Dramatically undramatic … Island
نشرت صحيفة "الجارديان" البريطانية تقريرًا عن فيلم وثائقى جديد يكسر المحرمات، ويرصد لحظات الموت داخل دار للمسنين فى جزيرة وايت بإنجلترا، ويبرز بشكل مثير للجدل مشهد من 7 دقائق، يرصد اللحظات الأخيرة لـ"ألان هاردى"، مدير محطة أتوبيس متقاعد فى شمال لندن.
فيلم "Island" من إخراج ستيفن ايستوود، الذى جاءته الفكرة بعدما أمضى 12 شهرًا فى مستشفى إيرل ماونتباتين فى نيوبورت بكاليفورنيا بين عامى 2015 و2016، إذ عمل مع مرضى مصابين بأمراض قاسية، وقد ظهر 4 منهم فى الفيلم.
المثير للجدل فى الفيلم هو مشهد موت ألان، فالمشهد الذى مدته 7 دقائق، يعرض ألان وهو يتنفس ببطء حتى تتوقف أنفاسه تماما، وتبدأ فى سماع اللاشىء.
قال ايستوود، لصحيفة "الجارديان" البريطانية، إنه كان نائمًا فى لحظة موت ألان، مضيفًا: "كنت أصور المسنين هناك دون انقطاع.. وكنت أصور لمدة 38 ساعة مستمرة، لذلك وضعت لى الممرضات فراشًا صغيرًا على الأرض. وقد نمت قبل موت ألان بـ20 دقيقة فقط".
"كيف شعرت عندما استيقظت وأدركت أن ألان قد رحل؟".. أكد ايستوود "أنه كان مرتاحًا حقًا، لأنه رأى بعد ذلك بوضوح أن موت ألان كان هادئًا فلم يتألم للحظة.. كان موته بمثابة الموت الجيد المريح الذى نطلبه جميعًا".
وعن سبب تصويره لهذا الفيلم، قال ايستوود: "أدركت أنه لم يكن هناك الكثير من الأفلام حول لحظة الموت.. كم هو غريب عدم وجود مشاهد دقيقة صادقة لشيء طبيعى مثل الموت، يحدث يوميا فى كل شارع".
وأوضح: "فى الحقيقة الدراما التى تحدثت عن الموت، من قبل، كانت تميل إلى التركيز عن سبب الموت "مثلا مرض معين" أكثر من التركيز عن عملية الموت نفسها.. لكنى فكرت فى نقل ما يحدث حقًا عندما نموت.. ربما يكون هناك دائما فجوة بين الخيال والواقع.. لذا أردت أن أنقل الواقع كما هو".
دائمًا ما ترفع الأفلام الوثائقية سقف حدود ما يمكن عرضه على الشاشة، ففى عام 2003، قام آلان كينج بتصوير 5 مرضى مصابين بأمراض قلبية فى أحد دور مسنين فى تورنتو بسبب فيلمه الوثائقى "Dying at Grace".
وبسبب أزمة الإيدز، قام عدد من الأفلام بالتحدث عن الرجال الذين يموتون بسبب المرض على نحو مثير للجدل، مثل فيلم Silverlake Life: The View from Here و Common Threads: Stories from the Quilt.
وفى عام 2006،أظهر فيلم The Bridge حالات الانتحار الفعلية، إذ عرض الفيلم الأشحاص الذين قفزوا من جسر جولدن جيت فى سان فرانسيسكو، وذلك عن طريق قيام المخرج إريك ستيل بوضع كاميرا عند الجسر صورت الجسر لمدة عام كامل، ورصد بالفعل حالات انتحار حقيقة، ثم تواصل المخرج وأجرى مقابلات مع أصدقاء وعائلات المنتحر.
أوضح ايستوود أن جميع المرضى المصابين بأمراض قاسية فى دار المسنين، الذى صور فيه، كانوا سعداء للغاية بدخول كاميرا فى حياتهم فى ذلك الوقت.
وقال: "اعتاد ألان على المزاح.. كما أنه كان لديه اعتقادات قوية حول الحياة بعد الموت.. فقبل وفاته أخبر الكاميرا أنه يريد أن يرى زوجته مرة أخرى فى الحياة المقبلة".
وأضاف ايستوود: "دار المسنين هو جزء من الحياة.. به كثير من الدراما والعواطف والفرح، ربما الجميع يخاف من هذا المكان.. لكننى اعتقد أنه من أكثر الأماكن صدقًا فى مجتمعاتنا"، وأكد ضرورة جعل دور أماكن رعاية كبار السن أكثر وضوحا لإزالة وصمة الرعب من الموت.
وقارن ايستوود بين "الموت" و"الولادة"، وقال: "منذ خمسين عامًا لم تكن هناك الكثير من الصور الفوتوغرافية أو الفيديو للحظات الولادة، ولكن الآن يتم تصوير ذلك كاحتفال بالمولود الجديد.. لذلك لماذا لا نطبق نفس الشىء مع الموت!".
وأكد أن "هناك الكثير من الأبحاث التى تفيد بأن معرفة ما يحدث لأجسامنا عندما نموت يمكن أن يخفف من قلقنا بشأن الموت".
وقال ايستوود إن الممرضات تحدثن عن شيء يحدث عندما يكون المريض قريبًا جدًا من الموت وهو أن درجة حرارة الغرفة تتغير، وهذا لم يجعل ايستوود يشعر بالخوف، مؤكدًا أنه لم يخف يومًا من الموت.
واختتم حديثه: "من المحتمل أن أموت بطريقة مشابهة لطريقة موت ألان، إذا كنت محظوظًا بما يكفى للوصول إلى هذا العمر المتأخر.. معظمنا سيموت من مرض السرطان أو القلب أو الخرف ومن شبه المؤكد أن معظمنا سيحتاج رعاية مناسبة فى نهاية العمر.. ولقد أحببت العودة إلى هذا الدار المرة أخرى، لأننى أحببت أن أكون بالقرب من هؤلاء الناس. "
يذكر أن فيلم " Island" صدر فى المملكة المتحدة يوم 14 سبتمبر.