
مشادات كلامية فى مجلس النواب
حالة الجدل المصاحبة لمشروع القانون دارت حول ما إذا كان التعميم فى تنظيم ظهور علماء الدين فى وسائل الإعلام أفضل أم تحديد برامج معينة وموضوع الحديث فى شؤون الدين أفضل، فيما رأى البعض أن يتم حذف كلمة "علماء الدين" من عنوان أو مسمى مشروع القانون، بينما رأى البعض الآخر ألا يكون القانون لمنح تراخيص لمن يظهر فى وسائل الإعلام من علماء الدين للحديث فى شؤون الدين، ولكن يكون لحظر ظهور القلة المخالفة أو غير المؤهلة للحديث فى شؤون الدين.
منع غير المؤهلين
كشف النائب محمد شعبان، عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب، وصاحب مشروع القانون، التفاصيل الكاملة لفلسفة المشروع، بالتأكيد على أن مشروع القانون لا يستهدف فصيل أو تيار معين أو تمكين فصيل على حساب تيار معين، ولكنه يسعى وبقوة من خلال مواد المشروع والتى تتضمن 9 مواد، إلى ضبط العمل الدعوى على الشاشات والقنوات الفضائية، حفاظًا على عقول الملايين من المصريين.
وأوضح شعبان، فى تصريحات خاصة لـ"مبتدا"، أن مشروع القانون سيمنع أى رجل دين على الفضائيات والقنوات الإعلامية الرسمية والخاصة بالبلاد من الظهور بشكل عام فى أى من البرامج التى تتطرق للدين سواء من قريب أو بعيد، دون الحصول على تصريح، مؤكدًا أنه بموجب مشروع القانون ستقوم الهيئات الدينية بمنح تصاريح الظهور عبر اختبارات، وأنه يحق لكل هيئة دينية مثل هيئة كبار العلماء، ودار الإفتاء، والأوقاف، تشكيل لجان منح تصاريح الظهور الإعلامى لرجال الدين، سواء عن طريق لجان خاصة بكل هيئة أو لجان مشتركة بين المؤسسات الدينية المخول لهما المنح.
وتابع: "مشروع القانون أعطى للجهات الرسمية المذكورة بمواد مشروع القانون الحق فى منح التصاريح، وفى نفس الوقت سيكون على تلك المؤسسات تحمل مسؤولية الظهور حيال قيام المصرح له بالحديث فى الدين بما يخالف الشرع أو يثير الفتنة أو يهدد استقرار المجتمع أو النيل من فئة معينة بالمجتمع المصرى".
وأوضح عضو اللجنة الدينية أنه فى حالة مخالفة القانون حيال خروجه للنور، فإنه بموجب مشروع القانون هناك العديد من العقوبات والغرامات المالية، على رجل الدين فى حالة الظهور على أى قناة بالبلاد دون الحصول على تصريح، وإذا تسبب فى إثارة فتنة أو تحدث بفتاوى شاذة، فإنه سيكون عليه عقوبة مالية وفى حالة التكرار ستتضاعف العقوبة، مشددًا على أن المشروع تضمن عقوبة أيضًا على القناة التى تسمح باستضافة أى رجل دين دون الحصول على تصريح أيًا من الجهات الثلاثة، بوقف البرنامج من الظهور.
ونوه شعبان أنه بموجب مشروع القانون يحق لأى شخص ملم بالعلوم الشرعية، ويرى فى نفسه أنه مؤهلاً للحديث فى الدين والشرع، أن يتقدم إلى إحدى الجهات الثلاثة والخضوع للاختبارات من أجل الحصول على تصريح، حتى وإن لم يكن حاملاً لمؤهل أو شهادة أزهرية.
ولتفادى تكرار مسألة قوائم الإفتاء التى أثارت الكثير من الجدل، علق شعبان قائلاً: "يحق لأى شخص مؤهل التقدم للحصول على التصاريح، ولن تحدد الهيئات المخول لها المنح شخصيات معينة للظهور، حتى نغلق الأبواب أمام المحسوبية أو المجاملة، خصوصًا وأن هناك مشاهير من رجال الدين سبق واعترضوا على تلك القوائم لعدم وردود أسمائهم".
القضاء على فوضى الافتاء
قال الدكتور أسامة العبد، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، إن مشروع قانون الظهور الإعلامى لعلماء الدين سيقضى حيال خروجه للنور على تصدر غير المؤهلين للدعوة على شاشات التلفزيون، خصوصًا وأن هناك بعض البرامج تستضيف شخصيات غير مؤهلة وتصدر أقوالاً شاذة، من أجل تحقيق مكاسب خاصة بها تتعلق بارتفاع نسبة المشاهدات.
وأوضح رئيس اللجنة الدينية، فى تصريحات خاصة لـ"مبتدا"، أن المشروع سيعمل وبقوة على تمكين المؤهلين من العمل الدعوى على الظهور عبر الإعلام سواء المملوك للدولة أو الخاص، ومنع غير المؤهلين من الظهور إعلاميًا، حفاظًا على المجتمع من أصحاب الأقوال الشاذة، خصوصًا وأن الآونة الأخيرة شهدت الكثير من الفتاوى الشاذة والغريبة على المجتمع المصرى تثار على العوام وبسطاء الناس عبر بعض القنوات الفضائية.
وتابع: "مسالة ممارسة الدعوى على القنوات الفضائية لا تستغرق سوى بضع دقائق فى إطلاق الأحكام على الأمور والمسائل، الأمر الذى يتطلب فى من يظهر على التلفزيون أن يكون ملما بالعلوم الإسلامية والشرعية، وأن يكون من أصحاب الفكر المعتدل المستنير، خصوصًا وأن إثارة الأقوال الشاذة تزيد من انتشار الفتاوى الغريبة، وتهدد النسيج المجتمعى، وتزيد من خطورة الفكر المتطرف".
ونفى العبد وجود أى تعارض بين مشروعى قانون تنظيم الفتوى العامة، ونظيره "تنظيم الظهور الإعلامى لرجال الدين"، بالتأكيد على أن الأول يستهدف تحديد جهات معينة مصرح لهم بمنح تصاريح الإفتاء، وبالتالى يحظر على أى شخص تصدر مشهد الإفتاء غير حامل للتصريح على أى وسائل الإعلام المطبوعة والمسموعة والإذاعية والإلكترونية، بينما الثانى فإنه بموجبه يحظر على غير المخول لهم بالظهور فى البرامج الدينية أو أى برنامج يتطرق للدين بشكل عام دون الحصول على تصريح، مؤكدًا أنه بموجب المشروعين سنقضى على ظاهرة فوضى الفتاوى، وتصدر غير المختصين والمؤهلين للظهور الإعلامى والحديث فى الدين.
مخاوف من تكرار قوائم الإفتاء
أعرب الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، عن قلقه بأنه يسير مشروع قانون التنظيم الإعلامى لعلماء الدين على طريق قوائم الإفتاء، مؤكدًا أنه إذا طبق بنفس آلية قوائم الإفتاء بتخصيص شخصيات معينة لممارسة الإفتاء على الفضائيات، فإنه سيصبح خطأ، بل يتعين أن تكون فلسفته القانون قائمة على مبادئ وقواعد تضبط المسألة ولا تستهدف شخصيات سواء بالمنع أو المنح.
وأوضح كريمة، فى تصريح خاص لـ"مبتدا"، أن رجال الدين ليس لديهم قلق من صدور قوانين تضبط العمل الدعوى، بل على العكس فإنه واجب شرعى ووطنى على السلطة التشريعية بالبلاد بأن تعمل وبقوة على سن تشريعات ملزمة تكفل ممارسة العمل الدعوى وفقًا للمستوى المطلوب ومنع غير المؤهلين من الظهور بل وتجريم أصحاب الفكر المتطرف.
وشدد كريمة على إنه يتعين على مشروع القانون وعلى اللوائح التنفيذية حيال خروجه للنور كقانون أن تعتمد فى الاختيار على أسس ومبادئ تضمن أن يكون من يظهر مؤهلاً علميًا وشرعيًا، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، يتعين ظهور أساتذة الأزهر من الحاملين للدكتوراه فى الشريعة، والفقه المقارن، وأصول الدين، واللغة، عبر القنوات الفضائية، وليس أن تعمل اللوائح بنظام الشخصيات بل يجب أن تطبق مفاهيم عامة، بأن يتضمن المشروع النص على الحاملين للمؤهلات الشرعية الأزهرية بأن يكون لهم الظهور إعلاميًا، ومنع ومعاقبة من يدلى بتصريحات مثيرة أو فتاوى شاذة أو أقوال تخالف مقاصد الشرع وتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
الأخذ بالكفاءة
أكدت الدكتورة سعاد صالح، أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن أساتذة الأزهر المؤهلين علميا وشرعيا يرحبون وبقوة بسن تشريعات تجبر القنوات الفضائية الرسمية والخاصة باستضافة المؤهلين واستبعاد غير المؤهلين حتى ولو كانوا أزهريين، فالفيصل والمعيار الرئيسى فى الظهور لا بد وأن يكون الأولوية للمؤهلين، والقادرين على مواجهة التحديات التى تحيط بالوطن من نمو للأفكار المتطرفة والشاذة.
وشددت سعاد صالح، فى تصريحات خاصة لـ"مبتدا"، على ضرورة ألا يتضمن مشروع القانون ما يتيح ظهور شخصيات غير مؤهلة لأنها مقربة أو محسوبة على هيئة معينة، وأن هناك مخاوف من أن يتجاهل القانون الخبرات فى العمل الإعلامى لدى بعض أساتذة الأزهر، ويمنح الحق فى الظهور لمن يفتقدون كيفية ممارسة العمل الدعوى على الهواء مباشرة أو عبر الإعلام بشكل عام، بل لا بد وأن تراع تلك الأمور.
وطالبت صالح المؤسسات الدينية المخول لها بموجب مشروع القانون منح تصاريح الظهور لعلماء الدين إعلاميًا، بأن يكون المنح والمنع قائم على معايير فعالة، وعدم فتح الأبواب أمام الوساطة والمحسوبية، خصوصًا أن مسالة الظهور الإعلامى لرجال الدين، مهمة ثقيلة وجسيمة.
