أردوغان
الليرة دخلت فى مسلسل انهيار يبدو أنه لن ينتهى الآن.. الجميع ينتنظر مزيدًا من الحلقات والأجزاء الأخرى، التى يظهر فى بطولتها السلطان العثمانى، الذى تعود دائمًا أن يخرج ليطمئن شعبه بقوة اقتصاده، ويشدد على وجود مؤمرة وحرب تجارية تُشن على بلاده.
لعل الأزمة الكبرى التى اندلعت، مؤخرًا، بين أنقرة وواشنطن على خلفية احتجاز القس الأمريكى أندرو برانسون السبب فى حديث أردوغان، دائمًا، عن مؤمرة اقتصادية تساق ضد بلاده، خصوصًا مع فرض البيت الأبيض رسومًا جمركية مضاعفة على بعض الواردات التركية.
ترامب ضاعف الرسوم الجمركية على واردات الألومنيوم والصلب التركية، بعد أيام من فرض واشنطن عقوبات على وزيرى العدل والداخلية التركيين، فى محاولة منه للضغط على أنقرة لإطلاق سراح القس.
لكن أردوغان وقع مرسومًا بفرض زيادة على الرسوم الجمركية التى تتعلق ببعض المنتجات الأمريكية، إذ أصبحت رسوم استيراد السيارات السياحية تبلغ 120%، وبعض المشروبات الكحولية 140%، والتبغ 60%، كما ضاعف الرسوم على الأرز وبعض مساحيق التجميل.
وفى أحدث حلقات تهرب الباشا العثمانى من أزمة الليرة، أرجع سبب التضخم الكبير الذى تشهده البلاد إلى بعض الخطوات التى اتخذها البنك المركزى التركى.
وقبل صدور إعلان البنك المركزى، الذى توقع العديد من المستثمرين أن يكشف عن رفع سعر الفائدة، هاجم أردوغان البنك بشدة، ما أثر بالسلب على قيمة الليرة التى تعانى في الأساس من فقدان 40% من قيمتها منذ بداية العام الجارى، لا سيما بعد فوزه فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة منتصف العام.
الليرة هوت، مجددًا، بفعل المخاوف بشأن قبضة أردوغان على السياسة النقدية، بالإضافة إلى النزاع الدبلوماسى بين أنقرة وواشنطن فى الفترة الأخيرة، والتى سبق ذكرها.
وأكدت "سكاى نيوز"، أن أردوغان أبلغ اتحاد تجار فى أنقرة أن ما تواجهه تركيا ليس أزمة، مُؤكدًا اقتناعه بأن أسعار الفائدة المرتفعة ينتج عنها ارتفاع التضخم.
ورغم الشكاوى من تدخله فى قرارات البنك المركزى، قال أردوغان إن هذه المؤسسة المالية مستقلة، وتتخذ قرارها بشأن سعر الفائدة بنفسها، لكنه أضاف أن موقفه بشأن تكاليف الإقراض المرتفعة ما زال دون تغيير.
وانتقد الرئيس التركى، المعروف بمناهضة أسعار الفائدة المرتفعة، بنوكًا خاصة، مؤكدًا أن بعضها رفع أسعار الفائدة بنسبة تصل إلى 50%، مُشيرًا إلى أهمية دعم قطاع المالية للقطاع الخاص بإعادة هيكلة الديون.
المركزى يتحدى
لكن البنك المركزى التركى لم يلتفت لتصريحات أردوغان، وكأن الرئيس التركى يتحدث فى عالم غير عالمنا الذى نعيش فيه.
وأعلن "المركزى"، زيادة سعر الفائدة القياسى إلى 24 % من 17.75%، فى محاولة منه للسيطرة على الهبوط الكبير للعملة التركية.
وأصدر البنك بيانًا، جاء فيه: "إذا اقتضت الضرورة سيتم تشديد السياسة النقدية أكثر".
لكن قرار البنك المركزى التركى تبعه ارتفاع فى قيمة الليرة التركية بشكل نسبى، ما يعنى أن أردوغان يتدخل فى السياسة النقدية لدولته بطريقة تؤدى إلى الانهيار، فهو لا يستطيع أن يحقق صالح شعبه.
وارتفعت العملة التركية، بعد قرار رفع الفائدة، إلى 6.01 ليرة للدولار، من مستوى يزيد عن 6.4176 قبل القرار.