البث المباشر الراديو 9090
الإرهاب ومواقع التواصل
منذ سنوات قليلة كان الإرهابيون يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعى كنافذة كبيرة لهم، سواء لتبنى الإعلان عن عملياتهم الدموية، أو حتى لإرسال شفرات خاصة فيما بينهم، مهما ابتعدت المسافات.

ولكن خلال الفترة الأخيرة حدث انسحاب عجيب من التنظيمات الإرهابية، أعضاء ومحركين، من مواقع التواصل الاجتماعى، بعد تكبدها خسائر فادحة، نتيجة عدم تحقيقها لأهداف التنظيمات فى التوسع والاستقطاب والتحريض والحشد.

ولأن مواقع التواصل جزء من الإعلام الجديد، فإن تلك التنظيمات ربما تتجه إلى تغيير سياستها فى حربها الإعلامية عبر شبكات التواصل، هذا ما كشفه تقرير أخير أصدره المركز العالمى لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال)، الذى أكد انحسار وجود التنظيمات الإرهابية والمحتوى المتطرف عبر موقع التواصل الأشهر تويتر بداية من العام الجارى 2018.

المركز أكد أن هذا الانحسار جاء بعد سنوات من تحويل مواقع التواصل إلى ساحة حرب، تقودها جيوش افتراضية من داخل التنظيمات الإرهابية، بهدف التوسع والاستقطاب، ونشر الانتصارات الوهمية غير الموجودة على أرض الواقع.

وشدد المركز السعودى على انخفاض معدل المحتوى المتطرف على مواقع التواصل، إضافة إلى تغيير التنظيمات المتطرفة استراتيجيتها فى استغلال هذه المواقع، موضحا تغير أسلوب التنظيمات المتطرفة على مواقع التواصل، حيث تم الكشف عن ذلك بعد مراقبة ورصد الحسابات التابعة لتلك التنظيمات.

وكشف المركز عن أهم التغيرات التى برزت على أسلوب وطريقة العناصر الإرهابية فى المشاركة، ونشر المحتوى على تويتر تحديدًا، مشيرًا إلى رصد أربعة تغيرات لافتة، أبرزها "تناقص مقاطع العمليات الإرهابية فى مناطق الصراع، وذلك بعد سنوات من محاولة تكثيف نشر تلك المقاطع، بهدف نشر الانتصارات الوهمية"، ورصد المركز تركيز التنظيمات المتطرفة على نشر بيانات قديمة، من دون تحديثها.

وكشف مركز "اعتدال" عن اتجاه التنظيمات إلى استخدام الأسماء المستعارة غير الدينية، على غير ما اعتادت عليه التنظيمات الإرهابية خلال السنوات الأخيرة، إضافة إلى وضع صور نمطية للحسابات الشخصية، مع غيابٍ ملحوظٍ لأى محتوى يشرح أوضاعهم الحالية.

وورث داعش استراتيجيته فى الحشد عبر شبكات التواصل من التنظيم الإرهابى الأم "القاعدة" فيما دخلت الجماعات الإرهابية عالم الإنترنت فى شكل فردى، من خلال استخدام خدمة البريد الإلكترونى العام 1995، استناداً إلى ما ذكرته حملة "السكينة"، وفى العام 1997 تم إنشاء أول جماعة "جهادية".

وفى 1999 انطلق الجهاد الإلكترونى وفق ما أسموه، من خلال الطلاب المتعاطفين، وأنشأ "القاعدة" أول موقع له فى العام 2000.

واستطاع تنظيم القاعدة استقطاب نحو 30 ألف إرهابى من 100 دولة، للانضمام إلى مناطق الصراع فى سوريا والعراق، وتشجع المتعاطفين على ارتكاب أنشطة إرهابية فى بلدانهم، وفق تقرير صادر من الأمم المتحدة.

كان كتاب صدر عن معهد "السلام الأمريكى" فى العاصمة الأمريكية واشنطن عام 2012 للمؤلف الباحث وخبير الإرهاب الدولى، جابريل ويمان تعرض بالتحليل الوافى للزيادة المخيفة فى عدد المواقع الإلكترونية التى تديرها المنظمات الإرهابية على شبكة الإنترنت العالمية، حيث أكد أن عدد تلك المواقع قفز من 12 موقعًا عام 1998 إلى 4800 موقع فى عام صدور الكتاب، ما اعتبره المؤلف مؤشرًا خطيراً للوجود المكثف للإرهاب على صفحات الشبكة العنكبوتية.

وقتها أكد المؤلف أن الجهود العالمية الحثيثة لمنع منظمة "القاعدة" من استخدام شبكة الإنترنت باءت بالفشل، فعند اختراق أحد مواقعهم أو استئصاله من الشبكة، تظهر عدة مواقع جديدة.

وعرض الكتاب نبذة عن العدد الضخم للمنظمات الإرهابية من مختلف أنحاء الكرة الأرضية، التى تحتل شبكة الإنترنت، والمواقع الإلكترونية لتلك المنظمات لا تخاطب أعوانها ومموليها فحسب بل توجه رسالاتها أيضاً للإعلام والجمهور الخاص بالمجتمعات التى تقوم بترويعها وإرهابها.

ربما تكون هجمات باريس الدامية التى حدثت فى 2015 المفصل الحقيقى لتغيير استراتيجيات الغرب الفردية والمشتركة لمكافحة الإرهاب الإلكترونى خلال السنوات الخمس الماضية، حيث تضاعفت الميزانيات المخصصة لهذا الأمر داخل البلدان وفى مناطق الصراع بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فى محاولة لحماية الأمن الوطنى وردع آليات التجنيد ودعاية المنظمات الإرهابية.

كما خصصت كل من بريطانيا وأمريكا وفرنسا وغيرها من الدول وحدات خاصة لمكافحة الإرهاب الإلكترونى، تقوم برصد ومتابعة المتشددين والمشتبه بهم، كما يسعون إلى صد محاولات تضليل الشباب وتجنيدهم من خلال مواقعه التواصل الاجتماعى.

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز