البابا خلال العظة
وقال البابا فى عظته: "باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين. تحل علينا نعمته باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين. تحل علينا نعمته ورحمته من الآن وإلى الأبد آمين".. المزمور رقم 128 "طُوبَى لِكُلِّ مَنْ يَتَّقِى ٱلرَّبَّ، وَيَسْلُكُ فِى طُرُقِهِ. لِأَنَّكَ تَأْكُلُ تَعَبَ يَدَيْكَ، طُوبَاكَ وَخَيْرٌ لَكَ. ٱمْرَأَتُكَ مِثْلُ كَرْمَةٍ مُثْمِرَةٍ فِى جَوَانِبِ بَيْتِكَ. بَنُوكَ مِثْلُ غُرُوسِ ٱلزَّيْتُونِ حَوْلَ مَائِدَتِكَ. هَكَذَا يُبَارَكُ ٱلرَّجُلُ ٱلْمُتَّقِى ٱلرَّبَّ. يُبَارِكُكَ ٱلرَّبُّ مِنْ صِهْيَوْنَ، وَتُبْصِرُ خَيْرَ أُورُشَلِيمَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ، وَتَرَى بَنِى بَنِيكَ. سَلَامٌ عَلَى إِسْرَائِيلَ". نعمة الله الأب تكون مع جميعنا أمين
أضاف: "طبعًا كما تعلمون أن عيد النيروز هو بداية السنة القبطية الجديدة بدأ يوم الثلاثاء الماضى، ونحن فى سنة 1735 ش فهى سنة الشهداء، وكما تعلمون أن الكنيسة القبطية أكثر ما يميزها هى محبتها للقديسين، وكلنا نحب القديسين، ونحتقل بالأعياد السيدية مثل عيد الميلاد، وعيد القيامة، وبنحتفل بتلك الأعياد الكبيرة، وعيد العذراء، وعيد الرسل، ونحن شعب بيحب القديسين ومحبتنا للقديسين على اختلاف أنواعهم فنحن نحب القديس موسى الأسود من الشهداء الذين تابوا، ونحب القديس الأنبا بيشوى وهو من النُسَّاك، ونحب القديس أبانوب النهيسى وهو طفل صغير، وبنحب القديسة مارينا الشهيدة والراهبة نحب كل نوعيات القديسين ومارمرقس كاروز بلادنا مصر ونحب القديسين على اختلاف أسمائهم وأنواعم وبنسمى أولادنا وبناتنا على أسمائهم ."
وتابع: "يأتى سؤال مهم ما سر القداسة؟.. وما سر سعادة القديسين؟.. وما سر نجاح القديسين؟.. وسأحدثك عن السر الذى يربط بين القداسة والسعادة والنجاح.. كل القديسين الذين نحبهم كانوا سعداء، ولا نجد قديس كان زعلان أو مهموم أو متضايق وكل القديسين كانوا ناجحين فى حياتهم مهما كان شكلها وكانت صورتها للنجاح وأرجوك ضع هؤلاء الثلاثة مع بعض القداسة، والسعادة، والنجاح، وما هو سر السعادة وسر القداسة وسر النجاح؟".
واستطرد البابا: "نحن فى بداية سنة قبطية جديدة يهمنا كثيرًا أن نعرف حياة القديسين كانت كيف؟ نحن امتداد لهم، ولأننا فى بداية سنة قبطية جديدة الكتاب المقدس بيقدم لنا برنامج عمل لنكتشف به سر السعادة، وسر القداسة، وسر النجاح، وكل القديسين الذين نحتفل بهم كانوا سعداء وناجحين. وبرنامج العمل هشرحه أمامك فى خمسة نقاط ممكن أن تتعلمهم وتضعهم أمامك وإحنا فى بداية السنة القبطية الجديدة، ودائمًا رقم خمسة يذكرنا بأصابع اليد الخمس، وكلمة خمسة فى أصلها القديم تعنى القوة والأيد تعبر عن القوة، وهذا البرنامج بيقدم لنا الحياة القوية".
