البث المباشر الراديو 9090
أديب جودة الحسينى
أديب جودة الحسينى سليل العائلة التى كلفها القائد صلاح الدين الأيوبى بحمل مفاتيح كنيسة القيامة بالقدس، وهو عمل مشرف تقوم به هذه العائلة المسلمة التى توطدت علاقتها مع كل الطوائف المسيحية.

وفى هذا الحوار يكشف لنا أديب الحسينى عن هذا الدور وعن تطورات نقل سفارة أمريكا بالقدس.

- بداية.. ما وظيفتكم بالضبط؟ وكيف تستقبلون قصة نور القبر المقدس؟

أنا قلت وأقول دائما لنا وظيفتان فى كنيسة القيامة الأولى أمانة مفتاح الكنيسة المقدسة، والوظيفة الأخرى هى حمل ختم القبر المقدس.

وهنا أقول وأكرر: إنه قبيل الاحتفال بظهور النور المقدس، وظيفتى أن أدخل الى مقمورة القبر المقدس مع مطرانين وواحد من طائفة الروم الأرثوذوكس، والأخر من طائفة الأرمن، ونفتش مقمورة القبر للتأكد من أنها خالية من أى شعلة، وعند الخروج يتم إغلاق مقمورة القبر المقدس، وأنا أضع ختمى الشخصى على الشمع المقدس والذى يغلق بوابة مقمورة القبر بإحكام.

وبعدها أذهب إلى مقر إقامة البطريرك وأرافقه حتى مقمورة القبر المقدس، وهنا نيافة البطريرك يدخل إلى مقمورة القبر المقدس برفقة أحد الكهنه الأرمن، وأشدد هنا الأرمن، ويغلق الباب ورائهما وهنا تنتهى مهمتى لهذا اليوم، فأنا لا أدخل المقمورة حين دخول البطريرك.

لكن هنا أحب أن أضيف أى الكريم بأننى احترم شخصية البطريرك ثيوفولرس، إنسان طيب وخلوق ومؤمن، عليك التوجه لنيافته لسؤاله عن كيفية ظهور النور المقدس، وأنا أعلم أنه قبل سنتين كان قد أجاب على هذا السؤال بالتفصيل.

وأكرر أخى الكريم قبل أن أختم ردى هذا، بأننى دائما أقول وسأظل أقول الإيمان هو إيمان القلب، يحق لكل إنسان أن يشكك أى ادعاءات، لكن أحذر أخى عندما يدخل الشك قلبك يبعد الإيمان عنه، لذلك علينا أن نتمسك بإيمان القلب، فعندما يكون إيماننا قويا ينهزم الشيطان ويطرد من القلوب.

- منذ متى تسلمتم مفاتيح كنيسة القيامة؟ وهل تحصلون على مقابل عن ذلك؟

الوظيفة هى وظيفة شرفية بدون جنى أموال، وسُلمت مفاتيح كنيسة القيامة لعائلتى منذ عام 1187، أى منذ صلاح الدين الأيوبى، وهى وظيفة متوارثة من الأب للابن.

- ما رؤيتك حول مشكلة دير السلطان؟

دير السلطان هو دير قبطى بحت، المسيحيون استضافوا الجالية الحبشية فى دير السلطان بعد أن باعت الجالية الحبشية كنيستها داخل كنيسة القيامة للأرمن، لكن هنا حصلت خديعة وخيانة لطائفة المسيحيين، فتم نزع مفاتيح دير السلطان من المسيحيين وتسليمها إلى الأحباش من قبل الاحتلال وهو برأى قرار سياسى واتفاقيه خبيثة بين إسرائيل والأحباش جميعنا يعلم الاتفاقية التى تمت بين إسرائيل وإثيوبيا من تهجير الفلاشا اليهود إلى دولة الاحتلال والثمن كان مع الأسف تهويد دير السلطان.

طبعا قصة المفتاح بدأت فى زمن صلاح الدين الأيوبى، والذى أحب أن يعلم أسباب الخلل والتى حصلت ما بعد الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه والذى خط العهده العمرية بيده، وكما نعلم أن العُهدة العُمرية هى وثيقة التسامح الدينى الإسلامى المسيحى فى بيت المقدس، وكما أذكر دائما أن كنيسة القيامة المقدسة هى مسقط رأس هذا التعايش وهى بؤرة النور لهذا التعايش والذى يبث نوره إلى المعمورة بأكملها.

كانت هناك أحداثا مأساوية كما ذكرها التاريخ وخلل لهذه العهدة المقدسة ومنها هدم كنيسة القيامة المقدسة، هنا جاء قرار صلاح الدين الأيوبى وذلك بعد موافقة رؤساء الكنائس بعد أن عرض عليهم السلطان الأيوبى فكرته لحماية كنيسة القيامة المقدسة والممتلكات المسيحية فى بيت المقدس، إذ جمعهم وقال لهم اليوم أنا السلطان وباستطاعتى حمايتكم، لكن مرادى أن تتم حمايتكم إلى الأمد البعيد أى بعد صلاح الدين الأيوبى، وقال لهم ما رأيكم بأن يتم تسليم مفتاح كنيسة القيامة لعائلة جودة الحسينى وهم من آل البيت أى من نسل الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وكانوا فى ذاك الوقت شيوخ المسجد الأقصى الشريف، فتسليم مفتاح الكنيسة لهم هو لأمان كنيسة القيامة مستقبلا أى ما بعد صلاح الدين، تسليم المفتاح لآل البيت هو لمنع أى شخص ذو نفوذ من إلحاق الضرر بالكنيسة المقدسة لأن مفتاحها يكون بيد شيوخ الأقصى وآل البيت وحسب الديانة الإسلامية آل البيت لهم المعاملة الحسنة والطاعة، هنا وافق رؤساء الطوائف على ما طرحه صلاح الدين الأيوبى وتم تسليم مفاتيح الكنيسة إلى عائلة جودة الحسينى تتوارثها أبا عن جد، وأنا شخصيا ورثت مفتاح الكنيسة من والدى شيخ الأقصى جواد جودة الحسينى وسيورثه من بعدى أحد أبنائى.

- كيف تسير علاقتكم بالكنائس؟

نحن نقوم بواجبنا اتجاه الكنيسة على أحسن وجه علاقتنا مع أبناء الرعية علاقة الدم بالعروق، نحن أخوة ليس فقط بالعرق وإنما بالدم أيضا متواجدين فى خندق واحد نعانى معا مرارة الاحتلال، نقف يد بيد لمواجهة أى اعتداء صارم من قبل الاحتلال على الكنائس والمساجد والممتلكات الإسلامية والمسيحية.

- كيف تتعامل السلطات مع الكنائس؟

طبعا نحن متواجدون تحت الاحتلال الطاغى، فما يعانى منه الأقصى تعانى منه كنيسة القيامة، فكما يتم إغلاق أبواب الأقصى أمام المؤمنين والمصلين، تقوم قوات الاحتلال بفرض الإغلاق ما يشكل صعوبة لوصول المؤمنين والحجاج المسيحيين إلى كنيسة القيامة للاحتفال بعيد الفصح المجيد.

أما من ناحية النور المقدس كما هو معروف بالديانة المسيحية، فمن قام بصلب السيد المسيح عليه السلام هم اليهود، وهم من أشد أعداء الديانات المسيحية والإسلامية، فهم مؤمنون بأن الديانة التى يجب أن تنتشر فى العالم هى الديانة اليهودية ولا يعترفون بأى ديانة أخرى، وهم يؤمنون وبشده بأنهم شعب السبت وشعب الله المختار.

- ما قصة اتفاقية استاتيكو لتقسيم المقدسات بين الطوائف؟

بالنسبة لتقسيم الكنائس فهناك استاتيكو متبع حتى يومنا هذا، والكنائس تحترم هذا الستاتيكو أى الوضع القائم منذ عام 1582، والجميع يحترم هذا الوضع حتى يومنا هذا، ومن يحاول كسر هذا الوضع ووضع اليد على الممتلكات الاسلامية والمسيحية هو الاحتلال الصهيونى، وهذا ما حصل قبل عدة أشهر، إذ أن الاستاتيكو يعفى الكنائس والمساجد من دفع الضرائب، لكن تفاجأنا بأن دولة الاحتلال فرصت مبالغ هائلة على الكنائس وممتلكاتها وذلك بهدف وضع اليد على الممتلكات وهذا له معنى واضح وصريح هو إفراغ مدينة القدس من سكانها ووضع اليد على الممتلكات.

- كيف ترى قرار نقل السفارة الأمريكية للقدس؟

منذ قرار رئيس الولايات الأمريكية بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل والوضع متأجج، وما زال كذلك حتى يومنا هذا، منذ ذلك اليوم الأسود وحتى يومنا هذا لا يمر يوم بدون أن يكون هناك شهداء ومصابين وأسرى ومعتقلين، نقل السفارة المشؤومة سيزيد الطين بله وسيؤجج المنطقة نارًا، فالقدس هى عربية ولن تكون يومًا من الأيام عاصمة للدولة الصهيونية بتاتا.

أنا لست بعنصرى بتاتا، وهنا نقول أن القدس هى مدينة الأديان، فهى لليهودى، والمسيحى، والمسلم، هكذا خلقها الله وأوجد بها الديانات السماريه الثلاث، صلواتنا لله بأن يعم السلام فى مدينة السلام، ولا ننسى ما قاله السيد المسيح فى تعاليمه الإلهية: "سمعتم أنه قيل "للقدماء" تحب قريبك وتبغض عدوك، وأما أنا فأقول لكم: أحبوا أعداءكم باركوا لأعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطرودكم" "مت5: 43، 44"، لذلك نتمنى أن يعم السلام لكى نعيش معًا فى سلام وأمان بإذن الله.

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز