البث المباشر الراديو 9090
الأنبا غريغوريوس
على مدار عام 2018 لم تصدر الكنيسة القبطية، أية قرارات بمنع أو مصادرة كتب بشكل مجمعى أى تابع للمجمع المقدس للكنيسة.

ولكن رفض الأنبا موسى، الأسقف العام للشباب، عرض السيرة الذاتية للأنبا غريغوريوس فى معرض الكتاب القبطى الذى تنظمه الأسقفية بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، الأمر الذى على جعل منير عطية، سكرتير الأسقف الراحل، ينسحب من الاشتراك بإصدرات الأنبا أغريغوريوس فى المعرض.

وأصبح منع السيرة الذاتية للأنبا أغريغوريوس، حافزًا للشباب للبحث عنها وتحمليها لنحو مليون مرة، وتقع السيرة فى ثلاثة أجزاء، وتضم أكثر من 1600 صفحة من الحجم الكبير، وهى غنية بالوثائق والأدلة والشهود على وقائع تخص البابا شنودة الثالث، عكس الصورة المتداولة عنه وفيما يلى نعرض صفحات من السيرة الممنوعة.

من التلمذة للعداوة

"أستاذى العزيز الدكتور وهيب عطا الله، إنكم أكبر من الدكتوراه، وإن هذه الدرجة ما هى إلا شهادة لناحية من نواحى قدرتكم العقلية، هذه القدرة أو هذه الموهبة التى هى أسبق بكثير من هذه الدراسة، هى واحدة من مواهب أخرى كثيرة حباكم بها الله، أليس من الأحق أن أهنئ جامعة مانشستر لأن وهيب عطالله، كان طالبًا من طلاب علمها فى يوم ما".

هكذا كان يخاطب الراهب أنطونيوس السرياني- قداسة البابا شنودة الثالث، فيما بعد - أستاذه وهيب - أو الأنبا غريغوريوس.

الأمر الذى يظهر بوضوح عمق العلاقة التى كانت بين القطبين الكبيرين إذ مرت هذه العلاقة بارتفاعات وانخفاضات فى منحنيات الحياة.

منحنيات هذه المذكرات أوضحت أن الشرخ فى العلاقة بين الرجل وتلميذه، الأمر الذى كشفت عنه مذكرات الأنبا غريغوريوس وقام بإعدادها الإكليريكى الأمين منير عطية، الذى كرس حياته للحفاظ على كتابات وتراث الأنبا غريغوريوس.

وبدء الشرخ فى العلاقة بين الرجل وتلميذه عندما قرر البابا كيرلس السادس، رسامة الراهب باخوم أسقفاً باسم الأنبا غريغوريوس فى 10 مايو عام 1967 على معهد الدراسات القبطية الأمر الذى اعتبره الأنبا شنودة، اعتداء على اختصاصاته.

هنا يروى الأنبا غريغوريوس تفاصيل تلك الليلة فيقول: "جاءنى عدد من الإكليريكيين، فيبدو أنه انزعج جدا لرسامتى، واعتبر هذه الرسامة اعتداء على اختصاصاته، وأبلغونى بأن الجو مكفهرًا جدًا وأن اتصالات تليفونية لا تنقطع بالأنبا شنودة، وأن الأنبا شنودة يريدك أن تترك البطريركية، ثم عادوا يقولون إنه يريد مقابلتك للتفاهم، وكانوا يتكلمون معى بإلحاح شديد جدًا، بصورة تجاوزت الحدود، وكان أكثرهم إلحاحا وصخبا الدكتور إميل ماهر".

متابعًا: "لقد كان يتكلم بعصبية شديدة وصوت مرتفع، وسخط عظيم على البطريركية، وبغضب مؤلم مع ثورة عارمة، وأخذ يتكلم كلامًا كثيرًا عن هذه الرسامة وعدم قانونيتها، وعن قصد البابا فى أن يفرق بين الأنبا شنودة وبينى، وعن تفتيت الوحدة بيننا، وكان عصبيا إلى أقصى حد، ويتكلم كثيرًا ثم يعيد ما قال فى غضب شديد، وحماسة وصوت عال وثورة وتشكيك فى عمل الروح القدس، وقد أزعجنى جدا حديثه، وكدت أتمزق وأنفجر، ووضعت يدى على رأسى، وسمح الدكتور إميل لنفسه أن يقول: إن الأنبا شنودة يزمع أن يأتى بنفسه ويحرم الرسامة، وكرر هذا التعبير مرارًا، ولم يكن الأخوة الآخرون صامتين، مما اضطرنى تحت ثقل الكلمات الموجعة والتعليقات المزعجة، أن أقول بأسلوب مؤدب: من فضلكم اتركونى، كفى كلامًا، فصمتوا إلى حين، وعادوا يلحون على أن أقوم وأذهب معهم للإلتقاء بالأنبا شنودة، وعاد هو إلى صوته العالى وصخبه، وأنا فى أثناء هذا كله مطرق، ويدى على رأسى التى تكاد أن تنفجر، وفى نفس الوقت أصلى فى صمت، وأستغيث بالرب أن يتفضل فيغيثنى فى هذه الأزمة، ويعيننى على التصرف اللائق، وأخيرا قلت لهم بصوت واضح النبرات وبغير تردد أنا سوف لا أنزل معكم، سوف لا أترك البطريركية، فصدموا جدًا، وكأن لطمة قوية وقعت على وجوههم".

واستطرد قائلاً: "فتركونى واتجهوا إلى الأنبا شنودة، وبعد قليل عادوا إلىًّ مرة أخرى يكررون ما قالوه، أولا من أن رغبة الأنبا شنودة هى أن نلتقى فى الأنبا رويس، وأنهم مستعدون أن يعودوا بى بعد هذا اللقاء مرة أخرى إلى البطريركية، وقال هذا الأخ من بين ما قال هذه المرة، إن الأنبا شنودة كتب برقية مستعجلة بعد الساعة الثانية عشرة مساء قال فيها لقداسة البابا كيرلس السادس: رسامة أسقفين على إيبارشية واحدة تتعارض مع قوانين الكنيسة، ربنا موجود، ولما سمعت هذا الكلام قلت: أحقا هذا؟ قال: نعم، قلت: حسنا لتكن إرادة الله".

موضحًا: "تركتهم ودخلت حجرتي، وعادوا يطرقون على بابى مرة أخرى، فخرجت إليهم، وإذا بهم يطلبون إلى إذا كنت لا أوافق على أن أنزل معهم، فلا أقل من أن أكلم الأنبا شنودة تليفونيا، وطلبوا الأنبا شنودة من سكرتارية البطريركية بالدور الثانى، ولم يتنبهوا إلى أن هناك آخرين موجودين، شعرت بهم جميعا حولى بعد أن فرغت من المكالمة التليفونية".

"كان حديث الأنبا شنودة واضحا فى أنه فهم هذه الرسامة على أنها اعتداء على اختصاصاته"، وقال الأنبا شنودة: "إن قوانين الكنيسة تمنع رسامة أسقفين على إيبارشية واحدة"، قلت: "طبعا مفهوم قال: "أنت تعرف أنه من الوجهة الشخصية أنا لا أمانع أن أترك لك كل شئ، وأنا فعلا كنت تاركا لك كل شئ، ولكننى أتكلم من وجهة الوضع القانونى"، وأخذ الأنبا شنودة يكرر نفس المعنى فى أساليب كثيرة متنوعة.

قلت: "اطمئن كل الطمأنينة لا يمكننى أبدا أن اعتدى على اختصاصاتك، وأنا أجبرت على هذه الرسامة، ولم يكن هذا الموضوع يخطر ببالي، إن البابا قبض على بعد أن جذبنى من بين الكهنة بشدة، وتمنعت كثيرًا ولكنى لم أفلح، وحاولت الهرب من الكنيسة ولم أنجح، والآن لقد رسمنى ونطق النطق الكنسى الرسولى، واشترك معه المطارنة، ولكن صدقنى لا يمكن أن أعتدى على اختصاصاتك، ولا أقبل ذلك بتاتا".

وكان رد الأنبا شنودة: "لكن البابا رسمك على معهد الدراسات القبطية"، فكان ردى: "هذا حصل فعلا، ولكنى ما قبلت هذا ولا أقبله، ولقد تكلمت مع البابا فى هذا الأمر طويلاً وعرفته أن هذا الوضع غير ممكن، وأن معهد الدراسات القبطية هو من اختصاصات الأنبا شنودة، وقد وافق البابا على تغيير النطق على الدراسات العليا والثقافة القبطية، ومن جهتى سأقابل البابا مرة أخرى وأكلمه مرة أخرى فى هذا، وسأطلب حضورك للرسامة".

وعاد الأنبا شنودة يقول: "لا بد أن يكون الوضع واضحا منذ الابتداء، ولا بد أن يكون واضحا أيضا فى التقليد، ألم يكتب التقليد" فقلت: "طبعا لا"، قال: "لا بد من الانتباه إلى هذا".

وقال الأنبا شنودة، إن من الضرورى أن ينص فى التقليد على الاختصاصات، فكان ردى: "أن هذا سيحدث ، ولكنى أريد أن أؤكد لك أننى حتى لو رُسمت بهذا النطق فالمهم هو التنفيذ، لن أنفذ إلا ما أسند إلى من أعمال فى حدود ضميرى، ولن يقبل ضميرى أن أعتدى على اختصاصاتك، أو أية اختصاصات أخرى لغيرى".

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز