شعار الإلحاد
من بين القائلين بهذا الأمر الدكتور عمر حمروش، أمين سر لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب، مؤكداً أن توظيف تلك الجماعات السياسى للدين كان أحد أسباب انتشار ظاهرة الإلحاد، وذلك بعد أن تم طلب إحاطة عن الإلحاد بحضور وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، وخلال الاجتماع ذكر الوزير أن هناك إلحاد ممول ومسيس من قوى الشر يستهدف ضرب الشباب فى عقيدته وذلك عن طريق الجماعات المتطرفة.
حديث الوزير والعدد الكبير من النواب والشخصيات العامة لم يُعضد بأرقام، حيث لا توجد إحصائية واضحة لعدد الملحدين فى الوطن العربى، بل هى مجموعة دراسات واستطلاعات للرأى تصدر هنا وهناك، ترجح أعدادهم، بين تضخيم وتقليل.
المركز الأمريكى المتخصص فى الأديان والمعتقدات "بيو فوروم للدين والحياة العامة" أجرى فى العام 2010 دراسة ظهرت نتائجها بعدها بعامين، كانت تشير إلى أن أعداد الملحدين فى منطقة الشرق الأوسط تصل إلى نحو 2.1 مليون، فيما أصدر مركز الفتاوى التكفيرية التابع لوزارة الأوقاف المصرية تقريرًا عن أعداد الملحدين فى الوطن العربى خلال العام 2014، فذكر أن الأعداد أقل من ذلك بكثير، بحيث لا يتعدوا الثلاثة آلاف، وأضاف أن مصر هى الأولى بـ 866 ملحدًا، تليها المغرب وتونس بـ 325 و320 على التوالى.
ما ورد فى تقرير مركز الفتاوى منذ أربعة أعوام ربما لا يتناسب مع حجم القلق الذى انتاب النواب وبعض الشخصيات المجتمعية، التى طلبت حضور الوزير.
فى يناير الماضى، ناقش البرلمان المصرى المذكرة التى قدمها أمين اللجنة الدينية بمجلس النواب، الدكتور عمر حمروش، يدعو فيها إلى سن قانون مواجهة وتجريم الإلحاد، إذ طالب بضرورة معاملة ظاهرة الإلحاد كجريمة ازدراء الأديان، حيث إن مجتمع الملحدين لا توجد لديهم عقيدة ولا يؤمنون بإله، حسب زعمه، مضيفًا أن ما أسماهم بالملحدين "يعملون على إهانة جميع الأديان السماوية ورموزها وشعائرها ولا يضعون لها وزنًا ولا قيمة ولا يعترفون بها".
وأكد حمروش فى المذكرة أنه لا يوجد فى الدستور والقانون ما يمنع من وضع قانون من أجل تجريم ظاهرة الإلحاد التى تدمر المجتمع وأيضًا تضره، وكذلك تضر الأديان السماوية وتهز هيبتها، وسوف يكون مشروع القانون مندرجًا تحت أحد بنود ازدراء الأديان، وسيتم إقرار عقوبات مشددة ضدهم.
وقتها، أثارت المذكرة الرأى العام المصرى بين مؤيد ومعارض، حيث رفضها البعض مؤكدين أن المادة 64 من الدستور المصرى تكفل حرية الاعتقاد المطلقة لأى مواطن، فيما أيد البعض الفكرة، ومنهم أمين سر لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، شريف الوردانى، معتقدًا بأن الإلحاد هو بداية طريق التطرف.
بالتأكيد، فيروس الإلحاد قد تسرب إلى قطاع من الشباب بسبب الرداء الدينى الذى ارتداه الإخوان وقت حكمهم، من أجل تحقيق مصالح الجماعة، وهو ما أثار لدى الكثيرين لغطاً بسبب ما رأوه من تناقض كبير أدى بين ما تتحدث به ألسنة المنتمين للجماعة وبين أفعالهم السيئة، وهو ما أدى إلى تشويههم للدين نفسه، لذلك كفر الشباب بالجامعات المتأسلمة، لأنهم كذبوا على الشعب، ونصبوا باسم الدين، وحاولوا تضليل الناس، واعتبروا مصر والدول العربية غنيمة لهم على حساب الشعب.
طرق مواجهة الإلحاد كثيرة ومتعددة، لكن أهمها على الإطلاق توضيح الحجم الحقيقى للظاهرة حتى يتم التفاعل معها بشىء من العقلانية والعلمية، بدلاً من طلبات إحاطة وتصريحات وتخوفات ليس لها أى طائل أو فائدة. إضافة إلى احتياج الشباب إلى قدوة خصوصًا بعد انهيار صورة الداعية، بين متأسلم يتشدق بالسماحة وبداخله تطرف لا حدود له، وبين لاهث وراء الظهور الإعلامى والشهرة.
الابتعاد عن تجار الدين والنظر إلى جوهره هو أيضاً من ضمن طرق المواجهة، كذلك ضرورة وجود "ثورة ثقافية وفكرية" مهمة، وهو دور بالغ الخطورة، ويجب على الجهات المعنية ومنها وزارة الثقافة أن تلتفت إليه وتوليه أهمية كبيرة، وأخيراً تجديد الخطاب الدينى بالطبع، وهو الذى يطالب به الكثيرون، بداية من الرئيس عبدالفتاح السيسى، مروراً بالنخبة الفكرية، وصولاً إلى كافة طبقات الشعب واتجاهاته التى تضررت من هذه النظرة الضيقة للدين، التى زعزعها وهم اسمه "موضة الإلحاد".