نسر الصعيد وبالحجم العائلى وفطوطة وحلى ودنك
تدرك "D. media"أن النجاح صعب لكن الحفاظ عليه أصعب، ولهذا لا تكرر نفسها، ولا تتحول بمرور الوقت إلى لوحة محفوظة يملُّ الجميع منها كما يحدث فى وسائل إعلام تابعة لشركات أخرى.
قدمت الشركة فى رمضان خرائط متميزة، سواء فى الراديو 9090 أو قنوات dmc أو قناة الناس، خرائط كانت الغلبة فيها للموضوعات والأفكار التى تهم الشارع المصرى، ولأجل هذا استقطبت النجوم الكبار الذين ارتبط بهم المصريون، وأيضاً استعادت معهم الذكريات الجميلة، كما فعل الراديو 9090 الذى يقدم بنجاح كبير فوازير فطوطة للموسم الرابع على التوالى.
عملاق اسمه يحيى الفخرانى
ليس لدىَّ شك أن مسلسل "بالحجم العائلى" سيكتسح الترشيحات فى نهاية رمضان، وكل الجوائز التى تتعلق بالدراما. وجود نجم بقدرات يحيى الفخرانى يضمن للمسلسل النجاح، فهذا النجم يحول كل ما يلمسه إلى ذهب. حضوره طاغ وآداؤه مذهل. يجسد الفخرانى شخصية سفير سابق، ترك العمل الدبلوماسى والسياسى وراء ظهره، وبدأ فى الجرى وراء حلم قديم، حلم بتحقيق السعادة التى لم يجدها طوال الوقت، حتى ولو غيَّر حياته جذرياً، وهكذا يذهب إلى "مرسى علم" ويفتتح فندقه هناك، فندقه الذى تعكس كل تفصيلة فيه لمساته المحبة للبشر وللحياة.
ليس المكان فقط هو ما صنعه يحيى الفخرانى ولكن حالة الحب الجارفة التى كوَّنها فى محيطه، فكل العمال، وعلى رأسهم الطباخون يحبونه، ويعتبرون أنهم يتعاملون مع أبيهم لا مديرهم، وكذلك ابن شقيقه "أحمد مجدى" الذى يساعده فى الأمور الإدارية، والذى يقدم دوراً ممتازاً هو الآخر، ومدربة الرقص "ندى موسى"، وحتى مدير أمن الفندق "سامى مغاورى" الذى ينقل كل صغيرة وكبيرة لزوجته "مرفت أمين".
استطاع يحيى الفخرانى بآدائه السهل الممتنع أن يجعلنا نشعر بنفس المتعة التى يشعر بها، وهو يطبخ، وهو يحدثنا عبر "البث المباشر" على "فيسبوك" عن ضرورة أن نحب طعامنا، وأن نحب بعضنا، كما استطاع أيضاً أن يضفى على الشخصية أبعاداً أخرى بعصبيته المفاجئة وقراراته المتهورة بفصل العمال، لكننا سرعان ما نعرف، مثل هؤلاء العمال، أنها مجرد "تهويش" وهذا الإنسان الطيب لا يمكن أن يتسبب فى إيذاء شخص يحبه أو حتى يكرهه، ومع هذا نكون متحسِّبين تماماً للحظة التى ينفعل فيها مثلما يتحسب المحيطون به.
لا يعيش الفخرانى السعادة كاملة، فسرعان ما سنكتشف أن التعاسة تطارده، وأن هناك نقطة ضعف خطيرة تشكل كابوسه الضخم، وهى أبناؤه البعيدون عنه. إنهم لا يحبونه كما يريد، وفى الأغلب تربطهم به شعرة بسيطة هى شعرة المصلحة، كما أن الأم والتى تؤدى دورها باقتدار الفنانة مرفت أمين تزيد الفجوة بينه وبينهم، صحيح أنها لا تزال على ذمته، إلا أن كلاً منهما يعيش فى مكان، هى فى فيلا بالقاهرة وهو فى فندقه بـ"مرسى علم"، تجسد مرفت أمين أيضاً ذلك الشعور المتناقض الذى يسيطر عليها، الغضب الشديد منه لاتجاهه إلى الطبخ بعد أن كان سياسياً ملء السمع والأبصار، وفى نفس الوقت يستطيع الأعمى أن يلمس حبها الشديد له.
الفخرانى ممثل التراجيديا العظيم هو أيضاً كوميديان عظيم، واستطاع حتى تلك اللحظة أن يُدخِل البسمة على كل متابعيه بطريقته الساحرة فى الآداء، حيث تحوَّل إلى طفل كبير يبحث بكل الطرق عن الحب فى عيون أبنائه، الذين نكتشف بمرور الوقت أن ابتعادهم عنه دمرهم واحداً واحداً، وواحدة واحدة، حيث يستعرض المسلسل مشكلاتهم ونكتشف بمرور الوقت الكوارث والتمزقات التى يعيشونها. هكذا يمثل الفخرانى أنه تعرض لأزمة قلبية مرة ويمكث فى المستشفى ليستدر عطفهم بمعاونة صديقه الطبيب وابن شقيقه "أحمد مجدى"، وكذلك يُسرِّب لهم أنه على علاقة بمدربة الرقص "ندى موسى" الشابة الصغيرة حتى يشعروا بالغيرة ويتركوا أعمالهم ويأتوا إليه لإثنائه عن الزواج منها. يحيى الفخرانى لا يحتاج إلى شهادة منى، وهو الممثل صاحب الكاريزما، وصاحب الضحكة البريئة، التى تخرج من قلبه إلى قلبك مباشرة، الذى يستطيع أن يجعلك تشعر بالسعادة فى لحظة، ويجبرك ولو كنت غليظ القلب على الضحك والابتسام، والذى يستطيع فى اللحظة التالية مباشرة أن ينتزع دموعك. يواصل الفخرانى بهذا المسلسل رحلته العظيمة مع الدراما مقدماً اللون الخفيف الذى افتقدناه فيه لوقت طويل، وقد صار علامة على الإفطار فى كل بيت مصرى حيث يطل علينا عبر dmc فى هذا التوقيت يومياً، ليشاركنا إفطارنا، ونشاركه بهجته، وبحثه عن السعادة، بنفس لهفته وبنفس صدقه.
لماذا تشعرون بالغيرة من محمد رمضان؟!
لا أريد الإسهاب فى تفاصيل مسلسل "نسر الصعيد" والذى كان يسير فى خطين متوازيين، فى حلقاته الأولى. رحلة الأب "صالح القناوى" كبير قنا، والقاضى العرفى لها، وابنه "زين" الذى يتخرج فى كلية الشرطة، والاثنان يقدمهما محمد رمضان، قبل أن ينقطع خط مهم منهما، بموت صالح القناوى على يد هتلر "سيد رجب" حرقاً، وإنما أريد التركيز فى تلك الحملة الممنهجة من الهجوم على محمد رمضان، والتى ترى أنه يكرر نفسه، وأنه إذا كان قدم شخصيتين قبل ذلك فى مسلسله "الأسطورة" فلماذا يقدم شخصيتين الآن؟! بل يزيد أصحاب هذا السؤال فى أن الآداء يشبه آداءه القديم، وأظن أنه إذا كان هذا السؤال صادراً من شخص عادى فله عذره لكنه حين يكون صادراً من ناقد فنى فليس له أى عذر، يستطيع الأعمى أن يرى تلك اللهجة التى تحدث بها محمد رمضان فى شخصية "القناوى" ذلك الصوت الطيب الرتيب الذى يمد آخر حروفه كعادة الصعايدة الطيبين، الشخص الذى يمد يده بالخير للمحتاجين، وبالعصا للمتجاوزين فى حق الغلابة وفى حق آبائهم وأمهاتهم.
كان محمد رمضان مقنعاً بالنسبة لى فى هذا الدور، ولم أر أى تشابه بينه وبين شخصية رفاعى الدسوقى، كما أن شخصية زين لا علاقة لها كذلك بشخصية شقيق الدسوقى، فالثانى ظل لفترة يشعر بالظلم، بينما الأول لم يعرف معنى الظلم وحياته هو من يسيطر عليها ومن يحددها. أظن أن هناك نوعاً من الغيرة وراءها ممثلون آخرون، وربما منتجون، من يدرى، وراء الهجمة على محمد رمضان، الذى يقدم فى عمله الجديد "نسر الصعيد" دورين جديدين بالنسبة له تماماً يستحق عنهما التقدير.
المدرسة المصرية على dmc
لا أريد ترك dmc قبل التأكيد على أنها ترسخ للهوية المصرية، ليس تعالياً على الآخرين، أو انعزالاً عنهم، ليس نوعاً من الشوفينية، وإنما رغبة فى تقديم الشخصية التى اشتهرت بوسطيتها، وعدم مغالاتها، ومحبتها للجميع، وأيضاً ارتباطها الكبير بشهر رمضان، ابتداء من قرآن المغرب بصوت الشيخ محمد رفعت، ومن البرنامج المهم الذى يسبقه، وهو "مصرى.. حكاية صنايعية بلدنا" والذى يغنى تتره على الحجار، ويعلق عليه صوتياً الكاتب الكبير يسرى الفخرانى، ويعده هشام سلام، ويخرجه محمد شاكر، يقدم ذلك البرنامج، بشكل يجمع بين الكلمة والصورة والموسيقى والأغنية، الحرف المصرية الأصيلة، يقرِّبُها منا ويقدمها إلى أجيال جديدة أبعد ما تكون عنها، يتحدث عن الأرابيسك، الفوانيس، الخيامية، صناعة النحاس، صناعة الزجاج، السبح، وغيرها الكثير. ذلك البرنامج واحد من البرامج التى يجب النظر إليها بعين الاعتبار، لأنها تسلط الضوء على الأشخاص الذين لا يزالون يؤمنون بقيمة الصناعة اليدوية فى بلدهم فتحية إلى كل المشاركين فى صناعته.
عبدالفتاح مصطفى مفاجأة قناة "الناس"
كل عام فى مسيرتها تزداد قناة الناس تألقاً، وتضيف إلى برامجها الكثير. القناة التى اعتمدت بدورها المدرسة المصرية كانت حاضرة ببرامج دينية تهم الشارع المصرى. ليست قناة منفصلة عن الواقع، وهى أول قناة دينية تستطيع من خلالها الاستماع إلى موسيقى، ألسنا ننتمى إلى المدرسة المصرية الوسطية التى لا تغالى فى كل شىء؟
هذا العام وفى رمضان تحديداً انضم عبدالفتاح مصطفى، المذيع الناجح فى 9090 والذى ارتبط فى الأذهان بتقديم المطربين الشعبيين، إلى القناة ببرنامج جميل اسمه "حلى ودنك" متخصص فى "الإنشاد الدينى، والابتهالات، والموشحات الدينية"، لم تأت اختياراته اعتباطاً وكانت متفقة مع توجهات القناة، حيث نقلنا إلى حالة دينية شديدة الجمال، مزيج من الموسيقى والابتهالات والأصوات الشجية التى تتجاوز جدران الاستديو إلى السماء، قدم لنا منتصر الأكرت، الإخوة أبو شعر، آية طبلاوى حفيدة الشيخ الطبلاوى، محمد الجزار، محمد مسعود، الشيخ إيهاب يونس، القارئ سعيد هزاع، والمنشد محمد عبد الرؤوف السوهاجى، ولا يزال فى جعبته الكثير. بعض الأغنيات التى تم غناؤها فى هذا البرنامج كسرت حاجز المليون مشاهدة مثل الأغنية الرائعة " "قمر سيدنا النبى" الذى قدمته فرقة الإنشاد السورية "الإخوة أبو شعر". عبدالفتاح مصطفى مذيع مجتهد، ولديه الكثير ليقدمه وهو يستحق تحية كبيرة عن برنامجه الرائع "حلى ودنك"، فهذا البرنامج اسم على مسمى.