البث المباشر الراديو 9090
الانتخابات التركية
فى الانتخابات المحلية الجديدة بإسطنبول لا يزال مرشح المعارضة لمنصب عمدة المدينة الحيوية، إكرام إمام أوغلو، يتمتع بفرصة جيدة للفوز.

- الرئيس التركى وحزبه يلجأن إلى التشهير والأكاذيب لضرب حظوظ إكرام أوغلو

- "العدالة والتنمية" يشكك فى أصول مرشح الشعب الجمهورى بالادعاء أنه يونانى الأصل

- القنوات التركية تمنع أوغلو من كشف قضايا فساد وإهدار مال عام لرجال أردوغان

لكن شرطًا مرعبًا يظل حاكمًا للأمر برمته، وهو عدالة ونزاهة العملية الانتخابية نفسها، والتى وعلى الأرجح لن تسير فى هذا الاتجاه.

فى الواقع، لقد فاز أوغلوا، بالفعل بالانتخابات فى 31 مارس الماضى، وقد تولى منصبه كذلك لعدة أيام تزيد عن أسبوعين، ما مثل آنذاك صدمة وصفعة قوية للرئيس رجب طيب أردوغان، وحزبه الحاكم، العدالة والتنمية، ولما لا وقد تمكن زعيم شاب من صفوف المعارضة من أن يوجه لهما ضربة قاسية.

الانتخابات التركية

لكن أردوغان وحزبه لم يرفعا الراية البيضاء بسهولة، وضغطا وتدخلا فى أمور قضائية بحتة، قبل أن يتحقق مرادهما بقرار إعادة الانتخابات فى 23 يونيو الجارى.

والقصة لا تتعلق برغبة أردوغان فى تنصيب رئيس وزرائه السابق، بن على يلدرم، بقدر مواصلة ترسيخ قبضته وحزبه ونفوذه فى مدينة مركزية سياسيًا واقتصاديًا بحجم إسطنبول، إذ أنها تظل بوصلة للمزاج العام الشعبى التركى، وخسارتها إنما ستمثل وبلا شك، أول طريق خسارة الحكم فى تركيا.

فى غضون أيام قليلة، سيتعين على المواطنين فى إسطنبول أن يقرروا مرة آخرى من سيختارون لقيادتهم، والمفاجأة الأبرز أن هناك حقيقة واحدة يمكن قولها بالفعل ودون ريب، ومفادها أن المعارضة وعلى ما يبدو لم تعد الحكومة تخيفها، فمرشح حزب الشعب الجمهورى المحافظ يستهدف اقتناص السيادة بعيدًا عن العدالة والتنمية.

أردوغان

غير أن الحزب صاحب الهوى الإخوانى، فضلًا عن مرشحه يلدرم، لا ينتهجان فى المقابل إلا فقه التشكيك والتشويه ووصم الخصوم بأنهم أعداء ومارقين وسارقين، فلا يقدمان دليلًا على ذلك، لكنهم يجيدون كتالوج التشويش وقلب الحقائق والسطو على التوجهات.

المثير أنهما من يرمون أوغلو بالسرقة، فيلدرم قال عن منافسه فى برنامج تلفزيونى: "إنهم سرقوا"، في إشارة منه إلى انتصار مارس الماضى، قبل أن تغزل قواعد الحزب وفرقها الإلكترونية من العبارة هاشتاجًا ذى صيت حاليًا فى تركيا هو "سارقون".

أضف إلى ذلك الإعلانات المدفوعة والمواجهة فى الميديا المرئية، والتى لم تسلم حتى من الاستخدام السياسى لأطفال تم تصديرهم إلى الشاشات لرمى أوغلو وأنصاره بالمارقين.

بن على يلدرم

أوغلو بدوره لم يرد الإساءة بالإساءة، مكتفيًا بانتقاد استخدام الأطفال فى معارك انتخابية، وقال أنا: "أب لثلاثة أطفال، وما كان ينبغى أن يحدث ذلك".

وعلى الرغم من أن خطاب حزب العدالة والتنمية، قد ازداد حدة فى الأسابيع الأخيرة، فإن مرشح حزب الشعب الجمهورى يبشر بالتعايش السلمى مع أتباعه وربما خصومه أيضًا، معلنًا شعار "كل شئ سيكون على ما يرام".

على ما يبدو، فإن أوغلو أصاب في مبتغاه، وانعكست شجاعته فى زيادة الانتقاد العلنى والعام لأردوغان وحكمه وبطانته، رغم أن مجرد تغريدة بسيطة فى فضاء الإنترنت تحمل نقدًا ولو خفيفًا للحكومة، يمكن أن تقود صاحبها إلى القضاء.

لقد غضب كثيرون فى تركيا بعدما تدخلت وسائل إعلام محسوبة على الدولة لمنع أحاديث أوغلو عما اكتشفه من فساد إدارى وشبهات لإهدار المال العام من جانب موظفى وسياسيى حزب العدالة والتنمية، وذلك خلال الـ17 يومًا، التى تولى فيها منصب عمدة إسطنبول، قبل أن تتقرر إعادة الانتخابات.

إكرام إمام أوغلو

فى المقابل، لا يزال رجال أردوغان يردون بالأكاذيب، وآخرها شائعة أن أوغلو يونانى الأصل لا تركى، هم يخاطبون هنا أصوات القوميين لكن بكذبة بينة، بيد أن السحر انقلب على الساحر، حيث يقول الباحث السياسى بوراك كادركان، عبر تويتر، إن مرشح حزب الشعب الجمهورى من منطقة طرابزون، وبالتالى فأنصار العدالة والتنمية يضربون منطقة بأسرها، أى أنهم يسددون فى مرماهم أهدافًا عكسية مجانية.

يستهدف أردوغان كذلك تحفيز حوالى 1.7 مليون ناخب مؤهل لم يصوتوا فى مارس الماضى، غير أنه لا ينتهج لتحفيزهم إلا التشهير بالخصوم.

وصدق أو لا تصدق، أن أردوغان لا يتردد حاليًا فى خطب ود الأكراد المتواجدين فى إسطنبول، فعلى سبيل المثال سُمح لعبدالله أوجلان، مؤسس حزب العمال الكردستانى المحظور، بالتحدث إلى محاميه للمرة الأولى منذ سنوات فى يوم إلغاء الانتخابات، لكن حيلة الرئيس التركى تظل مفضوحة، لا سيما وأنه لا يزال يعتقل ويلاحق المئات من قادة ونشطاء الأكراد.

 ويرى كثيرون أن المواجهة التلفزيونية المقررة الأحد بين أوغلو ويلدرم، ستكون حاسمة لصالح الأول، ولكن بشرط ألا تتآمر عليه وسائل الإعلام لتقييده عن الكلام أو عرض رأيه وبرامجه السياسية.

الانتخابات فى تركيا لم تعد سباقًا لأجل حصد الأصوات، ولكنها باتت أيضًا وقبل أى شئ سباقًا لإجلاء الحقائق وتصحيح الأكاذيب، ثم التنافس فى صندوق الاقتراع.

أوغلو ويلدرم
تابعوا مبتدا على جوجل نيوز