًا للقناة، فقد أجبر الصبى على الظهور فى الفيديو، فى الوقت الذى لم يعثر الصحفيون الأمريكان على دليل لوجود "هجوم كيميائى" فى دوما السورية، فيما أكد الصبى أنه لم يكن لديه ما يأكله، وقد عُرض عليه الرز والتمر والكعك مقابل المشاركة فى التصوير، أما والده، فقد نفى وجود هجوم كيميائى فى المدينة.
وأضاف والد الصبى: "عندما علمت أن ابنى فى المستشفى، طلبت ترك وظيفتى وركضت إلى هناك، لم يكن هناك سلاح كيميائى، وأننى وقفت فى الشارع ودخنت ولم أشعر بشىء، ثم دخلت إلى المستشفى ورأيت عائلتى، وأعطى المسلحون بعض التمر والرز والكعك مقابل المشاركة فى التصوير ثم سمحوا لنا بالذهاب إلى المنزل، وكان ابنى بصحة جيدة".