
خالد على
واكتشف الزعيم فى الفيلم أن القاضى ذو ميول إخوانية، فأحضر صديقة الملتحى، ليترافع بدلاً منه عن فتاة ليل، وبمراجعة القضايا التى حصل فيها "على" أحكام تجد أنها صدرت عن دوائر محددة وقضاة بعينهم، وكان منهم حكم إلغاء اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والمعروفة إعلاميًّا باتفاقية "تيران وصنافير"، الذى أثار الجدل رغم صدوره عن محكمة غير ذات صفة.
اقرأ أيضًا: المصيدة 20| لغز مستمر منذ 2012.. لماذا يخاف خالد على من جمع التوكيلات؟
تصدى خالد على لتلك القضية دفع به إلى واجهة السوشيال ميديا بعد اختفائه عقب مسرحية انسحابه من انتخابات رئاسة 2014، وكانت فضائيات الإخوان فى تركيا، تتسابق على أخباره فى سياق هجومها على الاتفاقية وتسخين الشارع المصرى ضد أجهزة الدولة، ولعبت السوشيال ميديا دورًا مهمًا فى إعادة تلميعه والدفع به للترشح للرئاسة 2018.
فى يناير 2017، سافر خالد على إلى لندن لإجراء مقابلة مع قناة العربى الجديد القطرية التى يديرها عزمى بشارة، وكان السؤال الأول من المذيعة يقول: بعد انتصارك فى قضية تيران وصنافير والتفاف الناس حولك فى مصر.. ألا تفكر فى خوض انتخابات الرئاسة؟، ثم أعقبته بسؤال آخر: ماذا تحتاج لخوض الانتخابات حتى تحسم أمرك؟
صيغة الأسئلة تحمل إشارة واضحة ورسالة مباشرة من ملاك القناة القطريين إلى "على" تقول نريدك فى انتخابات الرئاسة، قل ما تحتاجه.
اقرأ أيضًا:
المصيدة 19| قصة صعود خالد على من طبقة النشطاء «العبيد» إلى «الأسياد»
المصيدة 18| بهى الدين حسن.. «عراب» أبو الفتوح للمجتمع الدولى
المصيدة 17| الاختفاء القسرى والإرهاب.. «حسم» بين الأناركية والإخوان
تعامل على مع الرسالة وكأنه ينتظرها، وأجاب بأن الوضع مهيأ لمن سماهم القوى المدنية لخوض الانتخابات، وأنه من الممكن حشد الشعب لمواجهة السياسات الاقتصادية، ثم قال إنه لن يحسم قرار النزول إلا بتوافق قوى 25 يناير على ترشيحه، والمقصود بذلك التعبير هم 6 أبريل وتنظيم الإخوان الإرهابى ونشطاء المنظمات، وأعتقد أن إجابة على وصلت، وبدأت العجلة فى الدوران إلى أن تصاعدت أزمة الإشارة المسيئة وحصل على حكم بالحبس ثلاثة أشهر فى قضية الإشارة المسيئة، وبدأت تظهر إشارات ترشح الفريق سامى عنان لانتخابات الرئاسة .
لقاء فى روما
فى مايو 2017، توجه خالد على إلى إيطاليا، واجتمع فيها بالدكتور عمرو حمزاوى، وعماد مبارك، وبهى الدين حسن، ورامى رستم، وأحمد عزت، ومعتز الفجيرى، وعبدالتواب علاء الدين، وأمير عبدالحميد، وأحمد سميح، ومحمد زارع، وذلك للمشاركة فى اجتماع مع منظمة RESEAU Fondarc، المعنية بحقوق الإنسان، وناقش الاجتماع سبل التصعيد الحقوقى ضد الدولة المصرية، وبحث إمكانية دعم على فى انتخابات الرئاسة، وبالفعل تصاعدت حدة الانتقادات التى توجهها تلك المنظمات للوضع السياسى فى مصر، وبدأت الاتصال بالمنظمات الدولية لإصدار بيانات ضد مصر، وكان أبرزها تقرير زيد بن رعد، المفوض السامى لحقوق الإنسان.
فتاة الإيميل
كانت ماكينة السوشيال ميديا واللجان الإلكترونية تعمل على محورين، أولهما توسيع مدى "جيش المهرجين"، وهو تعبير المقصود به تدمير صورة الرئيس عبدالفتاح السيسى بسلاح السخرية، والثانى رسم صورة البطل لخالد على ورفاقه من المغردين والمدونين والنشطاء، الذين اهتزت صورتهم بعد انكشاف غطاء علاقتهم الخارجية بدول على عداء مع مصر، وظهور علامات الثراء بوضوح على غالبيتهم، وكانت التساؤلات عن مصدر تلك الأموال حديث الشارع ومنتديات النشطاء الآخرين الذين لم يحصلوا على نفس التقدير من الخارج .
اقرأ أيضًا:
«المصيدة 16»|«الأناركية والإخوان».. الراديكالية تتغذى على أدوات الثورة
«المصيدة 15»| عائلة «التنين البمبى» فى مهمة لإسقاط الدولة
«المصيدة 14»| دوامة «الأناركية».. وحل ألغاز ما بعد 25 يناير
وجاءت إشارات حاسمة تؤكد التوحد خلف "على "، فظهر بيان تأييد من أحزاب مصر القوية والدستور والكرامة والمصرى الاجتماعى والتحالف الشعبى الاشتراكى وشخصيات مثل أبوالفتوح وحمدين صباحى، أعلنوا تأييدهم له وحرروا توكيلات باسمه، كما أعلنت 6 أبريل انضمامها له، فضلاً عن ظهور شخصيات إخوانية فى إسطنبول تدعمه مثل سيف عبدالفتاح والهارب جمال الجمل .
اقرأ أيضًا:
المصيدة 13| أسرار التعاون القطرى مع المؤسسات الحقوقية فى مصر
«المصيدة 12»| لماذا شارك حمدين «الناصرى» فى تأسيس منظمة إخوانية؟
«المصيدة 11»| عزمى بشارة الإسرائيلى.. مهندس تفتيت الدول العربية
وبالفعل قرر على الترشح، واستخدم فى بيان الترشح ألفاظًا تناسب كل فصيل، ليقول إنه مرشح الجميع، وإنه ملتزم بالخط الثورى، حتى يستميل نشطاء يناير، وكرر اتهامات الإخوان ضد الدولة المصرية، حتى يصبح معبرًا
أيضًا عنهم.
اقرأ أيضًا:
«المصيدة 10»| لماذا تجسست المخابرات البريطانية على مبادرة حسام بهجت؟
«المصيدة 9»| «هيومان رايتس فيرست» و«مركز القاهرة» يهددان سيناء
«المصيدة 8»| «السادات».. حصان طروادة لـ«فريدوم هاوس» والإخوان
وبينما التحضيرات تجرى على قدم وساق، لتجهيز خالد على، ليكون المرشح التوافقى لانتخابات 2018، بدأ الهمس يتردد بين النشطاء عن فضيحة أخلاقية جرت فصولها بين عامى 2014 و2015 لناشطة كانت تعمل فى القسم الإحصائى بالمركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، كشفت فى "إيميل" أرسلته لإحدى صديقاتها تحذرها فيه من العمل مع خالد على، وتكشف عن وقائع اغتصاب وتحرش تعرضت له وقت عملها السابق فى المركز قبل سفرها إلى الخارج.
فتاة الإيميل سردت واقعة كان بطلها "على"، وقالت إنه دعاها إلى مكتبه لمناقشة أمر من أمور العمل، إلا أنها فوجئت بقيامه بأفعال غير ملائمة، حيث سألها عن علاقتها الجنسية بأحد الأشخاص، ثم قام بالاستحمام وهو أمر غير طبيعى، ما دفعها للقلق والهروب من مكتبه.
ثم اتهمت محمود بلال، الساعد الأيمن، لخالد على وعضو حزب العيش والحرية وصديقه المقرب باغتصابها ووضعت اسم صديقهم المشترك المدون تامر موافى كشاهد على الواقعة .
اقرأ أيضًا:
المصيدة 7| «فريدوم هاوس».. بيت الحرية الذى نشر الفوضى والخراب
«المصيدة 6»| «هيومن رايتس».. «حامية الإرهاب» فى الشرق الأوسط
«المصيدة 5»| «هيومان رايتس ووتش» من مكافحة الشيوعية للدفاع عن الإخوان
ومع انتشار الإيميل بين النشطاء وداخل الحملة، اضطر الحزب إلى إصدار بيان لتبرئة "على" قبل انتخابات الرئاسة، إلا أن البيان سكب المزيد من البنزين على النار المشتعلة، رغم تأكيده أن على "ليس مدينًا بأى انتهاك جنسى باللفظ أو بالفعل"، وجاءت سطوره لتؤكد ما جاء فى الإيميل بإعلان تجميد عضوية "بلال" المتهم بالاغتصاب على خلفية التحقيق الداخلى فى الواقعة.
ثورة البنات
وعقب نشر البيان ثارت صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، ودشنت ناشطات صفحة على "فيسبوك" باسم "ثورة البنات"، وأعلن أن الصفحة تستهدف مناهضة وقائع التحرش والاعتداء الجنسى بحزب "العيش والحرية"، الذى يمثله الناشط خالد على.
ونشرت الناشطات بيانًا موقعًا باسم 59 شخصية نسائية، أن عضوات من مجموعة "ثورة البنات" حضرن اجتماع لجنة قضايا المرأة بحزب "العيش والحرية"، يوم الإثنين 5 فبراير 2018، وأفدن بأن الاجتماع ناقش واقعة ادعاء إحدى العاملات السابقات بـ"المركز المصرى للحقوق الاجتماعية والاقتصادية"، وأن أحد زملائها مارس معها علاقة جنسية بغير رضاها، "اغتصاب"، أثناء غيابها عن الوعى، فى حين طلب آخر ممارسة الجنس معها، مستغلًا كونه فى موقع اجتماعى أعلى بحكم نشاطه فى المجال العام، منذ ما يقرب من أربع سنوات.
اقرأ أيضًا:
«المصيدة 4»| عن مؤسس العفو الدولية اليهودى وعلاقته بمخابرات بريطانيا
«المصيدة 3»| الإخوان يخترقون منظمة العفو الدولية بـ«ياسمين»
وأفادت الناشطات بأن الفتاة قامت بإرسال رسالة إلكترونية "إيميل"، إلى إحدى صديقاتها وطلبت منها تمريرها لتحذير نساء أخريات قد يختبرن نفس التجربتين، وأوضحت أن الرسالة خطوة على طريق التعافى، وأنها الآن خارج مصر.
وأضاف بيان ثورة البنات أنه بعد تداول الموضوع عبر وسائل التواصل الاجتماعى، تلقت صاحبة الشكوى فى 19 يناير 2018 دعوة للانضمام للتحقيق، رفضتها بسبب معرفتها للتاريخ الأسود للتحقيقات والطريقة التى يدار بها فى هذا النوع من القضايا المتعلقة بقضايا المرأة، منوهين بسيطرة روح "الشللية" وتأليه المتهمين وحماية "مصلحة الجماعة" و"عدم تشويه صورتنا فى الخارج".
خلاف لندن وإسطنبول
لم تكن أزمة فتاة الإيميل هى كل همّ "على"، حتى التوكيلات لم تكن تعنيه كثيرًا، فهو يعلم أنه لن يجمعها، لكن كان ما يشغله هجوم قنوات الإخوان فى إسطنبول عليه مع إعلان عودة شفيق إلى القاهرة والحديث المتزايد عن مشاركة سامى عنان، كان يعلم أن ظهور تلك الأسماء كفيل بإخراجه من المشهد، وضياع الدعم الذى كان ينتظره فى الانتخابات، ربما انتبه إلى أنه دخل على خط الأزمة والخلاف المشتعل بين قنوات الإخوان المدعومة قطريًّا فى إسطنبول، والأخرى الموجودة فى لندن ويديرها عزمى بشارة، والذى كان من الواضح أنه مع دعم الإخوان وقطر لخالد على، باعتباره شابًّا ومناضلًا يمثل 25 يناير، بينما انحازت الدوحة وقنوات إسطنبول وثيقة الصلة بها لأحمد شفيق وسامى عنان .
كما أن دعم ما سُمى بالأحزاب المدنية له لم يكن كافيًا، فهو يعلم جيدًّا مدى ضعفهم فى الانتخابات، ولذلك تابع المشهد عن كثب إلى أن تم القبض على سامى عنان، وإعلان شفيق عدوله عن الترشح عقب عودته للقاهرة، كان ينتظر إشارات الدعم لكنه لم يجدها، فلقد كان صراخ الدوحة وتنظيم الإخوان، على "عنان" يصم الأذان، وهو ما أكد لعلى أنه خارج كل الحسابات، لذلك قرر الانسحاب منعا للإحراج وحفاظًا على صورة البطل، ولذلك ربط بين انسحابه والقبض على عنان حتى لا يخرج صفر اليدين.
اقرأ أيضًا:
«المصيدة 2»| اكتشِف بوابة الإخوان الذهبية لدخول البيت الأبيض
المصيدة «1»| كيف تسلل الإخوان إلى منظمات حقوق الإنسان؟
وكان القدر أسبق من حرص البشر، تعرضت صورة البطل لخطر داهم بموضوع فتاة الإيميل، ووجد على نفسه محاصرا بعيون متشككة أينما ذهب، ولاحقته الأسئلة من ناشطات وحزبيات، ومع تصاعد الضغط قرر أن يكتب النهاية بخطاب استقالة من الحزب، وتهدئة الناشطات بكلمة اعتذار لكل من عمل معهم، والخروج خارج المشهد السياسى مؤقتًا لحين إطفاء الحريق.