العنصر الأول.. حضور المسيح والفرح بالمسيح
هذه القوة التى كانت عند القديسين أنهم كانوا دائمًا فرحانين بالمسيح الإنسان اللى فرحان بوجود المسيح فى قلبه، وفرحان بمعرفته للمسيح وهذه المعرفة وهذا الفرح فى داخله.. وأمنا العذراء، قالت عبارة جميلة "أما العالم فيفرح لقبوله الخلاص، وأما أحشائى فتلتهب عند نظرى إلى صلبوتك الذى أنت صابر عليه من أجل الكل، يا ابنى وإلهى"، العالم كله بيفرح بخلاص المسيح، وأول حاجة بنلاحظها فى حياة القديسين أنهم كانوا دائمًا فرحانين يبقى فى طريقه للاستشهاد لكنه فرحان جدًا وهذا الكلام ليس لأفراد ولكن للعائلات والكبار والصغار".
ونسمع أيضًا عن القديسة رفقة وهى وأولادها لما دُعى إلى الاستشهاد كانوا فى قمة السعادة، لأن المسيح كان حاضر بداخلهم أول شىء فى حياة كل الذين عاشوا فى القداسة أنهم كانوا فرحين جدًا وداود النبى قال "جعلت الرب أمامى فى كل حين" الصورة الجميلة تبدأ بفرح الإنسان بتجسده بصليبه بقيامته بمعجزاته بأمثاله وتعاليمه، ويا ترى لما تقرأ عن حياة المسيح، هل تفرح بحضور المسيح، اجعل مسيحك دائمًا أمامك حاضر هو الذى يملأ عينيك، وقلبك، وحياتك، وبيتك، وخدمتك.
والإنسان الشاطر يجعل المسيح أمامه فى كل وقت.. أيام القديس دانيال النبى القوة فى جب الأسود، ولكن دانيال بمنتهى الثقة قال يا جلالة الملك إلهى أرسل ملاكه، وسد أفواه الأسود، والآية اتعكست الأسود هى التى خافت من دانيال.. فرحك بالمسيح يجعلك لا تخاف ويجعلك دائمًا واثقًا وأنت فى عملك أو خدمتك فرحان "ويا بخت البيت اللى يجعل المسيح حاضر دائمًا داخله"، وإن حضر المسيح حضر الفرح على الدوام وهذا أول عنصر فى سر القداسة والسعادة والنجاح.
العنصر الثانى.. كانوا كاملين بالكنيسة
إن الكنيسة التى قال عنها المسيح: "إن على هذه الصخرة أبنى كنيستى".. ونسمى الكنيسة عروس المسيح ووجود الإنسان الذى يقدر أن يعيش داخل الكنيسة يقدر أن يتلامس الفرح ويشبع داخل الكنيسة.. والكنيسة ليست مجرد مبنى أو مؤسسة اجتماعية، بل الكنيسة تكمل الإنسان وتبنى الروح والفكر والمشاعر والإحساس والوجدان بكل عمل الخلاص الذى صنعه المسيح.. عندما تقف تصلى داخل الكنيسة وتفتح الأجبية وتصلى كل هذا يبنيك من الداخل وأنت جسد وروح ونفس وعقل ويصنع كل هذا الكيان داخل الكنيسة من أجل هذا نسمى الكنيسة صانعة القديسين هى التى تعمل القديسين وكنيستنا الرائعة الطفل وهو عمره أيام يبدأ أبونا يصلى صلاة الحميم وبعدها سر المعمودية، ثم سر الميرون، ثم سر الأفخارستيا، ثم يدخل مدارس الأحد، ويتعلم ويكبر شوية بشوية.
والكنيسة كعمل إلهى فيها ثلاثة أبعاد مهمين، فيها مدارس الأحد التى تنتج شمامسة، وبنات فى فرق الكورال ويبقوا بنات صغيرين وكبار ويطلعوا فى فرق الترانيم والتسبيح زى ماشوفنا، ثم المعاهد والكليات الأكليركية التى تخرج الأباء الكهنة وكنيستنا بقى فيها الأقسام المسائية التى يكون فيها رجال ونساء ويطلع منها الآباء الكهنة اللى عندهم خبرة روحية ويطلع أيضًا، من الأكليركية شباب وشابات يخدموا بداخل الكنيسة، وفيها الأديرة اللى بتخرَّج رهبان وبنختار منهم آباء أساقفة يخدموا فى مواضع كثيرة .
الكنيسة مؤسسة روحية متكاملة وكل القديسين الذين نحتفل بهم باستمرار كانت لهم علاقة وطيدة بالكنيسة.. وكنيستنا من 5 سنوات اعترفت بقداسة البابا كيرلس السادس كواحد من القديسين المعاصرين اعترفت بقداسة الأرشيدياكون حبيب جرجس، وهو واحد كان شماسًا خادمًا فى الحياة.. وفى المستقبل سنعترف بقديسين آخرين وهذه مجرد نماذج نضعها أمامنا للطريق والكنيسة تشكل البعد الروحى فى حياة الإنسان.
العنصر الثالث.. حياتهم الكاملة فى الكلمة المقدسة
كان هؤلاء القديسون على علاقة قوية جدًا بالكتاب المقدس، وكان الكتاب أمامهم باستمرار هو سبب التعزية الأولى والأخيرة وخدوا بالكم من آية فى "1: 27".. "فَقَطْ عِيشُوا كَمَا يَحِقُّ لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ".. وركزوا فى كلمة "فقط"، سر القداسة فى خلال ارتباطك بالكتاب المقدس إنجيلك حاضر فى حياتك زمان كانوا يفتحون الإنجيل ويضعون على الراية أى حامل الإنجيل ويقعد يقرأ باستمرار وكانت فترات الأصوام يقرؤون فيها أسفارًا كاملة.. يا ترى بتقرأ باستمرار، ويا ترى بتشعر أن الإنجيل فيه رسالة خاصة لأجلك؟!
علشان كده الكتاب المقدس المفتوح فى البيت دائمًا يخلى بيوتنا مفتوحة وتعيش فى الإنجيل، وتأخذ منه، وتستخدمه وكل القديسين اللى بنحبهم كانوا قديسين علشان عاشوا فى الإنجيل وكانوا سعداء لأنهم عاشوا فى الأنجيل "افرحوا فى الرب كل حي ".
افرحوا من خلال الإنجيل وكل المدائح متّاخذة من الكتاب المقدس سر القداسة وفى كلمة الإنجيل اللى بتاخذ منها كل يوم.. وفى مرة من المرات جه التلميذ لمعلمه وقال له أنا عايزاك تشرحلى المزامير علشان أكون فاهمها قال له يلا نبدأ المزمور الأول بيقول "طوبى للرجل الذى لم يسلك فى ....." وبعد ما شرحها له، قال له كفاية كده النهارده ومشى التلميذ وفضل المعلم منتظر تلميذه تانى يوم ثم تانى أسبوع وبعد ستة أشهر رجع له وقال له أنا جاى أخذ الحصة الثانية يعنى حصة كل ستة أشهر قال مانت عطتنى الحصة الأول وطبقتها وصارت جزء من كيانى وجاى آخذ الحصة الثانية، كلمة الله جزء من الإنسان، وكلمة الله حية وفعالة وفى رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين "لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِى حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ".
العنصر الرابع.. كل القديسين "اهتموا اهتمامًا واحدًا" بالوحدانية
كل القديسين اهتموا اهتمامًا واحدًا بأن يعيشوا فى الوحدانية.. وأكثر خطية تجعل الله حزينًا من الإنسان هى خطية الانقسام حتى بولس الرسول لما لقاهم من أهل كورنثوس بدأوا يختلفون بقولهم "هَلِ انْقَسَمَ الْمَسِيحُ؟" كل القديسين اللى بنحهم عاشوا تلك الوصية ودائمًا يحرصون على الوحدانية، وعلى مستوى الأسرة البيت بيتأثر بأى انقسامات أو انشقاقات، وحتى لو فى اثنين أصدقاء واحد يقول كلمة يزعل صديقه هل قبل ما تتكلم تسأل نفسك هل تحافظ على الوحدانية؟.. وممكن لما نجتمع نختلف لكن هل بنتخانق ولا نفهم بعض ولا نعطى وقت أكثر لفهم وتحليل الموضوع ولا بضع نفسى مكان الطرف الثانى كل واحد له وجهة نظر.. أنتم عارفين قاعدة رقم سبعة ورقم ثمانية كل واحد بيشوف من وجهة نظره، ومكانه ويعتقد أن هذا الصح.. وممكن فى نفس الموقف يحتمل الخطأ أو الصح.. اهتموا اهتمامًا واحدًا والمركب اللى لها ريسين تغرق الإنسان الشاطر هو اللى بيحافظ على الوحدانية وهذه الحكاية فى كل بيت وكل خدمة.
مفيش صباع أهم من الثانى ربنا عامل صوابعنا مختلفة، وهكذا نحن متنوعين كل واحد له قدراته وإمكانيته للعمل اهتموا اهتمامًا واحدًا.. عن الوحدانية اذكر وصية السيد المسيح ليكون الجميع واحدًا.. وكل القديسين كانوا فى وحدانية لا يحقرون من بعض كانوا فى اهتمام واحد، وعلشان كده لما يكون فى اثنين بيعيشوا حالة حب يقال إن الحب أن لا ينظروا لبعضهم ولكن أن ينظروا لهدف واحد الحب يكونوا هدفهم واحد بل الاهتمام الواحد.
العنصر الخامس.. صانع سلام
عيشوا بالسلام والإنسان المسيحى وفى وسطنا القديسين دائمًا تلاقيه إنسان يصنع سلام فى حياته، وقد نجد شخص يسمى " trouble Maker" أى صانع المشكلات فى أى مكان يعمل مشكلات ويعكر الجو وفى واحد يُسمى"Peacemaker" صانع السلام .
وتاريخ القديسين ملىء بالثمار.. أحكى لكم قصة جميلة.. كان فى البرية فى الحياة الرهبانية راهب قديم ساكن فى مكان وجه راهب جديد والأديرة كانت من غير سور وجه راهب جديد قاله خد قلايتى وأنا هسكن فى حتة تانية.. والناس لما بدئت تيجى تزور راحوا للراهب الجديد فبدأ شيطان الغيرة يدخل فى قلب القديم فأرسل للراهب الجديد تلميذه يبلغه أن يترك قلايته والتلميذ قاله معلمى ارسلنى لأسأل عنك أنت جديد ولو محتاج حاجة ورجع لمعلمه قال له الراهب الجديد بيقول لك اعطنى يومين وهيمشى وبعد يومين أرسل له التلميذ مرة أخرى قال قول له يمشى وإلا هطرده بنفسى وراح التلميذ قال له معلمى قلق عليك جدًا هل تحتاج شيئًا فشكره الراهب وتكررت الحكاية أكثر من مرة فالراهب القديم قال لتلميذه روح قوله يمشى حالًا وإلا هاجى اطرده بنفسى فراح التلميذ للراهب الجديد قال له معلمى قلق جدًا عليك لدرجة أنه بنفسه جاى يسأل عليك.
فالراهب الجديد قال إزاى راهب شيخ يجى لغاية عندى فأنا هنزل استقبله وفى الطريق عطى له مطانية وساعة ما قدم له تلك السجدة شعر أنه غلط.. الإنسان الشاطر يكون صانع خير وزى ما بنسمع فى مصر يكون محضر خير، وهى حكاية فى غاية الأهمية فى تلك الأيام أنتم بتشوفوا العالم فيه صراعات وفيه عنف وتفكك ومتاعب كثيرة لأنه لا يوجد من يصنع السلام.. فيه واحد مبيعرفش يختار الكلمات التى لا تصنع السلام وفى حياة القديس أبو مقار بعت تلميذه علشان يحضر الكنيسة للصلاة فشاف كاهن للأوثان بيقطع الخشب فقال له "عليك اللعنة ياخادم الشيطان" فطبعًا كاهن الأوثان احتد وضرب التلميذ وبعد شوية جه أبو مقار شاف كاهن الأوثان بيقطع الخشب فقال له "طوباك يارجل النشاط" كلام حلو وصنع سلامًا ولما سأله ليه بتقولى كده رد أبو مقار وقال له أنا شايفك بتقطع الخشب وبتعمل بجد من بداية الصباح فرد وقال له فى واحد عدى عليا وقال لى "عليك اللعنة يا رجل الشيطان" وكنت هموته وقاله قالى كلام وحش على الصبح.
انتبه.. نفس الموقف ولكن القديس أبو مقار شافه بصورة والتلميذ شافه بصورة أخرى يا ترى أنت بتشوف الحياة إزاى إيجابية ولا سلبية؟
الخلاصة يا إخواتى إن أردت أن تعيش فى القداسة والسعادة والنجاح عليك بالبرنامج الذى يعلمه لنا الكتاب.
افرح بالمسيح
وأكمل بالكنيسة
تعزى وعيش بالإنجيل
واهتم اهتمامًا واحدًا بالوحدانية.
وأخيرًا عش بالسلام فى حياتك كل يوم