
ترامب
هل يعقل أن يهدد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية العالم بفرض عقوبات على كل دولة لا تصوت لصالح حصول بلاده على حق تنظيم بطولة رياضية "كأس العالم 2026".
على هذا النحو، هو لا يلاعب أوروبا فى ملف الرسوم الجمركية من منطق فرض النفوذ السياسى، أو حتى لاقتناص مكاسب اقتصادية أكبر، بل الأرجح أن ما يسيطر على عقله هو منطق التاجر الجشع الساعى إلى الهيمنة لتحقيق أرباح لا نهائية مقابل تجويع وهدر حقوق الآخرين.
ويدرك ترامب أن كلامه ولو كان فى الهواء كرئيس لدولة كبرى كأمريكا سيسقط حتمًا بورصات ويعطل أسواقًا وقد يؤدى إلى أن تعلن شركات كبرى إفلاسها.
على هذا النحو يستخدم ترامب سلاح التغريدات عبر حسابه الشخصى على تويتر، لأجل تهديد أوروبا وصناعتها، فيما لا يبتغى إلا أن يخضع الجميع لرؤيته.
وغرد ترامب مؤخرًا نصًا: "إذا لم ترفع الرسوم الجمركية المفروضة منذ فترة طويلة على الولايات المتحدة وشركاتها وعمالها من قبل الاتحاد الأوروبى سريعا فإننا سنفرض رسوما بنسبة 20 % على كل السيارات المستوردة فى الولايات المتحدة، قوموا بتصنيعها هنا"، حسب ما نقلته رويترز عن حساب الرئيس الأمريكى الرسمى بـ"تويتر".
تغريدة ترامب الأخيرة جاءت وفق "رويترز" أيضًا ردًا على "دخول الرسوم الأوروبية الجديدة على عشرات المنتجات الأمريكية مثل الجينز والدراجات النارية حيز التنفيذ رسميا الجمعة، وهى تأتى كرد أوروبى على فرض واشنطن رسوما جمركية تبلغ نسبتها 25 % على الفولاذ و10 % على الألومنيوم على وارداتها من معظم دول العالم بما فى ذلك على حلفائها "الأوروبيين".
ترامب لا يبلع غزو السيارات الأوروبية أو التى يتم تجميعها فى القارة العجوز لبلاده، مقابل ندرة لتواجد السيارات الأمريكية فى أسواق القارة العجوز.
وعليه يرفع شعار حماية الصناعة الوطنية المحلية فى مواجهة الأوروبيين، لكن مقصده أخذ أكبر قدر ممكن من نصيب الأوربيين فى التجارة العالمية.
بالطبع هو يريد أيضًا تأديبهم على جرأة معارضة انسحابه من الاتفاق النووى الإيرانى، وعدم تحمسهم لصفقة القرن التى يروج لها والخاصة بالصراع الفلسطينى الإسرائيلى.
لكن تظل عقلية التاجر الجشع مسيطرة على رأسه، يريد تعظيم مكاسبه والأهم عدم السماح لغيره بأى مكسب.
ولا تمثل التحرشات الترامبية بأوروبا تجاريًا واستثماريًا مجرد تلويحات بالية فى الهواء، تغريداته المستفزة ضربت عشرات الشركات الأوروبية، وخصوصا الألمانية العاملة فى قطاع السيارات، بشدة فى البورصات العالمية، إذ هبطت مؤشراتها إلى نحو 4 نقاط كاملة بمجرد أن أعلن عن نيته فرض رسوم على السيارات المستوردة من شرق الأطلسى.
ولا يقتصر الجشع الترامبى على هدر الحقوق الأوروبية، ولكنه يمتد ليصل إلى الصين والمكسيك وكندا، كل تلك الدول باتت تأن تحت وطأة الرسوم الجمركية الأمريكية المغلفة بصلف وتهديد ووعيد من جانب حاكم البيت الأبيض.
المثير أن قطاعات تجارية وصناعية أمريكية كصناع السيارات يرفضون إجراءات ترامب العقابية، على أساس أنها ولو كانت موجهة إلى أوروبا فإنها تهز أسواق داخلية مستقرة أو مزدهرة.
