البث المباشر الراديو 9090
دار الافتاء
وضعت دار الإفتاء خطة لمجابهة الأيدولوجية الفكرية المتطرفة، من خلال إصدار مطبوعة عصرية مُترجمة إلى اللغة الإنجليزية للدكتور إبراهيم نجم، الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء على مستوى العالم.

ورغم أن معتقد التطرف لدى الجماعات الإرهابية، أصبح معلومًا للجميع، إلا أن دار الافتاء المصرية ترى أن الاتجاه المتصاعد للتطرف الدينى الذى يتبنى سياسة الهيمنة على أيديولوجية راديكالية معينة، تتسبب فى استبعاد الأيديولوجيات الأخرى التى تفند قواعدهم الراديكالية وتفضح معتقداتهم المتطرفة.

وحاول نجم من خلال الإصدار، إيضاح مفاهيم الشريعة وعلاقة المسلم بغير المسلم، والقيم العليا والحاكمة فى الإسلام، حتى يمكن تجفيف منابع الجماعات المتطرفة.

وتطرق إلى مزاعم الجماعات المتطرفة، وكيف تحاول اتباع مسار المسلمين الرائدين فى وقت مبكر من خلال الصياغة الحرفية التى تنطق بها أو يلتزم بمواقفهم الفقهية التى اتخذتها فيما يتعلق بالقضايا الثانوية، والتى لا تميز جوهر الإسلام.

فالمضاهاة الحقيقية ستكون من خلال التحول إلى الأدوات والمبادئ التى اعتمدوها فى التفسير النصى والمبادئ المستخدمة فى إجراء التفكير القانونى المستقل "الاجتهاد"، لهذا كان لزاما على "الإفتاء" أن تبذل جهدًا واسعًا لمحاربة هذه الأيديولوجية المتطرفة التى لم تعد تمثل خطرًا على نفسها وحدها، ولكنها تشكل تهديدًا واضحًا للشباب والمجتمع ككل.

استعباد المرأة

البداية كانت من خلال تناول قضية "استعباد المرأة والطفل فى معسكرات الإرهابيين"، حيث منع الإسلام سوء المعاملة والاضطهاد ضد المرأة، خصوصا أن القرآن الكريم وجَه حديثه للجنسين دون تفرقة، بل وحلل انخراط المرأة فى المجتمع دون قيود، ومثال ذلك السيدة عائشة رضى الله عنها، زوجة النبى محمد صلى الله عليه وسلم.

ولم يغفل الشيخ نجم عن تناول حقوق الطفل فى الإسلام، ومكانته التى عززها الله له، وتأكيده على ضرورة الاهتمام به وتوفير أوجه الرعاية دون تقصير.

وأبرزت الافتاء فى إصدارها "العناية اللازمة بالجانب النفسى والمعنوى بالطفل فى سيرة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم- وتوجيهاته"، حيث كان يُمازح الصبيان، ويمسح على رؤوسهم.

أما الموضوع الثانى فقد بحث "الجرائم الإرهابية ضد النساء"، وكيف أقدم تنظيم "داعش" الإرهابى على اعتقال 1500 امرأة بينهم مراهقون، وقام باستعبادهم جنسيًا، بل وصل الأمر إلى اجتزاء وتحريف القرآن فى غير محله من أجل تشويه صورة الإسلام.

ومن هذا المنطلق، فإن الإسلام وفقًا لـ "الإفتاء" عليه دور كبير فى مواجهة التطرف والإرهاب كونه بريئًا منهم.

ثم تطرق الشيخ إبراهيم نجم مجددًا فى إصدار "مصر تحارب التطرف" إلى المرأة المسلمة ما بين الإقصاء والحقوق، وأن الإسلام وازن فى التعامل معها فى الحقوق والالتزامات والإسهامات التى تقدمها للمجتمع، وغيَر مفهوم الاستعباد الجنسى، خصوصا أن الاختلاف بين الرجل والمرأة يخضع لشخصيتها فى الحياة.

وتساءل.. هل من الإسلام أن تمارس الجنس مع الأسيرات؟

"الإفتاء" أكدت أن هناك جزءا من العالم يمارس العبودية، لكن من خلال الاختطاف وإجبار المرأة على أفعال حرمها الله سبحانه وتعالى فى الإسلام والكتب السماوية أيضًا.

وفيما يتعلق بالزواج الإجبارى ونُسق الملابس للمرأة، فإن مبادئ الإسلام لم تجبر المرأة على الزواج، حيث أكد النبى محمد صلى الله عليه وسلم، على ضرورة استشارة المرأة قبل الزواج.

أما نُسق المرأة، فقد نوه الإسلام إلى ضرورة أن يكون بين المحارم دون اشتراط ملابس مُحددة - أى "ملبسها أمام زوجها يختلف عن الغرباء".

لكن العقوبات التى يفرضها تنظيم "داعش" الإرهابى ضد المرأة التى لا تلتزم بنُسق الملبس الخاص بها "البرقع" ليست من دوافع الإسلام، ولم يدعو الله بها فى كتابه الكريم.

قواعد داعش

لهذا سعت "الافتاء" إلى هدم قواعد التنظيم المتطرف خصوصًا فيما يتعلق بـ"الحرق والذبح.." كونها ليست من شيم الإسلام، بل عملت أيضًا على إيضاح أن الجهاد ليس إجبارًا، ولا يوجد ترابط بين تشريع الجهاد والقضايا التى يتناولها، وأن استهداف غير المسلمين لا علاقة له بسماحة الإسلام.

حيث أن الإرهاب المعاصر الذى أصاب عقول المتطرّفين نصف المتعلمين وغير المنضبطين، وضع أمامهم آلية لسفك دماء القتل العشوائى للمسلمين وغير المسلمين على حد سواء، وتحميل الأسرى والراغبين واستعباد النساء، واستنزاف الأموال التى تدمر أماكن العبادات والملاذات، واكتساب القوة بين أعمال فظيعة أخرى كثيرة زائفة تحت مسمى "الإسلام والجهاد".

وعكفت "الإفتاء" من خلال الإصدار على التصدى لأسطورة "داعش" المزعومة، والتى ترى أن القواعد العالمية لا تتفق مع مفهومهم فى إقامة "دولة إسلامية"، مؤكدة أن الشعارات التى يتغنى بها التنظيم لا علاقة لها بالإسلام.

فـ"الإسلام" نُسق فى الحياة، لا يُشترط تطبيقه إقامة دولة مزعومة، بل يجب مواكبة القوانين الإسلامية وليس إقصاءها، وخير مثال على ذلك "دولة محمد على التى أُسست على النسق الحديت".

وتطرقت "الإفتاء" أيضًا إلى حكم انضمام الشباب لتنظيم "داعش"، موضحة أن الإسلام يُحرم الانتماء إلى التنظيم، وكل تنظيم إرهابى يسفك الدماء ويكفر المسلمين ويستبيح الأعراض والأموال، لأن هذه الأفعال تتعارض مع تعاليم الإسلام الذى حث على التسامح والعفو اللذين يعبران عن سمو النفس والخلق الجم الرفيع، ودعا إلى الرحمة والمحبة والمودة، ونبذ الإرهاب والتطرف اللذين يعبران عن الحقد والبغى والكره للإنسانية.

ومن انتمى إلى هذا التنظيم الإرهابى فقد عصى الله ورسوله، وابتعد عن الطريق السوى، وضل ضلالًا بينًا واضحًا، يقول الله تعالى: "وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا"الأحزاب.

وتابعت "الإفتاء" أن من شاركهم فى قتالهم فهو مجرم إرهابى متعطش لسفك الدماء وسلب الأموال وهتك الأعراض، يقول الله تعالى: "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا" النساء.

وقال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِى شَهْرِكُمْ هَذَا، فِى بَلَدِكُمْ هَذَا" صحيح مسلم، ومن قتل مسلمًا فقد ارتكب أكبر الكبائر لقول النبى صلى الله عليه وسلم: "أَكْبَرُ الكَبَائِرِ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَوْلُ الزُّورِ" صحيح البخارى.

اللافت هنا بحسب "الإفتاء"، أن هناك تضاربًا فى المفاهيم بشأن "الجهاد" بالنسبة لـ"داعش"، حيث أنه يحاول تحليله ليتماشى مع قواعده المضللة، تارة فيما يتعلق بالدعم المعنوى والمادى وتارة أخرى بتزييف أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتى تعد مرجعا للمسلمين.

وفيما يتعلق بالعمليات الإرهابية ضد المسيحيين، نجد أن الإسلام حرَم شرعًا هدم الكنائس أو تفجيرها أو قتل من فيها أو ترويع أهلها، بل إن القرآن الكريم جعل تغلُب المسلمين وجهادهم لرفع الطغيان ودفع العدوان وتمكين الله تعالى لهم فى الأرض سببًا فى حفظ دور العبادة من الهدم، وضمانًا لأمنها وسلامة أصحابها.

فقال تعالى: "وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِى عَزِيزٌ.. الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِى الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ".

وكتب النبى صلى الله عليه وسلم لأسقف بنى الحارث بن كعب وأساقِفة نجران وكهنتهم ومَن تبعهم ورهبانهم أن: "لهم على ما تحت أيديهم من قليل وكثير من بِيعهم وصلواتهم ورهبانيتهم، وجوار الله ورسوله صلى الله عليه وسلم"، أخرجه ابن سعد.

وأخيرًا، تطرقت "الإفتاء" إلى أُسُس الإسلام إنسانيًا وأخلاقيًا، والتى تشمل تعدد الأديان والفلسفات والحضارات التى ساهمت بشكل كبير فى الحضارة الإسلامية.

غلاف الإصدار

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز