البث المباشر الراديو 9090
صبرا وشتيلا
إن كان وعد بلفور الذى منحته بريطانيا لليهود عام 1917، لإقامة وطن قومى لهم على الأرضى الفلسطينية، انتزع ملكية الأرض من الفلسطينيين فإن ما تفعله الولايات المتحدة، يعنى أنها تكمل مخطط بريطانيا لإبادة الفلسطينيين، حتى تبقى الأرض لليهود وحدهم.

منذ إعلان قيام دولة الاحتلال عام 1948، وتقف الولايات المتحدة وراء إسرائيل حتى عرفت بأنها "ابنتها المدللة"، وكانت لها اليد العظمى فى جميع المصائب والنكبات التى حلت على الشعب الفلسطينى والتى زادت حدتها مع وصول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للسطلة.

صبرا وشاتيلا

وتسعى الولايات المتحدة لمساندة إسرائيل منذ نشاتها، وتثبيت قواعدها وتأمينها فى الداخل والخارج، والضرب بيد من حديد على أى خطر يهدد الكيان الصهيونى ففى يوم 16 سبتمبر عام 1982 نفذت إسرائيل بمساعدة الميليشيات اللبنانية مذابح شاتيلا بلبنان، حيث كان المخيم الواقع جنوب بيروت على موعد مع مجزرة استمرت ثلاثة أيام، وأوقعت عدد كبير من الشهداء المدنيين العزل بين 3500 إلى 5000 شهيد، من رجال وأطفال ونساء وشيوخ، بمخيم يسكنه آنذاك 20 ألف نسمة، وهدفت المجزرة إلى بث الرعب فى نفوس الفلسطينيين، لدفعهم للهجرة خارج لبنان، ولتأجيج الفتن الداخلية هناك، واستكمال الضربة التى وجهها الاجتياح الصهيونى عام 1982 للوجود الفلسطينى فى لبنان.

المجزرة التى يحيى ذكراها الشعب الفلسطينى اليوم، بدأت بتطويق جيش الاحتلال لمخيم شاتيلا، بقيادة وزير الحرب آنذاك أرئيل شارون، ورافائيل ايتان، ثم بدأت المليشيا اللبنانية الموالية للاحتلال بتنفيذ المخطط مستخدمة الأسلحة البيضاء، وغيرها فى عمليات التصفية لسكان المخيم، وحاصر الجيش الصهيونى، وجيش لبنان الجنوبى المخيم، بمئات المسلحين، بذريعة البحث عن 1500 مقاتل فلسطينى، لكن المقاتلين المطلوبين كانوا خارج المخيم، ولم يكن فيه سوى الأطفال والشيوخ والنساء، وقتل المسلحون النساء والأطفال، وتناثرت جثثهم بشوارع المخيم، ومن ثم دخلت جرافات الاحتلال لتجريف المخيم وهدم المنازل لإخفاء الجريمة.

الضوء الأخضر

ولأن صوت الحق أعلى من أى صوت آخر خرج المفكر والكاتب الأمريكى نعوم تشومسكى، ليؤكد أن الإدارة الأمريكية هى من تتحمل المسؤولية لأنها أعطت الضوء الأخضر للمؤسسة الصهيونية باجتياح لبنان فى العام 1982، موضحًا أن الولايات المتحدة غدرت بالحكومة اللبنانية، والفلسطينيين، حين أعطت الطرفين ضمانات بسلامة الفلسطينيين، بعد مغادرة الفدائيين بيروت، ومن ثم انسحبت القوات الأمريكية قبل أسبوعين من انتهاء فترة تفويضها الأصلية بعد الإشراف على مغادرة مقاتلى منظمة التحرير، قبل أن توفر الحماية للسكان المدنيين.

الانتقام من الفلسطينيين

ونفذت المجزرة انتقامًا من الفلسطينيين الذين صمدوا فى مواجهة آلة الحرب الصهيونية طيلة ثلاثة أشهر من الحصار، الذى انتهى بضمانات دولية بحماية سكان المخيمات العزل بعد خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت، وقدرت المنظمات الإنسانية والدولية عدد الشهداء، بينهم لبنانيون وعرب وغالبيتهم من الفلسطينيين (وفق شهادة الكاتب الأمريكى رالف شونمان أمام لجنة أوسلو فى أكتوبر 1982 فإن الشهداء من 12 جنسية)، يتراوح بين الـ 3500 إلى 5000 شخص، من أصل 20 ألف نسمة كانوا يسكنون المخيم وقت حدوث المجزرة.

صمت دولى

ويبدو أن كل المجازر التى ارتكبها الاحتلال ضد الفلسطينيين تمر بالمراحل ذاتها، فالمجرمين يفرون بفعلتهم دائما والمجتمع الدولى يتستر على الجريمة فى بدايتها ثم يفتح تحقيق ليغسل وجهه بدماء الضحايا، وإثر المجزرة أمرت الحكومة الصهيونية ما يُسمى المحكمة العليا بتشكيل لجنة تحقيق خاصة، وقرر رئيس المحكمة إسحاق كاهن، أن يرأس اللجنة بنفسه، وسميت "لجنة كاهان"، وأعلنت اللجنة عام 1983 نتائج البحث، وأقرت اللجنة أن وزير جيش الاحتلال أرئيل شارون يتحمل مسؤولية "غير مباشرة" عن المذبحة إذ تجاهل إمكانية وقوعها ولم يسع للحيلولة دونها، كما انتقدت رئيس وزراء الاحتلال مناحيم بيجن، ووزير خارجيته اسحق شامير، ورئيس أركان الجيش رفائيل ايتان وقادة المخابرات، موضحة أنهم لم يقوموا بما يكفى للحيلولة دون المذبحة أو لإيقافها حينما بدأت.

مناحيم بيجن

دعم الأونروا

ولم تترك الولايات المتحدة أى متنفس على الفلسطينيين فإن لم تقض مذابح صبرا وشتيلا على اللاجئين الفلسطينيين عام 1982 بالكامل، لكن حان الوقت لإغلاق ملف اللاجئين بالكامل، وكل الجهات التى تدعمهم فى الخارج، فقد أكدت الإدارة الأمريكية الشهر الماضى وقف دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التى تقدم الدعم لخمسة ملايين لاجىء فلسطينى فى الشرق الأوسط ما يهدد بوجود الوكالة التى أسست عام 1949 مخيم شاتيلا بهدف إيواء المئات من اللاجئين الذين تدفقوا إليه من قرى عمقا، ومجد الكروم، والياجور فى شمال فلسطين بعد عام 1948.

حق عودة

ومنذ صعود ترامب للسطلة قبل أكثر من عامين، وهو يخطط لإقامة دولة إسرائيلية بمعنى الكلمة، ودخل البيت الأبيض ومعه أجندة مخططات واسعة تقضى على الحلم الفلسطينى كان آخرها ما أعلنته القناة الثانية الإسرائيلية، وهو أن واشنطن ستعتبر عدد اللاجئين الفلسطينيين نصف مليون فقط، هم من هجرتهم العصابات الصهيونية من مدنهم وقراهم عام 1948، وليس خمسة ملايين كما تقول أونروا، كما تشمل التغييرات التى تعدها واشنطن لعمل أونروا، إيجاد صيغة قانونية جديدة تكفل عدم نقل صفة اللاجئ بالوراثة من الأجداد والآباء إلى الأبناء، وهى تغييرات وصفها مسؤولون إسرائيليون اطلعوا عليها بأنها "تاريخية".

القدس

ترامب تجرأ أن يفعل لم يفعله أى رئيس سابق دخل البيت الأبيض فقد وعد الإسرائيليين بنقل السفارة الأمريكية للقدس، وإعلانها عاصمة إسرائيل، وبالفعل فعل ذلك وسط ردود فعل دولية معارضة للقرار، فقد انتفض الشعب الفلسطينى على قلب واحد وراح من القتلى الآلاف دون أن ينتبه ترامب، بل وزاد من دعمه للاحتلال وكأنه يريد إبادة حقيقية لهذا الشعب فعلى حد قول صحيفة "واشنطن بوست" فإن ترامب يرغب بإزاحة ملف حق عودة اللاجئين من طاولة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، كما سبق وأزاح ملف القدس من الطاولة نفسها من قبل، حينما قرر نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة.

إغلاق المنظمة

ولزيادة الضغط على الشعب الفلسطينى، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أنها ستغلق مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن، وهو القرار الذى اعتبره الأمين العام لمنظمة التحرير صائب عريقات بأنه "تصعيد خطير" نتيجة رفض منظمة التحرير الفلسطينية اتخاذ أى خطوة لدعم البدء فى مفاوضات مباشرة وجادة مع إسرائيل، ورفض الفلسطينيين لخطة السلام الأمريكية التى لم يعلن عنها بعد.

دعم المستشفيات

وضمن الإجراءات التى اتخذها ترامب لتضييق الخناق على الشعب الفلسطينى قال مسؤول فى وزارة الخارجية الأمريكية إن الرئيس دونالد ترامب، قرر توجيه 25 مليون دولار كانت مخصصة لرعاية الفلسطينيين فى 6 مستشفيات فى القدس الشرقية إلى مشاريع "ذات أولوية قصوى فى مكان آخر"، وهو ما دفع مدير شبكة مستشفيات القدس الشرقية التى تقدم خدمات صحية للفلسطينيين، فى الضفة الغربية وغزة من أن قرار ترامب يعرض صحة خمسة ملايين فلسطينى للخطر.

هدم القرى

ولم تتورع  قوات الاحتلال عن هدم منازل الفلسطينيين وقراهم طالما أن الولايات المتحدة توافقها على ذلك، فقد طالبت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، الولايات المتحدة  قبل أيام بالتدخل فورا لدى الاحتلال الإسرائيلى لوقف هدم قرية الخان الأحمر بشكل نهائى، وإجبار حكومة المستوطنين على التخلى بالكامل عن قراراتها بهدم التجمعات البدوية، خصوصا بعدما هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلى، قرية الوادى الأحمر التى شيدتها هيئة مقاومة الجدار ولجان المقاومة الشعبية شرق القدس المحتلة.

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز