
أعمال المقاولات
وتتضمن تلك الإعلانات البحث عن مقاولين لإنجاز أعمال التشطيب والإنشاء أو أعمال الكهرباء والصرف وغيرها.
فى تلك السطور يستعرض "مبتدا" ما يجرى من إسناد عمليات الإنشاء والتشطيب من الباطن، بعدما حصل على إعلانات بطلب مقاولين للعمل من الباطن مع المقاول الأساسى "أعمال متكاملة"، داخل مشاريع سكنية بمنطقة التجمع الخامس، ومنها الإعلان عن حاجة شركة مقاولات كبرى لأعمال البياض والدهانات والسباكة، وحاجة أخرى إلى مقاول أعمال شبكات الصرف ومياه لمجمع سكنى به فيلات، وهى المنطقة التى شهدت أزمة مؤخرا تمثلت فى سوء إدارة أزمة مياه الأمطار والسيول، بل وصل الأمر إلى الوقوف "محلك سر" دون التعامل معها، إلى أن أغرقت شوارع القاهرة الجديدة، وتحديدًا شارع التسعين، الشارع الأكبر بالمدينة التى تنتمى إلى الجيل الثالث، والمصنفة بالأحدث فى المدن المصرية.
بعد واقعة غرق الشوارع، تم إيقاف عدد من مسؤولى جهاز مدينة القاهرة الجديدة عن العمل، وأحيلت الوقائع إلى النائب العام لاتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية، وثبت توقف بعض محطات الرفع بالمدينة لفترات طويلة تصل لعدة ساعات، وانقطاع التيار الكهربائى، وظهر خلل جسيم بنظام الصرف فى القاهرة الجديدة برمتها، كما تبين وجود أعطال جوهرية بالعديد من الطلمبات ومولدات الكهرباء وشبكات الحريق وبعض لوحات التحكم الرئيسية لتشغيل الطلمبات الخاصة بنظام الصرف الصحى، وعدم كفاية مطابق الصرف بالطرق الرئيسية والفرعية، وانسداد المطابق وعدم وجود خطوط صرف أو بالوعات بطريقى الكورنيش والأوتوستراد، وتجمع المياه وإعاقة حركة المرور بالطريق الدائرى، وكلها أمور تتعلق بأعمال المقاولات التى جرت بتلك المناطق.
المهندس عادل الكاشف، رئيس جمعية الطرق، قال إنه لا يوجد ما يسمى بـ"مدينة مختلفة المناسيب"، كما صرح بعض مسؤولى المدينة، لافتًا إلى أن السبب وراء غرق المدينة يعود إلى عدم وجود شبكة مطابقة للمعايير الهندسية لتصريف مياه الأمطار، فمعظم المدن الجديدة مثل الشروق والرحاب والتجمع غرقت فى مياه الأمطار لغياب الإشراف الجيد على المشروعات أثناء تنفيذها من قبل الجهات المعنية، وغياب الضمير، بجانب ضعف الكفاءات البشرية الهندسية.
وبالعودة لأغلب أعمال تلك المدينة، وجد أن عددا من مشروعاتها تم أسنادها لمقاولين من الباطن لاستكمالها، خلال الفترة قبل وبعد أحداث يناير، وسط غياب الرقابة على جودة وسلامة الإنشاءات.
أسباب مشاكل المشروعات
"قانون المزايدات والمناقصات لا يلزم الشركة المسند إليها المشروع عدم التعامل مع مقاولى الباطن".. فوفقًا لما أكده المهندس محسن يحى، رئيس الاتحاد الموازى لمقاولى البناء والتشيد، فإن عدد شركات المقاولات الكبرى التى تتولى إنشاء المشروعات القومية والمدن الجديدة والمشروعات الخاصة، يبلغ نحو 40 شركة مقسمة ما بين شركات قطاع أعمال يبلغ عددها 23 شركة، والبقية شركات خاص، وهو ما يعنى أن ما يزيد عن 86% من إجمالى عدد الشركات التى تصل لنحو 30 ألف شركة، تتولى الإسناد من الباطن وجميعها من الفئات الرابعة وحتى السابعة طبقا لتقييم الاتحاد المصرى للمقاولين، وتعثر قرابة 26 ألفا، و400 مقاول منذ عام 2003، وقرابة 15 ألف متعثر بعد أحداث يناير.
أسباب انهيار المشروعات
وكشف رئيس الاتحاد الموازى للمقاولين عن أن ما حدث بالتجمع الخامس هو نتاج لما تمر به السوق العقارية، وتعثر الشركات على مرحلتين، الأولى بعد تحرير سعر الصرف عام 2003، والثانية بعد ارتفاع أسعار مواد البناء، وخسرت أغلب الشركات مئات الملايين نتجية لفروق الأسعار لصالح الجهة المسندة للمشروعات، وبالتالى تم غلق آلاف الشركات بعد أحداث يناير، ورغم أن الدولة تلزم الشركات المسندة إليها بدفع قيمة تأمين 2.9% عن المشروع و10% متأخرات لما بعد التسليم، إلا أن الشركات الكبرى للمقاولات تعقد تعاقدات من الباطن مقابل 10 و14% تأمينات غير قانونية من الشركات الصغرى، بالاضافة إلى 10% متأخرات لا تحصل عليها الشركات بعد انتهاء المشروع، لتحصل الشركات الكبرى على أرباح من الجهتين، الجهة المسندة وصغار المقاولين، وتلزم المقاول الصغير بالتسليم فى موعد وبسعر معين، وهو ما يضطره للاستعانة بعمالة رديئة وخامات غير مطابقة لتحقيق هامش ربح من المقاولة.
مقاول الباطن
وعن ماهية مقاول الباطن، يقدم "م. أ"، أحد كبار المقاولين، شرحا مبسطا، فيقول: "مقاول الباطن هو الشخص اللى شركة المقاولات بتوكله يخلصلها شغل فى المشروعات اللى هى ماسكاها فى مقابل مبلغ مالى يتم الاتفاق عليه بشكل مسبق، وبالنسبة لنا كشركة مقاولات دخلنا فى مشروع بناء عمارات سكنيه وأخدناه بالكامل من أول حفر الأساس لحد ما نشطبه ونسلمه للمالك على المفتاح، وطبيعى أثناء شغلنا فى المشروعات دى إننا نجيب ناس من بره الشركه يعملولنا شوية شغل زى أعمال الحفر والدهانات والكهرباء وغيرها، الناس دى بقا بنسميهم مقاولى الباطن".
وأضاف: "بعد ما بتفق مع مقاول الباطن على الشغل اللى هايخلصهولى ويبدأ يشتغل بييجى على فترات بيقدملى بيان بالأعمال اللى أتمها بالفعل عشان ياخد فلوس مقابلها، يعنى لو أنا كنت مكلفه يعملى تشطيبات الكهرباء خلال الشهر ده بييجى فى آخر الشهر يقدملى بيان يقولى فيه إن الشغل اللى اتفقنا عليه أنهيته بالكامل أو خلصت80% منه، بعد كدا المهندسين بتوعى بييجوا يعتمدوا الكلام ده بعد مابيعاينوا ويشرفوا بنفسهم، وبناء على كدا نبدأ ندفعله فلوسه بعد ما نستقطع منها الخصومات المختلفه زى تأمين ألاعمال اللى بخصمه منه لحد مايخلص شغله ويتمه على أكمل وجهه، مثل ضريبه الخصم من المنبع اللى بخصمها عليه وأوردها لمصلحة الضرائب والتأمينات الاجتماعيه وغيرها من الاستقطاعات المختلفه".
ويضيف أحد مقاولى الباطن ويدعى أشرف الباجورى: "مينفعش نشيل المسؤولية كلها لوحدنا، المقاول الكبير بياخد المشروع بالاسم فقط ويسنده لأكتر من شركة مقاولات، فيما يعرف بالأعمال المتخصصة مثل أعمال الحفر والعزل والنجارة والحدادة والبياض والصرف والمياه، لأن الشركات الكبرى عبارة عن أعمال إشراف ولكن كونها من الفئة الأولى "أعمال متكاملة"، تسند إليها الأعمال، إما مناقصات أو بالأمر المباشر، وأغلب تلك الشركات لا تملك العمالة الكافية والمتخصصة أو الخبرة اللازمة فى تلك المجالات، وتقوم بإسناد الأعمال لنا بدون أى ربح، بالإضافة إلى أنها تحصل تأمينات من مقاول الباطن تصل لـ13 و14%، رغم أنها دفعت 2.9% فقط، ومنقدرش نرفض الشروط دى، وكمان 10% تأمينات لحين الانتهاء من المشروع هى الأخرى لا نحصل عليها".
دفاع صغار المقاولين
وأخذ فى تبرير المشكلات الفنية التى تشهدها المشروعات بالقول: "المقاول الكبير كأنه بيقولنا نسرق، لما يحصل هو على كل الأرباح من جهة الإسناد، وكمان يحصل مننا تأمينات غير رسمية من الباطن، وكل ما يهمه هو تسليم المشروع بنفس التكلفة المرصودة والمدة الزمنية المحددة، ولهذا كثير من صغار المقاولين يضطر لشراء خامات رخيصة والاستعانة بعمالة دون المستوى".
وتابع الباجورى: "مقاول الباطن يضطر للإسناد إلى مقاولين أصغر، ولهذا تجد أن نظام المقاولة من الباطن قد يتعدى 5 و6 مقاولين بالتسلسل داخل نفس المشروع، ليتحول المشروع إلى سلسلة من أعمال مقاولى الباطن، وهو ما يترتب عليه إهدار كبير للمال العام زى اللى حصل فى انهيار كوبرى جامعة سوهاج والتجمع الخامس وطريق السخنة، وتضيع المسؤولية المهنية والجنائية حال وقوع أى كارثة".
واشار إلى أنه لابد من الإسناد لشركة لديها إماكنيات فنية وكوادر بشرية تمكنها من إنجاز المشروع، وليس فقط لشركات بعينها، خصوصا إذا كان مشروعا قوميا، فقطاع المقاولات فى مصر يحتاج إلى أن يكون منظما أكثر من ذلك خلال المرحلة المقبلة، وتدخل الجهات المسؤولة مثل وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية والمرافق وأجهزة المدن الجديدة واتحاد المقاولين لتشديد الرقابة على المشروعات القومية الكبيرة التى تسندها للشركات، لضمان عدم تلاعب صغار المقاولين خصوصا أن بعضهم يكون غير مرخص وبدون أى عقود تثبت مشاركته بالمشروع".
ثغرات "المزايدات والمناقصات"
وانتقد مقاول الباطن قانون المزايدات والمناقصات، وقال إنه لا يحمى صغار المقاولين، ولا يضع شروطا للعقود المبرمة من الباطن بينهم وبين شركات الأعمال المتكاملة التى تستحوذ على سوق أعمال المقاولات، ولا يمارس الاتحاد المصرى للمقاولين أى دور فى ذلك، رغم سداد الاشتراكات، ولم نحصل على التعويضات حتى الآن، ولم يتم حل مشاكل الإسناد وضمان مخاطر ارتفاع الأسعار، ومازال الإسناد المباشر لكبرى الشركات دون الصغيرة.
موقف الرئيس
بالفعل تعرضت بعض المشروعات القومية لمشكلات متمثلة فى التعثر ورداءة المشاريع وسوء تنفيذها وغياب الجودة، وهو ما دفع الرئيس عبدالفتاح السيسى، آواخر العام الماضى، إلى إصدار القرار رقم 349 لسنة 2017 بتشكيل لجنة لدراسة مشروعات الدولة المتعثرة برئاسة المهندس إبراهيم محلب، مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية، وعضوية كل من مستشار رئيس الجمهورية لمكافحة الفساد، ومستشار رئاسة الجمهورية للتخطيط العمرانى، ومساعد وزير الدفاع للشؤون القانونية للأراضى والمشروعات، ومساعد رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، ورئيس المكتب الاستشارى بالكلية الفنية العسكرية، ورئيس مركز المعلومات والتوثيق برئاسة الجمهورية، وممثل هيئة الرقابة الإدارية، وفقا لنوعية المشروعات المتعثرة، وممثل عن وزارة التخطيط، وممثل عن الوزارة أو المحافظة المختصة، وممثل لجهاز الدولة المتعاقد على تنفيذ المشروع.
ووفقا للقرار، تختص اللجنة بتحديد مشروعات الدولة المتعثرة ودراسة أسباب تعثرها، ودراسة تحديد الأسلوب الأمثل لإزالة هذا التعثر واستكمال هذه المشروعات بالتشاور مع الوزارات والمحافظات المختصة، ومتابعة تنفيذ إجراءات إزالة التعثر والبت فى المشكلات التى تعترض هذا التنفيذ، وتقييم النتائج بعد استكمال هذه المشروعات وتحديد الأسلوب الأمثل لتشغيلها، وترفع اللجنة توصياتها إلى مجلس الوزراء متضمنة الإجراءات التى سيتم اتخاذها لإنهاء مشروعات الدولة المتعثرة لإقرارها حتى تكون واجبة التنفيذ.
حجم المشروعات
فيما أكد السفير بسام راضى، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، أن حجم المشروعات القومية التى تمت والتى يجرى تنفيذها حاليا يفوق ما تم خلال الـ30 عامًا الماضية، منوها بأن تلك المشروعات تغير خريطة مصر، سواء الاستزراع السمكى أو الإسكان أو المراكز التنموية، من خلال إنشاء 12 مدينة جديدة و20 جامعة جديدة، منها 6 جامعات فى العاصمة الإدارية الجديدة، علاوة على المشروعات الصغيرة والمتوسطة للشباب والمجتمعات العمرانية الجديدة وما تحمله من تجمعات سكانية.
تجاوزات مقاولى الباطن
يقول المهندس إبراهيم العارف، الخبير العقارى: "إن مقاولى الباطن مصنفون درجات، فهناك مقاول درجة 5 أو 6 أو 7 وكل حسب إمكانيته وقدراته الفنية وخبراته فى تنفيذ المشروعات، وبعض هؤلاء المقاولين لا يعملون فى حدود إمكانياتهم وبالتالى تقع الكوارث عند تنفيذ أحد المشروعات سواء كوبرى أو غيره ثم انهياره مرة أخرى، ولا بد من تشديد الرقابة على المشروعات القومية التى تنفذ حتى لا تقع كوارث مثل ما حدث من انهيار كوبرى سوهاج، أو غرق التجمع.
وأضاف: "لا بد أن يكون هناك مهندس معتمد من وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية والمرافق، وآخر من اتحاد المقاولين يتم إطلاعهم على بيانات أى مشروع يتم طرحه من أجل المتابعة وتشديد الرقابة على هذه المشروعات حتى لا تنهار، كما يجب أن يكون اتحاد المقاولين طرفا فى هذه المشروعات لمحاسبة هذه الشركات، لأن مقاولى الباطن يهدفون إلى الربح دون الاهتمام بالجودة، وتطل الشركة الكبرى المسند لها المشروع هى المسؤولة، وتلك هى الثغرة التى يترتب عليها وقوع مخالفات فنية، ومالية، وقانونية".
وقائع ماضية
جدير بالذكر أن هناك بعض الوقائع التى جرت لسوء تنفيذ المشروعات، مثل ما حدث فى يونيو 2011، من هبوط أرضى بطريق الكريمات، ابتلع 3 سيارات مما أدى إلى وفاة 3 أشخاص وإصابة 17 آخرين، وأرجع الخبراء السبب إلى سوء تنفيذ المشروع من جانب مقاول الباطن الذى أغفل تركيب البرانخ "المواسير" فى مجرى السيول ما أدى إلى تراكم مياه الأمطار، كما تم استخدام مواد غير مناسبة ما سبب تحريك الطبقة السفلية من الطريق بفعل المياه إلى جانب عدم "التدبيش والتكسية" على جانبى الطريق لمنع اختراق المياه للطبقة السفلية.
وشهدت محافظة سوهاج انهيار ما يزيد على 70 مترا من كوبرى طريق سوهاج الجديدة، الواصل بين المدينة ومنطقة الكوامل، بعد 8 أشهر فقط من تشغيله، وكان الهدف منه تقريب المسافة بين سوهاج القديمة، والجديدة.
ومؤخرا ما حدث بطريق العين السخنة من تآكل جزء من الأسفلت نتيجة اندفاع المياه الشديد، خلال السيول الأخيرة، مع انهيار بعض الأجزاء من جوانب الطريق، وذلك فى مسافات متفرقة، وتم حصر 6 مناطق مضارة بطريق السويس - السخنة تصل لنحو 5 كيلومترات، ما بين انهيار خرسانات وتجريف أسفلت، طبقا لتصريحات الهيئة العامة للطرق والكبارى.
دراسة هامة
وأكدت دراسة صادرة عن الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة بشأن حوادث الطرق، أن حوادث المركبات ترتبط مع المثلث المرورى بأضلاعه الثلاثة المتمثلة فى شبكة الطرق والمركبة والعنصر البشرى "السائق"، ما يتطلب حسن اختيار مقاولى الباطن لضمان جودة أعمال الرصف بما يتفق مع طبيعة نشاط الطرق "طرق شريانية، وزراعية، وصحراوية، وجبلية، وساحلية"، وذلك من حيث المعدات المستخدمة والخامات التى يمكن أن يكون لها تأثير على الطرق.
وذكرت الدراسة، أن بعض الشركات المسند إليها أعمال الطرق لا تحقق المستهدف منها وذلك بسبب تهالك المعدات المستخدمة وزيادة الأعطال الفنية وعدم إعداد دراسة الجدوى السليمة وعدم الدقة والواقعية فى بعض التقديرات بالموازنة التخطيطية، ما يؤدى إلى تأخر التنفيذ وزيادة التكلفة عن قيمة الأعمال المنفذة.
تقاعس المقاولين
أما الدكتور رضا حجاج، أستاذ التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة، فقد أوضح خلال تصريحات صحفية له أن تقاعس بعض شركات المقاولات عن تنفيذ المشروعات المتعاقد عليها كان سببًا فى إهدار أموال طائلة وتعطيل تنفيذ العديد من المشروعات، وهو ما يفسر لجوء الدولة إلى بعض شركات المقاولات الدولية، فى تنفيذ بعض المشروعات القومية، نظرًا لدقتها فى الأداء وسرعة تنفيذ المشروع فى التوقيت المحدد له، والتزامها بالمواصفات المحددة، بدلا من تردى أوضاع المشروعات وإهدار المال العام.
غياب الأساليب العلمية
واضاف حجاج أن مقاولى الباطن يفتقرون للأساليب العلمية فى تنفيذ المشروعات، وهو ما أدى إلى ضعف كفاءة تنفيذ المشروعات، سواء كانت بناء عقارات أو رصف طرق، نتيجة بحث المقاول من الباطن عن مكسب من خلال تقليل جودة الخامات والتلاعب فى المواصفات والمقايس، وهو ما يؤكد أن ما حدث بالتجمع نتيجة لعدم كفاءة مقاول الباطن وغياب الأساليب العلمية، وعدم الاهتمام بالدراسات الهندسية الخاصة بصرف مياه الأمطار والسيول من شبكة الطرق، من قبل الشركات.
موقف "القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى"
من جهته قال المهندس أشرف زكريا، نائب رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، إن وضع مقاولى الباطن لم يجرمه قانون المناقصات والمزايدات، فمن الممكن طرح عملية تأخذها شركة كبرى، لكن للأسف تسندها لمقاولين غير جادين وغير مسجلين بالهيئة، وهنا تكمن المشكلة، لأن القانون لم يتح لنا إلزام الشركات الأساسية المسند إليها بالتعاقد مع شركات من الباطن من بين تلك المعروفة لدينا، وهناك تقييم بالهيئة به بيانات لبعض صغار المقاولين، وخصوصا أننا تعرضنا لمشاكل سابقة مع بعض صغار المقاولين، وتقييمهم سىء لدى الهيئة، ولكن لا سلطة لى على شركة المقاولات.
وعن إجراءات الرقابة على المشروعات، قال: "لدى قطاع تفتيش فنى يراقب المشروع بكل تفاصيله، ويتعامل مباشرة مع الشركة الكبرى فقط، وليس له صلة بمقاول الباطن، فتعاملتهم مع الشركة الأم من خلال العقود، ولا أحاسب مقاول الباطن على التقصير وإنما أحاسب المقاول الأساسى، ولو حدثت مشكلة يتم إمهالها لتلافى المشكلة، وإذا لم يتم الإصلاح، يتم الخصم من مستحقات الشركة المسند إليها الأعمال، وهناك ضمان سنة لبعد الانتهاء وضمان عشرى خلال العشر سنوات الأولى بعد تشغيل المشروع، وتخضع أعمال الهيئة بشكل عام ومشروعاتها لرقابة هيئة الرقابة الإدارية والجهاز المركزى والوزارة والبرلمان والتفتيش الفنى بالوزارة ووزارة المالية".
وتابع: "ما حدث بالتجمع الخامس، ما زال قيد التحقيق، والخطأ من الإشراف والتنفيذ، وفى حالة ثبوت تورط مقاولين سابقين طبقا للعقود فسيحاسب كل مخطئ حسب خطأه، ونأمل أن يعمل القانون الجديد على حماية المهنة من الدخلاء والشركات غير المرخصة التى تفتقد للعمالة المدربة والماكينات المؤهلة للتنفيذ، مع ضرورة إلزام المقاولين الرئيسيين بالتعاقد مع شركة لها سابق عمل وخبرة جيدة، لأن أمامنا مسؤولية، فحوالى 45% من سكان مصر بلا صرف و19% من القرى مغطاة بالصرف الصحى، وحجم الاستثمارات وصل إلى أكثر من 200 مليار جنيه".
فيما أكد المهندس عبدالمطلب ممدوح، نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية، أن وجود مقاولين من الباطن فى مشروعات الهيئة، يخضع لرقابة المهندسين والاستشاريين بالهيئة، خلال كافة مراحل المشاريع، ولو حدث قصور يتم محاسبة مسؤول الشركة الكبرى للمقاولات المسند إليها المشروع وليس مقاول الباطن.
إجراءات "المصرى لمقاولى التشييد"
ويذكر المهندس، داكر عبدالله، عضو مجلس إدارة الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء، أن هناك خمس شعب للمقاولين، و7 فئات لأعمالهم، وطبقا لقانون المناقصات والمزايدات، يتم إسناد المسؤولية كاملة للمقاول الرئيسى، ولو حدث تجاوز يتم التحقيق فيه، وطبقا للعقود من الباطن يتم معرفة المسؤول، لكن فى حال حدوث خلل إنشائى بمشروع، يلتزم المقاول الأساسى بالإصلاح مقابل مهلة زمنية، لافتًا إلى أن أغلب شركات المقاولات الكبيرة، دورها عبارة عن خدمة وإشراف وتنسيق، وكأنها واجهة للعمل، ولكنها فى الباطن تستعين بأكثر من مقاول لإنجاز الوقت والعمل.
وبشأن ما يحدث من مقاولى الباطن من فرض تأمينات تصل إلى 13 و14%، قال عبدالله إن تلك العقود غير قانونية ويمكن لمقاول الباطن أن يشتكى الشركة الكبرى، من خلال لجنة حل المشكلات، وتوقيع عقوبة تصل للغرامة والوقف عن العمل، وإذا وجد مقاول غير مرخص من الباطن، تحاسب شركة المقاولات التى تعاقدت معه، وتتعرض لخطر الغرامات والغلق.
وتابع: "طرحنا تعديلات لقانون المناقصات والمزايدات لحل مشكلات المقاولين ووضع ضمانات للعقود ومخاطر العمل، وصرف التعويضات للشركات المتعثرة، ومنحهم مهلة 6 أشهر لمشاريعهم لمعانتهم من أزمة سيولة، ونسعى لإدخال عقود (الفيديك) المعمول بها فى دول أوروبا، ويعنى ذلك أنه فى حالة زيادة أسعار مواد البناء فى السوق المحلية يتم منح المقاول الفرق مباشرة، أما إذا انخفضت الأسعار يتم خصم نسبة الانخفاض فى فرق الأسعار من المقاول وردها للعميل، ونسعى أيضا لحل مشكلات التمويل مع البنوك، لأن البنك يرى أن شركات المقاولات من الفئات عالية المخاطر ومعرضة لخطر الإفلاس مع تغيرات أسعار الخامات ومستلزمات التنفيذ، ولهذا يضع قيودا مجحفة على الشركات تمنعها من الاقتراض، ويجب أن تكون البنوك فى الفترة القادمة داعمة ومساعدة لشركات المقاولات، وخصوصا الشركات الصغيرة والمتوسطة".
دعم صغار المقاولين
المهندس حسن عبدالعزيز، رئيس الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء، أكد فى تصريحات صحفية، أن الاتحاد يولى اهتماما خاصا للمقاول الصغير والمتوسط، كما يقوم باعتماد مقاولى الباطن ووضع أعمالهم ضمن سابقة خبراتهم، ويعطى الحق لأى شركة مقاولات فى تنفيذ عقد مقاولة أكثر من 50 ألف جنيه للقيد بجداول الاتحاد.
وعن معوقات المهنة التى يسعى الاتحاد لحلها قال: "نقدم جميع التسهيلات للمقاولين للانضمام إلى الاتحاد بالإضافة إلى العمل على حل وتذليل العقابات التى تقف أمامهم، ولكن المناخ التشريعى الذى يعمل من خلاله هذا القطاع مناخ ظالم سواء من عقود إذعان وقانون مناقصات ومزايدات لا يوفر عامل الأمان للمقاول ولا شرف المنافسة وازدواجية فى التامينات على العمالة الموسمية بين القوى العاملة والتضامن الاجتماعى وكلاهما لا يكفل شيئا للعامل الموسمى، إلى جانب المعاناة من جداول تأمينات اجتماعية وضعت منذ 50 عاما فيها ظلم للمقاول، وقوانين ضرائب لا تعرف الرحمة حتى فى سنوات الكوارث ورسوم توثيق بالشهر العقارى لسابقة الخبرات لشركات المقاولات المصرية التى ترغب بالعمل فى الخارج، مبالغ فيها تعوق عمل الشركات المصرية بالخارج".
وتابع: "طالبنا الدولة بتحقيق التنمية الشاملة بقطاع المقاولات من خلال تنفيذ عقود مقاولات متوازنة استرشادا بعقد الفيديك، وهو ما سيضمن حقوق الطرفيين (الحكومة والمقاول)، وسيساهم فى زيادة نسب تنفيذ المشروعات، وتعديل قانون المناقصات والمزايدات، وسن قانون عمل يحفظ للعامل حقه ولصاحب العمل حقه، وقوانين تأمينات اجتماعية يضمن للعامل الدائم والموسمى الحق فى العلاج والمعاش، وقوانين ضرائب واقعية، وضرورة تبنى استراتيجية للتدريب لتوفير العمالة الماهرة المطلوبة.
